تشير الأبحاث إلى أن الإجازات ليست عصا سحرية تجلب السعادة تلقائيا، وأن الابتعاد عن العمل قد لا يكفي لتحقيق الاسترخاء المطلوب وتخفيف التوتر والتعافي من التعب. بل إن فوائد الإجازة يمكن أن تبدأ في التبخر خلال أسبوع من العودة للعمل، إذا لم نتعلم الاستعداد الجيد لاستغلالها وتحقيق أقصى استفادة منها.

فقد أظهرت نتائج مراجعة منهجية، شملت 7 دراسات ونُشرت عام 2009، أن العطلات والإجازات لها آثار إيجابية على الصحة والرفاهية "لكن هذه الآثار سرعان ما تتلاشى لدى بعض الناس بعد استئناف العمل".

وجود أشياء تترقبها أو مفاجآت تتطلع إليها قد يؤدي لتعزيز مزاجك ويقلل من توترك وإجهادك (بيكسلز)

وأرجع الباحثون السبب في ذلك إلى عدم استعداد هؤلاء الأشخاص وتخطيطهم للإجازة بشكل كاف، وفي المقابل لاحظوا أن "الذين ركزوا على المزيد من الاسترخاء وقت إجازتهم، حققوا مستويات أعلى من السعادة بعد الرحلة".

وخلصت الدراسات إلى أن سعادة الأشخاص قبل الرحلة مؤشر على تطلعهم لقضاء إجازة سعيدة، وأن الطريقة التي نخطط بها للإجازة لا تقل أهمية عن الإجازة في حد ذاتها.

كلما خططت لعطلتك مبكرا كان أفضل

ففي عام 2010، وبعد سؤال قرابة 1500 شخص عن مدى حالتهم قبل وبعد السفر لقضاء الإجازة، وجد الباحثون الهولنديون أن الأغلبية لم يكونوا أكثر سعادة بعد العطلة، وأن الإجازات سيئة التخطيط والمجهدة والمليئة بالتوتر تقضي على الفائدة الإيجابية للوقت الذي نقضيه بعيدا.

وأظهر الفحص الدقيق أن الأسباب تتراوح بين الإجهاد الناتج عن وسائل النقل، وإضاعة الوقت في اكتشاف الأشياء أثناء الرحلة، وعدم الإلمام بالموقع. وكلها عوامل ساهمت في الشعور بقدر أقل من السعادة وزيادة التوتر، وانخفاض الطاقة في العمل بعد العطلة.

الإجازات سيئة التخطيط والمجهدة والمليئة بالتوتر تقضي على الفائدة الإيجابية للوقت الذي نقضيه بعيدا (بيكسلز)

في المقابل، أظهرت نتائج استطلاع أجري عام 2013 أن 94% من الأشخاص عادوا بعد رحلة جيدة بنفس القدر أو أكثر من الطاقة "لأنهم خططوا لتفاصيل عطلتهم قبل حوالي شهر". وقالت ميشيل غيلان، الباحثة بعلم النفس الإيجابي والمشاركة في الاستطلاع "كلما ذهبت بعيدا وخططت لعطلتك مبكرا كان ذلك أفضل".

اترك مساحة للترقب والمفاجأة

التخطيط لقضاء الإجازة لا يقتصر على جمع بيانات عن الأشياء التي نريد القيام بها ومشاهدتها، وتفحص قوائم المطاعم التي نخطط لزيارتها، والبحث عن صور للوجهة التي سوف نقصدها. فأكثر ما يثير في الإجازة هو "توقع الجديد وترقب المفاجآت" كما قالت ألي بيرس المديرة التنفيذية لإحدى شركات السفر لصحيفة "نيويورك تايمز". وأشار الخبراء إلى أنها على حق، حيث تشير العديد من الدراسات إلى أن "وجود أشياء تترقبها أو مفاجآت تتطلع إليها قد يؤدي إلى تعزيز مزاجك ويقلل من توترك وإجهادك".

وقال سيمون ريغو أستاذ الطب النفسي بكلية ألبرت أينشتاين للطب في نيويورك "إن تخيل الأشياء الجيدة يجعلنا نشعر باليقظة الذهنية في اللحظة التي نعيشها مما قد يزيد من التفاؤل والصبر، ويقلل من الإفراط في الحماس".

عش لحظة الإجازة بكامل يقظتك الذهنية

إذا كنت ممن ينغمسون طوال الوقت في "القلق بشأن المستقبل، أو التفكير فيما كان يجب فعله بشكل مختلف في الماضي" فلابد أن تتوقف عن هذا إذا أردت الاستفادة من إجازتك، وأن تبدأ في عيش لحظاتها بأكبر قدر ممكن من "اليقظة الذهنية".

