مظاهرات حاشدة ضد اليمين المتطرف في فرنسا
تاريخ النشر: 16th, June 2024 GMT
تظاهر مئات الآلاف في فرنسا ضد اليمين المتطرف الذي يبدو في موقع قوة مع اقتراب موعد انتخابات تشريعية مبكرة دعا إليها الرئيس إيمانويل ماكرون في حين بدأ يتصدع ائتلاف جديد شكلته الأحزاب اليسارية.
وكانت نقابات وجمعيات وأحزاب يسارية قد دعت إلى «مد شعبي» لدرء فوز جديد يتوقع أن يحققه حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف في جولتي الانتخابات التشريعية المقررتين في 30 يونيو الجاري و7 يوليو المقبل بعد تفوقه مؤخرا في الاستحقاق البرلماني للاتحاد الأوروبي في تطور دفع رئيس البلاد إلى حل الجمعية الوطنية.
وقالت فلورانس دافيد (60 عاما) خلال مشاركتها في التظاهرة في باريس حيث انطلقت المسيرة «اعتقدت أنني لن أرى بتاتا اليمين المتطرف يصل إلى السلطة ولكن الآن يمكن أن يحدث ذلك».
ووفق السلطات، جمعت التظاهرات 250 ألف شخص في البلاد بينهم 75 ألفا في العاصمة. وأحصت «الكونفيدرالية العامة للعمل» 640 ألف مشارك.
وقالت ماريليز ليون رئيسة «الكونفيدرالية الفرنسية الديموقراطية للعمل»، إحدى النقابات الخمس التي دعت إلى التعبئة «نحن في لحظة مفصلية للديموقراطية».
وفي مسعى لقطع الطريق على اليمين المتطرف، سارعت أحزاب اليسار لاسيما «فرنسا الأبية» (يسار راديكالي) والحزب الاشتراكي مرورا بأنصار البيئة (الخضر) إلى تشكيل ائتلاف، وتنحية خلافاتهم خصوصا بشأن أوكرانيا والحرب في غزة.
لكن الائتلاف الجديد الذي أطلقت عليه تسمية «الجبهة الشعبية الجديدة» بدأ يشهد تصدعات مع استبعاد حزب فرنسا الأبية ترشيح معارضين لزعيمه جان لوك ميلانشون.
وندد النواب المستبعدون بـ«حملة تطهير» واتهموا ميلانشون، المرشح السابق للرئاسة، بحملة «تصفية حسابات».
وأعربت رئيسة أنصار البيئة مارين توندولييه عن «صدمتها الكبرى» لهذا «التطهير» داخل فرنسا الأبية، ودعت صباح السبت هيئات حزبها للاجتماع، داعية الجبهة الشعبية الجديدة إلى دعم المرشحين الذين استبعدهم حزب اليسار الراديكالي.
أما الرئيس الاشتراكي السابق فرنسوا هولاند (2012-2017) المؤيد لتوحيد صفوف اليسار ففجر مفاجأة بإعلان ترشحه للانتخابات التشريعية في كوريز (وسط) مبررا خطوته بأن «الوضع أخطر مما كان عليه في أي وقت مضى».
ومن دون الإشارة إلى فرنسا على وجه التحديد، قالت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني التي استضافت بلادها قمة مجموعة السبع في اليومين الفائتين إنها تأمل أن تأخذ أوروبا في الاعتبار «الرسالة» التي وجهتها الانتخابات الأوروبية، والتي تميزت بصعود اليمين المتطرف.
وحضت ميلوني رئيسة حزب «إخوة إيطاليا» الذي كان أداؤه جيدا بشكل خاص في الانتخابات، الاتحاد الأوروبي على «فهم الرسالة التي جاءت من المواطنين الأوروبيين».
وقالت في مؤتمر صحافي في ختام قمة مجموعة السبع في بوليا «لأنه إذا أردنا استخلاص الدروس من الانتخابات بأن كل شيء على ما يرام، أخشى أن تكون هذه القراءة مشوهة قليلا».
وأضافت «المواطنون الأوروبيون يطالبون بالبراغماتية، ويطالبون بمقاربة أقل عقائدية في العديد من القضايا الرئيسية».
وتابعت ميلوني «المواطنون يصوتون لسبب ما. يبدو لي أن الرسالة وصلت، وقد وصلت بوضوح».
إلى ذلك، دعا المستشار الألماني أولاف شولتس الذي تعرض حزبه الديموقراطي الاجتماعي لهزيمة غير مسبوقة في الانتخابات الأوروبية، ائتلافه الذي يشهد خلافات، إلى «توحيد صفوفه»، مؤكدا أن بإمكانه الترشح لولاية ثانية في 2025.
وأقر المستشار بأن الفريق الذي شكله حزبه مع حزب الخضر والليبراليين أظهر خلافاته إلى حد بعيد.
وعلى هامش قمة مجموعة السبع في إيطاليا، قال لقناة ZDF الألمانية العامة «أعتقد أنه أحد الانتقادات المبررة فعلا للعديد من المواطنين، أي أننا نتكلم كثيرا».
وأضاف «علينا أن نضبط أنفسنا وأن نرص صفوفنا كي نتمكن من التوصل إلى اتفاقات».
المصدر: جريدة الحقيقة
كلمات دلالية: الیمین المتطرف
إقرأ أيضاً:
المهاجرون في ألمانيا بين الخوف والأمل مع صعود اليمين
تنتاب المهاجرين في ألمانيا مشاعر خوف وقلق في ظل التأييد غير المسبوق لحزب البديل اليميني في الانتخابات التشريعية الأخيرة، لكن بعضهم يعلق أملا على المحافظين الذين تصدروا النتائج ويسعون لتشكيل ائتلاف حاكم جديد.
وحصل تحالف الاتحاد المسيحي (حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري) على نحو 29% من الأصوات، وحل ثانيا حزب البديل بنحو 20% من الأصوات، وهي ضعف النسبة التي حصل عليها قبل 4 سنوات، في حين جاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة المستشار المنتهية ولايته أولاف شولتس ثالثا بنحو 16% من الأصوات.
ويقول محمد أزموز، وهو حلاق سوري يعيش في برلين ويبلغ عمره 57 عاما، إن الإدلاء بصوته لأول مرة في الانتخابات الألمانية أول أمس الأحد منحه شعورا لا يوصف، لكنه يشعر بالقلق بشأن مستقبله بسبب التأييد غير المسبوق لحزب البديل من أجل ألمانيا المناهض للهجرة.
وأضاف أزموز "ليش هالكراهية هاي (لماذا هذه الكراهية)؟ إحنا جايين لهون عشان نشتغل (نحن أتينا إلى هنا لكي نعمل). فرضنا حالنا بالشغل. ما عُدنا (لسنا) عالة على المجتمع. نحنا بنحب الشعب الألماني".
كانت سياسة اللجوء في ألمانيا من أهم الموضوعات في انتخابات هذا العام، وزادت من فرص المحافظين وحزب البديل من أجل ألمانيا ليفوزا بالمركزين الأول والثاني على الترتيب.
إعلانوبسبب قلقه من تزايد موجة العداء وتكاليف المعيشة، أعطى أزموز صوته لحزب اليسار (الحزب الاشتراكي الديمقراطي) الذي أطلق حملة لتعزيز العدالة الاجتماعية ووعد بزيادة الدعم للأسر ذات الدخل المنخفض.
وتابع محمد أزموز متحدثا عن المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل "نتحسر على الأيام كانت السيدة ميركل مستلمة الحكم، كانت الحياة حلوة ورخيصة، لكن للأسف كله غلي.. وصار مثل الواحد يركض يركض وما عاد يلحق".
وفي خضم ركود اقتصادي، يشعر الألمان من أصول مهاجرة بالقلق بشأن وضعهم المالي أكثر من بقية السكان. فقد وجدت دراسة حديثة أجراها مركز "دي زد آي إم" أن 63.4% من المهاجرين يعتريهم هذا القلق، مقارنة بنحو 46.7% من غير المهاجرين.
ولم يسبق أن بلغ عدد المهاجرين المقيمين في ألمانيا هذا المستوى. ووصل عدد المواطنين الألمان من أصول مهاجرة الذين لهم حق التصويت إلى أكثر من 7 ملايين في انتخابات هذا العام.
وقال آخرون إنهم يشعرون بالمخاوف ذاتها بشأن الحالة الاقتصادية، لكن لا يتطلع جميعهم إلى تيار اليسار.
ويعتقد محمد، وهو حلاق أردني لا يحق له التصويت، أن صعود حزب البديل من أجل ألمانيا يمثل فرصة لقلب الأمور في البلاد. كما يرى أن ألمانيا لها الحق في حماية حدودها وسكانها.
ويقر محمد بالأخطاء التي يرتكبها مهاجرون، وقال إنه يؤيد اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه مرتكبي الجرائم العنيفة، ويدعم القيود المفروضة على لمّ شمل أسر اللاجئين.
وأضاف "لو كان هناك حزب البديل من أجل ألمانيا في بلدي، فسوف أصوت له".
الخاسر الأكبر
وكان الحزب الديمقراطي الاجتماعي هو الأكثر شعبية بين المهاجرين في ألمانيا بفضل دفاعه عن حقوق العمال والرعاية الاجتماعية والاندماج. لكنه كان الخاسر الأكبر في انتخابات هذا العام.
إعلانوصوت علاء الدين مهنا، وهو سوري يعيش في لودفيغسفيلده بالقرب من برلين، لصالح الحزب الديمقراطي الاجتماعي في عام 2021، لكنه تراجع عن موقفه هذا العام بسبب سياسات الحزب المؤيدة لأوكرانيا والتي يقول إنها أضرت بالاقتصاد.
وقال مهنا "لا يوجد حزب يمثلني حقا".
وأضاف أن التدهور الاقتصادي كان مصدر قلقه الأكبر في هذا التصويت، مشيرا إلى أنه كان أيضا السبب وراء صعود حزب البديل من أجل ألمانيا.
وتابع "أنا قلق. لن يشكل المحافظون ائتلافا معهم (حزب البديل من أجل ألمانيا) بالطبع ولكن سيكون لهم ثقل كبير كمعارضة وأنا قلق بشأن هذا".
وقال الحلاق السوري محمد أزموز إنه يأمل أن يقود الزعيم الألماني المقبل فريدريش ميرتس البلاد نحو الرخاء.
وأضاف "نأمل أنه الحزب اللي هلا (الذي) استلم (السلطة) يكون رأفة بالعالم. مو بس (وليس فقط) اللاجئين، (و) بشكل عام المواطن الألماني".