متى يسمح للأطفال بمشاهدة ذبح الأضحية؟
تاريخ النشر: 15th, June 2024 GMT
يعد حضور أفراد الأسرة مشهد ذبح الأضاحي في عيد الأضحى تجربة ذات أهمية كبيرة وإحياء لشعيرة إسلامية وسنة مؤكدة تحمل معاني إيجابية، إذ ترتبط هذه المناسبة بتعاليم دينية عميقة وتجسد قيمة التضحية والإيثار التي تجلت في قصة النبي إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام.
مع ذلك، فإن إشراك الأطفال في مشاهدة ذبح الأضاحي يتطلب توازنا دقيقا بين التوجيه الديني والتربوي، ومراعاة الجوانب النفسية للطفل.
حول حضور الأطفال تجربة ذبح الأضاحي، أثير النقاش على المجموعات النسائية عبر فيسبوك، إذ تختلف الأمهات حول السن المناسبة لحضور الأطفال مشهد الذبح، وبين أخريات يجدن التجربة غير مناسبة للصغار.
لا ترحب إنجي سعيد، وهي أم لـ3 أطفال دون العاشرة، بحضور الأطفال تجربة الذبح، لكنها ترى أن مشاركة الصغار في توزيع لحوم الأضحية يمكن أن يكون تدريبا عمليا مقبولا على مفهوم التكافل ومساعدة الفقراء والمشاركة في فرحة الأعياد.
في حين ترفض داليا عز التجربة تماما، إذ تؤكد أن مشاهدة الأطفال الصغار لذبح الأضحية يترك أثرا سلبيا يدوم لسنوات.
داليا، أم لطفلة عمرها 7 سنوات، وتعيش في دولة أوروبية، ترى أن مشهد ذبح الحيوان اللطيف الذي يتعلق به الطفل يتسبب في أزمة نفسية لديه، فقد يتساءل لماذا يذبحون الحيوان الذي لعبت معه قبل أيام؟ فالأطفال ليس لديهم النضج الكافي لفهم مفهوم الأضحية، لا سيما في سن ما قبل المدرسة.
لكن أميرة محمد، وهي أم لطفلين في سن المراهقة، تقول للجزيرة نت "الأطفال قبل سن العاشرة يفهمون جيدا كثيرا من الأمور الحياتية، ويطلعون عبر الإنترنت والمدرسة والألعاب الإلكترونية والأصدقاء على مفاهيم عدة، فكيف لنا أن نحرمهم من المشاركة في شريعة تحمل معاني دينية قيمة".
وتضيف أميرة "من المهم تمهيد الأمر للأطفال وشرح قصص الأنبياء بصورة تتناسب مع أعمارهم ومستوى إدراكهم".
وتابعت "مع رفضي للألعاب الإلكترونية العنيفة، إلا أن أطفال اليوم يقضون ساعات يوميا في المشاركة في ألعاب تتضمن حروب عصابات وقتل وأسلحة، ثم حينما يتعلق الأمر بتجربة دينية لها معنى الفداء، نجد من يقول ستؤثر بصورة سلبية على الطفل".
وأردفت "يجب أن نقدم الألم للطفل في مفهومه الإيجابي وليس في صورة سلبية حول ذبح حيوان لطيف".
السن المناسبةتقول صفاء صلاح الدين، مرشدة نفسية وأسرية، للجزيرة نت "يختلف كل طفل عن الآخر، باختلاف التربية والبيئة والسمات الشخصية، لذا فإن الأم هي الأكثر دراية بطبيعة ابنها".
وتابعت "لا يفضل حضور الأطفال تحت سن 10 سنوات تجربة الذبح، إلا إذا كان يعيش في بيئة اعتاد فيها على تربية وذبح الحيوانات، وذلك لأن عقل الطفل غير مكتمل بصورة كافية في سنوات عمره الأولى، ومن ثم فهو لا يدرك الهدف من وراء تلك التجربة، التي قد يراها مؤلمة ومؤذية لحيوان جميل".
"حتى بعض البالغين لا يتحملون رؤية مشهد الذبح، فلماذا نجبر الصغار على المرور بتجربة لا نعرف مدى تأثيرها في السن الصغيرة؟"، بحسب صفاء التي تنصح بعدم إجبار الطفل على حضور الذبح حتى بعد سن 10 سنوات، فإذا رفض الطفل رؤية مشهد الذبح، فلا ينبغي وصفه بالجبان أو ممارسة الضغط النفسي عليه ليشاهد الذبح، والأفضل هنا أن يشارك الطفل في توزيع اللحوم.
وحذرت صفاء من بعض الآثار التي تتبع تعرض الأطفال لمشهد ذبح الأضحية، فتقول "إذا لاحظ الوالدان على الطفل أعراض الخوف غير المبرر أو القلق المتزايد أو الكوابيس والأحلام المزعجة أو الفزع خلال النوم، يجب الاستعانة بمتخصص لمساعدة الطفل على التخلص من تلك الآثار السلبية".
