تحت رعاية الشيخة فاطمة بنت مبارك.. الاتحاد النسائي العام يطلق الدفعة الرابعة من «مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن»
تاريخ النشر: 15th, June 2024 GMT
تحت رعاية سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات»، أطلق الاتحاد النسائي العام الدفعة الرابعة من «مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن»، بالتعاون مع وزارة الدفاع، وبالتنسيق مع مكتب الاتصال لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في أبوظبي، تأكيداً على حرص دولة الإمارات العربية المتحدة على تعزيز إسهام المرأة في نشر ثقافة الحوار والسلام وتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية لبلادهن والعالم.
بهذه المناسبة أعربت سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك، عن فخرها بالإنجازات التي حققتها دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز حضور المرأة ودعم مشاركتها الفاعلة في قطاعي السلام والأمن، ما يعكس رؤية وحكمة القيادة الرشيدة بقيادة صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وأخيه سموّ الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، وإخوانهم أصحاب السموّ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، وإيمانهم بالدور المهم والمحوري الذي تؤديه المرأة في المجالات كافة، كونها أحد ركائز الرؤية التنموية التي تقود المجتمعات إلى الازدهار والرخاء.
وأكدت سموّها أن مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن، تأتي تأكيداً وتجسيداً لهذه الرؤية المستنيرة، بعدما أصبحت رافداً مؤثراً للدفع بأجندة المرأة والسلام والأمن على الصعيدين الإقليمي والعالمي، لدورها في بناء القدرات الوطنية والإقليمية والعالمية في مجال المرأة والسلام والأمن والنهوض بكفاءتها وقدرتها للعبور إلى فرص تحقق معها السلام والرخاء والتقدم، ومنحها القدرة على تأدية واجبها تجاه وطنها والآخرين في شتى بقاع الأرض، إلى جانب المساهمة في خلق بيئة تمكينية للمرأة وزيادة الوعي العام عن النوع الاجتماعي وحفظ السلام.
وتمنَّت سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك لجميع المشاركات كل التوفيق والنجاح، مبدية ثقتها الكبيرة في قدرتهن على تحقيق الاستفادة القصوى من البرنامج التدريبي، بما يساهم في النهوض بإمكانات شعوبهن على تجاوز التحديات القائمة والعبور إلى فرص تحقق معها السلام والرخاء. واختتمت سموّها: «بكل المحبة والوفاء والسلام، المتجذر في أرضنا الطيبة المعطاءة، تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة السير على نهجها الراسخ في تعزيز جسور التعاون والعلاقات الفاعلة والمتوازنة القائمة على الثقة والمصداقية والاحترام المتبادل مع دول العالم لتحقيق الاستقرار والازدهار للجميع».
وقال معالي محمد بن مبارك فاضل المزروعي، وزير الدولة لشؤون الدفاع: «تأتي (مبادرة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن) في إطار التزام دولة الإمارات بدعم الأدوار الحيوية للمرأة في مناطق الحروب والنزاعات. فالمرأة ليست متلقية للمساعدات في هذه المناطق فحسب، بل هي أيضاً عنصر أساسي في تحقيق السلام والأمن. نحن نؤمن بأن تمكين المرأة يمكن أن يكون له تأثير مضاعف، حيث تسهم النساء في بناء جسور السلام والحوار وتعزيز الاستقرار في مجتمعاتهن بطرق فريدة وأساسية. ونحن في وزارة الدفاع ملتزمون بتوفير كل الدعم اللازم لإنجاح هذه المبادرة وضمان تحقيق أهدافها النبيلة، من خلال برامج التأهيل والتدريب العسكري التي تشرف عليها مدرسة خولة بنت الأزور العسكرية، التي باتت صرحاً عسكرياً يعنى بتدريب وتأهيل المرأة وفق أعلى المعايير في العلوم العسكرية الأكاديمية».
