حكم ذبح الأضحية أثناء خطبة العيد
تاريخ النشر: 15th, June 2024 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية، عبر موقعها الرسمي، على سؤال يقول صاحبه: "ما حكم ذبح الأضحية أثناء خطبة العيد؟ فرجلٌ صلَّى صلاةَ عيد الأضحى مع الإمام، ثم انصرف عقب الصلاة مباشرة، وذبح أضحيتَه أثناء خطبة العيد، ويسأل: هل تجزئه هذه الأضحية شرعًا؟".
حكم ذبح ولد الأضحية.. الإفتاء توضح حكم ذبح الأضحية قبل صلاة العيدوقالت الإفتاء، إنه إذا ذبح الرجل أضحيتَه أثناء خُطبة العيد فإنها تجزئ عنه، ولا حرج عليه في ذلك شرعًا.
الأضحية مِن العبادات التي اختصها الشرعُ الشريف بوقت معلوم، حيث قال الله تعالى في شأنها: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [الحج: 28].
وقد أجمع الفقهاء على أنَّ الأضحيةَ لا يُجْزِئُ ذَبْحُهَا قَبْلَ طُلُوعِ فجرِ يوم النحر.
قال الإمام ابن المُنْذِر في "الإجماع" : [وأجمعوا على أنَّ الضَّحَايَا لا يجوز ذَبْحُهَا قبل طلوع الفجر مِن يوم النحر].
ومع إجماعهم على عدم إجزاء ذبح الأضحية قبل طلوع فجر يوم النحر، إلا أنهم اختلفوا في أَوَّلِ الوقت الذي يجزئ فيه الذبح بعد طلوع الفجر، ويرجع سبب هذا الاختلاف إلى تعدُّدِ رواياتِ الأحاديثِ الواردة في هذه المسألة، كما في "بداية المجتهد" للإمام أبي الوليد ابن رُشْدٍ الحفيد.
فذهب الحنفيةُ إلى أنَّ أَوَّلَ وقتِ ذبح الأضحيةِ يبدأُ بعد طلوع الفجر الصَّادِقِ يوم النَّحْرِ، لكن بشرط أنْ يكون الذَّبْحُ بعد أداء صلاة العيد إذا كان المضحي في بلدةٍ تقام فيها صلاةُ العيد، أما إذا كان المضحي في قريةٍ صغيرةٍ أو مكانٍ لا تُقَام فيه صلاةُ العيد فَيُجْزِئُهُ الذَّبْحُ بَعْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ مباشرةً ولو لَمْ يُصَلِّ صلاةَ العيد.
واستَدَلُّوا على ذلك: بما جاء عن أنسٍ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
وما جاء عن البَرَاء بنِ عازبٍ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ أَوَّلَ نُسُكِ يَوْمِكُمْ هَذَا الصَّلَاةُ» أخرجه الإمامان: أحمد والروياني في "مسنديهما".
ووجه الدلالة مِن الحديثين: أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيَّن أنَّ أوَّل النُّسُكِ يومَ الأضحى الصلاةُ، ثمَّ رَتَّبَ الذبحَ عليها، وذلك في حقِّ مَن يصلي العيد، أمَّا أهل البوادي والقُرى الصغيرة فلا تلزمهم صلاة العيد، ومِن ثَمَّ فلا يَثبُت الترتيبُ في حقهم، فلو ذَبَحُوا أضاحيهم بعد طلوع الفجر أجزأهم ذلك.
