لا عزاء لشيعة السلطة :السفيرة الاميركية الجديدة قادمة للعراق ولديها “كودات”التغيير !
تاريخ النشر: 15th, June 2024 GMT
بقلم : د. سمير عبيد ..
أولا :السفيرة الاميركية الجديدة التي رُشحت للعمل في العراق قريباً هي السيدة ( تريسي أن جاكبسون مواليد ١٩٦٥) والتي هي أصلا ضابط مخابرات في CiA .وكانت مسؤولة عن عدة ملفات في الشرق الأوسط .ومتخصصه بالملف العراقي الإيراني . تحمل درجة الدكتوراه في العلوم السياسية وخريجة معهد الاستخبارات، وخريجة المعهد الدبلوماسي ومحترفة في رياضة ” الفنون القتاليّة “ومن اعمدة وزارة الخارجية في التخطيط الاستراتيجي.
ثانيا :لديها رؤية واضحة للعراق وايران .وقدمتها إلى لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الاميركي، والى اعضاء الكونغرس .وكانت رؤية عسكرية وحربية واضحة المعالم عندما قالت ( أن خطتي ستكون بشكل اساسي الاستعانة بالقوة العسكرية للقضاء على المليشيات.وكذلك ضرب أي دولة تتدخل في الشأن العراقي) وهذا يعني أن حال مساندة إيران لهذه المليشيات سوف تتعرض لضربات صاروخية .وهنا ترسل السفيرة رسالة لجميع دول المنطقة بأن العراق حصة أمريكا وجوهر المحور البريطاني الغربي وبالتالي ممنوع التقرب منه.
ثالثا :-كما وذكرت أنها (ستعمل على تحجيم النفوذ الإيراني ،وكذلك التمدد الصيني في هذا البلد.. وشددت أنها ستركز على تخليص العراق من الاعتماد على الغاز الإيراني لإنتاج الطاقة الكهربائية) وهنا اعطت فرصة للدول الخليجية بتزويد العراق بالغاز .وهذا عنوان حرب اقتصادية وسياسية واضحة ضد إيران والمليشيات وحلفاء إيران في العراق …وهنا تبشر بل بشرت السفيرة بعهد جديد ومختلف تماما في العراق عنوانه ( العراق لأمريكا ) فقط! .. وان هذا الكلام ليس إنشائيا. بل يحمل بين طياته تهديد خطير وسوف ينفذ خلال الفترة القصيرة القادمة وبإشراف هذه السفيرة .
رابعا :الإيرانيون كعادتهم ميّزوا كلمات السفيرة الاميركية الجديدة كونهم لديهم لوبيات قوية جدا داخل أمريكا وداخل المنظمات الدولية وعرفوا أن الأشهر القليلة القادمة في العراق هي أشهر حاملة في جوفها الكثير من الأعاصير المترادفة، وعرفوا ان هذه السفيرة ذاهبة لقيادة التغيير في العراق . فهرول الإيرانيون مباشرة بوفدين مخولين إلى عاصمة اوربية والى نيويورك للتباحث مع المجتمع الدولي والدول الكبرى وبمقدمتها امريكا حول ضمان مصالحها في العراق وعدم أذيتها مقابل التخلي عن المليشيات والفصائل في العراق وعن ٨٠٪ من حلفاءها في داخل العراق، والتخلي عن حلفاء اخرين في المنطقة مقابل تسوية مع المجتمع الدولي . وبالفعل تم الاتفاق على تخلي إيران المليشيات والفصائل والحلفاء مقابل تنازلات من المجتمع الدولي ( سوف نشرحها بمقال لاحق ) .. والتباحث جاري في نيويورك في العاصمة الاوربية .
خامسا:- والأكراد كعادتهم يفتشون عن مصالح قوميتهم وشعبهم فغادر وفد كردي عراقي رفيع المستوى إلى نفس العاصمة الاوربية التي وصلها الإيرانيون للتباحث مع نفس الاطراف المهمة في المجتمع الدولي والتي هي جزء من محور التغيير في العراق. والأكراد ناقشوا الدور الكردي في التغيير القادم مقابل الضمانات للشعب الكردي بشكل عام والى العائلات الكردية السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل خاص ولازال الوفد الإيراني والوفد الكردي ووفود اخرى هناك !