وأعربت سعادة نورة السويدي، الأمينة العامة للاتحاد النسائي العام، عن بالغ سعادتها بإطلاق الدفعة الرابعة لمبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن، مشيرة إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تستثمر خبرتها وتجربتها للقيام بدورها في تمكين المرأة في جميع أنحاء العالم من خلال تعزيز أجندة المرأة والسلام والأمن، في ظل توجيهات القيادة الرشيدة ورعاية سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات».
وقالت سعادتها: «تؤمن سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك (أم الإمارات)، بالدور المهم والأساسي للمرأة في المجالات كافة باعتبارها إحدى ركائز الرؤية التنموية التي تقود المجتمعات، وتحظى المرأة العربية وجميع نساء العالم باهتمام سموها بما يسهم في بناء قدراتهن وتطوير مهاراتهن، والحرص على تعزيز الشراكات الدولية، والأطر المؤسسية العالمية، إلى جانب تقديمها الدعم لمنظمات العمل الإنساني والخيري على المستويين الإقليمي والعالمي للمساهمة النوعية في تحسين حياة المرأة كجزء من بناء مجتمعات آمنة ومستقرة.
وأوضحت سعادة السويدي أن الاتحاد النسائي العام ترجم هذه التوجهات، على مدى سنوات من العمل الدؤوب بالتعاون مع الجهات الاتحادية والمحلية ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، إيماناً منها بأن تمكين المرأة في مجال الأمن والسلم يُعدّ من أهم ركائز القوة الدافعة للسلام وتحقيق الأمان للنساء والفتيات وللنماء والتقدم وهو المحور الرئيسي لصناعة مستقبل أفضل وأكثر سلاماً ووعياً للعالم.
وقالت الدكتورة موزة الشحي، مدير مكتب اتصال هيئة الأمم المتحدة للمرأة لدول مجلس التعاون الخليجي: «في ظل الصراعات والتحديات التي يعيشها العالم، والتهديدات التي يتعرض لها الأمن الإقليمي، بات من الضروري تعزيز مشاركة المرأة وقيادتها في جميع المسائل المتعلقة بالمشكلات الأمنية، لأن التجربة أثبتت أن إشراك المرأة في بناء السلام، ومنع الصراعات يؤدي إلى نتائج أكثر استدامة، تشمل خلق وتعزيز بيئة تدعم احتياجات إعادة التأهيل وإعادة البناء والتعافي بعد انتهاء الصراع. تُرحِّب هيئة الأمم المتحدة للمرأة بمواصلة التعاون مع دولة الإمارات في إطار مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن، لدعم قيادة المرأة، وبناء كوادر نسائية عالمية في هذا القطاع الحيوي».
وتشارك في الدفعة الرابعة لمبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن متدربات عسكريات من 10 دول، وهي: دولة الإمارات العربية المتحدة، جمهورية مصر العربية، مملكة البحرين، جمهورية اليمن، جمهورية تنزانيا، جمهورية غامبيا، جمهورية ليبيريا، جمهورية باكستان، جمهورية كوسوفو، وجمهورية قيرغيزستان.
ويعقد البرنامج التدريبي الذي سيستمر حتى سبتمبر 2024، بهدف بناء قدرات المرأة وتطويرها في مجال السلام والأمن، وإنشاء شبكات تواصل بين النساء المعنيات بالعمل في المجال العسكري وحفظ السلام، وزيادة تمثيل المرأة في القطاع العسكري وقوات حفظ السلام وتعزيز الفعالية التشغيلية لقوات حفظ السلام.
وتقدم أكاديمية خولة بنت الأزوار العسكرية للنساء في أبوظبي، البرنامج التدريبي لمدة شهرين ونصف، وتضم المواد التدريبية: الجوجيتسو، اللياقة البدنية، الأمن العسكري، الأمن الشرطي، الأمن الداخلي، السلامة، حفظ السلام، إدارة الدورة، الإدارة الشخصية، التدريب على الأسلحة، الاستخبارات، الطبوغرافيا العسكرية، تدريب التعايش، مهارة المعركة، مهارة الميدان، الدوريات، فن القيادة، القتال في المناطق المبنية، هندسة الميدان، الاتصالات، الدفاع الكيميائي، المسعف المقاتل، حركات المشاة.
