15 خطيباً بثّوا رسالة الحج إلى العالم خلال 100 عام
تاريخ النشر: 15th, June 2024 GMT
تعاقب 15 خطيباً من المشايخ والأئمة السعوديين خلال 100 عام على خطبة عرفة التي تنطلق رسالتها من مسجد نمرة في مشعر عرفات إلى أكثر من مليار ونصف المليار مسلم حول العالم.
وتكتسب هذه الخطبة أهمية قصوى مع اجتماع الحجاج في يوم التاسع من ذي الحجة على صعيد واحد؛ للدعاء والذِّكر والتقرُّب إلى الله، على اختلاف أعراقهم وثقافاتهم وألوانهم، وتعدُّد ألسنتهم ولغاتهم، إذ يُنصتون جميعاً لخُطبة واحدة تُبَثُ للمسلمين في أنحاء العالم بثاً حياً ومترجماً إلى 20 لغة.
وكان أول هؤلاء الخطباء في العهد السعودي (الدولة السعودية الثالثة) هو الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الوهاب بإذن من الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود عام 1925م، ومفتي عام السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز آل الشيخ أكثرهم وقوفاً في منبر نمرة بـ34 خطبة، يليه الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ بـ25 خطبة، بينما يعد الشيخ ماهر بن حمد المعيقلي الأحدث بينهم.
وشملت القائمة أيضاً كلاً من الشيخ محمد بن عبد الله آل الشيخ، والشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن حسن آل الشيخ، والشيخ صالح بن محمد اللحيدان، والشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس، والشيخ سعد بن ناصر الشثري، والشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ، والشيخ محمد بن حسن آل الشيخ، والشيخ عبد الله بن سليمان المنيع، والشيخ بندر بن عبد العزيز بليلة، والشيخ محمد بن عبد الكريم العيسى، والشيخ يوسف بن محمد بن سعيد.
وتتضمن خطبة عرفة مضامين وأسساً للإنسانية للتعايش والسلام، ودعوة الحجيج إلى التعاون والتعاضد؛ لخلق بيئة تعبدية إيمانية روحانية، وتقوية القيم الإسلامية والآداب الشرعية، والمحافظة على شعيرة الحج. وتعد ترجمتها من أهم مفاصل خطة «رئاسة الشؤون الدينية» التشغيلية لموسم الحج عبر «مشروع خادم الحرمين للترجمة الفورية للخطب»؛ بما يواكب عجلة التطور وفق «رؤية 2030»، والارتقاء بمستوى الخدمات؛ لإيصال رسالة الإسلام الحق إلى المسلمين على اختلاف لغاتهم، والعالم بأسره.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: خطبة عرفة موسم الحج يوم عرفة بن عبد العزیز الشیخ محمد بن عبد الله بن الشیخ عبد آل الشیخ
إقرأ أيضاً:
البابا فرنسيس.. إرث خالد من المحبة والتسامح
عبدالله أبوضيف (القاهرة)
أخبار ذات صلةمنذ توليه السدة البابوية، في عام 2013، حمل قداسة البابا فرنسيس على عاتقه رسالة السلام والمحبة بين الشعوب والأديان، وعلى مدى سنوات عديدة، كان صوتاً للضعفاء، وحاملاً لراية التواضع والعدالة الاجتماعية، وساعياً إلى ترسيخ قيم الأخوة الإنسانية.
ومع وفاة البابا فرنسيس، تتجه أنظار العالم إلى الفاتيكان، حيث يرفع المؤمنون من كل الأديان صلواتهم من أجل رجل الإنسانية الذي لطالما دافع عنهم بصوته وكلماته وأفعاله.
رسالة محبة
وصف الأب بطرس دانيال، مدير المركز الكاثوليكي المصري للسينما، البابا فرنسيس بأنه «صانع السلام وخادم للجميع»، مشيراً إلى أن تعاليمه تنطلق من محبة الآخر من دون تمييز، وستظل دعواته وأفكاره مستمرة لإرساء العدل والمساواة والتسامح بين البشر.
وقال الأب بطرس، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن قداسة البابا فرنسيس كان يجول العالم ليحمل معه رسالة السلام الحقيقية، ويدعو الجميع إلى التواصل والحوار، احتراماً لكل إنسان، بغض النظر عن دينه أو معتقده، حيث دعم الحركات الإنسانية، وسعى إلى إذابة الفوارق بين طبقات المجتمع، من أجل تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية.
وأضاف أن ما يميّز البابا فرنسيس هو بساطته، فقد رفض السكن في المقر البابوي، وفضّل العيش في دير بسيط، وكان دائماً يشارك رجال الدين والراهبات طعامهم.
وفي رحلاته، كان يتخلى عن السيارات الفاخرة ويستقل المركبات العادية، ليكون قريباً من الناس.