سادسا: الطرف الوحيد الأطرش بالزفة هو المتمثل ب (الطبقة السياسية الشيعية) التي تصدرت الحكم والسلطة منذ ٢١ سنة ولصالح غير العراق وغير العراقيين. فهي معزولة عن الواقع ولا تدري ماذا يدور .لا سيما هي مكروهة من الشيعة ومن الشعب تماما ،وضدها آلاف الملفات الخطيرة ومنها انتهاكات حقوق الإنسان وسرقة أصول الدولة وتهريب تراث العراق وقمع العراقيين واستخدام سلاح التجويع والاحتقار والذلة والتجهيل وتأسيس المليشيات والخلايا القدرة لقمع الشعب وسرقة حقوق وممتلكات الدولة والناس وقتل المتظاهرين لمرات ومرات وقتل التشرينيين هذا كله سوف يفتح بالضد منهم .وحينها ستطول محاكاتهم هذا إن تمكنوا من الافلات من غضب الشعب وغضب ضحاياهم !
إلى اللقاء بمقالات ذات صلة !
سمير عبيد
١٥ حزيران ٢٠٢٤ سمير عبيد
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات المجتمع الدولی فی العراق
إقرأ أيضاً:
الإعلان الدستوري.. قراءة تحليلية لفلسفة السلطة في سوريا الجديدة (1)
وقع الرئيس السوري أحمد الشرع، يوم الخميس 13 رمضان إعلانا دستوريا يؤطر المرحلة الانتقالية التي جرى تحديدها في خمس سنوات، وقد تم إعداد مشروع الإعلان الدستوري من طرف لجنة من الخبراء معينة من طرف الرئيس يوم 2 فبراير، وتشكلت لجنة الصياغة من سبع شخصيات قانونية، بينهم سيدتان.
وهنا يجدر التنويه بأسلوب الشفافية المعتمد في صياغة الإعلان والطريقة التي جرى تقديمه بها، وهو مؤشر إيجابي على أن السلطة التأسيسية في المرحلة القادمة لن تخرج عن الأساليب الديمقراطية المعروفة في وضع الدساتير، وقد صرحت اللجنة بأنها اعتمدت في عملها على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي صدرت يوم 25 فبراير 2025 المنصرم، والتي كان من بين أهم توصياتها: الإسراع بإعلان دستوري مؤقت يتناسب مع متطلبات المرحلة الانتقالية، ويضمن سد الفراغ الدستوري، بما يسرع عمل أجهزة الدولة السورية، مع ضرورة الإسراع بتشكيل المجلس التشريعي المؤقت الذي سيضطلع بمهام السلطة التشريعية وفق معايير الكفاءة والتمثيل العادل، وتشكيل لجنة دستورية لإعداد مسودة دستور دائم للبلاد يحقق التوازن بين السلطات ويرسخ قيم العدالة والحرية والمساواة ويؤسس لدولة القانون والمؤسسات.
السياق السياسي للإعلان الدستوري
جاء هذا الإعلان الدستوري في أعقاب قرارات سياسية مهمة أبرزها إعلان الإدارة السورية في 29 يناير 2025 السيد أحمد الشرع رئيسا للبلاد بالمرحلة الانتقالية، بالإضافة إلى إلغاء العمل بدستور 2012 الذي تم في عهد النظام السابق، كما اتخذت الإدارة السورية الجديدة قرارا بحل جميع الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الرئيس السابق بشار الأسد "بفروعها وتسمياتها المختلفة"، وتشكيل "مؤسسة أمنية جديدة تحفظ أمن المواطنين"، واتخذت قرارا بحل جميع الفصائل العسكرية والأجسام الثورية السياسية والمدنية، على أن "تدمج في مؤسسات الدولة"، كما تقرر حل مجلس الشعب المشكل في عهد الأسد، واللجان المنبثقة عنه، مع حل حزب البعث العربي الاشتراكي، وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، وما يتبع لها من منظمات ومؤسسات ولجان، مع حظر إعادة تشكيلها تحت أي اسم آخر، وتم أيضا اتخاذ قرار بضم جميع أصول الأحزاب المذكورة التي تم حلها إلى الدولة السورية، كما تم الإعلان عن تفويض الشرع، بصفته رئيسا للبلاد، بـ"تشكيل مجلس تشريعي مؤقت للمرحلة الانتقائية، يتولى مهامه إلى حين إقرار دستور دائم للبلاد ودخوله حيز التنفيذ"، وهو الاختصاص الذي جرى تكريسه في الإعلان الدستوري الجديد.