ويفتح البرنامج التدريبي مساراً وظيفياً غير تقليدي للعديد من النساء، بهدف إلهامهن للانضمام إلى قوات الأمن الوطنية والالتحاق بعمليات حفظ السلام. ويقدم البرنامج التدريبي فوائد نفسية، ويُعزِّز من مهارات القيادة والثقة بالنفس، ويحسن من مهارات الخطابة، ويساهم في ترسيخ الإيمان لدى المتدربات بقدرتهن على الإنجاز.
وعُقدت جلسة تعريفية للمشاركات في الدفعة الرابعة، للتعريف بالمبادرة وأهدافها، واستعراض دور السلام في تحقيق التنمية المستدامة والتعايش السلمي بين الشعوب، وافتتحت الجلسة بكلمات لكل من العنود يوسف، المدير التنفيذي بالإنابة لمركز الشيخة فاطمة بنت مبارك للمرأة والسلام والأمن، والدكتورة موزة الشحي، مدير مكتب اتصال هيئة الأمم المتحدة للمرأة لدول مجلس التعاون الخليجي، وقدَّم ديفيد فرناندز، السفير والمراقب الدائم لجامعة الأمم المتحدة للسلام لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جينف، جلسة نقاشية بشأن «التعليم من أجل السلام».
وتُعدّ دولة الإمارات العربية المتحدة من أبرز الشركاء الفاعلين في تعزيز مشاركة المرأة في مجالي الأمن والسلام، وزيادة عدد النساء المؤهلات للعمل في القطاع العسكري، وتحقيق الأهداف الاستراتيجية لقرار مجلس الأمن رقم 1325، منذ إصداره في عام 2020، وما تبعه من مساعي حثيثة لدعم وتمكين النساء والفتيات في قطاعي السلام والأمن على الصعيد العالمي.
ويستند البرنامج التدريبي لبناء الكوادر النسائية في مجالات العمل العسكري إلى اتفاقية وقعتها عام 2018 وزارة الدفاع في دولة الإمارات العربية المتحدة والاتحاد النسائي العام وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، في مقر بعثة دولة الإمارات لدى الأمم المتحدة في نيويورك. وأطلق اسم «مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن» على هذا البرنامج التدريبي الرائد في سبتمبر 2020، على هامش احتفالات هيئة الأمم المتحدة بمرور عشرين عاماً على اعتماد قرار مجلس الأمن 1325. وتتولى مدرسة خولة بنت الأزور في وزارة الدفاع في أبوظبي، تدريب النساء العاملات في السلك العسكري والأمني من الدول العربية والدول الصديقة وإنشاء شبكات لدعمهم حول العالم.
ويُذكر أن أكثر من 500 متدربة تخرجن من الدفعات الثلاث السابقة لمبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: دولة الإمارات العربیة المتحدة هیئة الأمم المتحدة للمرأة الاتحاد النسائی العام البرنامج التدریبی والسلام والأمن الدفعة الرابعة وزارة الدفاع حفظ السلام فی بناء
إقرأ أيضاً:
خير صديق (2).. فاطمة بارودي تكتب: ماذا قرأ الناطقون بالفرنسية العام الماضى؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
جيل كيبيل: هجوم 7 أكتوبر قلب الموازين الجيوسياسية بالشرق الأوسط والعالم
فرنسا نحو اليمين أم اليسار؟.. فنسنت تيبيرج يفكك الأسطورة
استعرضت الصحف والمواقع الفرنسية، أهم الكتب التي صدرت خلال عام ٢٠٢٤، وتعددت الترشيحات حسب اهتمام كل موقع أو صحيفة، لكن مجموعة معينة من الإصدارات كانت محل اهتمام كبير لقراء اللغة الفرنسية، وكان من الملاحظ أن أفريقيا حاضرة بقوة ضمن تلك الإصدارات.
في السطور التالية، نعرض لأهم ما ذكرته المواقع الفرنسية، سواء بالنسبة للكتب أو الروايات.
