صحيفة: لجوء ماكرون لحل البرلمان والانتخابات المبكرة مقامرة سياسية
تاريخ النشر: 15th, June 2024 GMT
ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن لجوء الرئيس الفرنسي إلى حل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة بعد فوز حزب مارين لوبان اليميني المتطرف في الانتخابات الأوروبية هي لعبة روليت روسية، أي مقامرة بالحياة أو الموت السياسي، وذلك بعد أن وصل دعم اليمين المتطرف إلى مستوى قياسي في الانتخابات الأوروبية.
وقالت إحدى الشخصيات الوسطية البارزة هذا الأسبوع إنهم لم يناموا بشكل صحيح منذ الإعلان عن حملة الانتخابات التي ستكون الأقصر في تاريخ فرنسا الحديث، والتي لا تتجاوز مدتها ثلاثة أسابيع.
واعتبر معارضو ماكرون على اليسار أنه من الحماقة المطلقة الدعوة إلى انتخابات برلمانية مفاجئة في وقت بلغ فيه دعم حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف المناهض للهجرة أعلى مستوياته في التاريخ. وقال العديد من السياسيين إن ماكرون يقامر سياسيا.
وتأسس حزب لوبان الوطني تحت اسم الجبهة الوطنية على يد والدها جان ماري لوبان.
ولعقود من الزمن كان يُنظر إليها على أنها خطر على الديمقراطية لأنها تروج لوجهات نظر عنصرية ومعادية للسامية ومعادية للمسلمين، لكن الانتخابات الأوروبية التي جرت الأسبوع الماضي حصلت على رقم قياسي بلغ 31.4% من الأصوات الفرنسية. وكان هذا ضعف النتيجة التي حصل عليها الوسطيون تحت زعامة ماكرون، الذين هم في أدنى مستوياتهم. كما يتوزع دعم لوبان بالتساوي على نحو متزايد ــ فقد تصدر حزبها الأصوات في أكثر من 90% من البلديات في فرنسا.
وأشارت الصحيفة إلى أن التنبؤ بالنتيجة التالية أمر معقد، لكن منظمي استطلاعات الرأي يتفقون على الاتجاه العام: يمكن لليمين المتطرف أن يحقق مكاسب هائلة وتاريخية، من 88 مقعدا إلى أكثر من 200 مقعد، مما قد يسمح له بدخول الحكومة.
ومن الممكن أن تأتي الجبهة الموحدة لأحزاب اليسار في المرتبة الثانية. وقد تخسر مجموعة ماكرون الوسطية، التي تأسست عام 2016 كإعادة ابتكار جذرية للمشهد السياسي الفرنسي والتي وعدت بإعادة تنشيط السياسة والحد من جاذبية اليمين المتطرف، جزءًا كبيرًا من مقاعدها وتحتل المركز الثالث. وفي نهاية المطاف، لا يمكن أن تكون هناك أغلبية برلمانية مطلقة.
ووسط الحيرة بشأن سبب الدعوة للانتخابات، وصف ماكرون نفسه بأنه "متفائل لا يتزعزع" وكان "مستعدا للفوز". وقال إنه يثق في قدرة الناخبين الفرنسيين على التمييز الآن بين التعبير عن الغضب في صناديق الاقتراع في الانتخابات الأوروبية والمخاطرة بوجود حكومة متطرفة في فرنسا قال إنها ستدمر تماسك المجتمع وتدمر الاقتصاد. وقال إنه مقتنع بأن عددا كبيرا من الفرنسيين "لم يدركوا أنهم وسط هذه الحمى المتطرفة" وسيصوتون لإنقاذ الموقف الوسطي.
وقال أحد أعضاء الوفد المرافق لماكرون إن الانتخابات المبكرة "وحشية" بالنسبة لنواب ماكرون الوسطيين، الذين خرج الكثير منهم بالفعل في حملاتهم الانتخابية للحفاظ على مقاعدهم، لكنها كانت ضرورية وعقلانية. وقال المصدر إن ماكرون، بعد هزيمة الانتخابات الأوروبية أمام اليمين المتطرف وسنتين مشحونتين دون أغلبية مطلقة في البرلمان، لا يمكنه الاستمرار دون الاستماع إلى الشعب.
وقال ماكرون هذا الأسبوع إنه يستطيع تشكيل حكومة ائتلافية وسطية واسعة جديدة إذا انضم إليه المزيد من السياسيين من اليمين التقليدي واليسار الديمقراطي الاجتماعي. لكن هذا الشكل من التحالف أثبت أنه مستحيل منذ إعادة انتخاب ماكرون عام 2022، عندما خسر الوسطيون أغلبيتهم المطلقة في البرلمان.
وأشارت الصحيفة إلى أن المزاج العام في فرنسا متوتر. وانخفضت معدلات ثقة ماكرون وتخلى عنه الناخبون من يسار الوسط في الانتخابات الأوروبية، واتهموه بالانحراف إلى اليمين بقانون الهجرة والدفع برفع سن التقاعد. وقال ماكرون إن استطلاعات الرأي أظهرت أن غالبية الناس وافقوا على قراره بالدعوة إلى انتخابات مبكرة. لكن استطلاع حديث أظهر أن 57% يريدون استقالة ماكرون إذا هُزم الوسطيون في التصويت.