الملامح العامة للإعلان الدستوري الجديد..
تجدر الإشارة إلى أن الإعلان الدستوري يختلف عن الدستور الدائم، فالإعلان الدستوري هو وثيقة مؤقتة تطبعها المرونة، وتهدف إلى تنظيم مرحلة انتقالية، في الغالب ترتبط بتغير النظام إما بفعل ثورة شعبية أو بواسطة انقلاب عسكري أو لأي سبب آخر، بينما الدستور الدائم هو ثابت وطويل الأمد. ويهدف الإعلان الدستوري الجديد إلى تهيئة الأرضية لعملية دستورية شاملة، تهدف إلى صياغة دستور دائم يعرض على الشعب السوري من أجل الاستفتاء عليه.
نحن إذن، أمام وثيقة من شأنها أن ترسم الملامح الأولية للمرحلة المقبلة مع ضمان إدارة شؤون الدولة خلال المرحلة الانتقالية على أسس الشرعية الدستورية، وبطبيعة الحال فهي ليست بديلا عن الدستور الدائم الذي من المتوقع أن يتم إقراره قبل انقضاء خمس سنوات، وتنظيم الانتخابات العامة على أساسه، لإفراز المؤسسات الدستورية التي تغطي المرحلة العادية وإعلان الخروج من المرحلة الانتقالية التي تم تحديدها في خمس سنوات.
الإعلان الدستوري يختلف عن الدستور الدائم، فالإعلان الدستوري هو وثيقة مؤقتة تطبعها المرونة، وتهدف إلى تنظيم مرحلة انتقالية، في الغالب ترتبط بتغير النظام إما بفعل ثورة شعبية أو بواسطة انقلاب عسكري أو لأي سبب آخر، بينما الدستور الدائم هو ثابت وطويل الأمد. ويهدف الإعلان الدستوري الجديد إلى تهيئة الأرضية لعملية دستورية شاملة، تهدف إلى صياغة دستور دائم يعرض على الشعب السوري من أجل الاستفتاء عليه.الإعلان الدستوري الذي بين أيدينا لا يكشف عن ملامح النظام السياسي القادم بشكل صريح، لكن القراءة السريعة لمقتضياته تكشف على أننا أمام نظام رئاسي بخصائصه الدستورية المعروفة. والنظام الرئاسي كما هو معلوم، يتميز بمجموعة من الخصائص، أبرزها خاصيتين أساسيتين: الأولى تتعلق بأحادية السلطة التنفيذية بكل ما ينتج عنها من امتلاك رئيس الدولة لصلاحيات واسعة تبرز أكثر في لحظات الأزمات السياسية، أما الخاصية الثانية، فتهم الفصل الحاسم بين السلطات، حيث كان إدراك واضعي الدستور الأمريكي على سبيل المثال الذي يعتبر من أعرق الأنظمة الرئاسية في العالم واعون بخطورة حصر السلطات في يد جهة واحدة، وهو ما كان حافزا لهم لتوزيعها على مستوى الكونغريس الذي يحتكر السلطة التشريعية والمحكمة العليا التي تعتبر سلطة قضائية مستقلة، علما أن ذلك لم يمنع من وجود استثناءات تجعل من الممكن قيام بعض آليات التأثير المتبادل، خاصة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وتعني أحادية السلطة التنفيذية ببساطة أن رئيس الدولة هو نفسه رئيس الحكومة، حيث لا يتطلب الأمر، كما هو الأمر في النظام البرلماني وشبه الرئاسي، وجود سلطة تنفيذية برأسين. وهذا الأمر يجعل من رئيس الدولة المالك الوحيد للسلطة التنفيذية، وبالتالي الرجل الأقوى في الدولة، حيث إن رئيس الدولة لا يكون قويا فقط من خلال انتخابه عن طريق الشعب، بل أيضا من خلال سلطاته واختصاصاته الدستورية.