جيل كيبيل: اضطراب العالم بعد ٧ أكتوبر
"مجزرة في غزة، تصفية قادة حزب الله وحماس، سقوط بشار الأسد في سوريا، إضعاف إيران.. تأثيرات هجوم ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ الذى نفذته حماس لا تنتهي أبدًا فى ظل إعادة تشكيل المشهد السياسي فى الشرق الأوسط".. هكذا تحدث أستاذ الجامعات الفخري والمستعرب الكبير، جيل كيبيل، عندما دعاه معهد العالم العربي فى باريس لمناقشة أحدث كتبه "اضطراب العالم بعد ٧ أكتوبر" الصادر العام الماضى (طبعة بلون، ٢٠٢٤)، لمحاولة فهم تداعيات هذا الحدث على المنطقة.
وجيل كيبيل، أستاذ جامعي وعالم سياسي ومستعرب معروف لدى المثقفين والقراء العرب. من مؤلفاته: الأزمات في البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط (٢٠١٨)، والنبي في بلاده (٢٠٢٣)، والمحرقة (٢٠٢٤). وترجمت كتبه إلى نحو عشرين لغة. ويرى كثيرون أن قراءة جيل كيبيل تحتاج إلى التعامل مع أفكاره باعتبارها ترياقًا للتطرف الديني سواء بين الأصوليين اليهود الموجودين في حكومة بنيامين نتنياهو الذين يحلمون بطرد جميع الفلسطينيين من الأراضي "التي يعتبرونها توراتية"، أو بين الإسلاميين المتطرفين الذين ليس لديهم سوى "هاجس مسح الدولة اليهودية من الخريطة" على حد قوله فى ظل الدعوات العالمية بحل الدولتين. وبعد تقديم تحليل متعمق للمنطق السياسي الديني الذي يطلق العنان لهذه المشاعر القاتلة، يقدم جيل كيبيل رؤيته من خلال منظور متكامل للتحول الذى يشهده العالم. حيث أدى الهجوم الذي نفذته حماس في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، ثم المذبحة التي تعرض لها الفلسطينيون في غزة، إلى تعطيل النظام العالمي الذي تم إنشاؤه بعد الحرب العالمية الثانية، حسبما يقول جيل كيبيل. ويشير جيل كيبيل إلى الاضطرابات الجيوسياسية، مع ظهور "الجنوب العالمي" الذي يحاول أن يلغي هيمنة "الشمال"، وبروز مصطلح "الإبادة الجماعية"، المرتبط تاريخيًا بإنشاء دولة إسرائيل.. وأخيرًا، الانقسام المجتمعي، في دول "الشمال" المبتلاة باستقطاب غير مسبوق للهوية، بين الشعارات اليسارية المتطرفة والشعبوية اليمينية المتطرفة.
وتعرض، فى كتابه، إلى أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني اخترق أيضًا قلب الدول الغربية، حيث انطلقت المظاهرات وأدت إلى انقسامات داخل الحرم الجامعى خاصةً فى أعرق الجامعات، مثل هارفارد فى الولايات المتحدة ومعهد العلوم السياسية فى باريس، إلى جانب إثارة القضية الفلسطينية في الانتخابات الكبرى في أوروبا وأمريكا.
فنسنت تيبيرج: اليمين الفرنسى بين الأسطورة والواقع
في أي اتجاه تميل فرنسا؟ كان التوجه الأيديولوجي للبلاد أحد الأسئلة الكبرى خلال عام ٢٠٢٤، خاصةً بعد قرار إيمانويل ماكرون بحل الجمعية الوطنية وما تلا ذلك من تداعيات.
يبدو الأمر فى نظر كثيرين أن المجتمع الفرنسي سيصبح أكثر تحفظًا. لكن أستاذ علم الاجتماع السياسي في معهد العلوم السياسية في بوردو، فنسنت تيبيرج، يطرح فى كتابه الجديد "اليمين الفرنسي بين الأسطورة والواقع" رؤية بانورامية متكاملة قد تصل إلى حد التشكيك في الكليشيهات الجاهزة عن صعود اليمين. حيث يتحدى هذا الكتاب، في الوقت المناسب، بعض الأفكار المسبقة.