ويصر الرئيس الفرنسي على أنه لن يستقيل وحتى لو تمكن حزب التجمع الوطني من إدارة التحدي الكبير المتمثل في الوصول إلى الأغلبية المطلقة في البرلمان الفرنسي وتشكيل حكومة مع زعيمه البالغ من العمر 28 عامًا، جوردان بارديلا، كرئيس للوزراء لأن ماكرون يمكن أن يبقى رئيسًا لمدة ثلاث سنوات أخرى وسيظل مسؤولا عن الدفاع والسياسة الخارجية. ومع ذلك، فإنه سيفقد السيطرة على الأجندة المحلية، بما في ذلك السياسة الاقتصادية والأمن والهجرة والشؤون المالية.
وقدم ماكرون مجموعة واسعة من أفكار الحملات هذا الأسبوع، بدءًا من الدعوة لإجراء مشاورة وطنية حول العلمانية في فرنسا إلى حظر الهواتف المحمولة للأطفال دون سن 11 عامًا. وحذر من أن فرنسا تواجه خيارًا بين الوسطيين "أو المتطرفين"، قائلًا إن هناك خيارين التطرف في فرنسا، والذي وصفه بأقصى اليمين وأقصى اليسار.
وقال إن حزب جان لوك ميلينشون اليساري "فرنسا الأبية" كان متطرفا، وحذر الأحزاب اليسارية الأخرى من التحالف الانتخابي الذي يضمهم. لكن هذا التحالف يمكن أن يسجل نتائج أعلى في الانتخابات المبكرة من الوسطيين في ظل ماكرون.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ماكرون حزب التجمع الوطني اليميني فی الانتخابات الأوروبیة فی فرنسا
إقرأ أيضاً:
تبون يدعو للتصويت مطلع مارس لتجديد نصف أعضاء البرلمان الجزائري
وقع رئيس الجمهورية الجزائري عبد المجيد تبون مرسوما رئاسيا يقضي باستدعاء الهيئة الناخبة يوم 9 أذار / مارس 2025، وذلك من أجل تجديد نصف أعضاء مجلس الأمة المنتخبين.
ووفقاً لما ينص عليه الدستور الجزائري ويأتي هذا القرار في إطار استمرارية عمل المؤسسات التشريعية وتعزيز الممارسة الديمقراطية، لا سيما أن مجلس الأمة يُعتبر أحد الركائز الأساسية للعمل البرلماني في الجزائر.
وبحسب نظام الانتخابات الجزائري، يتكون مجلس الأمة من 144 عضواً، يُنتخب ثلثاهما عن طريق الاقتراع غير المباشر والسري، حيث يقوم أعضاء المجالس الشعبية البلدية والولائية بانتخاب ممثلين عنهم بواقع مقعدين عن كل ولاية، في حين يُعيّن رئيس الجمهورية الثلث المتبقي من بين الشخصيات والكفاءات الوطنية في مختلف المجالات، وذلك لضمان التوازن داخل المجلس وتعزيز الكفاءة التشريعية.
وتحدد ولاية أعضاء مجلس الأمة بـ ست سنوات، على أن يتم تجديد نصف الأعضاء كل ثلاث سنوات، مما يضمن استمرارية العمل البرلماني وعدم حدوث تغييرات جذرية تؤثر على استقرار التشريع. ويأتي هذا الاستدعاء للهيئة الناخبة في ظل تحولات سياسية واقتصادية كبيرة تشهدها البلاد، حيث تُشكّل هذه الانتخابات اختباراً حقيقياً لمدى قدرة المؤسسات المنتخبة على تمثيل إرادة الناخبين وتعزيز الحوكمة الرشيدة.
من الناحية السياسية، يكتسب هذا الاستحقاق أهمية خاصة، إذ يعكس التوازنات داخل المشهد السياسي الجزائري، لا سيما أن مجلس الأمة يلعب دوراً محورياً في صياغة التشريعات وإقرار القوانين، فضلاً عن دوره الرقابي على الحكومة. وتأتي هذه الانتخابات وسط إصلاحات دستورية تهدف إلى تعزيز الشفافية والمساءلة داخل المؤسسات المنتخبة، مما يضع الأحزاب السياسية المختلفة أمام تحدٍ كبير لكسب ثقة الناخبين وضمان تمثيل أكبر داخل المجلس.
كما يُنتظر أن تشهد الفترة القادمة نشاطاً مكثفاً من قبل الأحزاب السياسية والمرشحين، في ظل توقعات بتنافس قوي بين مختلف التوجهات، خاصة في ظل رغبة العديد من القوى السياسية في تعزيز وجودها داخل المجلس لضمان تأثير أكبر على القرارات التشريعية. وفي هذا السياق، ستكون نزاهة العملية الانتخابية عاملاً حاسماً في ضمان تمثيل عادل يعكس تطلعات المواطنين، خصوصاً في ظل الجهود المبذولة لمحاربة الفساد السياسي وتعزيز مصداقية الانتخابات.
وفي ظل المتغيرات السياسية والاقتصادية التي تمر بها الجزائر، من المتوقع أن يكون لمجلس الأمة القادم دور بارز في صياغة سياسات تتماشى مع الأولويات الوطنية، لا سيما في مجالات التنمية الاقتصادية، وتعزيز الاستثمار، ومواكبة التحولات الدولية. كما سيكون أمام الأعضاء الجدد مسؤولية كبيرة في مناقشة مشاريع القوانين المرتقبة، والتي تهدف إلى دعم الإصلاحات الهيكلية التي تعكف عليها الحكومة.