الحجاج ينفرون من عرفات إلى مزدلفة بعد أداء الركن الأعظم
تاريخ النشر: 15th, June 2024 GMT
يمن مونيتور/ وكالات
بدأ حجاج بيت الله الحرام، مساء السبت، النفير إلى مزدلفة، بعد أن أدّوا ركن الحج الأعظم، الوقوف على صعيد عرفات مبتهلين إلى الله تعالى بالدعاء وطلب الرحمة والغفران.
وتفيض أفواج الحجاج من عرفات إلى مزدلفة مع غروب شمس التاسع من ذي الحجة، حيث يصلون المغرب والعشاء جمعا، ويبيتون ليلتهم ويجمعون الجمرات قبل التوجه مع فجر العاشر من ذي الحجة (يوم عيد الأضحى) إلى مشعر منى، حيث يرمون جمرة العقبة، وينحرون الهدي، ويحلقون رؤوسهم متحللين من الإحرام، ويطوفون بالكعبة طواف الإفاضة.
وقد أعلنت الهيئة العامة للإحصاء السعودية، اليوم السبت، أن إجمالي أعداد الحجاج هذا العام بلغ مليونا و833 ألفا و164 حاجا، من بينهم مليون 611 ألفا و310 حجاج قدموا من خارج السعودية عبر المنافذ المختلفة.
وأوضحت الهيئة أن نسبة الحجاج القادمين من الدول العربية بلغت 22.3%، أما نسبة الحجاج غير العرب من الدول الآسيوية فكانت 63.3%، ومن الدول الأفريقية 11.3%، في حين بلغت نسبة حجاج باقي الدول 3.2%.
ويأتي موسم الحج هذا العام في ظل تزايد التحذيرات الرسمية بشأن حالة الطقس، حيث أكدت وزارة الصحة أن ارتفاع درجات الحرارة يعتبر من أكبر تحديات الحج لهذا العام.
وكانت قناة الإخبارية السعودية الرسمية نقلت مشاهد جوية عبر حسابها بمنصة إكس، تظهر اكتساء جبل الرحمة في عرفات باللون الأبيض، حيث غص بضيوف الرحمن وقد ارتفعت أيديهم للسماء ولهجت ألسنتهم بالدعاء، تأسيا برسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم الذي وقف عليه وألقى منه خطبة الوداع.
وتوافد الحجاج إلى مسجد نمرة بصعيد عرفات للاستماع إلى الخطبة التي ألقاها إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ ماهر المعيقلي، وحث فيها على إخلاص العبادة لله، وأكّد أهمية وحدة صف المسلمين ونبذ الشقاق والفرقة.
ودعا المعيقلي لأهل فلسطين مؤكدا أنهم في أذى عدو سفك الدماء ومنع ما يحتاجون إليه من ضروريات، قائلا “ادعوا لإخواننا في فلسطين الذين مسهم الضر وتألموا من أذى عدوهم، سفكا للدماء وإفسادا في البلاد ومنعا من ورود ما يحتاجون إليه.”
وواكبت قوافل ضيوف الرحمن إلى مشعر عرفات متابعة أمنية مباشرة، يقوم بها أفراد مختلف القطاعات الأمنية التي أحاطت طرق المركبات ودروب المشاة، لتنظيمهم حسب خطط تصعيد وتفويج الحجيج إلى جانب إرشادهم وتأمين السلامة اللازمة لهم.
واتسمت الحركة المرورية بالانسيابية خلال تصعيد الحجيج إلى مشعر عرفات، وفق مصادر وسائل الإعلام الرسمية السعودية.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الحج السعودية حجاج بيت الله مزدلفة مناسك الحج
إقرأ أيضاً:
الفريق الركن د. مبارك كوتي كجو كمتور: ابن الشهيد، رمز الانضباط، والأسير الذي أرادوه شاهد زور
تردّدت كثيراً قبل أن أكتب عن الفريق الركن د. مبارك كوتي كجو كمتور، إذ لا يزال في الأسر، ومصيره بين الحياة والموت مجهول. لكنّ صدى حضوره، وصموده، ومكانته في وجدان رفاقه، يدفعنا للكتابة عنه بما يليق. استودعناه، ومعه رفاقه الأسرى، عند الرب الحفيظ الودود، الذي لا تضيع عنده الودائع، ولا تغيب عنه الخفايا، ولا يُجهل عنده المصير.
ينحدر الفريق مبارك من منطقة هيبان ذات الطبيعة الآسرة في جنوب كردفان، لكنه نشأ في مدينة الأبيض، حيث كان والده، الشهيد النقيب كوتي كجو كمتور، يعمل ضمن قوات الهجانة. وهناك، في تلك البيئة العسكرية المشبعة بالقيم والانضباط، تشكل وعيه الأول.
ورث مبارك مجد والده الذي سطّر ملحمة بطولية نادرة في مطلع السبعينات، عندما تصدى لهجوم عنيف من تمرد حركة “أناينا” قبل اتفاقية السلام مع الرئيس الراحل جعفر نميري. كان النقيب كوتي قائداً لإحدى القوات، فثبت وقاتل مع رفاقه حتى نفدت ذخيرتهم. حينها، لم يرفع الراية البيضاء، بل قاوم بما بيده — بالحجارة، وبساعته التي كانت في معصمه، حتى وصلوا إليه وقتلوه وهو في موضعه، متمسكاً بشرف الجندية.
أطلق لها السيف لا خوفٌ ولا وجلُ
أطلق لها السيف وليشهد لها زُحلُ
أطلق لها السيف قد جاش العدو لها
فليس يثنيه إلا العاقلُ البطلُ
في سيرة الفريق مبارك كوتي، يبدو كأن هذه الأبيات قد كُتبت له وله وحده؛ ولأبيه الذي غرس فيه بذور الفروسية ورفض الانكسار. فقد جمع بين أصالة النشأة العسكرية، وسمو الأخلاق، وأناقة الحضور. مهندماً، أنيقاً، مكتمل الزي، يحمل عصاه وحليته، ويُعرف بحبه للجندية والانضباط. لا يتساهل في النظام، ولا يتنازل عن الوقار العسكري.
ينتمي للدفعة (٣٥) بالكلية الحربية، التي تُعد من أبرز الدفعات في تاريخ القوات المسلحة السودانية، حيث ضمت نخبة من القادة الذين تميزوا بالانضباط العسكري، والاحترافية العالية، والتفاني في خدمة الوطن، وكان لهم دور بارز في مختلف ميادين القتال والقيادة.
تنقّل في وحدات كثيرة ومهمة منها: اللواء العاشر شندي، الشرطة العسكرية، الفرقة الرابعة الدمازين، ثم في هيئة التفتيش العسكري. وأقدميته العسكرية لا تسمح له بأن يكون عضواً في رئاسة هيئة الأركان، في ظل التراتيبية ومن هو أقدم منه دفعة. غير أن القائد العام للقوات المسلحة اختاره بنفسه مفتشاً عاماً للقوات المسلحة، وهو منصب يتبع مباشرة للقائد العام، ويُمنح فقط لمن يحظى بثقة كاملة وشخصية مؤسسية رصينة.
نال تأهيلاً عسكرياً رفيعاً داخلياً وخارجياً، في صنف المشاة، حتى درجة الماجستير، وزمالة الأكاديمية العليا للحرب، وزمالة الدفاع الوطني. كما يحمل درجتي البكالوريوس والماجستير، إضافة إلى الدكتوراه.
ينتمي إلى أسرة عريقة، تمثل مثالاً حياً لتمازج النسيج السوداني، فزوجته من أصولٍ حلفاوية ونوباوية، في انسجام يعكس وحدة الأرض والتاريخ. وهو والدٌ ومربٍّ، عرف عنه التواضع في المنزل، والصلابة في المؤسسة، وحرصه على أن يخرج من بيته إلى عمله كما يخرج الجندي إلى الميدان.
في فجر الحرب الأخيرة، اختُطف الفريق مبارك كوتي من منزله القريب من القيادة العامة، ولم يكن في موقع عسكري، بل كان في طريقه إلى أداء واجبه. وقع في الأسر منذ اليوم الأول، واستُخدم كورقة سياسية، حيث أُجبر تحت الإكراه على تسجيل صوتي بثّته قوات التمرد، زعمت فيه انضمامه إليها. لكن كل من يعرفه، ويعرف ولاءه العميق للمؤسسة العسكرية، يدرك أن ذلك محض كذب، فالفريق مبارك رجل لا يُباع ولا يُشترى.
شهادات كثيرة أشارت إلى تدهور حالته الصحية، خاصة مع إصابته بمرض السكري، وترددت أنباء عن حرمانه من الدواء، بل عن وفاته لاحقاً، دون أن يصدر نفيٌ أو تأكيد رسمي. لكننا لا نكتب اليوم وداعاً، بل دعاءً وأملاً، وثقة بأن الوفاء لا يُؤسر، وأن الشرفاء لا يُنسَون.
العميد م.د. محمد الزين محمد — 21/4/2025
إنضم لقناة النيلين على واتساب