بسبب الحرب: سودانيون يضطرون إلى دفع رشاوى لتجاوز الفحص الأمني
تاريخ النشر: 15th, June 2024 GMT
بسبب الحرب، اضطر كثير من السودانيين إلى سلوك طرق عديدة لخارج البلاد، في سبيل الهروب من أمام آلة القتل والانتهاكات، لكنهم اصطدموا بعقبات أخرى.
التغيير – كمبالا
يتعرض مواطنون سودانيون في طريق سفرهم إلى خارج البلاد عبر الطريق البري الشرقي بولاية القضارف، إلى تعقيدات ومعاكسات في الإجراءات، وذلك بهدف إجبارهم على دفع مبالغ إضافية أو رشاوى لكي يغادروا في سلام- وفق ما أكده أحد الشباب الذي تعرضوا لتجربة مماثلة في حديث لـ«التغيير».
ودفعت الحرب التي اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 ابريل 2023م، ملايين المواطنين إلى النزوح داخلياً واللجوء إلى دول الجوار طلباً للأمان، فيما أدت لتدمير كبير في البنية التحتية للدولة.
تعقيد الإجراءاتما يحدث للمواطنين المتوجهين إلى خارج السودان أمام السجل المدني بولاية القضارف من تعقيد في الإجراءات، تحدث عنه «ماهر»- وهو اسم مستعار لشاب عشريني قرر مغادرة السودان عن طريق البر متجهاً إلى إثيوبيا إلا أن السلطات السودانية طلبت منه تأشيرة دخول إلى دولة أخرى حتى يأذن له بمغادرة البلاد.
وقال الشاب لـ«التغيير»، إنه وصل إلى مدينة القضارف معتزماً مغادرة السودان إلى أوغندا عبر إثيوبيا، إلا أن سلطات الجوازات بمدينة القضارف أوقفته بحجة أنه ليس لديه تأشيرة دخول إلى الدولة الأخرى.
وأضاف أن ضابطاً في إدارة السجل المدني بمدينة القضارف أبلغه بأن الحكومة منعت سفر الشباب إلى خارج البلاد إلا بعد إجراء الفحص الأمني والتعرف على تأشيرة دخول الدولة الأخرى.
وأكد في حديثه لـ«التغيير» أن كل ما حدث ليس له علاقة بقرارات السلطات السودانية، وأن ما في الأمر هو أن أفراداً بإدارة الجوازات في ولاية القضارف يعملون على عرقلة سفر الشباب بغرض الحصول على “رشوة” مقابل إكمال الفحص الأمني الخاص بالمسافرين.
وكشف ماهر أن أفراداً من النظاميين بإدارة الجوازات في الولاية يأخذون رشوة من المواطنين خصوصاً الشباب تتراوح ما بين «50» ألف جنيه سوداني وحتى «120» ألف جنيه على الأقل، حتى يحصل المسافر على إجراءات الفحص الأمني.
وأوضح أنه اضطر لدفع رشوة لأحد العاملين بإدارة السجل المدني قدرها «120» ألف جنيه سوداني ليحصل على الفحص الأمني دون الدخول لإكمال الإجراءات الرسمية داخل السجل المدني في غضون أقل من ساعة.
وذكر ماهر أن معظم إجراءات الفحص الأمني في إدارة السجل المدني بولاية القضارف يتم إجراؤها للمسافرين حتى المجرمين والهاربين من العدالة عن طريق الرشوة وهو ما يعرقل سفر معظم الشباب السودانيين.
غياب الدولةوحول ما يجري من ممارسات تجاه المسافرين وخاصة الشباب، قال المحامي والحقوقي عثمان حسن صالح، إن فترة النظام العسكري في السودان هي من أكثر الفترات التي شهدت فساداً في البلاد بجميع المصالح الحكومية، والتي من بينها انتشار ظاهرة الرشوة.
