وجه رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن مساء اليوم السبت خطابا هاما لأبناء الشعب اليمني في الداخل والخارج، وذلك بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك.

وأشار الرئيس في خطابه الذي القاه بالنيابة عنه وزير الاوقاف والارشاد فضيلة الشيخ محمد عيضة شبيبة، إلى أهمية هذه المناسبة الدينية في تجسيد قيم الوحدة والتضامن والأخوة، ومشاعر الحب والسلام وصلة الأرحام رغم كل المحن والالام التي يعانيها شعبنا اليمني جراء انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية ورفضه للعبودية والخرافة والطبقية والسلالية وكل أمراض الجاهلية وتوقه للدولة والقانون والمساواة، والمضي على قلب رجل واحد لاستعادة مؤسسات دولته وحماية مكتسباته.

وخاطب الرئيس العليمي الشعب اليمني قائلا " إن عيدنا الأكبر هو يوم استعادة مؤسساتكم الوطنية وتحرير أرضنا من مشاريع التخلف والتطرف والكراهية واستعادة اليمن السعيد "، مؤكدا ضرورة أن يدرك الجميع أنهم أمام مسؤوليات دينية ووطنية تستوجب توحيد الصفوف والتسامي فوق الجراح وإعادة لملمة أوصال البلاد التي مزقتها سنوات الانقلاب والحرب، وضرورة استئناف دورة الحياة والتنمية التي أوقفتها المليشيات العميلة للنظام الإيراني.

وجدد رئيس مجلس القيادة، واعضاء المجلس الوفاء بالعهد والوعد في الثبات إلى جانب الشعب اليمني، والسعي لخدمته والمضي نحو السلام العادل والشامل وفقا لمرجعيات الحل المتفق عليها وطنيا وإقليميا ودوليا وتحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية الناجمة عن حرب المليشيات الحوثية المدمرة على مختلف المستويات، بما في ذلك استهدافها للمنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية.

وأكد رئيس مجلس القيادة مواصلة الحكومة جهودها لتأمين الحد الممكن من الخدمات، وانتظام دفع الرواتب آملا أن تسفر جهود الأشقاء والأصدقاء إلى دفع المليشيات لتحكيم صوت العقل والاستجابة للإرادة الشعبية الحرة في اختيار مستقبلها ونظامها القائم على التعدد والعدالة والمواطنة المتساوية.

وتطرق رئيس مجلس القيادة الرئاسي الى الممارسات، والانتهاكات الحوثية الاخيرة بحق الناشطين وموظفي الوكالات الاغاثية، التي تثبت ان الحكومة ماضية على الطريق الصحيح عندما وجهت الدعوة مرارا الى المنظمات الدولية لنقل مقراتها الرئيسية إلى العاصمة المؤقتة عدن، حتى لا تظل رهينة لدى المليشيات، وأجهزتها القمعية.

وقال "ان الوضع المناسب لقادة الرأي والفكر، وموظفي الإغاثة هو التكريم بوصفهم صناع حياة، ورواة حقيقة، وان الردع المناسب لمنتهكي الحقوق والحريات، والمتاجرين بالدين وتسييس أركانه، وشعائره، ومناسكه، هو العزل وعدم إفلاتهم من العقاب، وتجريم أفكارهم الضالة القائمة على الولاية، والإمامة، والسلالية العنصرية المقيتة".

وأكد الرئيس مضي الدولة في انتهاج سياسة " الحزم الاقتصادي " ردا على التجاوزات الخطيرة للمليشيات الحوثية التي تهدد بإغراق البلاد في كارثة إنسانية شاملة بدءا باستهداف موارد الشعب اليمني ورفضها تحييد القطاع المصرفي وصولا إلى ذروة وهمها في امكانية منازعة الدولة سيادتها النقدية من خلال صك عملة مزورة وطرحها للتداول.

وقال الرئيس " أثبت التأييد الشعبي والسياسي العارم لقرارات البنك المركزي صوابية سياسة الحزم الاقتصادي التي توخت تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: أولا التأكيد على المركز القانوني والمالي للدولة اليمنية وثانيا حماية القطاع المصرفي وأموال المودعين من انتهاكات المليشيات الحوثية الإرهابية، ومكافحة غسيل الأموال، وأخيرا إنقاذ الاقتصاد الوطني من خطر العزلة الدولية عقب تصنيف المليشيات الحوثية منظمة إرهابية".

