لبنان ٢٤:
2025-03-11@05:04:16 GMT

لا حلّ الا بتحالف مسيحي؟

تاريخ النشر: 15th, June 2024 GMT

لا حلّ الا بتحالف مسيحي؟

تعاني القوى السياسية المسيحية من أزمات سياسية مركبة، ليس بالمعنى الشعبي او لناحية وضوح الرؤية السياسية، بل لجهة قدرتها على التأثير في ظل المتغيرات الداخلية والاقليمية الكبيرة التي حصلت في السنوات القليلة الماضية، اذ ان القوة الفعلية للمسيحيين في السياسة الداخلية ظهرت ما بعد العام 2005، اي بعد عودة الرئيس السابق ميشال عون من منفاه البارسي وخروج رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع من السجن، والانسحاب السوري من لبنان الذي كان مطلباً مسيحياً بشكل اساسي، وهذا ما عزز حضور المسيحيين في السلطة والدولة والادارة.



لكن، اضافة الى كل ما تقدم، كان الخلاف السنّي- الشيعي والانقسام الكبير بين القوى السياسية السنّية والقوى السياسية الشيعية عاملا اساسيا في بروز الدور المسيحي الذي شكل حاجة لا يمكن الاستغناء عنها لدى طرفي النزاع في السنوات العشرين الماضية، فكان حزبا "القوات" و"الكتائب" ضرورة لتيار "المستقبل" لتعزيز قوة "فريق الرابع عشر من اذار" النيابية والشعبية واعطاء هذا الفريق طابعاً وصورة وطنية، وهذا ينطبق ايضاً على "التيار الوطني الحر" وعلاقته بـ "حزب الله"، اذ كان يشكل الاول غطاء مسيحياً كاملاً للمقاومة في فترات مختلفة، إضافة إلى تعزيز الواقع الداخلي للحزب.

استفادت القوى المسيحية من هذا الواقع وانجزت خطوات كبيرة الى الامام وعادت الى الادارة اللبنانية بشكل كبير وكذلك الى المؤسسات الدستورية، فتم تعديل قانون الانتخاب وبات المسيحيون يتمثلون في الحكومة بأحزابهم الممثلة شعبياً، لكن هذا الواقع قد يتبدل في المرحلة المقبلة اذا لم تجد الاحزاب المسيحية بديلا عن التموضعات السابقة يساعدهم على الحفاظ على مكتسباتهم التي استعادوها في السنوات الماضية، خصوصاً أن تراجع حدة الخلاف السنّي- الشيعي في لبنان والمنطقة والمسار الذي تتخذه القوى السنّية والشيعية نحو التحالف سيضعف القدرة التأثيرية للاحزاب المسيحية في حال بقيت ضمن تموضعاتها السابقة.

اليوم يعاني كل "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" من ازمة تحالفات، اذ ان "التيار" لديه خلاف كبير مع الاحزاب الشيعية ولا أفق لديه لتحسين علاقته بالشخصيات والقوى السنّية، وهو على علاقة عادية مع الشخصيات والاحزاب الاخرى، وهذا ينطبق على "القوات" التي خسرت التحالف الوثيق مع الحزب "التقدمي الإشتراكي" وخسرت في السنوات السابقة ايضاً العلاقة الايجابية مع غالبية الاحزاب والقوى والشخصيات السنّية، في ظل خلاف لم يتقلّص مع "الثنائي الشيعي"، اضافة الى كل ذلك لم يتقدم الحزبان، (القوات والتيار) نحو فتح باب الحوار الثنائي من اجل الوصول الى تحالف ثنائي متين.

لا يمكن للاحزاب المسيحية الاستمرار في ظل الظروف الحالية، والحفاظ على موقع مؤثر في النظام اللبناني الجديد الذي بني بعد الطائف على قاعدة الانكفاء السياسي للمسيحيين، الا في حال استخدمت سلاح الميثاقية، بمعنى اخر حق النقص للقرارات السياسية والتوجهات العامة، عندها لن يكون اي تفاهم داخلي قادرا على تخطي المسيحيين والذهاب الى قانون انتخاب جديد مثلاً لا يراعي الحضور المسيحي ومصالح الاحزاب المؤثرة، لكن هذا التقارب المسيحي-المسيحي بحاجة الى قرار واضح وتجاوز للمصالح السلطوية التي تتناقض في الكثير من الاحيان بين الاحزاب ذات البيئة الواحدة.

لا يمكن، وفق الظروف الحالية، ومهما حصل من تطورات في الداخل اللبناني وفي المنطقة اعادة المسيحيين الى مرحلة ما قبل العام ٢٠٠٥ سياسيا، بل على العكس ان ما استطاع المسيحيون استعادته لا يمكن خسارته بسهولة، لكن المعركة هي على مدى حفاظ هذه القوى على مستوى النفوذ والحضور نفسه وعدم تعرضه للقضم التدريجي..
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی السنوات السن یة لا یمکن

إقرأ أيضاً:

المهم استقرار سوريا ووحدتها

عندما تدين دولة الإمارات الهجمات التي تقوم بها مجموعات مسلحة سورية على القوات الأمنية، وتجدد التأكيد على موقفها الثابت تجاه دعم استقرار سوريا وسيادتها على كامل أراضيها، ووقوفها إلى جانب الشعب السوري الشقيق، ودعمها المساعي كافة التي تهدف إلى تحقيق تطلعاته إلى الأمن والسلام والاستقرار والحياة الكريمة، فلأنها تشعر بالقلق على البلد الشقيق مما يجري من اضطرابات أمنية في بعض مناطقه قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه من تهديد لوحدته الوطنية والترابية.