وتقول الكاتبة نور الهدى مؤلفة كتاب "سترونغ مام.. دليلك في رحلتك لبناء رجلك الصغير" في منشور لها عبر فيسبوك، "الخيال من سمات الطفولة المبكرة، وهو ما يجعل الطفل يتخيل المشهد الحقيقي بصور أكبر من الواقع، ومن ثم يشعر بخوف أكبر من مستوى تقدير الكبار".
وأضافت "من سمات الطفولة أيضا التقليد، فيمكن أن يحاول الصغير استخدام السكين لذبح الألعاب والدمى، وهو ما يعني قيام الطفل بسلوكيات عنيفة".
وعن الطريقة المناسبة لتمهيد مشهد الأضحية للأطفال تقول نور الهدى "قد تكتمل المهارات الإدراكية في سن ما بين 10 و11 سنة، ولكن ينبغي تهيئة الطفل في البداية بتقديم قصة سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل وما فيها من معان حول الفداء بطريقة مبسطة، وتوضيح أن ذبح الأضحية له أصول وقواعد برأفة ورحمة.
التعامل مع ردود الفعلالمرونة والتفهم: يجب أن يكون الوالدان مستعدين للتعامل مع ردود فعل الأطفال المختلفة. بعض الأطفال قد يكونون فضوليين ويرغبون في المشاركة، بينما قد يشعر آخرون بالخوف أو الانزعاج.
التعامل مع الصدمة: في حالة تعرض الطفل لصدمة أو انزعاج شديد، من المهم طمأنته وشرح الموقف بهدوء. يمكن أيضا التفكير في تأجيل حضوره لذبح الأضحية حتى يصبح أكثر نضجا واستعدادا.
المراقبة المستمرة: مراقبة ردود فعل الأطفال قبل وأثناء وبعد الحدث يمكن أن تساعد في تقديم الدعم الفوري والمناسب. إذا لاحظ الوالدان أي علامات ضيق شديد أو قلق، يمكنهم إبعاد الطفل عن المشهد وتفهم مخاوفه وتقديم طرق الدعم والاحتواء حتى يشعر بالأمان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات حضور الأطفال ذبح الأضحیة
إقرأ أيضاً:
لوفيغارو: لماذا تبعد فرنسا هذا العدد الكبير من الأطفال عن عائلاتهم؟
قالت صحيفة لوفيغارو إن نظام حماية الأطفال المعنفين بدأ يتصدع، وإن الكشف عن حالات العنف داخل المؤسسات ولدى الأسر الحاضنة يتزايد، في وقت يبدو فيه العاملون الاجتماعيون مرهقين، والقضاة مثقلين، وإدارات الدولة متهمة بالتخلي عن مؤسسات الرعاية.
وذكرت الصحيفة -في تقرير بقلم مادلين ميتاير- أن هناك عددا كبيرا جدا من الأطفال في دور الرعاية في فرنسا، وأن وضع هؤلاء لا يتحدث عنه إلا القليلون رغم انزعاج الآباء والأمهات، كما وضحت أن المحامين يعتقدون أن نظام حماية الطفل معاد للأسر، في حين يشعر العاملون الاجتماعيون بالخزي والعار، لأنهم شاهدوا العنف في المؤسسات التي كان من المفترض أن توفر الحماية للطفل.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مطلب جديد لأعضاء بالكنيست يستهدف المسجد الأقصىlist 2 of 2بما فيه الماء.. الاتحاد الأوروبي يدعو مواطنيه إلى تخزين غذاء كاف 72 ساعةend of listوأشارت الصحيفة إلى أن التغطية الإعلامية للمآسي التي أصابت الشباب في دور الرعاية، كالدعارة والاعتداءات، أدت إلى إطلاق الألسنة، مما دفع نوابا من كافة الأحزاب إلى إجراء تحقيق في هذه القضية، وكانت فرضية "الحضانات التعسفية" مدرجة على جدول أعمال هذه المراجعة التي سيتم تسليم نتائجها في الثامن من أبريل/نيسان.
وردا على السؤال هل نضع عددا كبيرا جدا من الأطفال تحت الرعاية؟ كانت هناك 3 إجابات، أولها "لا. لأن اقتلاع الطفل من عائلته دائما ما تكون له دوافع، والجواب الثاني نعم. لأن غالبية هذه القرارات تعسفية، أما الجواب الثالث، فهو أنه من الممكن تجنب بعض ذلك إذا استطاعت الخدمات الاجتماعية أن تكتسب ثقة الوالدين مسبقا.