بمعنى "التوقف عن الشعور بالقلق بشأن الأشياء الخارجة عن إرادتك، والاستمرار في التركيز على الحاضر، والوجود بقوة في أجواء الإجازة" وفقا لما ذكرته روكسان بي سوكول الحاصلة على دكتوراه في الطب لموقع "كليفلاند كلينيك".

الانغماس في القلق بشأن المستقبل يفسد الاستمتاع بالإجازات (بيكسلز)

وأوضحت أهمية النظر إلى اليقظة الذهنية لأنها "طريقة مفيدة لمعالجة القلق والندم، والمساعدة في تخفيف التوتر" من خلال الانخراط في الشعور بالهدوء والاسترخاء التام "والتفكير في أنك في إجازة رائعة، يجب أن يجعلك تشعر بأنك أكثر إشراقا وارتياحا".

أساسيات لممارسة اليقظة الذهنية أثناء الإجازة

ولأن ممارسة اليقظة الذهنية تبدأ ببداية التحرك، ينصح الخبراء بالتأكد من توافر عناصر أساسية، مثل:

ملابس خفيفة، مصنوعة من مواد مثل القطن والكتان، لا تقيد حركتك وتجعلك تشعر بالراحة. مفكرة وقلم، لتدوين تأملاتك وأفكارك اليومية، وتوثيق النقاط البارزة واللحظات المهمة في رحلتك. بالإضافة إلى سحبك بعيدا عن التكنولوجيا، وتوفير فرصة للتأمل الذاتي. لوازم الحماية من الشمس، كالكريمات الواقية من الأشعة الضارة، والنظارات الشمسية الكاملة لحماية عينيك، والقبعات ذات الحواف العريضة، والقمصان ذات الأكمام الطويلة لحجب الشمس. التركيز على الوجهات التي تعزز الهدوء، مثل الشواطئ الهادئة أو المناظر الطبيعية، أو مراكز اليوغا. الانفصال عن التكنولوجيا وإزالة سمومها المتراكمة، بتجنب استخدام الهاتف أو الحاسوب المحمول بانتظام، والتفاعل مع الطبيعة، وممارسة الأنشطة المعززة لليقظة الذهنية، مثل تمارين التنفس أو التأمل أو اليوغا. التنفس والتأمل طريقك للسعادة بعد العودة من الإجازة

أظهرت الدراسات أن التركيز على التنفس بشكل أفضل وأعمق، والذي يأتي ضمن ممارسة اليقظة الذهنية "يمكن أن يساعد على تدفق المزيد من الأكسجين إلى دماغك، مما يُبقيك هادئا ويُحَسَن صحتك العامة وتركيزك وقدرتك على التخلص من القلق والإرهاق".

وتشرح الدكتورة ميليسا يونغ، أخصائية الطب التكاملي، كيفية القيام بتقنية "بسيطة لكنها قوية" للتنفس المُبدد للتوتر والداعم لليقظة الذهنية، تُسمى طريقة 4×4، كالتالي:

العد ببطء من 1 إلى 4 بالتزامن مع البدء بالتنفس. حبس النَفَس في البطن والقيام بـ4 عدّات أخرى ببطء. إطلاق الزفير بالتزامن مع القيام بـ4 عدّات أخرى ببطء. حبس النفس بعد الزفير، والقيام بـ4 عدّات أخرى ببطء.

ليصبح المجموع 4 مرات.

تخيل الأشياء الجيدة يجعلنا نشعر باليقظة الذهنية في اللحظة التي نعيشها (بيكسلز)

أيضا، ليس من المستغرب أن ترتبط اليقظة الذهنية بالتأمل ارتباطا وثيقا، حيث تُخبرنا دكتور يونغ أن طريقة 4×4 لا تسمح لنا بإبطاء أنفاسنا فحسب، لكنها أيضا تحقق جانبا هاما من جوانب التأمل. فالقيام بالعد ببطء وفي صمت أثناء مراحل التنفس الأربع، يوفر نوعا من التأمل الذي يهدئ الجهاز العصبي ويجعلنا نعيش اليقظة الذهنية في اللحظة التي نحن فيها".

وتقول سوكول إن ممارسة التأمل "ولو لدقيقة واحدة" تُعد أحد أكثر الطرق الموصلة لليقظة الذهنية "بالبقاء ساكنا وأخذ شهيق لمدة 5 ثوان، ثم إطلاقه لمدة 5 ثوان، وتكرار ذلك 5 مرات".

