بنغلاديش أكبر مصدريها.. ألياف الجوت الذهبية تعود للأسواق العالمية
تاريخ النشر: 15th, June 2024 GMT
داكا- دول عربية وآسيوية وأفريقية كثيرة لا تعرف ما هو "الجوت"، رغم أنه ثاني أكبر محصول ألياف في العالم من حيث الزراعة والاستخدام بعد القطن، أو أنهم يستخدمون بعض منتجاته لكنهم لا يدركون أنها مصنعة من ألياف الجوت.
في المقابل، بدأ آخرون خلال السنوات الأخيرة في دول أوروبية وآسيوية يتعرفون على نبات ومنتجات الجوت، ضمن الاتجاه الأوسع للعودة إلى الطبيعة والابتعاد عن المواد الكيميائية وملوثات البيئة كالبلاستيك والأصباغ الصناعية وغير ذلك.
والجوت نبات ينمو في المناطق شبه الاستوائية، وهو من أكثر الألياف الطبيعية من حيث الوفرة الإنتاجية وكثرة الاستخدام بعد القطن، ويزرع للحصول على أليافه الموصوفة بـ"الألياف الذهبية"، لقيمتها السوقية أو النقدية العالية وكذلك لما تمتاز به من لمعان ونعومة لولا أنها تفقد ذلك اللمعان مع تخزينها.
وتغزل ألياف الجوت لتصبح حبالا وخيوطا خشنة وقوية، ويصنع منها حقائب وأحذية وأكياس وسجاد، وألواح وفواصل خشبية لأثاث المكاتب والمنازل وهذا ما يفاجئ كثيرين.
ويمر "الجوت" بمراحل كثيرة قبل أن يصبح صالحا للاستخدام، بينها:
فصل الأعواد عن الأوراق وتقطيعها وغسلها. طمرها بالطين أو الطمي. تحويلها لألياف يمكن استخدامها. مصنوعات الجوت تلقى رواجا كبيرا (الجزيرة)ورصد مراسل الجزيرة نت في العاصمة البنغالية داكا، خلال جولة، أحد المعارض الموسمية للجوت، حيث تباع المئات من المنتجات المصنعة من هذه النبتة التي تصدرها بنغلاديش إلى نحو 135 دولة، ويبلغ إنتاج بنغلاديش 1.6 مليون طن سنويا، وفق أرقام منظمة الأغذية والزراعة الأممية (فاو) لعام 2019.
وتتجاوز قيمة صادرات الجوت مليار دولار سنويا، وهي بذلك ثاني أكبر بلد منتج له في العالم بعد الهند التي تنتج 55% من الإنتاج العالمي للجوت، وتأتي بعدهما الصين، لكن بفارق كبير.
صحوة إنتاجيةوكانت بنغلاديش بين عامي 1947-1948 تستحوذ على نحو 80% من سوق تصدير الجوت عالميا، لكن تلك النسبة تراجعت إلى نحو 25% أواسط السبعينيات بعد أن لحقت دول آسيوية كثيرة بركب زراعة هذا النبات ومنها الهند والصين وميانمار ونيبال وتايوان وفيتنام وكمبوديا، لكن مزارعي ومصنعي بنغلاديش عادوا ليتقدموا في السنوات الأخيرة، إذ ينتجون اليوم نحو 42% من الإنتاج العالمي لها.
وبحسب مجلة "آي دي إل سي" البنغالية، ينتج العالم نحو 3.9 ملايين طن متري من الجوت وأليافه وكانت نسبة نمو الإنتاج 1.8% في الفترة ما بين 2007-2018.
وتنتج الهند من هذه الكمية 2.1 مليون طن متري، ثم تأتي بنغلاديش بإنتاج 1.6 مليون طن متري.
ويعد الجوت من أقدم قطاعات الصناعة الزراعية في البلاد، ومع أن بنغلاديش هي الثانية في إنتاج الجوت، لكنها فعليا الأولى في تصدير أليافه ومنتجاته، إذ تصدر نحو 285 نوعا منها، وتسهم ألياف ومنتجات الجوت بنحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي لبنغلاديش و3% من صادرات البلاد.
وتشير مصادر عديدة إلى أن الجوت البنغالي هو الأفضل عالميا بلا منازع من حيث جودته.
وقدّرت شبكة "تيكستايل توداي" المعلوماتية في سبتمبر/أيلول العام الماضي، حجم سوق حقائب الجوت وحدها –بعيدا عن غيرها من المنتجات- بنحو 4 مليارات دولار عالميا خلال السنوات الثلاث المقبلة، مقارنة بنحو 2.3 مليار دولار قبل 3 أعوام.