وفي حالة الرئيس الشرع، فإن مشروعيته ليست مكتسبة عن طريق الانتخاب، ولكن باعتباره قائد القوى الجديدة التي أطاحت بالنظام السابق.
الإعلان الدستوري الجديد للجمهورية العربية السورية جاء في أربعة أبواب موزعة على 53 مادة، كما تم التقديم له بديباجة تحمل عنوان مقدمة وهي جزء لا يتجزأ من الإعلان الدستوري تضمنت تذكيرا بالاستبداد الذي جثم على صدور السوريين طيلة ستة عقود وبجرائمه الوحشية المرتكبة في حق الشعب السوري، وبالثورة العظيمة للشعب السوري "التي استمرت قرابة أربعة عشر عاما قدم فيها أبناء سورية الأحرار دماءهم وتضحياتهم" "حتى بزغ فجر جديد، وسطعت شمس التحرير على دمشق في 8 كانون الأول 2024" كما جرى التذكير بالبيان الذي وصف ب" التاريخي" الذي أعلن انتصار الثورة السورية الصادر بتاريخ 29 يناير 2025، كما تم التذكير بالحوارات المكثفة بين مختلف مكونات المجتمع السوري، التي تُوجت بانعقاد مؤتمر الحوار الوطني، الذي توافق حول مجموعة من القضايا الكبرى، وفي مقدمتها:
ـ الحفاظ على وحدة وسلامة سورية، أرضًا وشعبا.
ـ تحقيق العدالة الانتقالية وإنصاف الضحايا.
ـ بناء دولة المواطنة والحرية والكرامة وسيادة القانون.
ـ تنظيم شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية وفق مبادئ الحكم الرشيد.
وفيما يلي تحليل سريع لأهم المقتضيات الواردة بالبابين الأول والثاني المتعلقين بالأحكام العامة والحقوق والحريات، على أن نخصص الحلقة القادمة لتحليل الباب الثالث والرابع.
قراءة تحليلية عامة لأهم مقتضيات الإعلان الدستوري الجديد ..
تضمن الباب الأول أحكاما عامة همت بالخصوص التأكيد على الوحدة الجغرافية والسياسية للجمهورية العربية السورية، وهو ما يعني أن النظام الجديد عازم على تكريس نموذج الدولة البسيطة الموحدة، مما يعني تجنب خيار الدولة المركبة القائمة على النموذج الفيدرالي أو جهات الحكم الذاتي، كما التزمت الدولة ب"مكافحة جميع أنواع وأشكال التطرف العنيف مع احترام الحقوق والحريات" وهي إشارة واضحة إلى المسافة التي يحاول قادة المرحلة الجديدة وضعها مع كافة أنواع المجموعات المسلحة الغير المنضبطة ، خصوصا وأن الإعلان الجديد شدد على أن "الدولة وحدها هي التي تنشئ الجيش ويحظر على أي فرد أو هيئة أو جهة أو جماعة إنشاء تشكيلات أو فرق أو تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية، ويُحصر السلاح بيد الدولة"، فمن الواضح أن العنوان الأساسي المؤطر للباب الأول هو ضمان وحدة البلاد بالتلازم مع تحقيق الاستقرار الأمني والعسكري، مع ترسيخ فكرة المساواة أمام القانون بين جميع المواطنين من دون تمييز بينهم في العرق أو الدين أو الجنس أو النسب.
وقد كان من الملفت أن يختتم هذا الباب ببعض المبادئ المؤطرة للاقتصاد الوطني والتي اختار لها واضعو الإعلان عناوين تنتمي إلى المدرسة الليبرالية في الاقتصاد من قبيل "المنافسة الحرة" مع إضافة وصف "العادلة " لتمييزها -ربما-عن أشكال أخرى من المنافسة أو ما يعرف في بعض الأدبيات الاقتصادية بالليبرالية المتوحشة. كما التزمت الدولة ب"تشجيع الاستثمار وحماية المستثمرين في بيئة قانونية جاذبة".