ودعا رئيس مجلس القيادة عموم الشعب اليمني إلى دعم ومساندة هذه القرارات وعدم الالتفات إلى الدعايات المضللة عبر منابر المليشيات التي استأثرت بمقدرات البلاد دون تحمل أي التزامات تجاه المواطنين في المناطق الخاضعة لها بالقوة.

كما ذكر الرئيس بمساعي الحكومة وما قدمته من تنازلات من أجل دفع المليشيات لإنهاء حصارها للمدن وفتح الطرقات وتسهيل انتقال الأفراد والأموال والسلع وأنشطة المنظمات الإنسانية وجعل هذا الملف أولوية ثابتة في كافة الاتفاقات والتفاهمات التي تنصلت عنها المليشيات.

وأضاف أن في كل مرة تذهب فيها المليشيات إلى إعلان فتح الطرقات تبادر الحكومة إلى الترحيب بالخطوة ومحاولة مأسستها ونقلها من سياقها الدعائي غير الأخلاقي إلى مسؤولية اللجان المعنية بالتفاوض والجهات المعنية بالتنفيذ، والفرق الأممية المعنية بالمراقبة.

وأشار رئيس مجلس القيادة إلى أن حرص الدولة على هذا المسار المؤسسي والقانوني، إنما يهدف إلى استدامة تأمين تنقلات المواطنين، الذي يعني بالضرورة إعادة تموضع القوات المتمركزة في خطوط التماس وتطهير الأرض من ألغام وقناصة المليشيات وعدم العودة مطلقا إلى جحيم الحصار الذي سيبقى وصمة عار في الذاكرة الجمعية عن وحشية المليشيات الإمامية.

وقال الرئيس في اشارة الى خطوة الفتح الجزئي لبعض طرق تعز، ان المليشيات "تخطئ حين تعتقد انه يمكنها بهذه الإجراءات الدعائية، أن تغسل جرائمها المشهودة على أبواب تعز، و في كل أرجاء المحافظة الأبية، كما تخطئ حين تعتقد أن مناوراتها هذه يمكن أن تحسّن من صورتها، أو تقدمها كصاحبة سيادة في الداخل بعد أن فشلت في تسويق ذلك للخارج".

فيما يلي ينشر مأرب برس نص الخطاب:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين القائل في محكم كتابه العزيز "وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ "، والقائل سبحانه وتعالى: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً".

والصلاة والسلام على حبيبنا وقدوتنا محمد صلوات الله وسلامه عليه.

أيها الإخوة المواطنون،،

أيتها الأخوات المواطنات،،

أيها الشعب اليمني العظيم في الداخل والخارج،،

يطيب لي في هذه الأيام الجليلة من شهر ذي الحجة الحرام أن أحييكم بأصدق المشاعر والحب والاحترام، وأتوجه إليكم باسمي وإخواني أعضاء مجلس القيادة الرئاسي والحكومة بالتهنئة الخالصة من أعماق قلبي بمناسبة عيد الأضحى المبارك أعاده الله على شعبنا وأمتنا العربية، والإسلامية باليُمن، والأمان، والخير، والبركات.

وأخصّ بالتهنئة ضيوف الرحمن حجاج بيت الله العتيق الذي جعله الله مثابةً للناس وأمناً لأدائهم فريضة الحج، سائلا المولى عز وجل أن يتقبل حجهم، ويعيدهم سالمين غانمين إلى أهاليهم وذويهم.

ولا يفوتني في هذه المناسبة أن أهنئ الأشقاء في المملكة العربية السعودية، بقيادة أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وأبارك لهم نجاح موسم الحج، الذي يعد أكبر مؤتمر عالمي حيث يسخرون له ولخدمة حجاج بيت الله الحرام كل الجهود والإمكانيات ويسهرون على رعاية وتأمين ضيوف الرحمن، وضمان أداء مناسكهم بكل سهولة ويسر.

نسأل الله عز وجل أن يبارك جهودهم، وأن يحفظ بلاد الحرمين، ويديم عليها، وشعوب العالم اجمعين الخير، والامن، والسلام.

كما أهنئ بهذه المناسبة الدينية العظيمة رجال قواتنا المسلحة والأمن، وكافة التشكيلات العسكرية، والمقاومة الشعبية المرابطين في ربوع يمننا الحبيب دفاعا عن امنه واستقراره، ونظامه الجمهوري ومكتسباته الوطنية، وهي تهنئة أيضا الى كل المكونات السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، ورجال الإعلام والفكر والثقافة، وقبل ذلك النساء والرجال المناوبين في أيام وليالي العيد، متمنيًا للجميع أياماً مباركة، ولوطننا الغالي النصر، والامن، والسلام.

