د.حماد عبدالله يكتب: الركود والإستمرار يولد العفن !!
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
ثلاثة أشياء تتعفن بالإستمرار(الماء، الدم، الإدارة ) !! هكذا تعلمنا من سنة الحياة وبديهيات الطبيعة !!
فالمياه الراكدة والغير متحركة، حتى ولو بقذف الحجارة فيها تصبح ساكنة وقاتمة وملجأ للحشرات المائية بما فيها "البلهارسيا) والقواقع والطحالب، ولا يقبل بها حيوان أليف كمصدر "للشرب" أو حتى "للإستحمام" !!
وكذلك الدم، حينما يسقط على الأرض ويبقى يتجمد "يتجلط" ويزال كرقائق عضوية من فوق السطح الساقط عليه !!
أما الإدارة، هى بنفس خواص المياه والدماء، إما أن تكون "إدارة متحركة منتعشة" لمحيطها ومبدعة فى قراراتها ومستحسنة إختياراتها ومتمسكة بمعايير الحكم على الأفراد المنوط بها إدارتها، "ومنزهة عن الهوى" وعن المصالح الشخصية، والواسطة والرشوة وعن الكسب الحرام، وعن "التطنيش" على الفساد وعلى الإنحراف وكذلك التنزه عن هذه "الموبيقات" الحياتية.
ويكون للإدارة حق السلطة فى موقع عملها، دون إنتظار لنفاق موظفين أو رياء متعاملين أوحتى إنتظار شكر أو ثناء على واجب، كل هذه التعريفات بديهية ومعلومة "للقاصى والدانى" من بعض مراكز الإدارة واتخاذ القرار فى أى مؤسسة أو مصلحة أو وزارة، ولعل ما نطالعه على صفحات الجرائد، وما نعانيه كأمة حباها الله بكل عناصر النجاح، التفوق، والخير... إلا أن الإدارة فى بعض مناحى الحياة فى مصر شابها العجز وشابها الإستمرار "بالعفن" !!
ونجد فى مبررات الإستمرار لهذا المناخ مرة بأنه يحوز رضا بعض الكبار !! وهذا إفتراء جائز، ومرة أخرى لأن سيادته مسئول عن مشروعات لم تنتهى (ولن تنتهى!!) وهذا أيضًا سبب "واه" غير حقيقى، فمصر بها قدرات إدارية، وإبداعية بما لا يحصى من عدد فى جامعاتنا ومراكز بحوثنا ومن خريجى المعاهد العلمية العالية المستوى، هؤلاء إذا أتيحت لهم الفرصة سوف يقفزون بالأمة "قفزات يستحقها شعب مصر"، إلا أن الأسباب وراء الإستمرار فى الإدارة أسباب مصنوعة من هؤلاء المستمرين (الشائخين) فى مناصبهم، والمصيبة هى إختياراتهم للصفوف التالية لهم !! فهى إختيارات تنم عن سوء قصد فى "القضاء على الإبداع" والقضاء على التميز وقتل أى فرصة لأن يظهر أحد أحسن منهم على الساحة وياويل من يهبه الله فكرًا أو إبداعًا فى منصب تحت مسئول من هؤلاء المستمرين، فسوف يكون مكانه (الفريزر) أو تضبيط مصيبة لكى يختفى من على الشاشة ولعل كثير من هيئاتنا ومؤسساتنا من ذوى المسئولين المستمرين، لا نجد صورة أو صوت لآحد من الصفوف التالية، فالمؤسسة (وان مان شو)، ولعل بالنظر إلى أغلب مؤسساتنا والبحث عن الرجل الثانى، فلن نجده، ولعل ما حدث من مواجهة مع البعض من هؤلاء المسئولين فى اجتماع عام، قد نم عن صدفة حيث هؤلاء المستمرون يجدوا من الشجاعة أن يدافعوا عن أنفسهم وعن أن مصر نضبت من المبدعين والمبتكرين والمديرين، ويستمر هؤلاء الكبار الفاسدون فى الوزارات والمصالح عشرات السنوات ولا يتعرض لهم أحد حتى بسؤال أين الصف التالى ؟
والموقف كله يتفق مع مبدأ الإستمرار فى المنصب الإدارى أو الوزارى أكثر من العمر الإفتراضى للأشياء، لتتولد الطحالب والعفن والركود والفساد !!
[email protected]
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
مؤمن الجندي يكتب: قائد على حافة الانفجار
وسط المشهد المشحون، وقف القائد محاطًا بالعيون، يترقب الجميع كلمته أو حتى نظرة.. في داخله عاصفة تغلي، لكن الصمت كان خياره الوحيد، فالقيادة ليست في اتخاذ القرارات وقت السكون، بل في ترويض النفس وقت الغضب، وكظم الغيظ حين يكون الانفجار أسهل الطرق.
مؤمن الجندي يكتب: بلا وداع مؤمن الجندي يكتب: حين تتلاشى الألوانليس القائد من يُعرَّف بموقعه، بل بمواقفه، تلك اللحظات التي تتسلل فيها الأزمات فجأة، وتتعرى النفوس أمامها دون درع أو قناع؛ القائد الحقيقي يُقاس في لحظات الانفعال، حيث يُختبر صبره وحكمته! لكن، ماذا لو تحدث الغضب قبل الحكمة؟ وماذا لو صرخ الانفعال في وقتٍ كان الصمت فيه أبلغ رد؟
هي لحظة واحدة تكفي لتقلب الموازين! لحظة يسقط فيها القائد في فخ انفعاله، فينسى أن العيون لا تتركه، وأن كلماته تصبح سهامًا تُحدّد المسار.. القائد ليس معصومًا، لكنه مُطالَبٌ دائمًا بما يفوق طاقة البشر.
محمد الشناوي، قائد الأهلي، وعملاق حراسة مرماه، حمل أمانة القيادة على كتفيه لسنوات، لكنه في لحظة غضب بعد خسارة كأس التحدي أمام باتشوكا المكسيكي، خرج عن الإطار الذي ما دام احتضنه.. جاء الرد على أحد الجماهير من المدرجات، كأنه صرخة من قلبٍ مثقل بالإحباط، لكنه لم يكن مجرد رد، بل كان رسالة غير مقصودة بأن حتى الجبال قد تهتز عندما تضغط عليها الرياح.
فن التحكم في الذاتالقائد يواجه ليس فقط خصومه، بل نفسه أولًا! فالغضب حين يخرج عن السيطرة لا يكشف عن الضعف فقط، بل قد يجرّ معه صورة رسمها الزمن بصبرٍ وجهد، والشناوي لم يكن يومًا مجرد لاعب؛ هو قائد، وشخصية لا تقف عند حدود الميدان، لكن تلك اللحظة كانت شاهدة على صراع داخلي بين إنسانية القائد ومثالية الصورة التي يريد الجميع أن يراها.
من وجهة نظري أن الحياة دائمًا تمنح فرصة للتصحيح، والقائد الحقيقي هو من يعيد الإمساك بزمام الأمور.. محمد الشناوي سيبقى قائدًا، لكنه اليوم أمام فرصة ليُعيد تعريف قيادته، ويثبت أن لحظات الانفعال ليست النهاية، بل بداية لرحلة أعمق في فن التحكم بالذات.
في النهاية، أرى أن القائد قد يغضب، لكن قوته الحقيقية تكمن في قدرته على تحويل ذلك الغضب إلى وقودٍ للمضي قدمًا، دون أن يُحرق من حوله.
للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا