الخدمات المصرفية الإسلامية في روسيا.. تجربة في بداية الطريق
تاريخ النشر: 15th, June 2024 GMT
موسكو – يتواصل في روسيا العمل بالمشروع التجريبي للخدمات المصرفية الإسلامية التي أعلن البنك المركزي الروسي عن إطلاقه في الأول من سبتمبر/أيلول 2023 في جمهوريات الشيشان وداغستان وباشكورتوستان وتتارستان المسلمة التي تتبع الاتحاد الروسي.
ومؤخرا، أعلن سبيربنك (أكبر بنك عالمي في روسيا وأوروبا الشرقية) وبنوك روسية أخرى افتتاح "فروع إسلامية" لتنشيط الخدمات المصرفية الإسلامية في الشيشان وتتارستان، مع توقعات بانضمام المزيد من البنوك لاحقًا للتجربة التي كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقع على قانون ينص على إجرائها في الفترة من الأول من سبتمبر/أيلول 2023 إلى الأول من سبتمبر/أيلول 2025.
وتحتوي هذه الخدمات- وفق القانون- على عدد من المحظورات والقيود. على سبيل المثال، تحريم دفع الفوائد (الربا) ومعاملات الفوائد المستمدة منه، حظر المعاملات مع ظروف عدم اليقين (الغرر)، فرض حظر على تمويل قطاعات محددة بدقة من الاقتصاد: القمار، وإنتاج لحم الخنزير، والتبغ والمشروبات الكحولية، وتجارة الأسلحة والذخيرة، إضافة إلى شروط تقاسم مخاطر الربح والخسارة بين الممول والعميل في المعاملات، وغيرها.
وفي هذا السياق، كان سبيربنك أعلن في فبراير/شباط الماضي أن مركز التمويل الشريك له، وبالتعاون مع خبراء من "سبير إنفيست الشرق الأوسط"، يقومون بشكل دوري بفحص أسهم الشركات الروسية المتداولة في بورصتي موسكو وسان بطرسبورغ للتأكد من امتثالها لمعايير التمويل الإسلامي.
ووفقا للتقديرات الأولية لسبيربنك، قد يصل حجم التمويل الإسلامي في روسيا في السنوات الـ3 الأولى إلى 25 مليون دولار ويعتقد خبراء آخرون أنه في ظل المشاركة الشاملة للدولة والمنظمات المالية والائتمانية والشركات الكبرى، فإن التوقعات لهذه الفترة قد تكون أكثر تفاؤلا أكثر من 60 مليون دولار.
نطاق المشاركينومن المحتمل أن يصبح نحو 7 ملايين شخص في روسيا مستهلكين للخدمات المصرفية الإسلامية، حسبما صرح رئيس لجنة مجلس الدوما للسوق المالية أناتولي أكساكوف خلال منتدى "روسيا – العالم الإسلامي" الذي عقد في قازان الشهر الماضي.
ووفقًا له، فإن المستهلك الرئيسي لمنتجات سوق التمويل الإسلامي سيكون حوالي 20% من المسلمين، مضيفا أن بيانات عام 2023 تشير إلى أنه يعيش في روسيا حوالي 25 مليون شخص ملتزمون بالدين الإسلامي، منهم حوالي 5-7 ملايين شخص يتبعون الشرائع بدقة حسب تعبيره.
وعلى خط التوسيع الأفقي للتجربة، تم في مايو/أيار المنصرم إطلاق أول "بطاقة حلال" في روسيا، لتوفير "الاسترداد النقدي الحلال".
ويوضح الخبير الاقتصادي فيكتور لاشون هذه النقطة بأن الفرق الرئيسي بين الاسترداد النقدي الحلال والاسترداد النقدي الكلاسيكي هو أن الأموال لا يتم تلقيها من أرباح البنوك، ولكن من البرامج والمشاريع التابعة، وهو ما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية.
ويضيف في تعليق للجزيرة نت بأن في روسيا المئات من الشركات التي تقدم استردادا نقديا يصل إلى 30% من الشيك، كمحلات السوبر ماركت والمطاعم ومحلات الملابس والفنادق وشركات الطيران وغير ذلك.
وحول تأثير الصيرفة الإسلامية على الاقتصاد الروسي، يقول لاشون إن تطوير تمويل الشراكة في روسيا سيمكن من جذب رؤوس الأموال، خاصة من دول الشرق الأوسط وآسيا، ويؤدي إلى توسيع العلاقات التجارية والاستثمارية جغرافيا.
وحسب تقديراته فإن تطوير تمويل الشراكة في روسيا من المفترض أن يحفز تدفق الاستثمارات من الدول الإسلامية، إذ يمكن للاقتصاد الروسي في هذه الحالة جذب جزء مما يصل إلى 14 مليار دولار من الاستثمارات الإسلامية، وهو ما يمكن له أن يعوض الفجوة التي خلفها غياب التمويل الغربي جراء العقوبات.
وبالإضافة إلى الاستثمار الأجنبي، يساعد تطوير مؤسسات مالية جديدة على جذب المزيد من الأموال من الجمهور. وسيكون الأشخاص الذين يحتفظون بمدخراتهم نقدا لأسباب دينية قادرين على أن يصبحوا مشاركين كاملين في السوق، مما يحفز الاقتصاد الروسي.
أما الباحث في الاقتصاد الدولي، سلافات يوسوبوف، فيتوقع أنه في غضون فترة التجربة التي ستنتهي في سبتمبر/أيلول من العام القادم سيتم تحليل النتائج واتخاذ قرارات بتوسيع القواعد القانونية حول التمويل الإسلامي إلى مناطق أخرى من روسيا، وربما بحلول ذلك الوقت سيتم إنشاء واعتماد قانون شامل بشأن التمويل الإسلامي (الشراكة) في البلاد.
لكنه يشير إلى عدم وجود معايير موحدة للخدمات المصرفية الإسلامية في السوق حتى الآن، وهي مسألة في غاية الأهمية حتى لا تكون هناك ثغرات لأولئك الذين يريدون استخدام هذه القناة، حسب وصفه.
ويتابع بأن حجم سوق التمويل الإسلامي العالمي يبلغ نحو 4 تريليونات دولار، أي 6.5% من القطاع المصرفي بأكمله، أي أنه سوق ضخم وهائل ومن المفترض أن تشكل هذه الأرقام حافزا إضافيا للبنوك والعملاء المسلمين في روسيا للمشاركة في هذه التجربة.
لكنه -في المقابل- يشير إلى أن هذه العملية يجب أن تتم على مراحل بالنظر إلى انخفاض مستوى الوعي والمعرفة لدى المستهلكين والمؤسسات المالية نفسها بهذا النظام الجديد والذي يحتاج إلى سنوات إضافية لجعله مفهوما ومعمولا به على نطاق واسع، الشيء الذي يحتاج كذلك -من بين أمور أخرى- إلى تجذير فكرة أن هذه الأنشطة المصرفية تعكس الضمير الديني والقيم الأخلاقية للمسلمين، وهو شيء من الضروري لتحقيقه مشاركة أكثر قوة من قبل خبراء في الشريعة من داخل روسيا وحتى مستشارين شرعيين من الخارج.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المصرفیة الإسلامیة التمویل الإسلامی سبتمبر أیلول فی روسیا
إقرأ أيضاً:
ضعف التمويل وعدم الإيفاء بالالتزامات يعرقلان حماية المحيطات
أفاد تقرير أصدره مركز الموارد العالمي إلى أن عدم الإيفاء بالتعهدات الدولية بمليارات الدولارات -خلال العقد الماضي لحماية المحيطات- يعرقل العمل، ولا يزال التنوع البيولوجي البحري على المحك.
ويشير التقرير -الصادر في 29 أبريل/نيسان 2025 خلال مؤتمر "محيطنا" المنعقد في بوسان بكوريا الجنوبية- إلى أنه تم التعهد بأكثر من 2600 التزام بين عامي 2014 و2024 لحماية الحياة البحرية ومكافحة تلوث المحيطات. ولم يُنجز منها سوى 43%. ولا يزال نحو 38% منها قيد التنفيذ، بينما لم يبدأ 18% منها بعد.
اقرأ أيضا list of 3 itemslist 1 of 3تعدين قاع البحر.. طموح ترامب يهدد أعمق النظم البيئية على الأرضlist 2 of 3الحيتان.. عمالقة المحيط وسلاحه ضد تغير المناخlist 3 of 3بالفيديو.. جولة وسط جبال الجليد الزرقاء في غرينلاندend of listوحسب مؤلفي التقرير، لا تتناسب وتيرة العمل مع إلحاح التهديدات التي تواجهها المحيطات من النفايات البلاستيكية والصيد غير المشروع إلى تبييض المرجان وفقدان الموائل.
وتغطي المحيطات أكثر من 70% من سطح الأرض، وهي معرضة لضغط شديد بسبب الصيد الجائر والتلوث وارتفاع درجة حرارة المياه. ويحتاج إنقاذ محيطات العالم إلى تمويلٍ ضخم، يقدر بنحو 175 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030، وفقا للخبراء.
وتُعد هذه الفترة حاسمة لتحقيق الهدف الثالث المحدد في إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي التابع لاتفاقية التنوع البيولوجي. كما تُصادق الدول ببطء على معاهدة أعالي البحار التي تهدف إلى حماية التنوع البيولوجي خارج نطاق الولاية الوطنية، وسيتطلب تنفيذها أيضا تمويلا.
إعلانويُظهر التقرير أنه رغم تزايد التعهدات، لا تزال حماية التنوع البيولوجي البحري مهمشة. فقد تلقت المناطق البحرية المحمية الضرورية لإنقاذ الأنواع 6.7 مليارات دولار فقط، مقارنةً بـ86.6 مليارا لمشاريع مناخ المحيطات.
وبدون حماية قوية، قد تفقد المحيطات أنظمة بيئية مهمة مثل الشعاب المرجانية ومروج الأعشاب البحرية وأشجار المانغروف.
وغالبا ما تُهمَل الدول الصغيرة والمناطق الضعيفة بشكل خاص. فقد التزمت الدول الجزرية الصغيرة النامية، وأقل الدول نموا، بنسبة 13% و7% فقط من الالتزامات، على التوالي.
ولا يمثل السكان الأصليون والمجتمعات المحلية إلا 5% فقط من التعهدات، وحتى في الحالات التي وُعِد فيها بتمويل، لم يُنفق بالضرورة، إذ لا يزال حوالي 25 مليار دولار من التمويل المُتعهَد به غير مُنفق.
وتستحوذ المناطق الغنية مثل أوروبا وأميركا الشمالية على معظم الالتزامات والإجراءات المنجزة، في حين تتخلف مناطق مثل المحيط الهندي والمناطق القطبية عن الركب.
ومع ذلك، يُشير التقرير إلى بعض النجاحات. فقد أُنجز أكثر من ألف التزام، مما أتاح 23.8 مليار دولار للأعمال البحرية. وقد حققت مشاريع الحفاظ على السواحل، ومصائد الأسماك المستدامة، وقوانين مكافحة التلوث، نتائج ملموسة في بعض المجالات.
ولكن التعهدات الطوعية وحدها لا تكفي، إذ يدعو التقرير إلى قوانين أقوى، ورصد أفضل للتقدم، وإشراك أكبر للشعوب الأصلية والنساء في حوكمة المحيطات.
وقد أطلقت منظمة "تحالف الطموح العالي من أجل الطبيعة والبشر" خلال المؤتمر مبادرة جديدة ستعالج هذه المسألة إلى حدٍّ ما. وأعلنت المنظمة عن "مبادرة النشر السريع".
وهذه المبادرة تقدم منحا صغيرة وسريعة تتراوح قيمتها بين 25 ألفا و50 ألف دولار. ويهدف إلى مساعدة الدول النامية على اتخاذ خطوات فورية لتحقيق هدف 30×30، والذي يعني إلزام دول العالم بحماية وتخصيص نسبة 30% من أراضي وبحار الكوكب لتكون مناطق طبيعية بحلول عام 2030.
إعلانوستدعم الآلية الجديدة إجراءات مثل التدريب على حوكمة التنوع البيولوجي والسكان الأصليين، ورسم خرائط للمناطق للحماية المستقبلية، وصياغة سياسات الحفاظ على البيئة وعقد ورش العمل. وسيتم تمويل 10 دول في الجولة الأولى، مع خطط للتوسع إلى 30 دولة على مدى 5 سنوات.
كما سيتم توجيه المنح عبر منظمات غير ربحية محلية تعمل مع الحكومات الوطنية. وستتولى مجموعة استشارية متخصصة توجيه قرارات التمويل، مع التركيز على التوازن البيئي والجغرافي.
وتشكل مبادرة النشر السريع جزءا من إستراتيجية أوسع نطاقًا لتسريع العمل في مجال التنوع البيولوجي، إلى جانب منصة التوفيق التابعة لتحالف الطموح العالمي "إتش إيه سي" (HAC) والتي تربط البلدان بالتمويل الطويل الأجل.
ويشير التقرير إلى أن 8.4% فقط من المحيطات و17.6% من الأراضي والمياه الداخلية هي المناطق المحمية حاليا، وهو ما يتطلب جهدا أكبر والتزامات دولية أكثر لحماية المحيطات والتنوع البيولوجي فيها.