الحرب تعمق فقدان الثقة لدى الشباب الفلسطيني والإسرائيلي بالتعايش السلمي
تاريخ النشر: 15th, June 2024 GMT
فقد الجيل الجديد من الشباب الفلسطيني الثقة في آفاق السلام والتعايش مع إسرائيل ما يدفعهم أكثر إلى الاعتقاد بأن العمل المسلح هو السبيل الوحيد للحصول على حقوقهم.
وتنقل صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير كيف عمقت الحرب الحالية فقدان الثقة لدى الشباب الفلسطيني كما الإسرائيلي.
وفي الوقت الذي تحاول الولايات المتحدة وبعض الدول العربية إقناع إسرائيل بالعمل على حل نزاعاتها مع الفلسطينيين إلى الأبد، يقول الشباب الفلسطيني بشكل متزايد إنهم لا يرون دولة مستقلة قابلة للحياة نظرا لوجود إسرائيل العميق في الضفة الغربية وغزة.
تشاؤمهم، إلى جانب عملية السلام المتوقفة، يقلل من احتمال تحقيق حل الدولتين.
وتنقل كيف تذوق محمود كيلاني طعم الحياة لأول مرة في إسرائيل عندما تسلل عبر فتحة في الجدار الذي يحصر الفلسطينيين في الضفة الغربية حتى يتمكن من مقابلة امرأة شابة قابلها عبر الإنترنت.
وسرعان ما حصل الفلسطيني المتحمس للتزلج على الألواح البالغ من العمر 22 عاما على تصريح عمل إسرائيلي وأمضى شهورا في مدينة حيفا المطلة على البحر الأبيض المتوسط، حيث عمل في الحانات والمطاعم وتعلم اللغة العبرية وكون صداقات إسرائيلية.
قبل ذلك، كان الإسرائيليون الوحيدون الذين قابلهم هم الجنود أو المستوطنون في مواجهات متوترة حول مدينته نابلس. "مفهوم وجود أصدقاء إسرائيليين لم يكن هناك شيء من ذلك في نابلس"، يقول للصحيفة.
ثم هاجمت حماس إسرائيل في 7 أكتوبر. وردت إسرائيل بحملة عسكرية واسعة النطاق في غزة وطردت العمال الفلسطينيين بسرعة. وتم إغلاق الفتحات الموجودة في الجدار. وقد أبقت السيطرة العسكرية الإسرائيلية الصارمة على طرق الضفة الغربية كيلاني محصورا فعليا في مسقط رأسه المكتظ.
ونشأ الفلسطينيون من الجيل "Z" دائما مع أمل ضئيل في المستقبل ، حيث بلغوا سن الرشد بعد أن أدت الانتفاضة الفلسطينية المعروفة باسم الانتفاضة الثانية إلى إقامة إسرائيل حاجزا عبر جزء كبير من الضفة الغربية التي يحتلها الجيش.
وفي قطاع غزة، أدى صعود حماس، الجماعة المصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة، إلى قيام إسرائيل ومصر بفرض حصار على القطاع في عام 2007.
على الرغم من أن آباءهم يتذكرون حقبة من الأمل وسط اتفاقات أوسلو عام 1990 ، وهي آخر اتفاقية بين الجانبين، إلا أن الفلسطينيين الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما والذين يشكلون معظم السكان يقولون إن باب التعايش مع الإسرائيليين كان دائما بالكاد مفتوحا، وتم إغلاقه منذ 7 أكتوبر.
ينام كيلاني الآن على ضجيج إطلاق النار خلال التوغلات العسكرية الإسرائيلية الروتينية في مسقط رأسه، والتي قتل خلالها بعض أحبائه وألهمت بعض أصدقائه ليحملوا السلاح.
الفلسطينيون الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما أقل تفاؤلا بشأن المستقبل من كبار السن، وفقا لاستطلاع أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية ومقره الضفة الغربية. كما أنهم أكثر دعما لاستخدام العنف للنضال من أجل الحقوق الديمقراطية من آبائهم وأجدادهم، وهو أحد أعراض دبلوماسية الماضي الفاشلة، كما قال خليل الشقاقي، مدير المركز.
ويرى الشباب أن نضالهم يشبه نضال الأشخاص الذين عاشوا في ظل الفصل العنصري في جنوب أفريقيا". إنهم يشعرون أن عليهم إجبار إسرائيل على تفكيك نظام احتلالها".
وانعدام الثقة بات على كلا الجانبين، و أصبح الإسرائيليون أكثر تشككا في فرص التعايش السلمي. وتنامت هذه الشكوك خلال الانتفاضة الثانية، عندما شن مسلحون فلسطينيون تفجيرات انتحارية في جميع أنحاء إسرائيل، وتعمقت بعد 7 أكتوبر، مما دفع العديد من الإسرائيليين إلى استنتاج أنهم لا يستطيعون أبدا الوثوق بالفلسطينيين.
وقال حوالي 79٪ من اليهود الإسرائيليين في استطلاع أجري في شهر مايو إنهم لا يؤيدون إقامة دولة فلسطينية، وفقا لمركز القدس للشؤون العامة، وهو مركز أبحاث إسرائيلي. وقبل 7 أكتوبر، قال 69٪ من المشاركين في الاستطلاع إنهم لا يؤيدون قيام دولة فلسطينية.
وبالنسبة للشباب الفلسطيني، فإن الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس هي على الأقل الفترة الرابعة من الصراع المكثف والمستمر الذي عانوا منه، بما في ذلك حملتان جويتان كبيرتان أخريان تقول إسرائيل إنهما استهدفتا حماس في عامي 2008 و2014 بالإضافة إلى الانتفاضة الثانية.
والعديد من الشباب الفلسطينيين لم يغادروا وطنهم أبدا. ويقول البعض إنهم أو أصدقاؤهم وأقاربهم تعرضوا للإذلال أو الضرب أو القتل على أيدي الجنود والمستوطنين الإسرائيليين.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الشباب الفلسطینی الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
أين يذهب المهجرون من مخيمات شمال الضفة الغربية؟
طولكرم- على تلة وقفت أم محمد (50 عاماً) تراقب جرافات الاحتلال الاسرائيلي تهدم منزلها ومنازل أقاربها في مخيم نور شمس بمدينة طولكرم شمال الضفة الغربية. وتقول إنها لم تستطع إلا القدوم إلى المكان لتعرف مصير منزلها الذي هجرت منه قسراً منذ بداية الحملة العسكرية الإسرائيلية في مخيمات طولكرم أوائل فبراير/شباط الماضي.
وتضيف المواطنة أن الاحتلال، في البداية، أحرق منزلها بشكل كامل، وبقي واقفا، وكانت تطمح أن يعاد ترميمه في حال عادت إلى المخيم. وتستطرد "لكن اليوم تهدمه الجرافات، مما يعني أنه لم يعد لي مكان أعود إليه".
وعلى التلة ذاتها، كان عدد من الأهالي يراقبون هدم المنازل وتوسيع الشوارع في حارات المخيم، وكلهم ممن نزحوا عن المخيم قبل 40 يوماً.
وهجرت قوات الاحتلال الإسرائيلي قرابة 24 ألف مواطن من مخيمات طولكرم ونور شمس في مدينة طولكرم، وقد توزعوا على مراكز للإيواء في المدينة والضواحي والأحياء القريبة منها.
ويواصل جنود الاحتلال الاسرائيلي تهجير سكان وأهالي مخيمات مدينة طولكرم. وقد أجبر الاحتلال أهالي حارة المربعة في مخيم طولكرم على النزوح بشكل جماعي، أمس السبت.
قوات الاحتلال تجبر الأهالي على الخروج من منازلهم في حارة المربعة بمخيم طولكرم#الجزيرة #فيديو pic.twitter.com/F95RJXah9T
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) March 15, 2025
وقالت مصادر محلية إن الاحتلال أجبر 50 عائلة على مغادرة منازلها، وأحرق منازل في حارة المنشية في نور شمس.
إعلانوقد قدمت لجنة خدمات مخيم طولكرم شققا سكنية بمساحات صغيرة للنازحين من المخيم في حي ذنابة، بعد استئجارها وتسكين النازحين فيها.
وبأحد هذه المنازل في حي ذنابة كانت سماح صلاحات تحاول ترتيب أغراضها الشخصية فور انتقالها، بعد أسابيع من نزوحها إلى منزل أقاربها في مدينة طولكرم. وتقول إنها استلمت البيت فارغا بشكل كامل، فلا تتوفر فيه حتى الأغطية "لا أغطية ولا ملابس ولا أدوات طهي، ولا ثلاجة، فلم نأخذ من أثاث منزلنا قشة واحدة".
وعن الأسر التي هجرت من بيوتها من دون السماح لها بنقل أغراضها، تقول سماح إن "الوضع بالغ الصعوبة" خاصة في شهر رمضان.
وبحسب لجنة خدمات مخيم نور شمس فإن قرابة 11 ألفا و325 مواطنا نزحوا من المخيم إلى 5 مراكز إيواء، يتوزعون بين قاعة وجمعيات ومدرسة وجمعية اتحاد نسائي، في كل من عنبتا وكفر اللبد وذنابة.
