قالت دار الإفتاء المصرية، إنه يجوز شرعًا لمَن وجب عليه دم الفدية بسبب ارتكاب محظور من محظورات الإحرام، أو ترك واجب من واجبات الحج؛ أن يذبح الهدي خارج الحرم؛ سواء في بلده أو غيره.
أوضحت الإفتاء، أن الحج من شعائر الله تعالى المشتملة على العديد مِن المناسك والقربات، المتنوعة في مقاديرها وصفاتها وطرق أدائها، ولَمَّا كانت أحوال الحجاج في أدائها تختلف باختلاف قدراتهم على تحمل مشقتها، ونظرًا لكثرة ما يكتنفها من الأحكام والأعمال، وتحديدِ كلِّ شعيرةٍ بوقتٍ وصفةٍ ومكانٍ؛ فإن الحاج قد يَعرض له ما يمنعه من إتمام بعضها، أو يقع في شيء من محظوراتها؛ ولذا أَوْجَبَ اللهُ تعالى الفديةَ جبرانًا للنقص وجزاءً لارتكاب المحظور.
وتختلف هذه الفديةُ باختلاف سبب وجوبها:
- فمنها: ما يجب بسبب ارتكاب أحد محظورات الإحرام: كحلق شعر الرأس، وقص الأظافر؛ سواء كان ذلك لعذر، أو لغير عذر؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ [البقرة: 196]. والنسك: الفدية بدم.
وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرَّ به زمنَ الحديبية، فقال: «قَدْ آذَاكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟» قال: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «احْلِقْ، ثُمَّ اذْبَحْ شَاةً نُسُكًا، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ ثَلَاثَةَ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ» أخرجه الإمام مسلم في "الصحيح"، وأبو داود في "السنن"، والطبراني في "الكبير"، وابن حبان في "الصحيح".
وأجمع العلماء على أن الفدية واجبة على مَن أتى بموجبها؛ قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد": [وأجمعوا أن الفدية واجبة على مَن حلق رأسه مِن عذر وضرورة، وأنه مخيَّر فيما نص الله ورسوله عليه مما ذكرنا].
وقال علاء الدين المرداوي في "تصحيح الفروع": [أجمع أهل العلم على أنَّ الْمُحْرِمَ ممنوعٌ مِن أخذ أظفاره، وعليه الفدية بأخذها].
وإذا كانت الفديةُ واجبةً على المعذور في ارتكاب المحظور؛ فَلَأَنْ تكونَ واجبةً على غير المعذور في ارتكابه مِن باب أَوْلَى.
- ومنها: ما يجب بسبب التعدي على الصيد: وهو الجزاء؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [المائدة: 95].
- ومنها: ما يجب بسبب الإحصار: وهو تعذر الوصول لمكة لأداء النسك بعد الإحرام به بسبب العذر؛ مِن نحو مرض أو صعوبة طريق؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [البقرة: 196].
- ومنها: أنَّ مَن ترك واجبًا من واجبات الحج فلا يجزئه -عند القائل بأن المتروك واجبٌ- إلا الدم؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا، أَوْ تَرَكَهُ؛ فَلْيُهْرِقْ دَمًا" أخرجه الإمام مالك في "الموطأ"، وابن وهب في "الجامع"، والبيهقي في "السنن" و"معرفة الآثار" واللفظ له.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الفدية محظورات الإحرام واجبات الحج الحرم الهدي وجوب الفدية شعائر الله
إقرأ أيضاً:
كيفية الجمع بين الحج والعمرة في نفس الوقت.. أمين الفتوى يوضح
قال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه يجوز للحاج أن يبدل بين أنواع الحج بناءً على ظروفه الشخصية، ولكن بشرط ألا يخلّ بأي ركن من أركان الحج.
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، أن الحج المفرد ليس مقتصرًا فقط على أهل مكة، بل يمكن لأي شخص أداءه، حيث يقتصر هذا النوع من الحج على أداء مناسك الحج فقط دون أداء العمرة، مضيفا أن الحاج في الحج المفرد يمكنه التوجه مباشرة إلى عرفات في يوم عرفة، ويكمل مناسكه بعد طواف القدوم والسعي.
ما يجب على المرأة فعله قبل السفر للحج؟.. أمينة الفتوى تجيب
ما حكم الشرع في أداء الحج بدون تصريح؟.. الإفتاء تجيب
أمين الفتوى: الاستطاعة في الحج لا تقتصر على المال فقط
حكم الشرع في شخص أدى فريضة الحج من مال حرام.. الإفتاء تكشف
وفيما يخص الحج القارن، أشار إلى أن الحاج القارن يجمع بين العمرة والحج في نفس الوقت، ولا يتحلل بينهما، ويحتاج إلى ذبح الهدي لأنه قام بأداء النسكين معًا، ومن بعد طواف القدوم، يقوم الحاج بأداء السعي بين الصفا والمروة ويكفيه سعي واحد فقط، وهو ما يميزه عن الحج المتمتع.
أما بالنسبة للتمتع، فقال إن الحاج في هذا النوع يؤدي العمرة أولًا، ثم يتحلل منها ويعود إلى حياته الطبيعية حتى اليوم الثامن من ذو الحجة، حيث يرتدي ملابس الإحرام لأداء الحج، المتمتع في هذا النوع عليه أداء سعيين، أحدهما للعمرة والآخر للحج، بالإضافة إلى ذبح الهدي.
وأضاف الشيخ عويضة أنه من الممكن تبديل الأنواع، بحيث يمكن للحاج أن يغير من نوع الحج الذي يخطط لأدائه، ولكن يجب أن يلتزم بجميع الأركان والواجبات دون استغناء عن أي منها، موضحا أن الفقه الإسلامي يسمح بمرونة في الحالات الطارئة التي قد تواجه الحاج، ويمنح تسهيلات لأصحاب الأعذار والضرورات دون التفريط في مناسك الحج الأساسية.