قال الإمام عَلَاءُ الدِّينِ الكَاسَانِي في "بدائع الصنائع" (5/ 73، ط. دار الكتب العلمية) في بيان أحكام الأضحية وشروطها: [وأمَّا الَّذِي يرجِعُ إلى وقت التَّضْحِيَةِ: فهو أنَّها لا تجوز قبل دخول الوقت؛ لأنَّ الوقت كما هو شَرْطُ الوجوبِ فهو شرطُ جواز إقامة الواجب، كوقت الصلاة، فلا يجوز لأحدٍ أنْ يُضَحِّيَ قبل طلوع الفجر الثَّانِي من اليوم الأول من أيام النَّحْرِ، ويجوز بعد طلوعه، سواء كان مِن أهل المِصر أو مِنْ أَهْلِ القُرَى، غير أنَّ للجوازِ في حَقِّ أَهْلِ المِصْرِ شرطًا زائدًا وهو أنْ يكون بعد صلاة العيد، لا يجوز تقديمُها عليه عندنا.. وَلَوْ ضَحَّى قَبْلَ فَرَاغِ الإمامِ مِنَ الخُطْبَةِ أَوْ قَبْلَ الخُطْبَةِ جَازَ؛ لأنَّ النَّبِي عليه الصلاةُ والسلامُ رَتَّبَ الذَّبْحَ على الصلاةِ لا عَلَى الخُطْبَةِ فيما رُوِّينَا مِنَ الأحاديث، فَدَلَّ أنَّ العِبْرَةَ للصلاةِ لَا للخُطْبَةِ].
الأضحيةوذهب المالكيةُ والإمام أحمد في رواية: إلى أنَّ وقت الذَّبْحِ يبدأُ بعد صلاةِ العيد والخطبة وَبَعدَ ذَبْحِ الإمامِ لأضحيته، وذلك لما جاء عن أبي بُرْدَةَ بنَ نِيَارٍ: أنه ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَذَا يَومٌ اللَّحْمُ فِيهِ مَكْرُوهٌ، وَإِنِّي عَجَّلْتُ نَسِيكَتِي لِأُطْعِمَ أَهْلِي وَجِيرَانِي وَأَهْلَ دَارِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَعِدْ نُسُكًا» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
فإذا لم يذبح الإمامُ ففي وقت الذبح خلافٌ عند المالكية، فقال بعضُهم: المعتَبَرُ صلاةُ الإمام، وقال البعضُ: المعتَبَرُ مرورُ قَدْرِ زَمَنِ ذبحِ الإمامِ لأضحيته بعد الصلاة. والمقصود بالإمام: هو إمام الناس في صلاة العيد على الراجح مِن المذهب، كما في "الفواكه الدواني" للإمام شهاب الدين النَّفَرَاوِي.
قال الإمام ضياء الدين خليل بن إسحاق المالكي في "التوضيح": [إنْ لَمْ يَذْبَح الإمامُ فالمُعْتَبَرُ صَلَاتُهُ].
وقال الشيخ العَدَوِي المالكي في "حاشيته على شرح الإمام الخَرَشِي للمختصر": [وَقْتُ الذَّبْحِ لِغَيْرِ الإمامِ في اليومِ الأَوَّلِ: بعدَ صلاةِ الإمامِ وَخُطْبَتِهِ وَذَبْحِهِ، وهذا إذا ذَبَحَ، فإنْ لَمْ يَذْبَحْ فإنَّهُ يَعْتَبِرُ قَدْرَ زَمَنِ ذَلِكَ].
وقال الإمام برهان الدين ابن مُفْلِح الحنبلي في "المبدع" في بيان وقت ذبح الأضحية: [وعنه: يُعتبر معها الفراغُ مِن الخُطبة، وهي اختياره في "الكافي"، وفي "المغني" و"الشرح" أنها ظاهر كلامه؛ لأنها كالجزء مِن الصلاة، وعنه: يعتبر مع ذلك ذبح الإمام].
وذَهَبَ الشافعيةُ والإمام أحمد في روايةٍ إلى أنَّ أول وقت الذبح للأضاحي يبدأ إذا طلعت شمسُ يومِ النحر بَعْد مُضِيِّ قَدْرِ صلاة العيد والخطبتين؛ لأن الخُطبتين تابِعَتَان للصلاة فَكَانَتَا كالجزء منها.