وأضاف لـ«التغيير»، أن أي مواطن سوداني شاهد كيف كان يدفع المال على أساس أن أي شخص مسؤول يقدم خدمة، أو يمتنع عن أداء واجبه مقابل الرشاوى التي تتطلب من المجتمع أن يكون لديه موقف واضح في مكافحتها.
ومضى قائلاً، إن ما يحدث في إدارة السجل المدني مسألة متجذرة من فترات طويلة لذلك يفترض أن تكون هناك في مسائل التربية والثقافة العامة نبذ الرشاوى، وأن يكون لدى المجتمع موقف ودور واضح إلى جانب الدور القانوني للقضاء على هذه الظاهرة.
فيما رأى الصحفي والمحلل السياسي شوقي عبد العظيم، أن غياب الدولة هو الأكثر تأثيراً على مسألة الرشاوى نتيجة لغياب المراقبة والمحاسبة لأن الجميع يريد أن ينصب نفسه هو الدولة.
وقال لـ«التغيير» إن في حالة حرب السودان، وعندما يكون الجيش في سدة الحكم وهو السلطة، ويدخل في حرب تنهار السلطة تماما، ويبقى هو الموازنة بين الحرب وإدارة الدولة.
وأضاف بأن من المتوقع أن تنتشر الرشوة بشكل أكبر من خلال استغلال ظروف الناس وحاجتهم إلى الأوراق الثبوتية للخروج من مأزق الحرب، ومن مناطق الحرب والقتال إلى مناطق آمنة وهو أبشع أنواع الاستغلال، ولكن ليس منها مفر.
يذكر أن منظمة الشفافية الدولية كانت صنفت السودان في وقت سابق من بين «20» دولة هي الأكثر فسادا في العالم.
وكان مؤملاً أن تنجح ثورة ديسمبر 2018م في تغيير بعض المفاهيم التي كانت راسخة في المجتمع السوداني مثل الوساطة والرشاوى، وإعلاء قيم المسؤولية والمحاسبة، لكن انقلاب 25 اكتوبر 2021م ثم حرب 15 أبريل 2023م سمحت بعودة وانتشار ظواهر الرشوة والمحسوبية التي كانت سائدة في عهد نظام الإنقاذ البائد.
الوسومأوغندا إثيوبيا الرشوة السودان انقلاب 25 اكتوبر 2021 ثورة ديسمبر 2018 حرب 15 ابريل 2023م ولاية القضارفالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أوغندا إثيوبيا الرشوة السودان انقلاب 25 اكتوبر 2021 ثورة ديسمبر 2018 حرب 15 ابريل 2023م ولاية القضارف السجل المدنی لـ التغییر
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تحذر: العنف المسلح يفاقم الأزمة الإنسانية في السودان
نيويورك: حذر مسؤولو الإغاثة الإنسانية في الأمم المتحدة يوم الجمعة، من أن تصاعد العنف المسلح في السودان يعرّض عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر، ويؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد، وخلال أقل من شهر، نزح أكثر من 343 ألف سوداني من ولاية الجزيرة، جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، وسط تصاعد الاشتباكات واستمرار انعدام الأمن، وفقا للمنظمة الدولية للهجرة.
وفرّ معظم النازحين إلى ولايتي القضارف وكسلا المجاورتين، حيث تعمل الأمم المتحدة وشركاؤها في المجال الإنساني مع المجتمعات المضيفة لتقديم المساعدات الطارئة، والتي تشمل الغذاء والمأوى والرعاية الصحية والخدمات النفسية والاجتماعية والمياه والصرف الصحي ودعم النظافة.
وحذر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من أن العنف المسلح في ولاية الجزيرة يعرّض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر.
وأظهر تقييم أجراه المكتب الأسبوع الماضي، أن العديد من النازحين السودانيين الذين وصلوا إلى القضارف وكسلا ساروا لعدة أيام، وليس معهم شيء سوى الملابس. وأشار إلى أنهم يقيمون الآن في أماكن مفتوحة، ومن بينهم أطفال ونساء وشيوخ ومرضى.
(د ب أ)