ويقدم فنسنت تيبيرج، المتخصص في علم الاجتماع الانتخابي، فى أحدث أعماله، تطبيقًا عمليًا للبديهية التي بموجبها يمكن كسر تلك المفاهيم المسبقة. ويرى أن هناك في الواقع ملاحظة مشتركة على نطاق واسع في المناقشة العامة مفادها أن فرنسا تتحرك نحو اليمين. ويبدو أن النتائج الانتخابية وكذلك استطلاعات الرأي تؤكد هذه الفرضية، إلا أن فنسنت تيبيرج يأخذ على عاتقه إثبات أنه على الرغم من المظاهر، فإن فرنسا تشهد حركة يسارية بالكاد مرئية ومعاكسة جذريًا للمظهر العام. ويشير إلى الطريقة التي يتحدث بها السياسيون عن الفوارق الاجتماعية والقضايا المجتمعية «في الأعلى»، والتي تتعارض مع هموم المجتمع فى «الأسفل». إنه يسلط الضوء على الاستسلام الكبير للمواطنين في مواجهة الأحزاب ويرى أن اليمين هو مجرد أسطورة، ولكنه مثل كل الأساطير قد يخلف تداعيات خطيرة على التوازن السياسي ومستقبل الفرنسيين.
ويذكر فنسنت تيبيرج أن الدراسات تصور الفرنسيين الذين أصبحوا متسامحين ومنفتحين بشكل متزايد في المسائل المتعلقة بالجنس أو الحريات الفردية، كما لو كانوا فى حالة غموض على المستوى الاقتصادي بين المطالبة بدولة أكثر اجتماعية وبين تفضيل الليبرالية. ويقول: "نحن بعيدون كل البعد عن حركة يمينية في المجتمع الفرنسي". ويميل تيبيرج إلى اليسار، ويقلل من موضوعات الهجرة أو انعدام الأمن. ويرى أن فرضية "التلاعب اليميني" من قبل وسائل الإعلام والنخبة السياسية تجعلنا نبتسم عندما نعرف حقيقة تأثير اليسار الثقافي في وسائل الإعلام العامة.
وبوحه عام، إذا كان كتاب تيبيرج يدعو إلى التفاؤل على المدى الطويل، فإنه لا يبدد تمامًا أسباب التشاؤم على المدى القصير، خاصةً فى ظل تنامى اليمين واليمين المتطرف فى عدة دول غربية.
راينر زيتلمان: كيف تنجو الأمم من الفقر؟
في عام ١٩٩٠، كانت فيتنام أفقر دولة في العالم، حيث بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ٩٨ دولارًا، وهو أسوأ من الصومال أو سيراليون. وكانت بولندا واحدة من أفقر الدول في أوروبا، حيث كان متوسط دخل المواطن البولندي أقل من ٥٠ دولارًا شهريًا. ومنذ ذلك الحين شهدت فيتنام معدل نمو سنوي متوسط بلغ ٧٪، ويعاني أقل من ٥٪ من الفيتناميين اليوم من الفقر المدقع. وشهد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في بولندا ثلاثة أضعافه بفضل متوسط نمو بلغ ٣.٥٪، مما جعلها وسط الاقتصاد الأوروبي الأكثر ديناميكية لمدة ثلاثين عاما.
في كتابه "كيف تنجو الأمم من الفقر؟" الذى تمت ترجمته للفرنسية، يحلل الليبرالي الألماني راينر زيتلمان ما يطلق عليه "المعجزات الاقتصادية" في هذين البلدين. ومن خلال استخلاص الدروس، تمكنت فيتنام وبولندا من إجراء إصلاحات جذرية، والارتباط بالاقتصاد العالمي. وبطبيعة الحال، تظل فيتنام نظامًا ماركسيًا. وفي بولندا، شكك حزب القانون والعدالة، وهو الحزب الشعبوي الذي تولى السلطة من عام ٢٠١٥ إلى عام ٢٠٢٣، بجدية في الليبرالية الاقتصادية، قبل أن ينتقم دونالد تاسك الليبرالي المؤيد لأوروبا. ولكن بالنسبة للمؤلف راينر زيتلمان فإن التقدم المذهل الذي حققته بولندا وفيتنام يؤكد أن النمو والحرية الاقتصادية هما أفضل الأدوات لتحسين ثروة ورفاهية الأمم.
