عيد الأضحى المبارك يستدعى لنا ما يتوجب علينا فعله إزاء المواقف التى تعرض لنا فى الحياة، يتعين علينا حيالها أن نختار بين التضحية أو عدمها. وعليه كانت طقوس التضحية فى عيد الأضحى مشحونة دوماً بالمشاعر كانت والفتن والإجراءات التى تقترن بكل عبادة تتضمن تقديم التضحية، وما إذا هذه التضحية زهيدة أم أنها غالية.
قد يكون هناك من يعزف عن التضحية بما يملك من مال أو ممتلكات، ويؤثر الاحتفاظ بما يملك بعد أن هيمن عليه شعور التفرد بما لديه، والرغبة بعدم التفريط فيه حتى لو كان ذلك عبر تضحية يبذلها لوجه الله تعالى. وهنا نورد قصة سيدنا إبراهيم كنموذج يؤكد لنا أن قرار التضحية يجب أن يكون بشكل طوعى وعن اقتناع تام، ليكون من يقوم به قد تخلى عما يعطيه للآخر. لتكون التضحية هنا هى عملية تتضمن اتخاذ خيار واحد، والتضحية فى المقابل بخيارات أخرى، وهو ما اجتازه سيدنا ابراهيم بكل نجاح داخل نطاق جغرافى محدود له معانٍ كونية تشمل كل البشر.
نحن أيضاً اليوم مطالبون باتخاذ خيارات مصيرية تجاه الأوضاع التى يعيشها الفقير، الذى يكون فى أمس الحاجة للمساعدة. فإذا سعينا إلى بذل المساعدة كان هذا فى الواقع اختباراً لقدرتنا على التضحية لما لها من معانٍ نبيلة ومقاصد سامية فى مناسبة دينية مهمة مثل عيد الأضحى. وقد يكون هناك من يشكك فى شعائر العطاء ويتصدى لها مشككاً فى تطبيقها، إلا أن الاحتفاء بعيد الأضحى يكون بالاقتراب أكثر من الحقيقة التى تدعو إلى البر والعطاء، والابتعاد بالتالى عن الزيف والكذب الذى يتلقفه البعض ويحاول بنشره أن يطمر هذا العمل الخيرى.
يأتى عيد الأضحى المبارك بشارة خير للجميع، وتزكية نفوسنا. إنه اليوم الذى يعبر فيه المرء عن شكره لله سبحانه وتعالى على ما أنعم به علينا من إنزال القرآن الكريم فى ذلك الشهر، وشكره على توفيقه لنا فى التزامنا بأوامره واجتناب نواهيه. إنه عيد الأضحى يوم فرح وسرور وزينة. ويحب الله فيه أن تظهر النعم على عباده من خلال رداء جديد وتناول الطيب من الطعام، ولكن دون إسراف ودون خيلاء. وفى هذا اليوم أحل الله الطيبات من الطعام واللباس شريطة عدم الإسراف، وذلك لأن معنى العيد هو فى الأساس شكر الله على نعمائه وعطائه، ولهذا فإن الإسراف من شأنه أن يخرج المرء عن حد المألوف المباح إلى دائرة المكروه والمحرم.
الاحتفاء بعيد الأضحى يكون بالاقتراب أكثر من الحقيقة التى تدعو إلى البر والعطاء، والابتعاد بالتالى عن الزيف والكذب الذى يتلقفه البعض ويحاول بنشره أن يطمر هذا العمل الخير. يأتى العيد كبشارة خير للجميع، ولهذا يتعين على كل فرد أن يفرح ويسعد، ويعيش بهجة العيد ويسقط من اعتباره مشاعر الحزن والأسى. ويتعين عليه أن ينعم بالمناسبة السعيدة التى يتوجها عيد الأضحى المبارك بنسماته الرطبة. إنه عيد الأضحى الذى يعد إحياء لذكرى نجاة سيدنا إسماعيل عليه السلام من الذبح على يد سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما امتثل لأمر ربه وهم بذبحه، فناداه الله بألا يفعل، وقال تعالى فى كتابه الكريم: (وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزى المحسنين).
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سناء السعيد عيد الأضحى المبارك ذبح الحيوان عید الأضحى
إقرأ أيضاً:
مهرجان القاهرة السينمائي.. أحلام وقضايا الشعوب العربية تتلاقى في رحلة من السعادة والمتعة
فى حضرة الشاشة الكبيرة تجوب الأنفس أرجاء العالم من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، حيث تتلاقى الثقافات والفنون والعادات والتقاليد من مختلف دول العالم فى مهرجان القاهرة السينمائى بدورته الـ45، التى تحمل تنوعاً وثراءً فنياً واضحاً من جميع الدول، فى رحلة لا منتهية من السعادة والمتعة، فمن بين الأعمال السينمائية المشاركة والتى تعرض لأول مرة ضمن فعاليات المهرجان، الفيلم المغربى «أنا مش أنا»، والسورى «سلمى»، كل منهما يحمل قصة ورسالة مختلفة بقضية إنسانية تلمس الوجدان.
