خولة علي (دبي)
العيد، بما فيه من شعائر وطقوس، ننهل منه مفهوم التراحم والتسامح والود، وتهفو القلوب سعادة وفرحاً مع كل تكبيرة تصدح بها المآذن، لتكشف عن عمق البهجة التي تسعد الكبار والصغار، في مشهد شعبي متأصل في قيمهم وثقافتهم، ومن الطقوس الراسخة في المجتمع عادة توزيع «العيدية» التي تحرص الكثير من الأسر على تقديمها إلى كل طفل في يوم العيد، لتغرس في نفوس الصغار الكثير من المفاهيم والمعاني الإنسانية الهادفة التي تجعلهم أكثر تلاحماً في محيطهم.
قيمة اجتماعية
يقول الإعلامي الدكتور علي سالمين الهميمي: العيدية إحدى أبرز تقاليد الأعياد الإسلامية، التي تحمل في طياتها معاني الفرح والبهجة التي تسعد الأطفال وتزيد من حماسهم لاستقبال العيد، وهي عبارة عن مبلغ من المال يُقدَّم للأطفال من قبل الأهل والأقارب بمناسبة عيد الفطر أو عيد الأضحى، ولا تقتصر العيدية على الجانب المادي فقط، بل تمثل قيمة اجتماعية ونفسية عميقة، واجتماعياً، تُعد العيدية وسيلة لتعزيز الروابط الأسرية بين أفراد المجتمع، وهي فرصة لتبادل التهاني والتبريكات، حيث يُعتبر تقديم العيدية نوعاً من التقدير والمحبة، ما يُعزز التواصل الإيجابي بين الأجيال، فالعيدية تُعيد إحياء روح التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع.
تطور العيدية
ويرى الهميمي أن الأطفال قديماً كانوا يُقدرون العيدية بشكل كبير بغض النظر عن قيمتها، ومع مرور الزمن وتغير الظروف الاقتصادية، ارتفعت قيمة العيدية لتتناسب مع الأوضاع الاقتصادية والقدرة المالية للأسر، لذا قد تصل إلى مبالغ أكبر تعكس الرفاهية الحالية، كما تطورت طرق تقديم العيدية مع مرور الزمن، ففي الماضي كانت تُقدَّم نقداً مباشرةً في يد الطفل، أما الآن فقد يستخدم البعض الأظرف الملونة أو بطاقات المعايدة المزخرفة، أو التحويلات الإلكترونية عبر التطبيقات المالية الحديثة، مما يعكس تطور التكنولوجيا وتأثيرها على العادات والتقاليد، وهذا التطور في تقديم العيدية يُضفي عليها أجواءً تتماشى مع العصر الحديث.
العيدية قديماً
وتشير الباحثة في التراث شيخة الوالي، قائلة: تبدأ طقوس توزيع العيدية بعد صلاة العيد، حيث يخرج الأطفال في مجموعات مرتدين الملابس الجديدة، قاصدين بيوت الأهل والأقارب لجمع العيدية، لتضج الأزقة بحركة الأطفال والمعيدين من الجيران وغيرهم، وتظل الأبواب مشرعة ومرحبة بالمهنئين، والعيدية قديماً كانت في صورة مبلغ مادي زهيد، فيما تلجأ بعض الأسر إلى تقديم الحلويات كعيدية عوضاً عن المبلغ النقدي، وفي الوقت الحالي الوضع اختلف تماماً فلا يجد الأطفال فرحتهم في العيد من غير العيدية التي يتباهون بها أمام أقرانهم بالمبلغ المالي الكبير الذي نالوه.
وتستطرد الوالي قائلة: عندما نرى الأطفال في أبهى حالة، سرعان ما نسترجع طفولتنا، وكيف كنّا نستقبل العيد، فبالرغم من بساطة الحياة قديماً، إلا أن فرحة العيد كانت لها لذة خاصة، خصوصاً عند الحصول على العيدية على الرغم من كونها مبلغاً زهيداً في ذلك الوقت، وسرعان ما كنا نبتاع بها الحلويات والألعاب، لينتشر الفرح في كل شوارع الفرجان.
أثر نفسي
من الناحية النفسية، يؤكد الإعلامي الدكتور علي سالمين الهميمي أن العيدية تلعب دوراً مهماً في تعزيز شعور الأطفال بالسعادة والثقة بالنفس، حيث ينتظر الأطفال العيدية بفارغ الصبر، لتُعزز لديهم الإحساس بالمسؤولية والإدارة المالية البسيطة، إذ يُفكرون في كيفية إنفاقها، سواء على الألعاب أو الحلوى أو الادخار لمستقبلهم، فهي بمثابة مكافأة تشعرهم بفرحة العيد وتضفي على نفوسهم طابعاً من السرور، وتُتيح لهم شراء ما يرغبون به، مما يزيد من فرحتهم ويحسن من حالتهم المزاجية.
تقليد متوارث
تقول مروة خميس اليماحي (ربة منزل): العيدية تقليد اجتماعي متوارث، وتكمن أهميتها في إدخال الفرح والسرور على قلوب الأطفال وتعزيز روح المشاركة والاحتفال بالعيد، وتختلف قيمة العيدية باختلاف العادات والتقاليد، وكذلك الحالة الاقتصادية للأسر،حيث تكون قيمة العيدية رمزية أو مادية كبيرة. وتساهم العيدية في إدخال البهجة إلى قلوب الأطفال، وتمثل مكافأة خاصة لهم في أيام العيد، وهي تعلمهم المسؤولية وتمنحهم فرصة كيفية إدارة الأموال والادخار، كما تعزّز الروابط الاجتماعية والعلاقات الأسرية، والتواصل مع الأهل والأقارب.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: العيد عيد الأضحى العيدية الإمارات الأطفال
إقرأ أيضاً:
أسعار اللحوم والأضاحي 2025 تشتعل قبل العيد: إليك قائمة الأسعار في جميع المحافظات
مع اقتراب عيد الأضحى المبارك لعام 2025، تتجه أنظار الأسر المصرية إلى أسواق الماشية، بحثًا عن أفضل الأسعار لشراء الأضاحي في ظل موجة ارتفاعات تضرب الأسواق. الأضحية ليست مجرد شعيرة دينية تعبر عن روح التضحية والامتثال، بل تمثل أيضًا عادة اجتماعية متجذرة في الثقافة المصرية، حيث تتقاسم الأسر اللحوم مع الأهل والجيران والمحتاجين، مما يعزز قيم التكافل والتراحم. لكن هذا العام، يبدو أن أسعار اللحوم والأضاحي تسير في منحى تصاعدي يفرض تحديات جديدة على ميزانيات المواطنين.
عوامل عديدة ترفع الأسعار في 2025
ترتبط الزيادة الحالية في أسعار الأضاحي بعدة أسباب أبرزها الارتفاع الكبير في أسعار الأعلاف المستوردة، وتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار، ما رفع تكلفة التربية والرعاية الصحية للمواشي. كما ساهم ارتفاع أسعار الوقود في زيادة تكلفة النقل، مما انعكس مباشرة على الأسعار النهائية في الأسواق. كذلك، أدّى تزايد الطلب مع اقتراب العيد إلى زيادة واضحة في الأسعار، خاصة في المدن الكبرى.
مقارنة بالأعوام السابقة
رصدت تقارير سوق الأضاحي أن الأسعار في 2023 تراوحت بين 3500 إلى 15000 جنيه، بينما ارتفعت في 2024 لتتراوح بين 4000 و16500 جنيه. أما في 2025، فتُشير التوقعات إلى أن الأسعار تبدأ من 4500 وتصل إلى 18000 جنيه، حسب الوزن والسلالة. هذا التصاعد الملحوظ يعكس تأثير التضخم وارتفاع تكاليف الإنتاج على السوق.
قائمة أسعار الأضاحي لعام 2025
إليك متوسط الأسعار الحالية حسب نوع الأضحية والوزن:
نوع الأضحية الوزن التقريبي السعر المتوقع بالجنيه المصري
خروف 30 - 50 كجم 6000 - 9000
ماعز 20 - 30 كجم 3000 - 5000
عجل صغير 200 - 300 كجم 22000 - 28000
عجل كبير 400 - 500 كجم 30000 - 38000
بقرة 400 - 600 كجم 32000 - 55000
أين تشتري أضحيتك؟
يفضل الكثيرون شراء الأضاحي من أسواق ومزارع موثوقة مثل سوق الجمعة بالقاهرة، وسوق بنها، وسوق أبو الريش بأسوان، إلى جانب المزارع المتخصصة التابعة للإنتاج الحيواني، لما تتميز به من التزام بالمعايير الصحية وتقديم أسعار تنافسية.
نصائح للحصول على أضحية بسعر مناسب
خطط مبكرًا ولا تنتظر الأيام الأخيرة قبل العيد.
قارن بين الأسعار في أكثر من سوق أو مزرعة.
تفاوض مع البائع واطلب كشفًا صحيًا للأضحية.
إن كانت الميزانية محدودة، شارك أحد الأقارب أو الأصدقاء في شراء عجل أو بقرة.
راقب العروض المعلنة في الجمعيات الزراعية أو مزارع الدولة.
في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، تبقى الأضاحي رمزًا للخير والعطاء، لكن اقتناؤها هذا العام يتطلب تخطيطًا ماليًا دقيقًا وحسن اختيار. فمع ارتفاع الأسعار، يظل الأمل معقودًا على الوعي المجتمعي والبدائل المتاحة لمواصلة هذه الشعيرة دون أعباء تفوق القدرة.