ويوجد نحو 245 معملا لإنتاج ألياف الجوت في بنغلاديش، معظمها من القطاع الخاص، ونحو 700 ورشة أو معمل لإنتاج منتجات الجوت، بل إن الشعار الوطني لبنغلاديش وكذلك شعار مصرفها المركزي يحمل أوراقا لنبتة الجوت، التي يعمل في حقول زراعتها ومجالات إنتاجها أكثر من 300 ألف بنغالي.
وعي بأهمية الجوتوتقول سيما بوس أديرا، مديرة التسويق في مركز تنمية إنتاج الجوت في بنغلاديش التابعة لوزارة الغزل والنسيج والجوت البنغالية لـ "الجزيرة نت" إن السنوات الماضية شهدت زيادة في استهلاك الجوت، وخاصة خلال جائحة (كوفيد-19)، إذ بدأ كثيرون يبحثون عن الجوت كبديل بيئي لاستخدامات كثيرة يومية، بعد فترة تراجع في السنوات السابقة للجائحة، شهدت خلالها اندفاع العالم نحو ثقافة استخدام البلاستيك.
وتضيف أنه من الناحية التسويقية والنفسية، فإن الرغبة في استخدام منتجات الجوت لا يمكن تجريدها من الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة، وترسيخ السلوك الاستهلاكي الصديق للبيئة، خاصة أن نوع الجوت البنغالي هو الأفضل، المعروف بجوت (التوشا)، فأليافه المزروعة في بنغلاديش ولعوامل مرتبطة بالتربة والمياه والمناخ تعد الأفضل عالميا.
وتستحوذ بنغلاديش على نحو 70% من إنتاج هذا الصنف، وأحيانا يتم خلط الجوت مع القطن أو الساري أو مع قماش الجامداني التقليدي البنغلاديشي المنسوج من الحرير الموصلي في خياطة ملابس تقليدية.
يأتي هذا في ظل بحث كثيرين عن بدائل للاستغناء عن المنتجات الكيميائية والبلاستيكية، خاصة أن ثمة دولا أو مدنا بدأت تحظر استخدام الأكياس البلاستيكية في المحال التجارية، كما تقول سيما.
وتشير أديرا إلى زيادة استهلاك بعض الأسواق للجوت، حتى صارت ظاهرة اجتماعية اقتصادية في أوساط كثير من سكان بعض المناطق.
ومع اتضاح خطر البلاستيك واستخداماته في الحياة اليومية صناعيا ومنزليا وتجاريا يصبح استخدام أكياس وحقائب ومنتجات مصنوعة من الجوت خيارا بيئيا بامتياز، حتى إن زراعته لا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه فهو أسهل زراعة من محاصيل أخرى عديدة.
وتقول كنز سلطانة صانعة لمنتجات الجوت لـ"الجزيرة نت" خلال مشاركتها مع قريبات وزميلات لها في معرض لمنتجات هذا النبات في دكا لعرض منتجاتهن إن السنوات القليلة الماضية شهدت إقبالًا من شرائح مختلفة حول العالم تدرك القيمة البيئية لاستخدام الجوت في السنوات الماضية خاصة أنه يستخدم كل ما الألوان الطبيعية، لكن صغار المنتجين بحاجة إلى دعم أكبر لتعزيز إنتاجهم.
لكن المشهد لا يخلو من مصاعب وتحديات كما تقول سيما، فبنغلاديش تواجه تحديات أبرزها مواجهة المنافسة في التسعير والإنتاج والتصميم مع الهند الأكثر إنتاجا وكذلك الصين رغم قلة إنتاجها، وتحتاج بنغلاديش إلى تحسين مهارات العاملين في إنتاج الجوت وكذلك تقنيات التصنيع والإنتاج، لتكون قادرة على توفير أسعار تنافسية وأفضل.
الجوت والحروب
وارتبطت زيادة الطلب على منتجات الجوت من مناطق البنغال نهاية القرن الـ19 وبداية القرن الـ20 بحروب وأحداث دولية، منها الحرب الأهلية الأميركية بين عامي 1861 و1865، وكذلك حرب القرم بين عامي 1853 و1856، لكن الحروب قد تؤثر سلبا على الاقتصاد فالحرب الروسية القائمة في روسيا والحرب الدائرة في السودان على سبيل المثال أضعفت تصدير الجوت إلى تلك المناطق المتوترة.