أيُّها الإخوة المواطنون،،

أيتها الأخوات المواطنات،،

إن الأعياد هي أيام مباركة ومحطات مهمة نتزود فيها بالطاعات وصالح الأعمال ونستشعر فيها قيم الوحدة والتضامن والأخوة، وها هو يوم عرفة يرمز إلى ذلك الشعور، والجسد الواحد حين وفدت ملايين الحجاج من بقاع شتى إلى مكان محدد، وزمان محدد، وبلباس واحد وشعار التلبية الموحد "لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك".

نتشارك في هذه الأيام مشاعر الحب والسلام وصلة الأرحام، وإنه رغم كل المحن والآلام التي يعانيها شعبنا جراء انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية، إلا أن اليمنيين شعبٌ أصيل محبٌ للحياة يعطف على الفقير واليتيم والمسكين ويرفض العبودية، والخرافة، والطبقية، والسلالية وكل أمراض الجاهلية ويتوق للدولة والقانون والعدالة، والمساواة، ويمضي بإيمان ويقين على قلب رجلٍ واحد لاستعادة مؤسسات دولته، وحماية مكتسباته.

أيتها الأخوات أيها الاخوة في كل مكان،،

إن عيدنا الأكبر، سيكون هو يوم استعادة مؤسساتكم الوطنية، وتحرير أرضنا من مشاريع التخلف، والتطرف والكراهية.. يوم استعادة اليمن السعيد، وطن العزة والكرامة التي تسعى الإمامة الجديدة المبنية على فكرة الولاية، إلى تكبيله بالعبودية لغير الله، والوصاية على الناس، والتفرقة ومزاعم التميّز السلالي، خلافا لقوله تعالى: ( يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ).

لذلك، وجب علينا أن ندرك اليوم بأننا جميعًا أمام مسؤوليات دينية، ووطنية تستوجب أنْ نوحد صفوفنا ونتسامى فوق جراحاتنا، ونعيد لملمة أوصال البلاد التي مزقتها سنوات الانقلاب والحرب، ونستأنف دورة الحياة والتنمية التي أوقفتها المليشيا العميلة للنظام الإيراني، وأعادتنا عقودًا للوراء.

أيها الشعب اليمني العظيم،،

لقد كنا وما زلنا على العهد والوعد في الوقوف إلى جانبكم، والسعي لخدمتكم، والمضي نحو تحقيق السلام العادل والشامل وفق مرجعيات الحل المتفق عليها وطنيا وإقليميا، ودوليا، وتحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية الناجمة عن حرب المليشيا الحوثية، وحماقاتها المدمرة على مختلف المستويات، بما في ذلك استهداف منشآتنا النفطية، وخطوط الملاحة الدولية، بغية تعميق الأزمة، ومفاقمة الأوجاع والآلام.

ورغم ذلك تواصل الحكومة جهودها لتأمين الحد الممكن من الخدمات، وانتظام دفع رواتب الموظفين، على أمل أن تسفر الجهود الشقيقة والصديقة عن دفع المليشيات الى تحكيم صوت العقل، والاستجابة للإرادة الشعبية الحرة في اختيار مستقبلها، ونظامها القائم على التعدد، والعدالة، والمواطنة المتساوية.

لكن بدلا عن ذلك تواصل هذه المليشيات المارقة تغليب مصالح قادتها، وداعميها على مصالح الشعب اليمني، والتنكيل المستمر بقواه المدنية كما تجلى ذلك في أحدث انتهاكاتها، التي طالت عشرات الموظفين العاملين في الوكالات الإنسانية والأممية والنشطاء الحقوقيين، وهو ما يؤكد أننا ماضون على الطريق الصحيح عندما وجهنا الدعوة مرارا للمنظمات الدولية لنقل مقراتها الرئيسية إلى العاصمة المؤقتة عدن، حتى لا تظل رهينة لدى المليشيات، وأجهزتها القمعية.

إن الوضع المناسب لقادة الرأي والفكر، وموظفي الإغاثة هو التكريم بوصفهم صناع حياة، ورواة حقيقة، وإن الردع المناسب لمنتهكي الحقوق والحريات، والمتاجرين بالدين وتسييس أركانه، و شعائره، ومناسكه، هو العزل وعدم إفلاتهم من العقاب، وتجريم أفكارهم الضالة القائمة على الولاية، والإمامة، والسلالية العنصرية المقيتة، وتكفير الآخر، وإقصائه، واستعباده، وإثارة النزعات الطائفية وتحريف قيم الإسلام الحنيف وهدي الرسول صلوات الله وسلامه عليه، والافتئات على شريعة الإسلام، تحت مزاعم ما أنزل الله بها من سلطان، قال تعالى: (وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِٱلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُۥٓۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡكَٰفِرِين).