واستَدَلُّوا على ذلك بما استدلَّ به الحنفية مِن أحاديث، غَيرَ أنهم قالوا: إنَّ المراد بالصلاة في هذه الأحاديث الواردة إنما هو تقديرُ زمان الذبح بها، وليس المراد فعل الصلاة نَفْسه؛ لأنَّ التقدير بالزمان أشبه بمواقيت الصلاة وغيرها، ولأنه أضبط للناس في الأمصار.
قال الإمام النَّوَوِي الشافعي في "المجموع" في بيان مذاهب العلماء في وقت الأضحية: [مذهبنا: أنَّهُ يَدْخُلُ وقتها إذا طلعت الشمس يوم النحر ثم مَضَى قَدْر صلاة العيد وخطبتين.. فإذا ذَبَحَ بعد هذا الوقت أَجْزَأَهُ، سواء صلَّى الإمامُ أم لا، وسواء صلَّى المضحي أم لا، وسواء كان مِن أهلِ الأمصار أو مِن أهل القرى أو البوادي أو المسافرين، وسواء ذَبَحَ الإمامُ ضَحِيَّتَهُ أم لا، هذا مذهبنا].
وقال الإمام علاء الدين المَرْدَاوِي الحنبلي في "الإنصاف" في بيان أول وقت الذبح للأضاحي يوم النحر: [وقال الخِرَقِي وغيرُه: وَقْتُهُ قَدْرُ صلاةِ العيدِ والخطبةِ، فلَمْ يَشْتَرِط الفِعلَ، وجزم به في "الإيضاح"، وهو روايةٌ عن أحمد ذَكَرَهَا في "الروضة"].
وذهب الحنابلة في الصحيح إلى أنَّ أول وقت الذبح يبدأ بعد صلاة العيد مباشرةً قبل الخطبة في حق أهل الأمصار والقرى التي تقام فيها صلاة العيد، أو بعد مُضِيِّ قَدْر الصلاة في حق غيرهم ممن لا تُقام عندهم صلاة العيد؛ لأنهُ لا صلاةَ في حقهم تُعتبر، فوجب الاعتبار بقَدْرها، ولا يلزم المضحي أن ينتظرَ انتهاءَ الخطبة أو مُضِيَّ قَدْرها لكي يذبح أضحيته، وذلك لظاهر الأحاديث الواردة التي استدل بها فقهاءُ الحنفية والشافعية، حيث لم تَشترط هذه الأحاديثُ مُضِيَّ الخُطبة أو قَدْرها، وإنما رَتَّبَت الذبحَ على الصلاة وَحْدَها.
قال الإمام ابن قُدَامَةَ في "المغني" في بيان أول وقت الذبح للأضاحي يوم النحر: [والصحيح -إن شاء اللهُ تعالى- أنَّ وَقْتَهَا فِي الموضِعِ الَّذي يُصَلَّى فيهِ بعد الصَّلاة؛ لِظَاهِرِ الخبرِ، والعملُ بظاهرهِ أَوْلَى، فأمَّا غيرُ أهلِ الأمصارِ والقُرَى، فأوَّلُ وَقْتِهَا في حقِّهم قَدْرُ الصَّلاةِ والخُطبةِ بعدَ الصَّلاةِ؛ لأنَّهُ لا صلاةَ في حَقِّهِم تُعْتَبَرُ، فَوَجَبَ الاعْتِبارُ بِقَدْرِهَا].
وقال الإمام برهان الدين ابن مُفْلِح في "المبدع": [أَوَّلُ (وقت الذبح يوم العيد بعد الصلاة) أي: صلاة العيد (أو قَدْرها) في حق مَن لَمْ يُصَلِّ، وجزم به أكثرُهم، فظاهره أنه إذا مَضَى أحدُ الأمرين دَخَل وقتُ الذبح إذا مَضَى قَدْر الصلاة الثانية، وظاهره ولو سَبَقَت صلاة الإمام، ولا فرق فيه بين أهل الأمصار والقرى ممن يصلي العيد وغيرهم؛ لأنها عبادةٌ يَتعلق أجرُها بالوقت، فتَعَلَّق أَوَّلُها به، كالصوم، فعلى هذا: إذا ذبح بعد الصلاة قبل الخطبة أو بعد قَدْر الصلاة -وقيل: قَدْر الخُطبة- أجزأه؛ لعدم اشتراط مُضِيِّ الخُطبة أو قَدْرها؛ لأنها سُنَّة].