«أنا مش أنا» فيلم مغربى مدبلج باللهجة المصريةوقال هشام الجبارى، مخرج ومؤلف الفيلم المغربى «أنا مش أنا»، الذى جرى عرضه باللهجة المصرية بعد دبلجته، إن الفيلم يعد خطوة فى مسار تعزيز التبادل الفنى بين المغرب ومصر، وبخاصة أن اللهجة المغربية صعبة الفهم، لذا تمت دبلجة الفيلم لكسر الحاجز بين الشعوب العربية حتى يتمكنوا من فهم أحداث العمل.
والأمر نفسه أكده بطل العمل عزيز داداس، الذى أعرب عن فخره وسعادته بمشاركته فى مهرجان القاهرة، قائلاً: «شرف كبير لى عرض الفيلم فى مهرجان القاهرة السينمائى الأهم والأعرق فى المنطقة العربية، وسعيد بدبلجته إلى اللهجة المصرية».
وشهدت قاعة العرض حالة كبيرة من التصفيق والتفاعل مع الحضور فور انتهاء عرض الفيلم، الذى حرص عدد من نجوم الفن والرياضة المغاربة على دعمه بمشاهدته بالمهرجان، حيث رفع الفيلم شعار كامل العدد قبل أيام من انطلاقه بدور العرض المصرية.
فيلم «أنا مش أنا» من تأليف وإخراج هشام الجبارى، بطولة عزيز داداس، مجدولين الإدريسى، دنيا بوطازوت، وسكينة درابيل، ووِصال بيريز، وإنتاج فاطنة بنكران.
يأتى ذلك كجزء من مبادرة مهرجان القاهرة السينمائى لدعم التجارب السينمائية التى تعزز التواصل الثقافى بين الشعوب، إذ يمكن الجمهور المصرى من التفاعل مع إنتاجات دول أخرى خارج الدائرة المعتادة للسينما العالمية.
وذكر مهرجان القاهرة السينمائى، فى بيان، أنه فخور بهذه التجربة التى تسعى إلى تقديم صورة جديدة للإبداع السينمائى، من خلال التفاعل بين الصورة والصوت والتجارب الثقافية المختلفة، وهو ما يعكس التزامه بدعم التنوع السينمائى عالمياً.
«سلمى» يسلط الضوء على معاناة الشعب السورىأما الفيلم السورى «سلمى»، الذى يشارك فى مسابقة آفاق للسينما العربية، فهو من بطولة الفنانة السورية سولاف فواخرجى، التى أعربت عن سعادتها بالعرض العالمى الأول لفيلمها بمهرجان القاهرة السينمائى، موضحة فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أن الفيلم يتناول قضية إنسانية رغم المآسى التى يتطرق إليها وتعبر عن واقع الشعب السورى إلا أنها حاولت أن يكون الفيلم رسالة قوية للقدرة على المواصلة فى تجاوز الصعاب بالإرادة.
«سولاف»: رسالة لتجاوز الصعاب بالإرادةوقال جود سعيد، مخرج «سلمى»، الذى يشارك فى فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى للمرة السادسة، منذ عام 2009، إنه كان يشعر بالحزن عندما لا يشارك بأفلامه ضمن المهرجان، مشدداً على رفضه لفكرة حمل الفيلم رسالة محددة، وأن كل مشاهد هو صانع العمل بعينه ويراه حسبما يشاء تبعاً لثقافته وما يشعر به.
وأضاف «سعيد» أنه مهووس بالقصص والحكايات الحقيقية وتحويلها لعمل فنى يتفاعل ويستمتع معه الجمهور، لافتاً إلى أنه تجمعه علاقة صداقة قوية مع «سولاف»، أفضت إلى مزيد من التعاون بينهما وحالة من الشراكة انعكست على الشاشة.
من جانبه، أعرب الفنان السورى ورد، الذى يجسد دور شقيق بطلة العمل «سولاف» بالأحداث، أن مشاركة «سلمى» بالمهرجان حلم بالنسبة له وطموح لكل من يعمل فى صناعة السينما، معرباً عن فخره بفكرة الفيلم التى تنتمى إلى الكوميديا السوداء.