إن ما يجري في الساحل السوري من اقتتال، وما جرى في مدينة جرمانا وجبل العرب من قبل مؤشر على أن ما يواجه سوريا والإدارة الانتقالية الجديدة تحديات خطرة، لأنه يمس وحدة سوريا أرضاً وشعباً، ويمكن أن الانفلات الأمني قد يتسع مداه بحيث يتسع الفتق على الراتق كما يقال، لأن ما يجري هو نتيجة طبيعية لتراكمات جراء سياسات اعتمدت منذ العام 2011 أدت إلى اتساع الهوة بين أبناء الوطن الواحد وعززت الاصطفافات الجهوية والطائفية في مواجهة الجماعات المسلحة التي تمكنت مؤخراً من الاستيلاء على السلطة.
مثل هذه الحالة لم تشهدها سوريا في تاريخها، حيث كانت الوحدة الوطنية بين مختلف مكونات الشعب السوري هي الوجه الناصع الذي رسم ملامحه المميزة عبر التاريخ، وتجلى في مختلف مراحل الصراع ضد الاستعمار العثماني ثم الفرنسي وصولاً إلى الاستقلال وبعده، حيث لم تعرف سوريا أي مرحلة كان فيها الصوت الطائفي أو المذهبي يعلو على الولاء للوطن، أو يتجاوز الانتماء للأمة العربية كحاضنة للجميع، من دون انتماءات فرعية أخرى تؤدي إلى الانقسام الوطني، ومنها انطلقت فكرة القومية العربية التي جاءت كرد على الاستعمار والانقسام والدعوة إلى الوحدة العربية.
وإذا كان ما يحدث الآن ليس مسؤولية الإدارة الانتقالية الحالية، بل تتداخل فيه عوامل داخلية وخارجية، جراء صراع جيوسياسي في أجندات القوى الإقليمية والدولية لتعزيز نفوذها، مستغلة حالة ضعف النظام القائم والفراغ الأمني لتحقيق أهدافها، فإن هذه القوى تستغل كل نقاط الضعف على الجغرافيا السورية من اجتماعية وطائفية ومذهبية وأمنية وتأجيجها للوصول إلى تحقيق أهدافها مهما كانت النتائج، ولا يهم إن كان ذلك من خلال التقسيم أو الفدرالية، وهو لن يتحقق إلا من خلال تسعير الحرب الأهلية باستغلال المكون العلوي في الساحل، والمكون الدرزي في جبل العرب ومرتفعات الجولان، والمكون الكردي في الشمال والشرق.
إن اللجوء إلى الحلول الأمنية فقط لمعالجة هذه المخاطر والتحديات، هي حلول قاصرة، إذ لا بد من فهم ما يجري وإيجاد حلول دائمة بعيداً عن منطق الانتقام، من أجل إعادة دمج مختلف المكونات الوطنية من خلال تكريس المصالحة الوطنية الشاملة عبر عملية سياسية تبدأ فوراً من دون تأخير، والانفتاح السياسي على كل المكونات دون إقصاء أحد، والالتزام بالديمقراطية والتعددية السياسية والدولة المدنية كنظام للحكم، والتخلي عن كل أفكار التطرف التي كانت تحكم خيارات بعض القوى الفاعلة الحالية، وبذلك يمكن قطع دابر كل القوى الخارجية الطامعة بسوريا.. ويمكن تحقيق تطلعات الشعب السوري في الأمن والسلام والاستقرار والحياة الكريمة، كما تدعو دولة الإمارات.

مقالات مشابهة

  • العقائد المسيحية .. ورد القرآن عليها
  • حين يبهت وهج الأعياد في ظل ضيق العيش.. الكرد لم يحتفلوا هذا العام - عاجل
  • بمناسبة اليوم الدولي للقاضيات.. رئيس مجلس الدولة يشيد بالتطورات المبذولة خلال السنوات الأخيرة
  • تصاعد واردات الأسلحة إلى أوروبا في السنوات الأربع الماضية
  • إشكالية الاحزاب في الانتخابات البلدية: التمويل أولا
  • المهم استقرار سوريا ووحدتها
  • قرارٌ يُعيدُ توازُنَ القوى
  • استطلاع: نصف الفرنسيين والألمان والبريطانيين يعتقدون أن ترامب ديكتاتور
  • لا انتخابات قبل تصفية الحسابات !
  • تحديات الموسم الرمضاني.. العوضي يواجه تحديا ثلاثيا.. والجمهور ينتظر