ثروة أدبية فى ٢٠٢٤
تميز عام ٢٠٢٤ بغناه الأدبي، حيث قدم لقراء الفرنسية مجموعة متنوعة من الأعمال الجذابة والمبتكرة التي تتميز بأصالتها وعمقها وقدرتها على التعبير عن المشاعر الإنسانية.
"النفوس الشريرة" وظلمة النفس البشرية
في نسختها الثالثة والعشرين، مُنحت جائزة "فناك" للرواية في سبتمبر إلى ماري فينجترا عن رواية "النفوس الشريرة ". حازت هذه الرواية على موافقة لجنة تحكيم مكونة من ٤٠٠ بائع كتب و٤٠٠ قارئ من أعضاء العلامة التجارية من بين الثلاثين عنوانًا المتنافسة، حسب التقليد المتبع فى تحديد العمل الفائز. هذا الكتاب هو الثاني للروائية، وتدور أحداثها بين الإثارة والتأثيرات النفسية، في بلدة صغيرة في الولايات المتحدة. قُتلت فتاة صغيرة وتم تكليف الشريف هوبلر بالتحقيق، حيث الادعاءات الكاذبة والألغاز والأقدار المتشابكة لا تكشف إلا ظلمة النفس البشرية.
"حورس" وحرب الاستقلال والعشرية السوداء بالجزائر
جائزة أخرى لا يمكن تفويتها، وهي جائزة جونكور، والتي ذهبت العام الماضى إلى الكاتب والروائى الفرنسى الجزائرى كامل داود عن روايته "حورس". يتناول المؤلف تاريخ الجزائر من خلال أحداث تتعلق بكلٍ من حرب الاستقلال والحرب الأهلية أو العشرية السوداء في تسعينيات القرن الماضى، من خلال شخصية أوب.. عبر سرد رحلة مظلمة للغاية إلى الجزائر في التسعينيات، يكتشف القارئ قصة أوب، الطفلة التي نجت من مذبحة عائلتها بالكامل على يد الإرهابيين، لكنها تحمل الندوب ومنها ندبة كبيرة على رقبتها إلى جانب تلف في الأحبال الصوتية. عندما أصبحت بالغة كانت مذهولة للغاية بشأن الحياة التي تعيشها، فتقرر العودة إلى مكان المأساة..تتحدث إلى طفلها الذي تحمله أثناء عودتها إلى قريتها الأصلية. في مواجهة الصدمات والوفيات والأسئلة العديدة، تحاول أوب إعادة بناء نفسها، ويتعامل معها كامل داود فى إطار إعادة إعمار البلد بالكامل.
"جاكاراندا" وتاريخ الإبادة الجماعية للتوتسى فى رواندا
كانت عودة "جايل فاي" إلى الأدب مدوية مع رواية "جاكاراندا"، التي فازت بجائزة رينودو.. تدور أحداث الرواية للمؤلف الفرنسي الرواندي الأكثر مبيعًا في بوروندي خلال تسعينيات القرن العشرين، ويستحضر الحنين الرهيب لعالم دمرته الحرب، وتتناول الرواية تاريخ الإبادة الجماعية للتوتسي في رواندا، لتضاف إلى الفسيفساء الغنية للأدب الفرنسي والفرانكفوني المعاصر، في رواية تتناقلها الأجيال.
الهجرة إلى المجهول فى "حلم الصياد"
رواية "حلم الصياد" للروائية الكاميرونية الفرنسية هيملي بوم تأخذك إلى تداعيات الهجرة وعبور المحيط فى محاولة لإعادة اختراع الحياة في فرنسا.. في "حلم الصياد"، يفقد زكريا كل شيء بينما يحلم بتحقيق مستقبل جيد لعائلته.. يقتلعهم الحلم، ويلقي بهم في دروب المنفى، من الساحل الكاميروني إلى باريس. وبعد جيلين، يستعد حفيده زاك لسلوك الطريق المعاكس.. قصة حب، في غاية الجمال.