ويعد وضع الطفل تحت الرعاية هو الملاذ الأخير في مجال حماية الطفل -كما تقول الصحيفة- وهو الخطوة الأخيرة في عملية المتابعة التي تبدأ بمكالمة هاتفية أو رسالة موجهة للرقم 119 أو مباشرة إلى وحدة جمع المعلومات المثيرة للقلق (كريب) من قبل أحد الجيران أو أحد المعلمين"، لتقوم بتقييم مدى الخطر، ويمكن للمدعي العام أن يطلب فورا وضع الطفل تحت الرعاية مؤقتا إذا كان الأمر يعرض حياة الطفل للخطر، إذا كان القلق أقل إلحاحا، فإن الخلية تترك التحقيق لخدمة رعاية الطفل التي يكثر انتقاد الأسر لها.
وأشارت الصحيفة إلى أن السمعة السيئة التي اكتسبتها خدمة رعاية الطفل بسبب الشائعات والاختلالات، تخلق على الفور حالة من عدم الثقة، وبالتالي ينظر إليها كغطاء للعدالة بدلا من النظر إليها باعتبارها خدمة عامة ومساعدا تربويا، ومعينا على إدارة الميزانية، وراعيا مؤقتا.
إعلانولكي نتجنب الذهاب إلى حد الوضع تحت الرعاية، يعتقد الباحث والمعلم السابق فيليب فابري أنه "من الأفضل فصل أنظمة الدعم عن أنظمة المراقبة"، وهو ما لن يمنع الأخيرة من معرفة العائلات.
لكي نتجنب الذهاب إلى حد الوضع تحت الرعاية، من الأفضل فصل أنظمة الدعم عن أنظمة المراقبة
بواسطة الباحث والمعلم السابق فيليب فابري
ومن غير المستغرب -حسب الصحيفة- أن تتزايد مشاعر عدم الثقة عندما تقدم خدمات رعاية الطفل مساعداتها في سياق تحقيق اجتماعي، وخاصة إذا كانت المساعدة بطيئة، يقول أحد قضاة محكمة الأحداث "في بعض الأحيان تستغرق التدابير مثل الدعم من صندوق دعم الأطفال ذوي الإعاقة أو الزيارات من أحد المعلمين أشهرا"، ويضيف "أخبرني الآباء بالفعل أنهم وقعوا على العقود فقط لتجنب المثول أمام المحكمة".
حالة مثاليةوضربت الصحيفة مثالا بعائلة ن، التي قالت إنها تجمع كل العناصر المذكورة أعلاه، من عدم الثقة في خدمة رعاية الطفل، إلى التحقيق الاجتماعي الذي يوصف بأنه تعسفي، إلى عدم التعاون، فلدى إليزا (25 عاما) وويليام ن. (31 عاما) 3 أطفال تتراوح أعمارهم بين 7 سنوات و6 أشهر.
وفي عام 2021، تقول إليسا "أبلغتني والدتي عن تعرض الأطفال للإساءة"، وأضافت "صحيح أننا كنا منهكين. كنا على خلاف مع مالك العقار ولم نتمكن من إدارة أعمال التنظيف. تعطلت الغسالة والسيارة أيضا والبيت كان متسخا".
وبحسب محامي الأطفال كانت هناك إساءة ليست بسيطة، وقد عرضت على الأسرة في البداية المساعدة التربوية الإدارية من قبل خدمة رعاية الطفل، ولكن المشاكل استمرت، فقدمت الخدمة طلبا لوضع الأطفال تحت الرعاية، وصادق عليه قاضي الأحداث.
أما محامي "ن" ميشيل أماس، فهو يرى أن موكليه "أشخاص عاديون لم يعجبهم أن يقال لهم إنهم لم يفعلوا الشيء الصحيح، ولم يعجبهم على الإطلاق أن المساعدة التي قبلوها بدافع حسن النية لم يتم إرسالها".
إعلانوأشارت الصحيفة إلى أن تحسين الدعم التربوي ليس مجرد هاجس بالنسبة للآباء ومحاميهم، بل هو أمر حتمي، "لا لأن وضع الطفل في هذه المراكز سيئ في حد ذاته أو مكلف للغاية" -كما يوضح باتريك جينيفاكس، مدير جمعية لمسؤولي حماية الطفل- بل لأنه قد يكون أكثر فائدة".
وخلصت لوفيغارو إلى أن العيون الآن تتجه إلى الخارج، حيث يعمل خبراء من سويسرا وبلجيكا وكيبيك على تحسين الممارسات الفرنسية، ويذكر لويس بوانسينيون بالمثال الإيطالي للكشف عن الإساءة، لأنه تتضمن الجمع بين عوامل الخطر كالبطالة والأبوة المنفردة، والمرض العقلي، لتحديد الأسر المعرضة للخطر من أجل تقديم المساعدة لها قبل وقوع أي حادث.