لعله بات من الأهمية الحديث مجددًا عن طرح خيار إقامة صلاة العيدين في الجوامع الكبيرة ـ لمن أُضطر إلى ذلك ـ مع بقاء الخيار الأصل وهو أداؤهما في «المُصليات المفتوحة» ولو استلزم الأمر استصدار فتوى شرعية.
المطالبة بتوفير هذا الخيار لا يلغي على الإطلاق استحباب الخروج لأداء سُنة صلاة العيدين في الفضاء الخارجي، وقد جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده لأنه أوقعُ لهيبة الدين وتجنبًا للزحام واختلاط الرجال بالنساء، إضافة إلى ما تتيحه مناسبة العيد من أجواء روحانية واجتماعية.
لقد أدت التغيرات المناخية -ممثلة في ظاهرة الاحتباس الحراري- إلى ارتفاع درجات الحرارة ارتفاعًا كبيرًا، فهي تتجاوز في كثير من ولايات سلطنة عُمان الـ٤٥ درجة مئوية وهو ما يُشكِلُ خطرا على من يعانون أمراضا كارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض القلب والشرايين والشيخوخة ممن يرغبون في أداء الصلاة.
ولا غرو أن درجات الحرارة المرتفعة كفيلة بأن تسلب المُصلي راحته وتُفقده تركيزه واستيعابه لما يُقال في الخطبة وتجعله في حالة ترقب لمغادرة المصلى وهو ما يتقاطع مع الغاية من حضور الصلاة.
من ناحية أُخرى ساهمت الطفرة العمرانية في زيادة عدد سكان الولايات وارتفاع أعداد المصلين من المواطنين والوافدين وبالتالي عدد المركبات، ما ساهم في حدوث اختناقات مرورية وازدحام شديد يحرم الكثيرين من أداء الصلاة بسبب تعذر الوصول إلى مكان المُصلى.
إن وجود خيار أداء صلاة العيدين في المساجد التي تكون عادة مزودة بالتكييف وتقنية الصوت عالية الجودة في هذه الأجواء الملتهبة يتيح الفرصة لأصحاب الأمراض المزمنة والاحتياجات الخاصة ومن بعُدت مساكنهم عن المصليات لأداء هذه السُنة دون عناء ومشقة.
كما يُتيح كذلك إمكانية إقامتها في أوقات ليست باكرة تراعي طلوع الشمس أو ظروف الطقس المختلفة كالأمطار والرياح والغبار.
لقد أمسى النظر وتحري المرونة في هذا الجانب ببعض الولايات مطلبا مجتمعيا لا سبيل إلا لبحثه من باب التيسير على الناس والترفق بالمُضطر منهم، إذ جاء على لسان نبي الرحمة في حديث أنس رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يسروا ولا تُعسروا، وبشروا ولا تُنفروا».
النقطة الأخيرة.. جاء في الرحمة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لا يضع الله الرحمة إلا على رحيم، قلنا: يا رسول الله كلنا رحيم، قال: ليس الرحيم من يرحم نفسه وأهل خاصته، ولكن الرحيم الذي يرحم المسلمين».
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الحكيم: بيان السيستاني رصاصة الرحمة والتشييع الرمزي للنظام السياسي - عاجل
بغداد اليوم - بغداد
أكد الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم، اليوم الجمعة (8 تشرين الثاني 2024)، ان بيان المرجع الأعلى السيد علي السيستاني كان رصاصة الرحمة والتشييع الرمزي للنظام السياسي.
وقال الحكيم، لـ"بغداد اليوم"، انه "على الرغم من عدم استقباله للطبقة السياسية لتسع سنوات وصمت دام لعدة اعوام من منبر صلاة الجمعة في كربلاء والبيانات السياسية، فاجأ المرجع الأعلى السيد السيستاني ببيان تفصيلي مزلزل بعد لقاء مطول دام لساعة كاملة مع الممثل الجديد للأمين العام للأمم المتحدة محمد الحساني بمثابة صفعة جديدة بوجه القوى والأحزاب السياسية المنخرطة في العملية السياسية منذ عام 2003 لحد الان".
وأضاف ان "المرجع الأعلى أشار الى توجيهاته التي تيقن انها لم ولن يتم تنفيذها من قبل الكتل السياسية رغم بيانات الترحيب من قبل بعض القوى السياسية التي رمت توجيهات المرجع الأعلى عرض الحائط منذ 2003 كما رمت الدستور والقانون العراقي منذ 21 عاما"، لافتا إلى أن "أبرز توجيهات المرجع الأعلى كانت (السلاح بيد الدولة، عدم التدخل الخارجي، المناصب حسب الكفاءة والنزاهة، اخذ العبر من التجارب، القضاء على الفساد، تحكيم القانون، وضع خطط علمية لادارة البلد)".
وبين ان "توجيهات المرجع خلال بيانه هي عبارة عن خارطة طريق، الا ان القوى السياسية لم تنفذ جميع توجيهات المرجع رغم غلق الباب بوجه جميع السياسيين بعدما يأس المرجع من جميع السياسيين معتقدا ان اغلبهم خذلوا الشارع العراقي والناخبين بنفس الوقت، ناهيك عن ان بيان المرجع الأعلى تهديد صريح برفع الغطاء الشرعي عن الطبقة الحاكمة برمتها".
وتابع ان "بيان السيستاني جاء للتأكيد على شرعية احتكار الدولة للسلاح وحدها دون سواها، لذلك القوى السياسية فصلت وجزئت بيان المرجع الأعلى وفق مصالحهم وتوجهاتهم بعدما عرى المرجع الأعلى جميع القوى السياسية واحزابها"، مستدركا بالقول "إذن من الواضح أن الطبقة السياسية لا تشعر بالخجل رغم النقد اللاذع من قبل السيد السيستاني لأدائهم على مدار 21 عاما".
وختم الحكيم قوله ان "بيان المرجع الأعلى بمثابة رصاصة الرحمة والتشييع الرمزي بحق النظام السياسي بعدما فقدت بريقها وهيبتها على كافة الأصعدة داخليا وخارجيا واقليما ودوليا وخدميا على وجه التحديد، بعدما يأس بالكامل من الطبقة السياسية بالكامل التي اثبتت انها لم ولن ولا تنوي تنفيذ تنفذ توصيات وتوجيهات المرجع الأعلى منذ 21 عاما".
وذكر بيان لمكتب السيد السيستاني، في وقت سابق، تلقته "بغداد اليوم"، أن "السيد السيستاني استقبل ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها في العراق (يونامي) محمد الحسان والوفد المرافق معه".
وقال المرجع الديني الأعلى، بحسب البيان إنه "ينبغي للعراقيين ولا سيما النخب الواعية أن يأخذوا العِبر من التجارب التي مرّوا بها ويبذلوا قصارى جهدهم في تجاوز اخفاقاتها ويعملوا بجدّ في سبيل تحقيق مستقبل أفضل لبلدهم ينعم فيه الجميع بالأمن والاستقرار والرقي والازدهار".
وأكد على أن "ذلك لا يتسنى من دون إعداد خطط علمية وعملية لإدارة البلد اعتماداً على مبدأ الكفاءة والنزاهة في تسنّم مواقع المسؤولية، ومنع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد على جميع المستويات"، مردفاً: "لكن يبدو أن مساراً طويلاً أمام العراقيين الى أن يصلوا الى تحقيق ذلك، أعانهم الله عليه".
وفيما يخص الأوضاع الملتهبة في منطقتنا عبّر السيد السيستاني، عن "عميق تألّمه للمأساة المستمرة في لبنان وغزّة وبالغ أسفه على عجز المجتمع الدولي ومؤسساته على فرض حلول ناجعة لإيقافها أو في الحدّ الأدنى تحييد المدنيين من مآسي العدوانية الشرسة التي يمارسها الكيان الصهيوني".