عبر الخبير الإسرائيلي في الشأن الصيني يوفال وينريب عن صدمته من الاتساع الكبير في ما وصفها بموجة معاداة السامية على وسائل التواصل الاجتماعي في الصين بعد هجوم السابع من أكتوبر، وتحدث عن عدد من الأمثلة على الإدانات الشعبية التي وجهت لإسرائيل.

وقال في مقابلة أجرتها معه الكاتبة في صحيفة هآرتس الإسرائيلية إيليت شآني، إن "الردود بوسائل التواصل الاجتماعي الصينية على مذبحة حماس في الواقع بمثابة موجة من معاداة السامية.

ليست معاداة إسرائيل، بل معاداة السامية"، وقام بالتدليل على ذلك بأن السفارة الإسرائيلية في بكين قامت بتحميل محتوى عن الحرب، ولكن المفاجأة كانت أن الردود تضمنت دعما لهتلر.

تحولات عميقة

وشرح ما يتعلق بالتحول العميق في نظرة الصينيين للإسرائيليين، فقبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، "كانت الصين واحدة من أكثر الأماكن أمانا لقول إنك إسرائيلي، يهودي، كان الرد على كل إسرائيلي يتحدث الصينية وأوضح أنه من إسرائيل دائمًا، "واو، أنت يهودي، أنت الأذكى في العالم" وهذا شيء يتعلمه الصينيون منذ الطفولة. يعتقدون أن لدينا نوعًا من القوة العظمى، وهناك كتب تعلم الناس مدى ذكاء اليهود". ويسمي الكاتب هذا النوع من التعامل بـ"معاداة السامية الإيجابية".

وأضاف أما "الآن، فلا أعرف ما إذا كانت الحكومة قد شجعت هذا الأمر بمبادرة منها، أو غضت الطرف، وهو ما يعني في الصين التفويض، ولكن الحاصل بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، -وفق قول الكاتب- أن معاداة السامية "الإيجابية" أصبحت معاداة سلبية، وعلى أكثر المستويات التي يمكن تخيلها إثارة للصدمة حسب قوله.

يورد الكاتب في هذا الصدد بعض التعليقات من قبيل: "إذا كان هناك 8 ملايين يهودي في إسرائيل، فيمكننا أن نفتح مصنعا كبيرا للصابون هناك!"، وهناك تعليقات أخرى من قبيل أن "اليهود يسيطرون على العالم من خلال الولايات المتحدة"، "إنهم يضطهدون سكان غزة بسبب الولايات المتحدة".

وفي دليل آخر على التحول، أورد الخبير الإسرائيلي مثالا لنشر بعض الصينيين صورة لبعض الأحياء على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر مكانا فائق التطور، به ناطحات سحاب، مقابل حي تم قصفه في غزة كتبت عليه جملة "المسلمون في الصين مقابل المسلمين في إسرائيل أو غزة".

ليست صينية

وتوقف الخبير الإسرائيلي، عند تعامل الصينيين مع حادثتين، الأولى تتعلق بالأسيرة الإسرائيلية نوعاه أرغماني التي نجحت قوات الاحتلال في استعادتها في 8 يونيو/حزيران من مخيم النصيرات، والتي قال إنها نصف صينية، مؤكدا أن "الخطاب عبر الإنترنت في الصين كان هو التنصل من خلفيتها وإنكارها".

وأضاف "لقد دفعني ذلك إلى الجنون، لأنني اعتقدت في البداية أن هذه ستكون ورقة قوية لإسرائيل، لكنني اكتشفت بسرعة كبيرة أنها لم تكن مجرد ورقة من أي نوع، بل إنهم حولوها ضدنا، ووصفوا محاولاتنا بأنها مساع من جانبنا للانخراط في سلوك تلاعبي واستفزازي، وزعموا أنها ليست صينية على الإطلاق. صحيح أن والدتها صينية، لكنها هي نفسها لا تحمل الجنسية الصينية، إنها مواطنة إسرائيلية".

أما الحادثة الثانية، فكانت تعرض موظف بالسفارة الإسرائيلية للطعن في بكين بعد أيام قليلة من 7 أكتوبر/تشرين الأول، حيث قال "بالكاد تم الإبلاغ عن الحدث، لقد صدمتني معاداة السامية على وسائل التواصل الاجتماعي تمامًا، على الرغم من أنني كنت على دراية جيدة، لم يتغيروا منذ الخمسينيات. وكانت الصين من أوائل الدول التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية، وقد دعمت دائما فلسطين في كل فرصة وفي كل مؤسسة دولية".

حظر "الظل"

وعند سؤاله عن تجربته مع سيطرة الحكومة الصينية على وسائل الإعلام مثل تطبيق "دوين"، النسخة الصينية من "تيك توك"، وتطبيق ويبو Weibo الشبيه الصيني لمنصة X، قال وينريب إن الحكومة لديها ووسائل رقابة صارمة على المحتوى، ولذلك لا يمكن نشر المحتوى التضامني مع الفلسطينيين بدون إذنها.

وأورد لذلك مثالا لما تعرض له من تضييق بسبب محاولاته نشر فيديوهات عن المحتجزين الإسرائيليين في غزة، قائلا "وصلتني رسالة مفادها أن ذلك يتعارض مع "قيم المجتمع"، لأنه يمنع إظهار الدم على المنصة. وبالمناسبة، يوجد بالفعل مثل هذا القانون، لكنني لم ألاحظ أن هناك مشكلة في إظهار دماء الغزيين هناك. حاولت تحميل محتوى يوضح أن حماس منظمة إرهابية، واتضح أن هذا لا يتوافق مع "قيم المجتمع" أيضا. لكن المحتوى لا يتم حظره دائما، فمعظم ما عايشته بعد 7 أكتوبر يُعرف باسم "حظر الظل"، ومؤداه أنك تقوم بتحميل المحتوى، ولكنه لا يحصل على أي عرض، هذا كل شيء".

وأكد الخبير أن المقاربة الصينية للصراع في المنطقة هي التي تقود تعاملها مع وسائل التواصل فيما يخص المحتوى الفلسطيني والإسرائيلي، حيث تريد بكين "القضاء على الهيمنة الأميركية على العالم وإنشاء نظام عالمي جديد، ويرون أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يمنحهم الكثير من الشعبية، دون المخاطرة بأي شيء. فالشارع الإسلامي والعربي مع الصين، والدول الأخرى في الجنوب العالمي، التي تزعم الصين أنها تقودها، تتماثل معها".

تأثير هائل

ولتأكيد التأثير الكبير لوسائل التواصل في الصين، وحجم المشاهدات التي يحصل عليها المحتوى المعادي لإسرائيل، فقد أورد مثالا لمؤثر معروف على وسائل التواصل كان يبيع مستحضرات التجميل في أحد المتاجر، حيث "أحدث ضجة كبيرة على منصة دوين، عندما تمكن بنفسه في يوم العزاب الصيني، من بيع منتجات تجميل بقيمة 2.5 مليار دولار مباشرة في أقل من 24 ساعة"، مشيرا إلى أنه "حصل على 300 مليون مشاهدة خلال ذلك! وهو ما يزيد عن مشاهدات أي حدث رياضي دولي، ربما باستثناء كأس العالم لكرة القدم".

ورغم أن الباحث الإسرائيلي انتقد وضع الحريات في الصين والتضييق على وسائل التواصل، فإنه دعا الحكومة الإسرائيلية للاستفادة من تلك التجربة، قائلا إن كون "الحكومة الصينية تفعل أشياء سيئة في 1001 منطقة لا يعني أنها غير محقة أو لا تفعل الشيء الصحيح في أشياء أخرى، هناك أيضا الكثير الذي يمكن تعلمه من الصينيين. ليس عن طريق النسخ واللصق، ولكن بمعرفة ما هو صحيح وما هو مناسب".

