عادل الباز: الخائن المحتال كريم خان .!!
تاريخ النشر: 15th, June 2024 GMT
1 بالأمس أطلق المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية المحتال كريم أحمد خان نداءً عاجلاً أثار ضجة في القنوات الفضائية واشتعلت على أثره الأسافير واحتلت تصريحاته الصفحات الأولى في كبريات الصحف العالمية، وكانت تلك أكبر عملية احتيال يقوم بها مدعي منذ أن غاب المحتال الآخر أوكامبو عن مشهد الجنائية قبل عشر سنوات.
2
ماذا قال هذا الخائن المحتال في ندائه (نحن نناشد جميع مجموعات الضحايا، جميع منظمات المجتمع المدني، السلطات الوطنية، والشركاء الدوليين القادرين على القيام بذلك تقديم أي أدلة ومواد تتعلق بالفظائع المستمرة والألم الذي يعاني منه السكان المدنيون في جميع أنحاء دارفور.).
لماذا خان خائن ومحتال؟.
قال خان في ذات بيانه أمس الأول إنه (بناءً على الإحالة التي قدمها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى مكتبي، لدينا تحقيق نشط مستمر فيما يتعلق بهذه الحالة. وكما أكدت سابقاً، فإن الأحداث الفظيعة في غرب دارفور، بما في ذلك الجنينة في عام 2023، هي من بين أولوياتنا الرئيسية في التحقيقات).
تصور أن هذه الحالة وصلت مكتب المدعي في تاريخ 14/7/2023 أي قبل عام كامل تقريباً. وصرح خان وقتها لوسائل الإعلام (أن المحكمة فتحت تحقيقاً جديداً بشأن “جرائم حرب” في دارفور. وجاء ذلك بعد أن كشفت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن أن 87 جثة دُفنت في مقبرة جماعية بمدينة الجنينة مركز ولاية غرب دارفور، تنفيذاً لأوامر قوات الدعم السريع.).
تصوروا أن هذا المحتال انتظر عاماً كاملاً يطلق نداءه ومناشدته لجمع أدلة بالأمس، وهو الذي قال إنه فتح تحقيقاً وقتها لم يجمع له أدلة إلا بعد عام من الكارثة!!.
3
هذا المدعي نفسه في جلسة لمجلس الأمن بتاريخ 30 يناير 2023 قال (الفظائع المزعومة التي وقعت في الجنينة تشكل خطاً محورياً للتحقيقات التي يجريها مكتبي في الوقت الراهن”. وأضاف “نجمع قدراً مهماً للغاية من المواد والمعلومات والأدلة المتعلقة بهذه الجرائم بعينها).
أنظروا إلى عبارة “الفظائع المزعومة” رغم أن فيديوهات تلك الفظائع والإبادة قد تدفقت نحو مكتبه بواسطة نشطاء من قبيلة المساليت منذ أول يوم. المهم أن هذا المدعي لديه كل المعلومات الكافية منذ عام ولكنه لم يجري تحقيقاً ولا أطلق نداءاً وبعد أصحبت الكوارث والفظائع أكثر من أن تحصى عاد اليوم ليطلق نداءه السمج هذا!!.
4
إلى هنا ندرك أنه كان في علم المدعى العام وفي أدراج مكتبه من المعلومات كلما يكفي لإطلاق ذلك التحقيق ولكن لم يفعل ويحتال علينا اليوم ببيان لتهدئة الرأى العام الذي حاصره بعد مجزرة ود النورة.
السؤال الذي تهرب منه المحتال.. من هو مرتكب تلك الجرائم؟ بالقطع هو “مجهول” عند المدعى أنظر إليه إذ يقول (أريد أن أكون واضحاً لا أريد أن يكون هناك أي شك في أن المعلومات التي يتم جمعها من قبل مكتبي يومياً من دارفور تكشف عن هجوم منظم ومنهجي وعميق على الكرامة الإنسانية. وأعتقد بناءً على المعلومات التي نتلقاها أننا على شفا شيء أسوأ.) .