وتؤكد أن "هذه الدقيقة من السكون والتأمل يمكن أن يكون لها تأثير طويل المدى، بعد العودة من الإجازة" فمع المواظبة على ممارسة التأمل سوف ترتفع الدقيقة إلى دقيقتين، وقد تصل إلى أكثر من 10 دقائق كل صباح.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الیقظة الذهنیة إلى أن

إقرأ أيضاً:

"جسور التواصل" نموذج لتعزيز الصورة الذهنية عن المملكة

أكد مدير الدراسات والبحوث بمركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري، الدكتور سعد بن عبدالرحمن اليحيى، أن برنامج جسور التواصل يسهم في تعزيز الصورة الذهنية عن المملكة العربية السعودية، من خلال تسليط الضوء على القيم الإنسانية النبيلة التي يتمتع بها المجتمع السعودي، والمبنية على التسامح والانفتاح والحوار الحضاري، مع التمسك بالهوية الوطنية والجذور الثقافية العريقة.

وأوضح الدكتور اليحيى أن البرنامج يجسد تعاونًا مثمرًا بين وزارة التعليم ومركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري، وهو تعاون يعكس الرؤية المشتركة نحو تعزيز المعرفة والتفاعل الحضاري، مما يسهم في تحقيق مستهدفات المملكة في مد جسور التفاهم والتواصل مع مختلف الشعوب والثقافات.

أخبار متعلقة شاهد | صور من وصول 60 طبيب سعودي إلى دمشق لإجراء العمليات الطبية"ريف السعودية".. مليون ريال دعم لألفين صياد سمك و5000 رحلة صيد"الصحة" تُدشن الوصفة الإلكترونية لحوكمة الوصف والصرف للأدوية المخدرة والمؤثرات العقلية والخاضعة للرقابةتنمية الوعي


أشار اليحيي إلى أن وزارة التعليم، بدورها الريادي في بناء العقول وتنمية الوعي، ومركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري، باختصاصه في تعزيز الصورة الذهنية للمملكة، يشكلان نموذجًا متميزًا للعمل المشترك، الذي يعزز القيم الإنسانية والانفتاح المدروس على العالم، ويسهم في إثراء الحوار القائم على التفاهم والاحترام المتبادل.

كما أعرب الدكتور اليحيى عن شكره وتقديره لجميع المشاركين في البرنامج، من طلاب ومعلمين ومشرفين، وكذلك للقائمين على تنظيمه من الإدارة العامة للتعليم بمنطقة مكة المكرمة، على جهودهم الكبيرة في تقديم تجربة تعليمية فريدة تعزز مهارات الطلاب البحثية في مجال التواصل الثقافي والحضاري.

رسالة سامية


أكد اليحيى أن برنامج جسور التواصل يحمل رسالة سامية تهدف إلى تصحيح الصورة النمطية عن السعوديين وتعزيز مكانة المملكة دوليًا، مشيرًا إلى أن البرنامج يسهم في إعداد جيل واعٍ ومتميز قادر على إبراز حقيقة المجتمع السعودي كبيئة قائمة على التسامح والانفتاح والتواصل الإيجابي مع الثقافات الأخرى.

وفي ختام حديثه، أعرب الدكتور سعد اليحيى عن أمله في أن يكون برنامج جسور التواصل نقطة انطلاق لمزيد من المبادرات النوعية التي تعزز التواصل الحضاري، داعيًا جميع المشاركين إلى مواصلة نشر هذه الرسالة السامية بما يسهم في دعم الصورة الإيجابية للمملكة عالميًا.

مقالات مشابهة

  • Opera Air.. متصفح جديد يعزز التركيز واليقظة الذهنية
  • 5 عادات يومية في الشتاء تدمر الكبد ببطء.. هل ترتكب هذه الأخطاء؟
  • ناشطون بعد تصريحات ترامب عن تهجير الغزيين: أحلام عنصري لن تتحقق
  • مرض الترفيه.. لماذا نشعر بالإعياء في الإجازات؟
  • نداء استغاثة من معتقلي سجن وادي النطرون بمصر: نقتل ببطء ولا بواكي لنا
  • الخروج من "منطقة الراحة"
  • "جسور التواصل" نموذج لتعزيز الصورة الذهنية عن المملكة
  • البابا تواضروس: الإرهاب في 2013 كان يقصد الوطن ككل وليس الكنيسة وحدها
  • أردوغان: ينبغي ألا نترك غزة وحدها
  • لماذا تجذبك الأشياء الغالية؟