وأدى البابا فرنسيس دوراً مهماً في إطلاق وثيقة الأخوة الإنسانية من أبوظبي، بالشراكة مع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وهي الوثيقة التي أصبحت نموذجاً عالمياً للتسامح، وتجسد رؤية البابا للعالم كبيت واحد يجب أن يتعايش أفراده بسلام ومحبة.
بساطة وتواضع
قال أديب جودة الحسيني، أمين مفتاح كنيسة القيامة وحامل ختم القبر المقدس في القدس الشريف: «لقد كان لي شرف استقبال قداسة البابا فرانسيس في كنيسة القيامة عام 2014، في لقاء تاريخي جمع القادة الروحيين في لحظة رمزية تحمل رسالة محبة وسلام، وكان لهذا اللقاء أثر كبير في تعزيز قيم التعايش والاحترام المتبادل، وهو ما كان يعمل البابا من أجله بلا كلل أو ملل».
وذكر الحسيني لـ«الاتحاد» أن البابا فرنسيس كان يتميز بتواضعه الاستثنائي، فكان يكسر البروتوكولات الكنسية ليكون قريباً من الفقراء والمهمشين.
لم يتوقف البابا فرانسيس عند الدعوات النظرية للسلام، بل سعى إلى تطبيقها عملياً. في أكثر من مناسبة، قام بغسل أقدام المساجين والمشردين في تقليد يرمز إلى التواضع والخدمة، كما كانت له مواقف قوية في الدفاع عن اللاجئين والفقراء، حيث قال: «علينا أن نُعلِّم الأجيال القادمة أن الله خالق السماوات والأرض، وليس بحاجة إلى حماية من البشر، بل هو الذي يحمي البشر».
نموذج نادر
أكد الأنبا باخوم، المتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية في مصر، أن العالم كله يلتف اليوم للصلاة من أجل البابا فرانسيس الذي كسب قلوب الجميع بسبب حبه للسلام وسعيه الدائم لنشر المحبة، خاصة تجاه الفئات الأكثر احتياجاً، مثل اللاجئين والفقراء والمهمشين.
وقال باخوم، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن كلمات ورسالة البابا فرانسيس ستظل باقية، تلهم الملايين حول العالم ليكونوا سفراء للسلام والمحبة، تماماً كما كان هو طوال حياته. وبينما تضاء الشموع في الكنائس والمساجد، وترفع الدعوات في مختلف أنحاء العالم، يبقى البابا فرنسيس نموذجاً نادراً للقائد الذي وهب حياته للإنسانية بلا تمييز.
رجل البيئة والسلام
لم تقتصر جهود البابا فرانسيس على الشأن الديني، بل امتدت لتشمل قضايا عالمية مثل التغير المناخي والعدالة الاجتماعية، حيث كان من أبرز المدافعين عن البيئة، وأصدر رسالته البابوية «كن مسبَّحاً»، داعياً إلى الحفاظ على الأرض كبيت مشترك للبشرية، كما دعا قادة العالم إلى اتخاذ إجراءات جريئة لحماية البيئة ومواجهة الفقر. وفيما يتعلق بالقضايا السياسية، لم يتردد البابا فرنسيس في انتقاد الحروب والصراعات، مؤكداً أن السلام هو الحل الوحيد للمشاكل الدولية، وكان دائم الدعوة للحوار بين الأمم، ولم يتوانَ عن التدخل لحل الأزمات، مثل تدخله في استعادة العلاقات بين كوبا والولايات المتحدة.
خادم الناس
منذ بداية جلوسه على المقعد البابوي، حرص البابا فرنسيس على الابتعاد عن مظاهر الفخامة والبذخ، حيث رفض العيش في القصر البابوي، وفضّل الإقامة في دار الضيافة البسيطة في الفاتيكان، ولم يستخدم السيارات المصفحة، بل فضّل المركبات العادية، وكان يقف في طوابير الطعام مع الكهنة، ليؤكد أن البابا ليس سوى خادم للناس. في إحدى زياراته لليونان، انتقد الأساقفة الذين استقبلوه بسيارات فاخرة، مفضلاً استخدام سيارته البسيطة، وهو ما جعلهم يخجلون ويستبدلون سياراتهم بأخرى متواضعة عند توديعه.
بصمات واضحة
رغم رحيل البابا فرنسيس، سيظل إرثه خالداً، فبصماته واضحة في كل مبادرات الحوار والتقارب بين الأديان، وفي كل خطوة خطاها نحو بناء عالم أكثر عدلاً ورحمة. وكما قال البابا فرنسيس في كلمته الشهيرة خلال مؤتمر الأزهر للسلام: «إن مصر التي أنقذت الشعوب في زمن يوسف من المجاعة، مدعوة اليوم لإنقاذهم من مجاعة المحبة والأخوّة».