من يقوم بهذا الهجوم المنظم والمنهجي والعميق على الكرامة الإنسانية؟ …
صمت عن ذلك في مجلس المجلس والآن تجاهل من يقوم بالقتل والإبادة رغم أن هذه المعلومات التي تجمعت في مكتب المدعي لاشك أن بها فيديوهات موثقة من المجرمين والضحايا على السواء.. تصل الصور والمعلومات لمكتبه معقول ألم ترى عينيه الأشاوس بزيهم المعروف وإجرامهم المعهود يرتكبون كل الفظائع التي تحدث عنها.؟ ألم ير أنهم هم أنفسهم يصورون جرائمهم ويقدمون الإثباتات والأدلة على أنفسهم بما لا يحتاج هذا المدعى معه لا أدلة وبراهين جديدة ولايحتاج لا نداءات يحتال بها على العدالة والضحايا ويسخر من الرأي العام العالمي الذي يشاهد يومياً المليشيا وهي ترتكب جرائمها على الهواء مباشرة.
5
بعد كل هذا السيل من الأدلة المنهمرة في السوشيال ميديا من الفيديوهات والمعلومات التي تصل إلى مكتبه يومياً يناشد المحتال الضحايا والشهود ….ثم يتجاهل المجرم الذي يرتكب الفظائع كأنه لايعرفه… هذا الخان المحتال خان مهنته وخان الضحايا وخان العدالة…لعنة الله عليه.
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: المعلومات التی
إقرأ أيضاً:
المليشيا والدولة في السودان
عبد الله علي إبراهيم
(استغرب بعضهم قولي على الجزيرة مباشر أن من حق الجيوش توظيف مليشيات لأغراضها دون أن تتخلى عن احتكارها للسلاح الذي هو خصيصتها في الدولة الحديثة. والترخص في احتكار السلاح هو ما ارتكبه نظام الإنقاذ لا بخروج الدعم السريع من رحمه كما يذاع، بل لأنه جعله جيشاً ثانياً شريكا في حمل السلاح باستقلال. فكانت المليشيات قبله تنشأ بجانب الجيش ثم تنفض متى فرغت من مهمتها ليومها. ولكن الإنقاذ تعاقدت مع الجنجويد لا فكاك. ولو كانت القراءة عادة فينا لما استغرب هذا البعض مني قولي. فكنت نظرت في مادة المليشيا منذ 56 عاماً خلال عرضي لكتاب "مذبحة الضعين" (1987) لسليمان بلدو وعشاري أحمد محمود. وحررت هذه المادة في باب من كتابي "الثقافة والديمقراطية" (1996) في فصل عنوانه "أخرجت البادية أثقالها وقالت الصفوة مالها!" بعنوان جانبي هو "جدل القبيلة والدولة". وأنشر هنا طرفاً من الفصل عن سيرة الدولة المركزية السودانية والمليشيا في التاريخ).
وصفت بلين هاردن استخدام الدولة السودانية لـ "المليشيات القبلية"، في حربها ضد قوات الحركة الشعبية، بأنها الحرب بأدنى تكلفة. وليس هذا صحيحاً وحسب، بل أن هذه الحرب الرخيصة أيضاً ظلت أداة تاريخية تلجأ لها الدولة السودانية مع قوى البادية السودانية الخارجة على سلطانها. فغالباً لم يكن في مقدور هذه الدولة أن تطال تلك القوى في بواديها المستغلقة المستعصية. وكثيرًا ما وجدت تلك الدولة نفسها مضطرة للتحالف مع جماعات أخرى في نفس البادية لها خصومة مؤكدة مع تلك القوى الخارجة على الحكومة. وهذه الخصومة هي التي تجعل حلفاء الحكومة حريصين على ملاحقة الخارجين على الحكومة وترويعهم في بيئة لا قبل للدولة لشقها وفرض أدوات سيطرتها عليها.