وقد بلغ بهم الضلال والانحراف حد إطلاق شعاراتهم الطائفية في بيت الله الحرام خلال مناسك الحج في سلوك همجي من شأنه إيذاء ضيوف الرحمن وإقلاق سكينتهم وأمنهم وهو انتهاك صارخ لحرمة الزمان والمكان وجحود لأعراف وتقاليد المجتمع العربي الأصيل، وقبل ذلك كله مخالفة التوجيهات القرآنية التي شددت على وجوب تعظيم شعائر الله في الحج وحذرت من الصد عن سبيل الله والمسجد الحرام، قال الله عز وجل (ِوَمَن يُرِدۡ فِيهِ بِإِلۡحَادِۭ بِظُلۡمٖ نُّذِقۡهُ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ)، وقال تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)

أيها الإخوة والأخوات،،

لقد قررنا عبر كافة مؤسسات الدولة انتهاج سياسة "الحزم الاقتصادي"، وذلك ردا على التجاوزات الخطيرة للمليشيات الحوثية التي تهدد بإغراق البلاد في كارثة إنسانية شاملة، بدايةً باستهدافها الإرهابي لموارد الشعب اليمني، ورفضها المتعنت لتحييد القطاع المصرفي، وصولا الى ذروة وهمها بإمكانية منازعة الدولة سيادتها النقدية من خلال صكّ عملة مزورة وطرحها للتداول.

لقد أثبت التأييد الشعبي والسياسي العارم لقرارات البنك المركزي، صوابية سياسة "الحزم الاقتصادي"، التي توخت تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: أولا التأكيد على المركز القانوني والمالي للدولة اليمنية. وثانيا حماية القطاع المصرفي، وأموال المودعين من انتهاكات المليشيات الإرهابية، ومكافحة غسل الأموال.

وأخيرا إنقاذ الاقتصاد الوطني من خطر العزلة الدولية عقب قرار تصنيف المليشيات الحوثية منظمة إرهابية، الذي قد تطال تداعياته السلبية القطاع المالي اليمني برمته، ما استدعى التحرك الصارم للتمييز بين النظام النقدي القانوني الذي يديره البنك المركزي، وبين اقتصاد الحرب، والإرهاب الذي تتغذي عليه المليشيات.

وعليه فإنني أدعو عموم الشعب اليمني إلى دعم ومساندة هذه القرارات والعمل بموجبها وعدم الالتفات للدعايات المضللة عبر منابر المليشيات التي استأثرت بمقدرات البلاد دون تحمل أي التزامات تجاه مواطنينا في المناطق الخاضعة لها بالقوة الغاشمة.

أيتها الأخوات أيها الإخوة،،

لطالما اعتبرت قيادة الدولة، أن قطع الطرقات، وحصار المدن، هي أحد أسوأ كوارث الحرب التي أشعلتها المليشيات الحوثية الإرهابية، التي تعاملت مع هذه المظلمة كورقة ضغط، وابتزاز للحصول على مكاسب سياسية.

وفي مسعىً لإنهاء معاناة الملايين، قدمت الحكومة الكثير من التنازلات من أجل دفع المليشيات على انهاء حصارها للمدن، وفتح الطرقات، وتسهيل انتقال الأفراد، والأموال، والسلع، وأنشطة المنظمات الإنسانية، وجعل هذا الملف أولوية ثابتة في كافة الاتفاقات والتفاهمات التي تنصلت عنها المليشيات.

وفي كل مرة تذهب فيها المليشيات إلى إعلان فتح الطرقات، تبادر الحكومة الى الترحيب بالخطوة، ومحاولة مأسستها، ونقلها من سياقها الدعائي غير الأخلاقي، الى مسؤولية اللجان المعنية بالتفاوض، والجهات المعنية بالتنفيذ، والفرق الأممية المعنية بالمراقبة.

إن حرص الدولة على هذا المسار المؤسسي والقانوني، إنما يهدف إلى استدامة تأمين تنقلات المواطنين، الذي يعني بالضرورة إعادةَ تموضعِ القوات المتمركزةِ في خطوطِ التماس، وتطهير الأراضي من ألغام وقناصة المليشيات، وعدم العودة مطلقا الى جحيم الحصار الذي سيبقى وصمة عار في الذاكرة الجمعية عن وحشية المليشيات الإمامية العميلة للنظام الإيراني.

