بسبب الحرب، اضطر كثير من السودانيين إلى سلوك طرق عديدة لخارج البلاد، في سبيل الهروب من أمام آلة القتل والانتهاكات، لكنهم اصطدموا بعقبات أخرى.

التغيير – كمبالا

يتعرض مواطنون سودانيون في طريق سفرهم إلى خارج البلاد عبر الطريق البري الشرقي بولاية القضارف، إلى تعقيدات ومعاكسات في الإجراءات، وذلك بهدف إجبارهم على دفع مبالغ إضافية أو رشاوى لكي يغادروا في سلام- وفق ما أكده أحد الشباب الذي تعرضوا لتجربة مماثلة في حديث لـ«التغيير».

ودفعت الحرب التي اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 ابريل 2023م، ملايين المواطنين إلى النزوح داخلياً واللجوء إلى دول الجوار طلباً للأمان، فيما أدت لتدمير كبير في البنية التحتية للدولة.

تعقيد الإجراءات

ما يحدث للمواطنين المتوجهين إلى خارج السودان أمام السجل المدني بولاية القضارف من تعقيد في الإجراءات، تحدث عنه «ماهر»- وهو اسم مستعار لشاب عشريني قرر مغادرة السودان عن طريق البر متجهاً إلى إثيوبيا إلا أن السلطات السودانية طلبت منه تأشيرة دخول إلى دولة أخرى حتى يأذن له بمغادرة البلاد.

وقال الشاب لـ«التغيير»، إنه وصل إلى مدينة القضارف معتزماً مغادرة السودان إلى أوغندا عبر إثيوبيا، إلا أن سلطات الجوازات بمدينة القضارف أوقفته بحجة أنه ليس لديه تأشيرة دخول إلى الدولة الأخرى.

وأضاف أن ضابطاً في إدارة السجل المدني بمدينة القضارف أبلغه بأن الحكومة منعت سفر الشباب إلى خارج البلاد إلا بعد إجراء الفحص الأمني والتعرف على تأشيرة دخول الدولة الأخرى.

وأكد في حديثه لـ«التغيير» أن كل ما حدث ليس له علاقة بقرارات السلطات السودانية، وأن ما في الأمر هو أن أفراداً بإدارة الجوازات في ولاية القضارف يعملون على عرقلة سفر الشباب بغرض الحصول على “رشوة” مقابل إكمال الفحص الأمني الخاص بالمسافرين.

وكشف ماهر أن أفراداً من النظاميين بإدارة الجوازات في الولاية يأخذون رشوة من المواطنين خصوصاً الشباب تتراوح ما بين «50» ألف جنيه سوداني وحتى «120» ألف جنيه على الأقل، حتى يحصل المسافر على إجراءات الفحص الأمني.

وأوضح أنه اضطر لدفع رشوة لأحد العاملين بإدارة السجل المدني قدرها «120» ألف جنيه سوداني ليحصل على الفحص الأمني دون الدخول لإكمال الإجراءات الرسمية داخل السجل المدني في غضون أقل من ساعة.

وذكر ماهر أن معظم إجراءات الفحص الأمني في إدارة السجل المدني بولاية القضارف يتم إجراؤها للمسافرين حتى المجرمين والهاربين من العدالة عن طريق الرشوة وهو ما يعرقل سفر معظم الشباب السودانيين.

غياب الدولة

وحول ما يجري من ممارسات تجاه المسافرين وخاصة الشباب، قال المحامي والحقوقي عثمان حسن صالح، إن فترة النظام العسكري في السودان هي من أكثر الفترات التي شهدت فساداً في البلاد بجميع المصالح الحكومية، والتي من بينها انتشار ظاهرة الرشوة.

وأضاف لـ«التغيير»، أن أي مواطن سوداني شاهد كيف كان يدفع المال على أساس أن أي شخص مسؤول يقدم خدمة، أو يمتنع عن أداء واجبه مقابل الرشاوى التي تتطلب من المجتمع أن يكون لديه موقف واضح في مكافحتها.

ومضى قائلاً، إن ما يحدث في إدارة السجل المدني مسألة متجذرة من فترات طويلة لذلك يفترض أن تكون هناك في مسائل التربية والثقافة العامة نبذ الرشاوى، وأن يكون لدى المجتمع موقف ودور واضح إلى جانب الدور القانوني للقضاء على هذه الظاهرة.

فيما رأى الصحفي والمحلل السياسي شوقي عبد العظيم، أن غياب الدولة هو الأكثر تأثيراً على مسألة الرشاوى نتيجة لغياب المراقبة والمحاسبة لأن الجميع يريد أن ينصب نفسه هو الدولة.

وقال لـ«التغيير» إن في حالة حرب السودان، وعندما يكون الجيش في سدة الحكم وهو السلطة، ويدخل في حرب تنهار السلطة تماما، ويبقى هو الموازنة بين الحرب وإدارة الدولة.