وكان إنتاج السكر -من قبل شركة الهند الشرقية الهولندية (الشركة المناظرة لشركة الهند الشرقية البريطانية) في جزيرة جاوا الإندونيسية- يتطلب تعبئته في جوالات أو أكياس من الجوت وكانت تطلب من البنغال.
ومع نهاية القرن الـ19 كانت مدينة كلكتا، وهي كبرى مدن إقليم البنغال الغربي اليوم في الهند حيث يقطن بنغال الهند، المركز التجاري الذي منه تنطلق شحنات تصدير الجوت نحو العالم بما فيها أستراليا والولايات المتحدة ونيوزلندا وجنوب شرق آسيا، ومع حلول عام 1882 كان هناك أكثر من 10 آلاف عامل يعملون في معامل الجوت، مما يتم حصاده من مناطق هي اليوم ضمن حدود بنغلاديش وولاية غرب البنغال اليوم في الهند، وكان كثير من هذه المعامل ملكا لأجانب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
جولدمان ساكس: مصر ضمن أكبر اقتصادات العالم بحلول عام 2075
رصد تقرير اقتصادي عددا قليلا من الدول الإفريقية، من بينها مصر، توقع أن تصبح من بين أكبر اقتصادات العالم بحلول عام 2075.
وذكر تقرير جولدمان ساكس الأمريكي الذي نقلته منصة “بيزنس أفريكا” اليوم الاثنين، أن الاقتصاد المصري ضمن هذه الاقتصادات المؤهلة، مؤكدا أن الاقتصاد المصري يعد أحد أكثر الاقتصادات تنوعا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حسبما ورد في وكالة أنباء الشرق الأوسط “أ ش أ”.
وأضاف التقرير، تسهم قطاعات مثل السياحة والزراعة والتصنيع والخدمات بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي لمصر، مضيفا أن الاقتصاد المصري يملك القدرة على مواجهة التحديات والتغلب عليها.
باستثمارات 64 مليار دولار.. اقتصادية قناة السويس توقع 12 اتفاقية لإنتاج 18 مليون طن هيدروجين أخضرأستاذ علوم سياسية: تضخم بالاقتصاد الروسي.. وهذا هو الحلحماية المستهلك يطلق مبادرة "تجارة إلكترونية مُنضبطة" لتحفيز الاقتصاد الرقميوأشار التقرير، إلى أن الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها مصر أسهمت في استقرار الاقتصاد المصري وتحسن الأداء المالي، وعززت القدرة التنافسية للصادرات، وساهمت في تحقيق فوائض أولية، والسيطرة على معدل التضخم، والوصول إلى رصيد احتياطي نقدي كاف.
وذكر التقرير، أن قائمة الدول الإفريقية المؤهلة شملت نيجيريا، وهي واحدة من البلدان التي لديها أعلى معدلات النمو السكاني في العالم وتصنف كواحدة من أكبر الاقتصادات في إفريقيا، مشيرا إلى اقتصاد جنوب إفريقيا أنه اقتصاد مختلط و واحد من ثمانية بلدان فقط من هذا القبيل في إفريقيا وهو الاقتصاد الأكثر تصنيعا وتقدما من الناحية التكنولوجية وتنوعا في إفريقيا.
وشدد التقرير على أن الناتج المحلي الإجمالي، هو مؤشر حاسم على الصحة الاقتصادية لأي دولة والذي يمثل القيمة الإجمالية للسلع والخدمات المنتجة على مدى فترة محددة، موضحا أنه مع ذلك، فقد أظهر التاريخ أن الاقتصادات يمكن أن تكون مرنة بشكل ملحوظ فعلى سبيل المثال تسبب الوباء في انكماش اقتصادي واسع النطاق، ولكن العديد من البلدان انتعشت من خلال حزم التحفيز الاقتصادي والإصلاحات الاستراتيجية.
وأشار التقرير إلى أن هذه المرونة واضحة أيضا في إفريقيا، حيث تسعى الأسواق الناشئة جاهدة للتغلب على الحواجز الاقتصادية وتصبح جهات عالمية رئيسية فاعلة.
ونقل التقرير عن بنك جولدمان ساكس، توقعات اقتصادية مهمة لعام 2075، موضحا ان أحد التنبؤات البارزة هو أن الولايات المتحدة لن تكون بعد الآن من بين أكبر اقتصادين في العالم ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى انخفاض معدلات النمو السكاني.