وأضاف "إذا كان هناك شيء يمكن أن نتعلمه من الصينيين، فهو في النهاية أن تيك توك ودوين معروفان بحقيقة أن الخوارزمية الخاصة بهما قادرة على ضبط المحتوى للمستخدم في الوقت الفعلي. لقد أدرك الصينيون أن المستخدمين قد يتغيرون بسبب المحتوى الذي يتلقونه".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وسائل التواصل الاجتماعی على وسائل التواصل معاداة السامیة فی الصین

إقرأ أيضاً:

وسائل التواصل الاجتماعي.. بصمة كربونية تتضخم بالتراكم

يقدر إجمالي الانبعاثات الناتجة عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والأنشطة الرقمية عموما ما بين 2% و4% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية، وفقًا لتقرير الوكالة الدولية للطاقة "آي إي إيه" (IEA)، لكن تحديد الرقم الدقيق معقد بسبب اختلاف طبيعة الاستخدام وكفاءة البنية التحتية.

عمليا، كل كبسة زر على الهاتف أو تنزيل لصورة أو إرسال رسالة أو مشاركة صورة أو فيديو تفرز بصمة كربونية، ويكون لها تأثير على الانبعاثات الكربونية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كوارث بيئية لا تنسى.. "العامل البرتقالي" الأميركي بفيتنامlist 2 of 2منحة دولية لحركة طالبان من أجل مكافحة تغير المناخend of list

ويقدر عدد مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي في العالم حتى أكتوبر/تشرين الأول 2023 بنحو 4.8 مليارات شخص، أي ما يعادل 60% من سكان العالم، وتشهد هذه الأرقام نموا مطردا.

وبشكل عام يقدر إجمالي انبعاثات القطاع الرقمي بـ1.6 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، مما يعد أكثر من انبعاثات بلد صناعي مثل اليابان، على سبيل المثال.

وبالمقارنة بقطاعات أخرى، يسهم قطاع الطيران العالمي بنسبة تتراوح بين 2% و5% من الانبعاثات العالمية. وتبلغ البصمة الكربونية السنوية لمستخدم وسائل التواصل المتوسط (بمعدل ساعة يوميًا) نحو 50 كيلوغراما من ثاني أكسيد الكربون، مما يعادل قيادة سيارة لمسافة 250 كيلومترا.

وعلى سبيل المثال، فإن إرسال رسالة نصية دون مرفقات على واتساب يفرز 0.014 غرام من ثاني أكسيد الكربون، ويفرز تصفح فيسبوك لمدة ساعة 0.8 غرام من ثاني أكسيد الكربون، إذا شمل الخوادم والشبكات والأجهزة. ويسهم بث فيديو مباشر لمدة ساعة في انبعاثات تقدر بنحو 40 غراما من ثاني أكسيد الكربون نظرا للبيانات العالية والطاقة المستهلكة.

إعلان

وتؤدي مشاهدة فيديو على تيك توك لمدة 10 دقائق إلى انبعاثات تتراوح 2 و5 غرامات من ثاني أكسيد الكربون، وتزداد الانبعاثات مع جودة الفيديو، إذ إن تقنية "أتش دي" تؤدي إلى انبعاثات أكبر.

وتبدو انبعاثات استخدام وسائل التواصل للفرد الواحد قليلة نسبيا، لكن تأثيرها التراكمي يكون ضخما بسبب مليارات المستخدمين. ومع تزايد الاعتماد على المحتوى المرئي (مثل الفيديوهات القصيرة)، قد ترتفع هذه النسبة إذا لم يحصل تحول جذري نحو الطاقة النظيفة وتحسين الكفاءة.

ومع ذلك لا تحسب الانبعاثات على الهواتف المحمولة فقط، بل إنها تشمل بالأساس مراكز البيانات (Data Centers) حيث تستهلك مراكز تخزين ومعالجة بيانات المنصات (مثل فيسبوك وإنستغرام وتيك توك) كميات هائلة من الكهرباء لتشغيل الخوادم وأنظمة التبريد.

وينتج تشغيل خادم واحد لمدة عام نصف طن من ثاني أكسيد الكربون حسب كفاءة الطاقة ومصدرها. وحسب إحصاءات عام 2022، استهلكت مراكز بيانات العالم أكثر من 270 تيراواط ساعة من الكهرباء، وما يزيد قليلا عن 1% من الاستهلاك العالمي من الكهرباء.

أما شبكات نقل البيانات (Networks) التي تنقل البيانات بين المستخدمين والخوادم عبر كابلات الألياف البصرية وأبراج الاتصالات، فهي تستهلك طاقة إضافية، وكل غيغابايت من البيانات المنقولة يُنتج 0.006 كيلوغرام من ثاني أكسيد الكربون، وفقا لدراسة صدرت أواخر عام 2021.

كما أن تصنيع الأجهزة الإلكترونية واستخدامها يسهم بنحو 70% من البصمة الكربونية للقطاع الرقمي، حسب تقرير الجمعية الملكية البريطانية لعام 2020.

ويتأثر إجمالي البصمة الكربونية بمدى كفاءة التكنولوجيا المستخدمة، إذ إن الخوادم الأحدث تستهلك طاقة أقل بنسبة 80% مقارنة بتلك القديمة، كما أن اعتماد المنصات على طاقة متجددة (مثل مراكز بيانات غوغل التي تعمل بـ60% طاقة نظيفة) تخفض الانبعاثات بشكل كبير.

إعلان

ويبقى الأهم هو سلوك مستخدم وسائل التواصل والوقت الذي يقضيه في التصفح والخيارات التي يفضلها، فعلى سبيل المثال يستهلك بث فيديو بدقة "فور كي" (4k) طاقة أكثر بمعدل يتراوح بين 4 و10 مرات من فيديو بدقة "بي 480" (480P).

وتتطلب جهود التخفيف من البصمة الكربونية من المنصات الكبرى العمل على تقليص الانبعاثات، ولذلك تهدف شركة ميتا (فيسبوك) إلى الوصول للحياد الكربوني بحلول 2030، كما تعمل يوتيوب على استخدام خوارزميات جديدة لتحسين ضغط الفيديو وتقليل الطاقة.

أما بالنسبة للمتصفحين المستخدمين، فيتطلب تخفيض البصمة الكربونية تقليص أوقات التصفح والوقت المقضي على وسائل التواصل، وتقليل بث الفيديو العالي الدقة وإيقاف "التشغيل التلقائي" للمحتوى. وحذف المحتويات القديمة وتعطيل التحديثات التلقائية والإشعارات غير الضرورية. كما يفضل اختيار المنصات الخضراء ودعم الشراكات الصديقة للبيئة.

مقالات مشابهة

  • سمعة عُمان خط أحمر
  • وسائل التواصل الاجتماعي.. بصمة كربونية تتضخم بالتراكم
  • خبير إسرائيلي: الشرع مستعد للتعاون مع إسرائيل بشرط واحد
  • «وسائل التواصل الاجتماعي وأثرها على الفرد والمجتمع».. ندوة توعوية بشبراخيت في البحيرة
  • تحولات فلكية في رمضان تؤثر على 7 أبراج.. تحديات وتأجيلات في الأفق
  • الصين تضع لوائح تنظم المحتوى المُنشَأ بالذكاء الاصطناعي
  • عنصرية وتحريض.. تقرير: عنف إسرائيلي رقمي خطير ضد الفلسطينيين
  • ما هي «التيارات النفاثة» التي تسبب ارتفاع درجات الحرارة في الشتاء؟ خبير مناخ يجيب «فيديو»
  • تحدّث عن حزب الله.. خبيرٌ إسرائيلي يكشف مصير التطبيع
  • خبير تشريعات اقتصادية: أمريكا تدعم الإرهاب في البحر الأحمر حتى تقطع طريق التجارة الصينية