وأضاف بأن من المتوقع أن تنتشر الرشوة بشكل أكبر من خلال استغلال ظروف الناس وحاجتهم إلى الأوراق الثبوتية للخروج من مأزق الحرب، ومن مناطق الحرب والقتال إلى مناطق آمنة وهو أبشع أنواع الاستغلال، ولكن ليس منها مفر.

يذكر أن منظمة الشفافية الدولية كانت صنفت السودان في وقت سابق من بين «20» دولة هي الأكثر فسادا في العالم.

وكان مؤملاً أن تنجح ثورة ديسمبر 2018م في تغيير بعض المفاهيم التي كانت راسخة في المجتمع السوداني مثل الوساطة والرشاوى، وإعلاء قيم المسؤولية والمحاسبة، لكن انقلاب 25 اكتوبر 2021م ثم حرب 15 أبريل 2023م سمحت بعودة وانتشار ظواهر الرشوة والمحسوبية التي كانت سائدة في عهد نظام الإنقاذ البائد.

الوسومأوغندا إثيوبيا الرشوة السودان انقلاب 25 اكتوبر 2021 ثورة ديسمبر 2018 حرب 15 ابريل 2023م ولاية القضارف

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أوغندا إثيوبيا الرشوة السودان انقلاب 25 اكتوبر 2021 ثورة ديسمبر 2018 حرب 15 ابريل 2023م ولاية القضارف السجل المدنی لـ التغییر

إقرأ أيضاً:

وزارة الصحة بالقضارف تعلن انحسار انتشار الأمراض المنقولة بالولاية

اعلن الاجتماع الدوري للإدارات العامة بوزارة الصحة والتنمية الإجتماعية بولاية القضارف والذي انعقد بمباني الوزارة اليوم برئاسة البروفسور دفع الله علم الهدى مستشار الوزارة اعلن انحسار كبير في انتشار الأمراض المنقولة الكوليرا الملاريا حمى الضنك التايفويد وذلك بفضل التدخلات الكبيرة التي تمت خلال الفترة الماضية مما ساهم في استقرار الوضع الصحي بالولاية خصوصاً بمحليتي بلدية القضارف ووسط القضارف.

واستعرض الاجتماع موقف تنفيذ توصيات الاجتماع السابق بجانب موقف تنفيذ البرامج والأنشطة خلال الأسبوع المنصرم مشيراً إلى تواصل الجهود في تفويج النازحين إلى ديارهم إلى مختلف الولايات. واستمع الاجتماع إلى التقارير المتعلقة بالوفرة الدوائية والخدمات المقدمة بفرعي الصندوق القومي للامدادات والتأمين الصحي متناولا الجهود الجارية في استعادة الخدمات بمراكز تقديم الخدمات الرئيسية. وأشار تقرير إدارة المرأة إلى استلام 30 مكينة خياطة وكرسي دعما من جمعية الهلال الأحمر القطري لبرامج تمكين المرأة منوهاً إلى أنه سوف يتم تشغيلها خلال احتفالات المرأة القادمة ولفت تقرير مركز الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية للخدمات الكبيرة التي يتم تقديمها للمصابين والخدمات المساعدة. مشيراً للترتيبات مع الشركاء لتوفير المدخلات التي تساهم في استقرار العمل بالمركز. كما ابان تقرير مركز الأمان الاجتماعي وخفض الفقر لاستمرار الجهود المصرفية لصرف الدعم النقدي للأسر الفقيرة خلال الفترة المقبلة. وأمن الاجتماع على أهمية المتابعة اللصيقة للبرامج والأنشطة والخدمات المقدمة بجانب تكثيف العمل الروتيني لمكافحة نواقل الأمراض والتصدي للأمراض الوبائية.

سونا

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ورقة عمل في شراكة بين ملتقى التأثير المدني وكونراد آديناور: الخروج من اللّادولة: المسألة الشيعيَّة وأي خيارات؟
  • سرديات الخراب: كيف تعيد الحرب إنتاج نفسها في السودان؟
  • حرب اللصوص- الوجه الحقيقي للصراع في السودان
  • على أبرسي.. وتبقى المآثر (2/2)
  • جرينلاند تختار التغيير.. فوز مفاجئ للمعارضة في مواجهة ضغط ترامب
  • شاهد بالصورة والفيديو.. سودانيون يسجدون في تراب الوطن شكر لله بعد وصولهم مدينة ود مدني لأول مرة بعد الحرب
  • الدولة يناقش الاستدامة المالية لمؤسسات المجتمع المدني
  • وزارة الصحة بالقضارف تعلن انحسار انتشار الأمراض المنقولة بالولاية
  • منتخبنا الوطني يختبر قدراته الفنية وديًا أمام السودان.. غداً
  • هل تندلع الحرب في جنوب السودان مجددا؟