سوريا الجديدة عازمة على الانخراط في منظومة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، مما سيطرح على الإدارة الجديدة تحدي التوفيق بين سؤال الكونية والخصوصية في مجال حقوق الإنسان، خصوصا بالنسبة لبعض الاتفاقيات الدولية التي تتضمن مقتضيات قد تتعارض مع الشريعة الإسلامية، وتحدي القدرة على التكيف السريع مع الآليات الدولية في مجال حقوق الإنسان وتغيير الصورة التي ارتسمت في العالم حول واقع حقوق الإنسان في سوريا.أما الباب الثاني الذي جاء تحت عنوان الحقوق والحريات، فقد تضمن مجموعة من المقتضيات التي ارتقت ببعض التزامات الدولة إلى المكانة الدستورية من أجل إضفاء طابع السمو عليها وجعلها محصنة دستوريا، وهو ما من شأنه أن يبدد العديد من التخوفات المتعلقة بالتعدد الثقافي واللغوي، فالدولة "تكفل التنوع الثقافي للمجتمع السوري بجميع مكوناته، والحقوق الثقافية واللغوية لجميع السوريين" كما اختار الإعلان الالتزام بـ"جميع الحقوق والحريات المنصوص عليها في المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها الجمهورية العربية السورية" واعتبرها " جزءًا لا يتجزأ من هذا الإعلان الدستوري" وهو ما يرمز إلى أن سوريا الجديدة عازمة على الانخراط في منظومة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، مما سيطرح على الإدارة الجديدة تحدي التوفيق بين سؤال الكونية والخصوصية في مجال حقوق الإنسان، خصوصا بالنسبة لبعض الاتفاقيات الدولية التي تتضمن مقتضيات قد تتعارض مع الشريعة الإسلامية، وتحدي القدرة على التكيف السريع مع الآليات الدولية في مجال حقوق الإنسان وتغيير الصورة التي ارتسمت في العالم حول واقع حقوق الإنسان في سوريا.
كما رتب الإعلان الدستوري مجموعة من الالتزامات على الدولة فيما يتعلق بحماية "حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر والصحافة" وصيانة " حرمة الحياة الخاصة وتجريم الاعتداء عليها" وصيانة الدولة ل"حق المشاركة السياسية وتشكيل الأحزاب على أسس وطنية وفقاً لقانون جديد"، كما "تضمن الدولة عمل الجمعيات والنقابات" وتحمي "الملكية الخاصة" كما "تلتزم الدولة بحفظ المكانة الاجتماعية للمرأة" و"كفالة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لها" وب"حماية الأسرة باعتبارها نواة المجتمع" و"حماية الأطفال من الاستغلال وسوء المعاملة"، وهي ضمانات أساسية بالنسبة للمدافعين عن حقوق المرأة والأسرة والطفل والمتخوفين من الإدارة الجديدة.
كما سطر الإعلان الدستوري مجموعة من المبادئ المؤطرة للعدالة من قبيل شرعية العقوبة وقاعدة البراءة هي الأصل ومنع الاختفاء القسري والتعذيب المادي والمعنوي، وعدم جواز إيقاف أي شخص أو الاحتفاظ به أو تقييد حريته إلا بقرار قضائي باستثناء حالة الجرم المشهود، وصيانة المساكن وعدم جواز دخولها أو تفتيشها إلا في الأحوال المبينة في القانون. وهي كلها مقتضيات تبعث بإشارات واضحة على التزامات الدولة بحماية الحقوق الأساسية للأفراد والفئات، بما ينشر الإحساس بالطمأنينة والأمن بعد عقود من الانتهاكات والتجاوزات الماسة بحقوق الإنسان.
أما الباب الثالث فقد جاء تحت عنوان نظام الحكم خلال المرحلة الانتقالية، وهو الترجمة العملية لمبدأ الفصل بين السلطات كما رآه واضعو الإعلان الجديد، ويمكن اعتبار هذا الباب هو العمود الفقري لهندسة السلطة في المرحلة الجديدة، ليس فقط خلال المرحلة الانتقالية، ولكن الرأي عندي، أن الفلسفة التي وضع بها هي التي ستطبع الملامح الرئيسية للدستور الدائم. وهو ما سنخصص الحديث عنه في الحلقة الثانية، مع اقتراح بعض الخطوات التي من شأن اعتمادها الإسهام في تعزيز الثقة في الإعلان الدستوري الجديد، وضمان تحول ديمقراطي حقيقي في سوريا.
*أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس