سعد عبد الراضي (أبوظبي)
للعيد وقع خاص في قلوب المبدعين، لما يملكونه من فرط في الإحساس، ومستشعرات استقباله في الوجدان، تجعلهم يشكلون منه صورة، يتأملون تفاصيلها وكأنها لوحة مفعمة بالفرح والعطاء والمودة والحب، وبالرغم من أن لكل مبدع ذاكرته الخاصة التي تشكلت من مواقف وذكريات في العيد، إلا أنهم جميعاً يشتركون في أن الصورة دائماً جميلة ومبهجة، ومهما اختلفت وسائل التعبير بينهم إلا أن الإبداع هو الإبداع، معينه واحد رغم اختلاف جداوله.
«الاتحاد» استطلعت آراء عدد من المبدعين حول رؤيتهم للعيد وذكرياتهم فيه...
شعور إنساني
بداية، قال الأديب حارب الظاهري: العيد مناسبة سعيدة لها خصوصيتها من عادات وتقاليد وطقوس، نشأنا وتربينا عليها، ويرتبط بها وجداننا، ومن بينها الالتقاء بالأهل والأصدقاء، ولأن العيد ينتمي دائماً للشعور الإنساني فهو ينتمي أيضاً بشكل أو بآخر للكتابة وعالمها الإبداعي.
وعن ذكريات العيد، أشار: ذكريات العيد، ستظل عالقة في الذهن لا تمحى من الذاكرة، مهما مر العمر، ومن أهمها تلك التي ترتبط بالطفولة، فطفولتنا في العيد تشكل نسيجاً جميلاً من الذكريات، حتى وإن كان بعضها حزين، إلا أن تطواف الفرح يكمن في العيد، مهما كانت الذكريات المصاحبة له.
صورته حاضرة
وقال الفنان ياسر النيادي: العيد عبارة عن صورة حاضرة في الذاكرة، تذكرني بحبات سكر النبات التي كان يعطينا إياها جدي قبيل الفجر ونحن ذاهبون لأداء صلاة العيد، أيضاً صورة العيدية والأيادي المخضبة بالحناء في هذا اليوم الجميل، ولا أنسى حالة التواصل التي كانت تتم في مجتمع الحارة والفرجان التي كنا نسكنها، حيث نتنقل من بيت إلى بيت، ونحن نتبادل التهاني والسلام، وأضاف: بالنسبة لي صورة العيد لا تزال حاضرة في وجداني منذ الطفولة مهما تقدم بي العمر، وأشعر أن العيد تجربة تخاطب جميع الحواس الخمس، من مشاهد رأيتها وأصوات وضحكات سمعتها، إلى عبق وروائح وعطور منتشرة في الأرجاء استنشقتها.
وتابع: أن ملمس عدة أشياء نعرفها تشكل جزءاً من هذا العيد، فالعيد بالنسبة لي تجربة عامرة وحاضرة في ذاكرتي، وتجديدها كل عام يؤكد أن حالة الفرح به تظل دائماً موجودة.
فرحة لا توصف
وأكد الخطاط والفنان التشكيلي ورسام الكاريكاتير الإماراتي علي الأميري: بالنسبة لي فإن عيد الفطر وعيد الأضحى يعكسان لي الشعور بفرحة لا توصف، ولدي فيه طريقة خاصة بي كفنان، حيث أقوم بتجهيز بطاقة تهنئة أستخدم فيها الخط العربي، في لوحات الرسم التشكيلي المعتاد أو الرسم الكاريكاتيري الذي يناسب الأعياد، لأقوم بعد ذلك بإرساله للأهل والأصدقاء.
وعن ذكرياته في العيد، قال: أحب الجلوس على البحر في مكان هادئ، حيث أقوم بالكتابة بالخط العربي على رمال الشاطئ، بحيث يمنحني فرصة التعبير بلوحة تشكيلية تحاكي مشاعري الخاصة بالعيد.
ويضيف: أحس بشعور الفنان عندما أرسم على شواطئ البحر، وكأن البحر يحاكيني ويحاكي فرشاتي، وعندما أرسم على الرمال، أشعر بفرحة البحر بي، وأنا أنثر إبداعاتي على شاطئه، كما أستشعر صوت الموج كأنه يحاكيني ويحاكي إبداعاتي ورسوماتي وخطي.
