كيف ستنقلب موازين العالم بسبب غزة وأوكرانيا؟
تاريخ النشر: 15th, June 2024 GMT
مع إقدام الرئيس ماكرون على حل برلمان بلاده وطغيان اليمين العنصري المتطرف في البرلمان الأوروبي الأحد الماضي مع استقالة وزيرين من حكومة ناتنياهو وفرض حماس نفسها كشريك في تحديد حل الأزمة، يدشن العالم منعرجا جديدا غير مسبوق على خلفية حربي غزة وأوكرانيا وهما حربان قد لا يفهم الناس مدى ارتباطهما ببعضهما وتأثيرهما الحاسم على ما يسمى "النظام العالمي الراهن".
1 ـ جغرافيا تقع غزة في فلسطين المحتلة أي في منطقة الشرق الأوسط بينما تقع أوكرانيا بين القارة الأوروبية واتحاد الجمهوريات الروسية أي في قلب منطقة يمكن أن نصفها بالاستقرار والسلم لولا حرب الإبادة الصربية ضد مسلمي البلقان في بداية التسعينات.
2 ـ تاريخيا بدأت محنة فلسطين منذ سقوط الخلافة الإسلامية عام 1924 وشروع الغرب المسيحي اليهودي في تنفيذ بنود معاهدة (سايكس بيكو) وتقسيم العالم الإسلامي إلى دول رسمت لها قوى الغرب حدودا وهمية وسموها للتمويه "أوطانا مستقلة" رفعت رايات وطنية وأصدرت عملات محلية وطبعت جوازات سفر وانطلت مخططات الاستعمار الذي تقاسم تلك الشعوب على أغلبية الدهماء المسلمين فصدقوا خديعة "الدولة الوطنية المستقلة" وتناحر زعماؤها فيما بينهم كإعادة مأساوية لحروب الطوائف الأندلسيين بإدارة ملوك قشتالة ودهاء (فردينان) و(إيزابيلا).
ويعرف المؤرخون ما حدث بعد ذلك من محاكم التفتيش ومحارق المسلمين واليهود معا وطرد آخر ملوك بني الأحمر من الأندلس التي فقدها المسلمون إلى الأبد وهو نفس سيناريو نتنياهو وحلفائه لإبادة شعب غزة فيما سمي صفقة القرن التي رفضها و رفض الخنوع لها جمع من فتية أمنوا بربهم فصنعوا لشعبهم ملحمة الطوفان.
ونلفت إلى أن التشابه بين حالتي غزة وأوكرانيا نبهت عديد الخبراء والإعلاميين إلى ما ينتظر العالم من تحولات عميقة بسبب هاتين الحربين، فاختار صحافيون مقاربة الحربين من زاوية إرهاصات نظام عالمي مرتقب وتحت عنوان إسرائيل ـ حماس، أوكرانيا…
اتساع الهوة بين الغرب ودول الجنوب
كتب (سيريل بلوييت) في مجلة (لكسبريس): "إن العالم يشهد نقطة تحوّل خطيرة بعدما أظهرت الحرب في أوكرانيا وجود هوة بين المعسكر الغربي وباقي الدول ليأتي الصراع في الشرق الأوسط ويزيد هذه الهوة اتساعاً. ولاحظ (بلوييت) مراهنة عديد الدول العربية والمسلمة على الصين وروسيا وإيران لإضعاف الولايات المتحدة وزيادة نفوذ تلك الدول لدى الدول المتوجسّة من واشنطن.
وفي نفس السياق اعتبر (آلان فراشون) عبر صحيفة (لوموند) أن الصراعين الروسي ـ الأوكراني والإسرائيلي ـ الحمساوي أبرزا مجتمعاً دولياً منقسماً على ذاته وعاجزاً عن فرض قواعده وهو وضع تسعى الصين وروسيا إلى الاستفادة منه لإرساء نظام عالمي معادٍ للولايات المتحدة كما أن الخبير العالمي في العلاقات الدولية (برتران بادي) أشار إلى أننا نعيش لحظة تحوّل على صعيد النظام العالمي لكن يصعب التنبؤ بملامح هذا النظام.
والدليل على التحوّل الذي نعيشه هو عدم وجود تسمية جلية للواقع الراهن إذ يكتفي الأكاديميون بإطلاق وصف "نظام ما بعد القطبية الثنائية"، حيث أننا ندرك ما كان قبله لكن لا ندري ما سيأتي بعده ويختم (بادي) تحليله قائلاً: "يجب الانتظار عقداً أو عقدين لنلمس بصورة عملية أثر الحربين في أوكرانيا وقطاع غزة في بلورة النظام العالمي المنتظر.
الجديد الخطير في المواقف الأوروبية هو أن الغرب قرر أن من حق أوكرانيا استخدام الأسلحة الغربية التي توفرها لها دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) لضرب المواقع العسكرية في عمق الأراضي الروسية! وهو ما أسرع للرد عليه بوتين بخطاب قوي أعلن فيه الزيادة في مخصصات التسليح النووي بنسبة 30% وبعقد قمتين روسية عربية وروسية إفريقية كما فعلت الصين تماما ثم كوريا الجنوبية التي تعملقت في العقود الأخيرة بقصد واضح وهو قضم ما تبقى من القارة الافريقية والشرق الأوسط من دولها تحت هيمنة فرنسا وبريطانيا.وحتى نفهم حقيقة التغيرات المتوقعة كما كتبت الزميلة رغدة درغام فلنقل دون تردد بأن أوروبا في خطر وشيك تقرع أبوابها حرب كبيرة وقريبة كما رأينا في ذكرى مرور 80 سنة على يوم الانتصار في 6 يونيو حيث أصر الرئيس الفرنسي ماكرون وملك بريطانيا على حضور الرئيس الأوكراني زيلنسكي في هذه المناسبة بموافقة الحليف الأمريكي بايدن مما شكل استفزازا واضحا للرئيس الروسي بوتين بينما كان الاتحاد السوفييتي (روسيا اليوم) تاريخيا هو القوة الحاسمة التي قضت على الرايخ الثالث وقوات المحور ومكنت أوروبا من الحرية.
كما تنعقد هذه الأيام قمة الدول الصناعية السبعة في إيطاليا ومؤتمر السلام لأوكرانيا في سويسرا وهذه مناسبات لمزيد قرع طبول حرب عبثية منذرة بكل المخاطر بين الغرب وبين من يعتبرهم الغرب عدوين وهما روسيا والصين!
الجديد الخطير في المواقف الأوروبية هو أن الغرب قرر أن من حق أوكرانيا استخدام الأسلحة الغربية التي توفرها لها دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) لضرب المواقع العسكرية في عمق الأراضي الروسية! وهو ما أسرع للرد عليه بوتين بخطاب قوي أعلن فيه الزيادة في مخصصات التسليح النووي بنسبة 30% وبعقد قمتين روسية عربية وروسية إفريقية كما فعلت الصين تماما ثم كوريا الجنوبية التي تعملقت في العقود الأخيرة بقصد واضح وهو قضم ما تبقى من القارة الافريقية والشرق الأوسط من دولها تحت هيمنة فرنسا وبريطانيا.
لعل أحد مفاتيح هذا الجري وراء الكارثة في أمريكا وأوروبا هو ما فسره (توماس فريدمان) في مقال نشره أخيرا في (نيويورك تايمز) حول ما سماه (أفول سلطات الغرب وراءها غياب الأخلاق) ونعجب لتنامي ظاهرة رفض عديد النزهاء الإسرائيليين لليمين المتغطرس الذي يقوده ناتنياهو منهم (شالوم ساند) والمثقفة اليهودية (بيرين سيمون ناحوم) عبر كتابها الجديد المندد باستعمال حيلة اتهام المخالفين بمعاداة السامية لكل من ينتقد حكومة متطرفة أساءت لشعب إسرائيل.
نشر الكاتب البريطاني المخضرم "ديفيد هيرست" مقالا عن التشابه بين الاحتلال الإسرائيلي والصليبيين في الأساليب والمطامح مؤكدا أن السلوك الإسرائيلي يجعل من غير المستبعد أن يكون مصير الاحتلال مثل مصير الصليبيين في الشرق.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة غزة اوكرانيا رأي حروب مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
تامنصورت المدينة النموذجية التي أبعدوها عن الحضارة بسبب التهميش المتعمد من شركة العمران بجهة مراكش
شعيب متوكل
لا تزال شركة العمران الجهوية مراكش آسفي ، تواجه موجة من الانتقادات الواسعة من سكان مدينة تامنصورت وما يحيط بها من دواوير جماعة حربيل ، بسبب سياسة التهميش التي تنهجها الشركة مع الساكنة حيث أن التماطل في الوفاء بما وعدوا به هو شعار المرحلة الماضية وحتى الحاضرة .
وكما جاء على لسان سكان مدينة تمنصورت أن الشركة وعدتهم بحلول عاجلة لتيسير الخدمات الأساسية الضرورية للحياة، ممثلة في البنى التحتية للمنطقة، و المساحات الخضراء كمتنفس لهم، وملاعب كرة القدم، والمؤسسات التعليمية، والمواصلات العمومية….).
ليجد سكان المنطقة نفسهم أمام مدينة تحيطها مطارح النفايات وأصحاب الخرذة والدواوير العشوائية.
استيقظ سكان تامنصورت من الحلم جميل بجعل تامنصورت مدينة نموذجية بمواصفات رفيعة ، إلا أن الواقع يكشف المستور ويعكس الحقيقة، ليجد السكان نفسهم أمام غياب واضح للمساحات الخضراء وملاعب القرب التي هي من حق الساكنة ،و حتى الإنارة العمومية في حالة متدهورة بل غير موجودة في بعض الأماكن. دون رقابة من شركة العمران بمدينة مراكش.
حتى عدد الحافلات و سيارات الأجرة المخصصة للمنطقة غير كافية لعدد السكان المتواجدون. مما فسح المجال أمام وسائل النقل الغير المقننة لتملا الفراغ.
كل هذه المساحات التي اشترتها شركة العمران بمنطقة حربيل وعملت على جعلها مشروعا ناجحا بامتياز، باءت بالفشل الذريع، بسبب سوء التدبير من الشركة وضعف التواصل مع الساكنة من قبل مدير شركة العمران. الذي باع الوهم لفئة من الناس كانت تطمح للسكن في مدينة يتوفر فيها كل مقومات الحياة الأساسية على الأقل.
والدليل على هذا الفشل أن هناك عدة منازل داخل بعض الأشطر لا تزال مهجورة، لا يسكنها إلا المتشردون والمدمنون على المخدرات ليلا ليجعلوا منها مكانا للجلسات الخمرية وما يصاحبها.
والشكايات التي توصلت بها جريدة مملكة بريس تؤكد ذلك، مفادها أن بعص السكان تعرضوا للسرقة بالسلاح الأبيض مرارا وتكرارا، خصوصا في الصباح حين يضطرون للخروج باكرا للعمل بسبب قلة المواصلات والكثافة السكانية. وهذا جعلهم غير أمنين على أنفسهم وأولادهم في مكان أصبحوا يتمنون الرحيل منه.