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأضحية خطبة العيد صلاة عيد الأضحى الصلاة الإفتاء دار الإفتاء ذبح الأضحیة ل وقت الذبح صلاة العید قال الإمام طلوع الفجر یوم النحر ح الإمام بعد طلوع حکم ذبح ت الذبح أثناء خ بعد الص یوم الن ق د رها الله ع إلى أن ى الله
إقرأ أيضاً:
هل ثواب الصلاة مع الزملاء في العمل تعدل الجماعة بالمسجد؟.. الموقف الشرعي
في ظل تساؤلات عديدة حول أفضلية أداء الصلاة بين المسجد أو مصلى العمل أو المنزل، أوضح علماء الدين بعض الأحكام والتوجيهات الشرعية التي تجيب عن تلك الأسئلة وتزيل اللبس لدى كثير من المصلين.
حكم الصلاة جماعة في العمل
أكد الدكتور مجدي عاشور، المستشار السابق لمفتي الجمهورية، أن الصلاة جماعة في مكان العمل جائزة، وتعد مصلى العمل بمثابة نموذج مصغر من المسجد، ويأخذ المصلي فيها أجر صلاة الجماعة.
وأضاف عاشور، ردًا على سؤال حول ما إذا كانت الصلاة في مصلى العمل تعدل الصلاة في المسجد البعيد، أن المسجد الكبير له خصوصية وأجر عظيم، حيث تحتسب خطوات المصلي إليه بالحسنات وتُكفر بها الخطايا، لكن إذا تعذر الذهاب إلى المسجد البعيد، فيجوز أداء صلاة الجماعة في العمل، ويكتب للمصلي أجر الجماعة، مشيرًا إلى أن فضل الله واسع ويشمل كل ظروف المصلين.
ما هو وقت صلاة الفجر الصحيح؟.. اغتنم الفضل كاملا بهذه الساعةفضل الصلاة على النبي .. وأفضل صيغة لقضاء الحوائج في دقائق.. الشعراوي يحددهاأمين الفتوى يوضح حكم قراءة سورة الناس في الركعة الأولى من الصلاةهل من أحدث بين التسليمتين بطلت صلاته؟.. أمين الإفتاء يحسم الجدلالصلاة في المنزل
أما عن حكم أداء الصلاة في المنزل، فقد تناول الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، هذا الموضوع خلال بث مباشر عبر صفحة دار الإفتاء المصرية على موقع فيسبوك.
أوضح ممدوح أن الصلاة في المنزل جائزة سواء بسبب ظروف مثل انتشار الأمراض كفيروس كورونا أو لأي سبب آخر، مؤكدًا أن صلاة الجماعة في المسجد ليست واجبة على المسلمين بشكل فردي، لكنها تُعد فرض كفاية، فإذا أقيمت في المسجد من قِبَل بعض المسلمين سقطت عن الباقين.
وأشار الشيخ إلى أن هناك اجتهادات مذهبية مختلفة بشأن هذا الأمر، حيث يرى البعض أن الصلاة في المسجد سنة مؤكدة، بينما يراها آخرون غير واجبة.
ونصح من يصلي في المنزل بسبب الخوف من المرض أن يحتسب الأجر على النية، كما شدد على ضرورة اتخاذ الاحتياطات اللازمة عند الصلاة في المسجد في حال الاضطرار، مثل استخدام سجادة شخصية لتحقيق الوقاية.
بين المسجد والعمل والمنزل
تعكس هذه الآراء مرونة الشريعة الإسلامية في التعامل مع ظروف المصلين وتقديرها للأعذار المختلفة، مع التأكيد على أهمية النية الخالصة في كل حال، سواء في المسجد أو العمل أو المنزل، لضمان الحصول على الأجر والثواب.