ويتابع: من ذكريات العيد في الصغر، كنت لا أستطيع النوم في ليلة العيد، من فرط الفرح بقدومه وانتظار ارتداء الثوب الجديد، وبعد ذلك أتوجه إلى المصلى لأداء صلاة العيد، وبعد الرجوع إلى البيت والسلام على الأهل وخاصة الوالدين، أقوم بالخروج مع الأصدقاء إلى أماكن الألعاب، والمشاركة في وجبتي الغداء والعشاء معهم.
حنين وشوق
وتقول الأديبة شيخة الجابري: الحديث عن العيد دائماً ذو شجون، لما نحمله له في داخلنا من ذكريات، وشعور عميق بالحنين والشوق إلى الأيام التي كنا فيها صغاراً، نتقافز من مكان إلى آخر، نبحث عن العيدية وننشد الأهازيج الشعبية، التي كانت متداولة في أيام الطفولة، وأتمنى أن يستطيع أبناؤنا معاودة ترديدها بذلك الترحاب والفرح الذي كان يعتمل نفوس الأطفال، وهم ينتقلون من منزل إلى منزل ليلتقطوا العيدية، التي كانت رغم ضآلة قيمتها وقتها، تمثل لهم فوزاً بما لم يفز به غيرهم، وأضافت لن ننسى طفولتنا والأطفال يذهبون بعد صلاة العيد إلى حيث توجد الألعاب الشعبية، ثم يؤدون الطقوس والعادات المتمثلة في زيارة الأهل والأقارب، ولذلك أقول إن للعيد صورة نمطية رفيعة لا يعرفها إلا من عاش تفاصيلها.
العيد قديماً أحلى
وقال الأديب سعيد البادي «للعيد فرحته وبهجته دائماً، وربما يسأل سائل، ويقول: لماذا كان العيد قديماً أحلى، وأجيب: ربما لأن إنسانية الإنسان كانت أجمل، وكانت الحياة بسيطة وأقل تعقيداً، ومستويات المعيشة كانت متقاربة، والعلاقات بين الناس كانت قوية ومتينة رغم صعوبتها، حيث كان الفرد يفكر في الجار والرفيق والأخ أكثر من تفكيره في نفسه، ولعل لوسائل التواصل الاجتماعي حالياً، تأثير كبير في تغير الكثير من المظاهر التي كانت مرتبطة بالعيد قديماً.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: العيد الثقافة عيد الأضحى عيد الأضحى المبارك التی کانت فی العید التی کان
إقرأ أيضاً:
25 ألف زائر لمتحف عُمان عبر الزّمان خلال إجازة العيد الوطني
هلال السليماني والعُمانية: بلغ عدد زوار متحف عُمان عبر الزمان في ولاية منح بمحافظة الداخلية خلال إجازة العيد الوطني الـ 54 المجيد قرابة 25 ألف زائر من داخل سلطنة عُمان وخارجها، لاستكشاف عالم المتحف ومقتنياته في صورة تتكرر عند كل إجازة، وقد طاف زوار المتحف أركانه وقاعاته، في رحلة سفر عبر الذاكرة الحية لعصر النهضة، وتطواف عبر المكان والزمان، واستشعار لهيبة التاريخ وسجلاته وأسفاره، في رحلة تقتضي الوعي بمسارات التاريخ ومفرداته وألوانه وتشكلاته، وقراءة في الصفحات الممتدة عبر العصور والأزمنة؛ فمعروضات المتحف تستعرض بداية من التشكل الجيولوجي لأرض عُمان، قاعتين ثريّتين بمحتواهما ومقتنياتهما.
ويبحر الزائر بين جغرافيا سلطنة عُمان وتاريخها، متأملًا ماضيها وحاضرها ومستشرفًا مستقبلها عبر "رؤية عمان 2040"، بشكل تفاعلي وباستخدام تقنيات العرض المتحفي وتوظيف تقنية الواقع المعزز، إضافة إلى المقتنيات الأثرية التي يستعرضها المتحف بين جنباته.