وتخطئ المليشيات الحوثية أنها بهذه الإجراءات الدعائية، خصوصا في ملفي الطرق، والمحتجزين، يمكنها أن تغسل جرائمها المشهودة على أبواب تعز، وفي كل أرجاء المحافظة الأبية، كما تخطئ حين تعتقد أن مناوراتها هذه يمكن أن تحسّن من صورتها، أو تقدمها كصاحبة سيادة في الداخل بعد أن فشلت في تسويق ذلك للخارج.

أيها الشعب اليمني العظيم،،

يأتي هذا العيد المبارك في وقت تستمر فيه آلة الحرب الإسرائيلية في التنكيل بأبناء شعبنا الفلسطيني المقاوم الذي يضرب كل يوم دروسا خالدة في الصبر، والتمسك المستميت بالأرض وحقه في الحرية، والعيش الكريم.

وإننا نؤكد التزامنا المطلق بموقف بلدنا التاريخي الثابت إلى جانب الشعب الفلسطيني العظيم، ودعمه ومساندة قضيته العادلة، وتطلعاته في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة.

الرحمة والخلود للشهداء

الشفاء للجرحى

الحرية للأسرى

وكل عام وأنتم بخير

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: الملیشیات الحوثیة رئیس مجلس القیادة القطاع المصرفی دفع الملیشیات الشعب الیمنی فی الداخل

إقرأ أيضاً:

حينما تصبح الهوية قيدًا .. تأملات في نسب شجرة الغول لعبد الله بولا

إبراهيم برسي
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٤

إن الكتابة عن بولا أو عن كتابات بولا نفسها تحتاج إلى جُرأة وشجاعة، وقد ترددت كثيرًا في دخول مثل هذه المقامرة. و تذكرت مقولة الفيلسوف الماركسي أنطونيو غرامشي عن حتمية انتهاء القديم وصعوبة ولادة الجديد: “تتجلى الأزمة تحديدًا في أن القديم آيل إلى الزوال، بينما لا يستطيع الجديد أن يولد.”
هذه المقولة تتناغم مع تأملات نص بولا، حيث نتعامل مع صراع جاد حول الهوية، التاريخ، والوجود.

“نسب شجرة الغول” هو نص لا يُقرأ، بل يُستشعر. كمن ينظر إلى مرآة غامضة تعكس ظلال الروح السودانية، حيث تتداخل الذكريات بالجروح، وتتمزق الهوية بين زوايا الماضي والحاضر.
عبد الله بولا لا يكتب هنا عن أزمة سياسية أو اجتماعية فحسب، بل يتجاوز ذلك ليغوص في صميم الصراع الإنساني: صراع الإنسان مع ذاته، مع الآخر، ومع المعنى الذي يصنعه أو يُفرض عليه.

الغول، الذي يتكرر ذكره في النص، ليس وحشاً أسطورياً من خيال جمعي، بل هو استعارة حية، مرنة، تأخذ شكلاً جديداً في كل مرة تُستدعى فيها.
الغول هو الهيمنة التي تختبئ وراء الأقنعة، حين تُحوّل التنوع إلى شتات، وحين تجعل من الجسد الواحد عدواً لنفسه. لكنه أيضاً الموروث الذي لم يختره أحد، الإرث الذي يُفرض علينا دون أن نستطيع التمرد عليه تماماً، تماماً كالأحلام التي تستدرج اللاوعي لتُفصح عما لا يُقال.

النص يتحدث عن السودان، لكن السودان هنا ليس مجرد بلد، بل هو صورة مصغرة للإنسانية في صراعها الأبدي مع الاختلاف. التنوع الثقافي الذي كان يمكن أن يكون ثروةً، تحوّل بفعل سياسات الهوية المهيمنة إلى عبء يثقل كاهل البلاد. ليس هذا صراعاً بين الهامش والمركز فقط؛ إنه صراع بين الأصوات التي تريد أن تتنفس، وبين سلطة تصر على أن تُعيد تشكيل كل ما حولها وفق صورتها الخاصة.

لغة عبد الله بولا تلتف حول القارئ كنسيم خفيف يخفي وراءه عاصفة. اللغة هنا ليست حيادية؛ إنها السلاح، الساحة، والجائزة.
اللغة العربية، بتغلغلها في المؤسسات التعليمية والإدارية، أصبحت كما يبدو في النص “اللغة السيدة”، بينما صارت اللغات الأخرى أصواتاً باهتة، مقيدة بالسياقات الخاصة، محرومة من الحضور الرسمي. لكن، كما أن الحلم يُظهر المكبوت، فإن النص يكشف عن مقاومة خفية، عن تلك الهويات التي لم تمت، بل تنتظر لحظة استعادة صوتها.

التاريخ في “نسب شجرة الغول” ليس سلسلة أحداث متتالية؛ إنه كيان حي يتنفس في كل زاوية من النص. يكتب عبد الله بولا عن الماضي لا ليفسره، بل ليحاكمه، ليعيد سؤاله عما فُعل باسمه.
الهوية السودانية، كما تبدو في النص، ليست حقيقة ثابتة، بل مشروعاً قيد التفاوض، مشروعاً حاولت الهيمنة أن تحسمه لصالح سردية واحدة، لكنها لم تفلح سوى في ترك جراح أعمق.

وهناك المثقفون. أولئك الذين كان يُفترض أن يكونوا حراس الوعي، لكنهم، كما يصوّرهم النص، وقعوا في فخ إعادة إنتاج الهيمنة.
في لحظات عديدة، يبدو النص كأنه حوار داخلي، حيث يتساءل الكاتب: كيف يمكن لمن يفكر أن يكون أداة في يد من يقمع التفكير؟
المثقف هنا ليس مجرد فرد، بل رمز لصراع أوسع: بين الفكر المستقل والسلطة التي تحاول أن تروضه.

ثم يأتي التحليل النفسي للهوية. في النص، الهوية ليست شيئاً نملكه، بل شيئاً يُفرض علينا. الهوية العربسلامية، كما يصورها النص، ليست مجرد اختيار، بل سلطة تحاول أن تُقصي كل ما لا يتماشى معها. إنها أشبه بظل طويل يخفي تحته التنوع، لكنه لا يستطيع محوه تماماً.
هذا الصراع بين المركز والهامش، بين اللغة السيدة واللغات المكبوتة، بين الماضي الذي يُعاد إنتاجه والحاضر الذي يبحث عن مخرج، هو ما يمنح النص قوته الفلسفية العميقة.

لكن النص ليس اتهاماً فارغاً؛ إنه أيضاً دعوة للتأمل. عبد الله بولا لا يقدم حلولاً جاهزة، لكنه يفتح نافذة على احتمالات جديدة. يدعو إلى القبول، ليس بمعنى الخضوع، بل بمعنى المصالحة مع الذات المتعددة، مع السودان كما هو، لا كما تريده السلطة أن يكون. النص يدعو القارئ إلى التوقف عن البحث عن إجابات سهلة، وإلى مواجهة التعقيد بجرأة.

“نسب شجرة الغول” هو نص يرقص على حافة الكلمة، يحفر في عمق المعنى، ويترك القارئ مسكوناً بأسئلة لا تنتهي. إنه كمن يسير على حبل مشدود بين الحلم واليقظة، بين الواقع والممكن، بين الذاكرة والنسيان. وفي النهاية، ربما لا يكون الغول إلا نحن، حين ننسى، حين نتجاهل، وحين نستسلم للهيمنة بدلاً من أن نقاومها.

zoolsaay@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • ثبات “الموقف اليمني” يفشل مخططات “عزل غزة”
  • حب الخير للآخرين.. طريق الإيمان الكامل
  • البيئة: دمج البحث العلمي في مواجهة آثار تغير المناخ خطوة هامة لصحة الأجيال القادمة
  • رجاء في بريد اللجان الموقرة التي تعمل على موضوع تغيير العُملة
  • حينما تصبح الهوية قيدًا .. تأملات في نسب شجرة الغول لعبد الله بولا
  • بعد فشل “حيتس” في اعتراض الصاروخ اليمني.. الحوثي يوجه رسالة هامة للعدو الإسرائيلي ويؤكد هذا الأمر
  • أول رد إسرائيلي على الصاروخ اليمني الذي سقط في تل أبيب
  • نيفين شحاتة: مبادرات الرئيس هامة لتعزيز الاستثمار في الشباب
  • محتجون يغلقون طريق “درديب” شرقي السودان وتكدس مئات الركاب والشاحنات
  • قائد الثورة يدعو الشعب اليمني للخروج المليوني لإعلان التحدي للعدو الإسرائيلي ونصرة للشعب الفلسطيني