يوم كان التجاوز السياسي للنص الدستوري محدودًا جدُّا كان الرئيس اللواء فؤاد شهاب يلجأ إلى "الكتاب" في كل مرة كان المجتهدون يحاولون التحايل على الدستور ووضع أذن الجرّة في المكان الذي تمليه عليهم مصالحهم الخاصة البعيدة عن المصلحة العامة . لم يكن الرئيس الأمير اللواء يتكلّم كثيرًا، ولكنه عندما كان يدلي بدلوه كان الجميع ينصت.
كان يفضّل العمل الصامت المجدي على الكلام الفاضي. أمّا اليوم، وبفضل سهولة اللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي، فإن الكلام غير المجدي بات هو الطاغي فيما غابت الاعمال، وبالتالي لم يعد أحد يسمع أو يقرأ. ومن يفعل ذلك، على رغم قلتهم، يفهم ما يريد أن يفهمه، أو بالأحرى ما يرضي غروره السياسي غير مبالٍ بالرأي الآخر المختلف عن رأيه. وقد يكون ذلك هو المشكلة الرئيسية لما يُسمّى حوار الطرشان، إذ أن كل فريق من الافرقاء السياسيين يغنّي على ليلاه، ولكل منهم مواله الخاص، الذي يردّده في كل المناسبات. فهل يذكر أحد من هؤلاء السياسيين ماذا يعني يوم 14 حزيران في الحياة السياسية اللبنانية، وهل يعرفون أن في مثل هذا اليوم قبل سنة من الآن كانت آخر جلسة دعا إليها الرئيس نبيه بري نواب الأمة إلى جلسة انتخابية حملت الرقم 12، ولم ينتج عنها ما يريح اللبنانيين ويطمئنهم إلى غدهم؟
هل يذكر سياسيو لبنان أنه منذ هذا التاريخ واللبنانيون يجرجرون أرجلهم "جرجرة"، وهم يضعون أيديهم على قلوبهم وسط هذا الكمّ الهائل من المخاوف، التي تحيط بهم، سواء عبر الحدود الجنوبية المهدّدة قراها بالزوال بفعل القصف الإسرائيلي المجرم، أو عبر الحدود الشمالية والشرقية المفتوحة معابرها غير الشرعية "على عينك يا تاجر"، الذي يأكل ماله الفاجر، وهي سالكة وآمنة لكل أنواع التهريب، ولعل أخطر هذه الأنواع تدّفق المزيد من أعداد السوريين، الذين يدخلون إلى لبنان بكثافة، على رغم التدابير المشدّدة، التي يتخذها الجيش، الذي يعاني عناصره مثلهم مثل جميع اللبنانيين من ضائقة اقتصادية غير مسبوقة.
هل يذكر نواب الأمة أنه في جلسة السنة الماضية لم يستطع أحد من الأفرقاء السياسيين أن يفرض مرشحه في الجلسة الأولى التي تفرض على كل مرشح أن يحصل على 86 صوتًا، وهو رقم من المستحيل الوصول إليه، ما لم يلِ الجلسة الأولى دورات متتالية من دون اقفال محضر الجلسة الأولى، بحيث يصبح في الإمكان وصول المرشح الأوفر حظًا إلى الرقم 65 صوتًا لكي يصبح رئيسًا لجمهورية كل لبنان تماما كما فاز الرئيس بري بعدد الأصوات ذاتها، فأصبح رئيسًا لكل المجلس وليس رئيسًا لنصف المجلس. هذه هي الديمقراطية. وهكذا فاز الرئيس سليمان فرنجية الجدّ على الرئيس الياس سركيس قبل ست سنوات من انتخابه، بفارق صوت واحد، واستطاع أن يكون رئيسًا لجمهورية كل لبنان، وليس رئيسًا لنصف لبنان، وإن أسقطت مدافع حوادث سنة 1975 دعوته اللبنانيين إلى أن يناموا وأبواب منازلهم مفتوحة، إذ أصبحت معظم منازل اللبنانيين من دون أبواب أو نوافذ بعدما طالتها قذائف المدافع على ضفتي جبهات القتال؟ يوم كان الرئيس بري يدعو إلى جلسات انتخابية بمعدل جلسة كل خمسة عشر يومًا تقريبًا كان البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي يطالبه بأن يكثّف دعواته المجلسية بمعدل جلسة كل أسبوع أو حتى كل يوم، ولكن بعدما غابت هذه الدعوات منذ سنة لم نعد نسمع من يطالب بهذه الجلسات سوى قلة من القوى السياسية، التي لا تزال تدعو إلى تطبيق الدستور في ما يخصّ الجلسات الانتخابية بدورات متتالية.
فلو كان الرئيس شهاب لا يزال بيننا لكان قال للجميع "عودوا إلى الكتاب وطبقوه بحذافيره".
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: رئیس ا
إقرأ أيضاً:
بعد وفاة حفيدة رئيس وزراء أسبق خلال جلسة تجميل| هل حقن البوتكس والفيلر تسبب الموت؟
في واقعة مأساوية أثارت موجة من الحزن والجدل، توفيت حفيدة رئيس الوزراء الأسبق كمال الدين حسين، إثر تعرضها لمضاعفات خطيرة أثناء خضوعها لجلسة حقن تجميلية داخل أحد المراكز الشهيرة بمنطقة التجمع الخامس، وذلك قبل أيام من حفل زفافها.
مخاطر خفية عن حقن البوتوكس والفيلروبحسب المعلومات الواردة، توجهت الفقيدة إلى مركز تجميل معروف لإجراء بعض الحقن التجميلية استعدادًا لزفافها، إلا أنها شعرت بإعياء ودوار شديدين عقب الحقن، ليتم نقلها إلى المستشفى في حالة حرجة، حيث لفظت أنفاسها الأخيرة بعد يومين، نتيجة جلطة حادة في الشريان الرئوي، وفقًا لتقرير الطب الشرعي.
وعلى الرغم من شيوع استخدام حقن البوتوكس والفيلر بهدف تجميل الوجه وإخفاء علامات التقدم في السن، إلا أن هذه الحادثة المؤلمة أعادت تسليط الضوء على مخاطر تلك الإجراءات التجميلية، خاصةً عند إجرائها على يد أشخاص غير مؤهلين أو في مراكز تفتقر للرقابة الطبية اللازمة.
ويحذر أطباء الجلدية والتجميل من أن مضاعفات تلك الحقن قد تشمل انسداد الأوعية الدموية أو حدوث جلطات دموية خطيرة، قد تصل في بعض الحالات النادرة إلى الوفاة، وفقا لما جاء في موقع "جيزوندهايت هويته" الألماني.
وقد كشفت دراسة أجراها باحثون إيطاليون، أن مادة البوتوكس قد لا تبقى موضعية كما يُعتقد، بل يمكن أن تنتقل إلى مناطق حساسة في الدماغ مثل "الحُصين" المسؤول عن الذاكرة، ما يثير مخاوف علمية وطبية حول سلامة استخدامها على المدى الطويل.
وتثير هذه الحادثة المؤسفة تساؤلات واسعة حول معايير السلامة في مراكز التجميل، ومدى خضوعها للرقابة الطبية اللازمة، وسط دعوات من المختصين والجهات المعنية بضرورة وضع ضوابط أكثر صرامة على إجراءات الحقن التجميلية، ومنع ممارستها من قبل غير المتخصصين، حمايةً للأرواح وضمانًا للسلامة العامة.