زكريا، صياد سمك، يعيش في كامبو بالكاميرون، ربما في السبعينيات.. زاك، حفيده عالم النفس، يعيش في باريس اليوم. وتنسج هيملي بوم مساراهما، في الخيال على الأقل، لأنهما لا يعرفان بعضهما البعض. كلاهما ينتمي إلى سلالة ملعونة من الرجال الهاربين الذين لا يعرفون كيف يعيشون. هيملي بوم تبدأ قصتهما وتنتهي عند مصب نهر نتم، كمكان للحبكة. وتصف هذا المكان المتناقض "للقاء والصدام"، حيث يمتزج كل شيء: الحياة والموت، الجمال والخطر، الأساطير الملحمية وسبل العيش البسيطة. هنا، تتدفق مياه النهر البنية إلى المياه الصخرية للمحيط، والتي يتم حملها لعدة كيلومترات، ويمكن رؤيتها بوضوح.. تتشابك الدراما والشعر في هذا النص مع دقة الصياغة.
"الشاطئ الآخر للبحر" بداية نهاية أنجولا البرتغالية
في روايته الجديدة "الشاطئ الآخر للبحر"، يتناول الكاتب البرتغالي أنطونيو لوبو أنتونيس ثورة في مزرعة قطن فى أنجولا، عام ١٩٦١، والقمع الوحشي لها والذى كان بمثابة الشرارة التي أشعلت حرب الاستقلال (١٩٦١-١٩٧٥). فى روايته المترجمة من البرتغالية إلى الفرنسية، يتناول الكاتب هذا الحدث ليس كمؤرخ، بل مثل سيل ينفجر فى جملته المتدفقة دون بداية أو نهاية تحمل مآسى ودموع سنوات طويلة من الاستعمار والتحرر.
كان لأنطونيو لوبو أنتونيس صورة في أوائل السبعينيات، التقطت على متن قارب. في المقدمة، مدفع رشاش. وفى الخلف، يجلس شابًا بالزي العسكرى الرسمي. كان قد أنهى للتو دراساته الطبية، وكما هو الحال مع العديد من البرتغاليين من جيله، تم إرساله إلى أنجولا للمساعدة في "استعادة النظام بين الملونين"، وهي العبارة التي وضعها فيما بعد على لسان أحد شخصيات الرواية. على القارب، كان لا يبدو كجندي. بنظرة بعيدة ومتأملة، يحمل دفترًا مفتوحًا على ركبتيه، كما لو أنه، ككاتب مستقبلي، كان يدون بالفعل ملاحظات للمستقبل.
وستظل آثار حرب إنهاء الاستعمار والمذابح محفورة في ذاكرته. منذ رواياته الأولى (مذكرات فيل، ١٩٩٨)، تعود أنجولا كفكرة مهيمنة على أحاسيسه. في "الشاطئ الآخر للبحر"، تستغل شركة كوتونانج البرتغالية البلجيكية العمالة المحلية لإنتاج القطن. في عام ١٩٦١، اندلعت ثورة: تمرد العمال على ظروف عملهم. كان القمع بلا رحمة، إذ سقط من سبعة آلاف إلى عشرة آلاف قتيل اعتمادًا على المصادر. تتشابك فى الرواية ثلاثة أصوات: صوت ابنة المزارع التي تتذكر شبابها وسط حقول القطن، وصوت مسئول استعماري سابق متزوج من امرأة أنجولية، وأخيرًا صوت عقيد في الجيش البرتغالي عند التقاعد.. وتتداخل القصص حتى تصبح كل صفحة فى الرواية أشكالًا من الأصداء المتنافرة التي لا تعبر إلا عن همجية العالم.
وتطول قائمة الكتب والروايات المميزة فى إصدارات عام ٢٠٢٤ باللغة الفرنسية، لكن المساحة لا تسمح بأكثر من ذلك.