ليس عيباً أن تكون جاهلاً.. لكن العيب أن تدافع عن الجهل بالحماقة!
وهنا يقول الإمام الشافعى رحمه الله:
وقد قالوا سَكَتَّ وَقَد خُوصِمتَ قُلتُ لَهُم... إِنَّ الجَوابَ لِبابِ الشَرِّ مِفتاحُ وَالصَمتُ عَن جاهِلٍ أَو أَحمَقٍ شَرَفٌ... وَفيهِ أَيضًا لِصَونِ العِرضِ إِصلاحُ … أَما تَرى الأُسدَ تُخشى وَهِيَ صامِتَةٌ.
فالجاهل لا يستطيع أن يصنع سفينة، لكنه قابل للتعلم متى اعترف بجهله. أما الأحمق فيصنع لك سفينة لتغرق بها فى منتصف البحر! فهو يمتلك أدوات المعرفة لكن لا يملك قوانينها.
والأحمق هو من قرأ كتاباً أو كتابين فى مجال معين كالطب مثلاً، فصار يعرف الدواء، لكنه لا يعرف دواعى استعماله وجرعته وموانع الاستعمال! يخلط الدواء بشكل خاطئ فيصيب من يتناوله بالتسمم أو بالوفاة، والأحمق هو من قرأ قليلاً، فظن أنه أحاط بمجامع العلم وأتقن صنوفه، لكنه فى الحقيقة كحسو الطير، ينقر هنا مرة وهناك مرة.
والحماقة مأخوذة من: حمقت السوق إذا كسدت، فكأنه كاسد العقل والرأى، فلا يُشاور ولا يُلتفت إليه فى أمر، ومن أخلاق الأحمق: العجلة، والخفة، والجفاء، والغرور، والفجور، والسفه، والجهل، والتوانى، والخيانة، والظلم، والضياع، والتفريط، والغفلة، والسرور، والخيلاء، والفجور، والمكر؛ فإن استغنى بطر، وإن افتقر أشر، وإن قال أفحش، وإن سئل بخل، وإن سأل ألح، وإن قال لم يحسن، وإن قيل له لم يفقه، وإن ضحك نهق، وإن بكى خار، يتكلم بما يخطر على قلبه، ويتوهم أنه أعقل الناس!
والخطر الحقيقى وراء هذا النوع من الحمقى أنه تحول إلى ظاهرة خطيرة (ظاهرة أنصاف العلماء) والتى أدت بدورها إلى تدمير المهنة، وقلة احترام التخصص، فتجد من قرأ مقالًا فى الطب ظن نفسه طبيبًا ماهرًا! ومن قرأ مقالًا فى الإعلام ظن نفسه إعلاميا مفوها! ومن قرأ مقالًا فى السياسة ظن نفسه سياسيًا محنكًا! فصار الجميع أطباء، والجميع إعلاميين، والجميع سياسيين!! الجميع يعرف كل شيء عن كل شيء، فلا تكاد تعرض مسألة أو حادثة إلا والجميع يدلى بدلوه! فلا أحد يحترم المهنة، ولا أحد يحترم التخصص.
والأحمق يرتكب الحماقة ولا يدرى أنه ارتكبها! وتُعرف حماقة الرجل بالأشر فى النعمة، وكثرة الذل فى المحنة، كما تُعرف فى كلامه فيما لا يعنيه، وجوابه عما لا يسأل عنه، وتهوره فى الأمور.
ويكمن علاج هذه الظاهرة فى البدء بأنفسنا أولًا، فعلاج النفس أولاً بمعرفة قدرها، فكن واضحاً مع ذاتك، واعترف بأوجه القصور حتى تبدأ تقويمها (التزام الحدود واحترام التخصص) مع (الاستزادة من الثقافة) وقد قال عمر بن عبدالعزيز رضى الله عنه: (رحم الله امرأً عرف قدر نفسه). أسقطوا هؤلاء المتعالمين من حساباتكم، لا تجعلوا لهم شأنًا، لا تلقوا لما يقولون بالًا، ولا تقفوا لهم على باب، واحرصوا على متابعة أهل التخصص، واتركوا عنكم المتعالمين أهل التلصص.
وفى النهاية قالوا قديماً: «من تكلم فى غير فنه أتى بالعجائب!» وما أكثرها!!
أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب
جامعة المنصورة
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جامعة المنصورة د أحمد عثمان الإمام الشافعي من قرأ
إقرأ أيضاً:
ضبط طالب صور نفسه خلال قيادته سيارة واعتلائه الجزيرة الوسطى في الجيزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تمكنت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة من كشف ملابسات تداول مقطع فيديو على إحدى الصفحات بمواقع التواصل الاجتماعي يتضمن قيام قائد سيارة بتصوير نفسه أثناء قيادته سيارته الملاكي واعتلائه الجزيرة الوسطى "أعلى الرصيف" إلى الطريق البطىء "الخدمات" بمدينة 6 أكتوبر.
القبض على المتهمبالفحص تم تحديد وضبط السيارة وقائدها طالب، مقيم بالجيزة، وتبين انتهاء رخصة التسيير.
تم اتخاذ الإجراءات القانونية والإدارة حيال السيارة وقائدها.