وتهتم اللجنة الشعبية لخدمات مخيم نور شمس بتقديم المساعدات للنازحين من خلال الداعمين لها من أهل الخير والمتبرعين، بالإضافة للتجار وبعض المؤسسات والجمعيات الدولية الداعمة، حسب نهاد شاويش رئيس مجلس خدمات اللجنة.
وتحدث شاويش، للجزيرة نت، عن ضآلة دعم الأونروا في هذه الكارثة الإنسانية، كما وصفها. وقال "لم نتلق أي دعم أو مساعدة من الأونروا في هذه المأساة المستمرة حتى يومنا هذا في المخيمين، وذلك يعود للهجمة الاسرائيلية الشرسة عليها، والتضييقات التي أقرتها حكومة الاحتلال على عمل وكالة الغوث في الضفة الغربية".
وأضاف أن الناس يحاولون في العادة اللجوء إلى أقاربهم، خاصة مع ارتفاع إيجار الشقق السكنية، وعدم تمكن كثير من النازحين من دفع إيجارات المنازل.
ويشكو النازحون من بعض مشاهد الاستغلال التي حصلت معهم حيث ارتفعت إيجارات المنازل من 800 شيكل للشقق الصغيرة الى ألفي شيكل شهرياً.
إعلانويؤكد شاويش أن حجم ما تم تقديمه للنازحين لا يتعدى 10% من المطلوب، وأن ما يصل من دعم للجنة الخدمات، من طرود غذائية وملابس وأغطية ومفارش، يوزع بالنسبة والتناسب حسب أماكن وجود النازحين.
وأخبر المتحدث ذاته عن تغطية قرابة 2500 طرد سحور للنازحين، أمس السبت، عن طريق دعم مقدم من جمعيات خارجية. واستطرد أن الوضع الاقتصادي في طولكرم منهك وصعب وأن وضع التجار في الفترة الأخيرة يشهد معيقات، ولا يوجد من يدعم هؤلاء النازحين.
ويرى أن تدخل الحكومة ضئيل جداً سواء في دعم النازحين أو حتى آلية توزيعهم ووضع الخطط المستقبلية لهم. وعبر أبو شاويش عن ذلك بقوله إن الحكومة للأسف لم تقم بدور واضح وحقيقي وإنها لا تعي إلى أين تتجه الأمور.
وهذه الحالة حالياً موجودة في 3 مخيمات هي جنين وطولكرم ونورشمس كما "نرى بشكل واضح تخبط الحكومة في تشكيل لجان دعم ولجان تبرعات وغيره، وإذا امتدت هذه الحالة لمخيمات أخرى فالواضح أن الحكومة ستضيع" كما يقول.
الأعداد في ارتفاع
وفي مخيم جنين للاجئين، ارتفع عدد النازحين منه إلى قرابة 21 ألف مواطن منذ بدء عمليات التهجير في يناير/كانون الثاني الماضي. وبحسب رئيس بلدية جنين محمد جرار فإن ما نسبته 25% من سكان المدينة من فئة النازحين، وهو ما يعني ضغطاً كبيراً على الوضع الاقتصادي والخدماتي في المحافظة بشكل عام.
وقال جرار -في تصريح صحفي- إن العدوان الإسرائيلي على جنين أدى لأضرار جسيمة تمثلت بشكل أساسي في ارتفاع نسبة البطالة وتراجع في الاقتصاد.
وأضاف أنه على الرغم من حالة التضافر التي شهدتها المحافظة في دعم النازحين، فإن المطلوب أكبر بكثير مما قدم، لأن حجم الكارثة كبير جداً ونسبة النازحين في ازدياد.
وتوزع النازحون من مخيم جنين، الذي يشهد عمليات تجريف وتوسيع في الشوارع والأحياء، وتغيير معالمه الجغرافية منذ 55 يوماً، على مركزين للإيواء في المدينة هما: جمعية الكفيف والمركز الكوري، بواقع 4200 في حين نزح قرابة 4700 مواطن إلى بلدة برقين غرب المدينة.
وتوزع الباقي على قرى جنوب جنين مثل قباطية وبير الباشا وعرابة وجبع. وانتقل عدد من النازحين، يقدر عددهم بـ6 آلاف، إلى مساكن الجامعة العربية الأميركية بعد استئجارها لهم من لجنة خدمات المخيم.
إعلانوبحسب بلدية جنين، فإن النازحين يتلقون المساعدات بشكل أساسي من جمعيات دولية وأجنبية تسعى البلدية للتنسيق معها بشكل مستمر من خلال لجان مساعدة شكلت منذ اليوم الأول للاقتحام الإسرائيلي.