وينتقل الزائر في رحلة سردية عبر الزمن تبدأ من أواخر عصور ما قبل التاريخ وإلى يومنا الحاضر، وتنقسم قاعات العرض الدائمة إلى قاعتين: قاعة التاريخ وقاعة عصر النهضة، ويقدم المتحف ومضات وإشراقات وتجليات توثقها تقنية الواقع المعزز، فعلى الزائر أن يستطلع عبر ثقافته وخبرته دوائر المكان وإيحاءات الزمان؛ فالشاشات العملاقة المبهرة، والمجسمات المنتشرة، والرسومات الموضحة، والكتابات، والمقتنيات، والتذكارات المتوزعة، كلها مقتنيات ومعروضات تشي بأن الإنسان العُماني كان في مركز الحضارة، يؤثر فيها ويتأثر بها، ويصنع الحدث تارة، ويستجيب لمتطلبات التكيف والامتزاج تارة أخرى، وفي كل من هذه وتلك، يحتفظ لنفسه بالكينونة والشخصية، وقد رصد المتحف حركة التاريخ وحركة الإنسان على هذه الأرض، ويستشعر الزائر أثر الأئمة الأجلاء والسلاطين الأماجد، مما يقتضي الوقوف أمام تلك الحقب التاريخية ثم الانطلاق منها في مسيرة النهضة المتجددة بأبعادها المختلفة.
وقال المهندس اليقظان بن عبدالله الحارثي مدير عام متحف عُمان عبر الزمان إنّ المتحف يُمثل وجهة سياحية متكاملة لمختلف فئات المجتمع ويسهم بشكل كبير في التعريف بالهُوية العُمانية وتاريخ عُمان العريق وتنوعه الجيولوجي والجغرافي، بالإضافة إلى منجزات النهضة المباركة بما زُوّد به من تقنيات حديثة فضلا عن توافر العديد من الخدمات والتسهيلات والإمكانات التي تجعله وجهة للزائرين طوال العام.
وأضاف أن إدارة المتحف وضعت العديد من التسهيلات والإجراءات لاستقبال الأعداد الكبيرة من الزوار خلال هذه الإجازة من ضمنها، إسناد عدد إضافي من الموظفين، وإشراك المجتمع في بعض الأنشطة التطوعية والاستثمارية، وتمديد ساعات الزيارة والحجز المسبق عبر الموقع الإلكتروني للمتحف إلى جانب الكثير من التسهيلات التي تمكّن الزائر من الدخول للمتحف والتعرّف على تاريخ عُمان ونهضتها المتجددة من خلال قاعات العرض المتحفي (قاعة التاريخ / قاعة عصر النهضة) والاستمتاع بمرافق المتحف المتنوعة المخصصة لخدمة الزوار.
وأكد على أن إدارة المتحف سعت خلال الفترة الماضية إلى تسهيل عملية حجز التذاكر عن طريق مجموعة من الخدمات الإلكترونية التي تم توفيرها عبر موقع المتحف للتسهيل على الزوار القادمين للمتحف.
وتستعرض قاعة التاريخ حقبة دولة اليعاربة من خلال عرض صوتي ومرئي فائق الدقة وخرائط افتراضية، وفي نهاية القاعة يتناول جناح دولة البوسعيديين أربع مراحل رئيسية، هي فترة تأسيس الدولة، وفترة الإمبراطورية العُمانية، وفترة انقسام الحكم بين مسقط وزنجبار، وفترة الطريق إلى النهضة، كما يتم تسلّيط الضوء على مظاهر الحياة اليومية والإنجازات التي تحققت في شتى ميادين الحياة خلال فترة حكم الأئمة والسلاطين، وترتكز وسائل العرض المتحفي في هذه القاعة على الوسائط الرقمية لإيجاد بيئات افتراضية متعددة الأبعاد، تمكن الزائر من معايشة الواقع الافتراضي لكل عصر، إضافة إلى ذلك تحتوي القاعة على مجموعة منتقاة من الشواهد المادية والخرائط لإضفاء حالة من الواقعية.
أما في قاعة النهضة المباركة، التي تم تصميم مدخلها على شكل فضاء مفتوح تتوسطه أعمدة مهيبة، فهي تشكل فضاء تفاعليًا لمنظومة العرض الصوتي والمرئي فائقة الدقة، حيث يتم استعراض الأعوام الخمسة الأولى من عمر النهضة المباركة، وتمثل القاعة ذروة تجربة الزائر إلى المتحف ومحوره الأساسي، حيث تستعرض جوانب التطور والازدهار والنماء في سلطنة عُمان.
وتتناول القاعة التحولات الاجتماعية والاقتصادية والصناعية والسياسية التي شهدتها سلطنة عُمان، مع المحافظة على مكنونات هويتها الأصيلة وتقاليدها الثقافية العريقة، وتحتوي القاعة على وسائل متحفية رقمية تفاعلية تستعرض الخطابات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه-، والخطابات السامية للمغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-.