وأستطيع من خبرتي بتاريخ عرب الكبابيش بشمال إقليم كردفان أن أدلل على رسوخ نسق تحالف الدولة القاصرة مع نظم اجتماعية وسياسية أدنى مثل القبيلة والطائفة لتصفية معارضيها في بيئات البادية والهوامش المستعصية. فقد طلبت الإدارة التركية في السودان (1821-1881) من بعض فروع الكبابيش أن لا يهبطوا مع بقية الكبابيش إلى النهر في موسم الصيف ليبقوا بجهات الصافية ونواحيها بشمال كردفان لردع أعراب دارفور، وبني جرار، خاصة الذين كانوا يقطعون طرق القوافل بين كردفان ودارفور. وواضح أنه لم يكن خافٍ على تلك الإدارة قوة إغراء هذا العرض على الكبابيش. فبين الكبابيش وبني جرار عداء مستحكم انتهي بتجريد بني جرار من دارهم بشمال كردفان، واحتلال الكبابيش لها ولياذ بني جرار بدارفور. والأكثر إغراءً في هذ العرض هو إباحة الإدارة التركية لفروع الكبابيش المأمورة بمطاردة بني جرار الغنائم التي تجنيها من قتالها لبني جرار وقبائل دارفور.
ووظفت دولة المهدية (1881-1898) خصومات الكبابيش في حملتها لإخضاع الكبابيش وكسر ثورتهم. فقد استخدم الخليفة عبد الله زعماء وقوى من قبائل حمر ودار حامد والكواهلة وبني جرار، وهي القبائل ذات الثارات على الكبابيش، في طور أو آخر من أطوار حربه وملاحقته للشيخ صالح فضل الله، زعيم الكبابيش المعارض، حتى قضى عليه وعلى ثورته.
وتحالفت الحكومة الإنجليزية مع الكبابيش خلال العقدين الأولين من هذا القرن، حين تطابقت استراتيجية الحكومة في حصر وضبط السلطان علي دينار، سلطان دارفور، مع استراتيجية الكبابيش للتوسع غرباً حتى مطالع حدود دارفور الشرقية. ولأن الكبابيش كثيرًا ما يخاطرون في نواحي دارفور المعادية، أصبحوا في نظر الحكومة حراس الأحراش الغربية، والمصدر الرئيسي للمعلومات الرسمية لما يجري هناك. فحين يغزو الكبابيش قبائل دارفور فمن الممكن تسويغ ذلك على أنه انتقال لما يكون قد وقع عليهم من تلك القبائل. ولم تشجع الحكومة السودانية غزوات الكبابيش في العلن ولكنها متواطئة في تفهم دوافعها ونفعها له على أية حال. ولذا لم تجد الحكومة السودانية نفسها بحاجة إلى اتخاذ خطوات حاسمة لزجر الكبابيش وهو زجر كان سيصعب على الحكومة ومؤكد أنه قليل الأثر.
وحين قررت حكومة السودان إزاحة السلطان علي دينار عن حكم دارفور وضم دارفور للسودان كان للكبابيش موقع في خطة الإبعاد والضم. وقد زودت الحكومة فرسان الكبابيش بالسلاح والعتاد. ومع أن دور الكبابيش لم يكن كبيرًا في الحملة إلا أن فرسانهم فتحوا دارفور منن الشمال بينما دخلت قوات حكومة السودان من الوسط.
ومن المهم التذكير أن استخدام الدولة للمؤسسة القبلية العسكرية في حربها للحركة القومية الجنوبية تكتيك حكومي قديم. فقد عبأت حكومة الفريق عبود (1958-1964) قبائل المورلي في الجزء الجنوبي الشرقي من السودان لقطع الطريق أمام وصول قوات الأنانيا الأولى إلى مناطق القبائل النيلية من مركز قوتها في شرق الاستوائية.
ibrahima@missouri.edu