كتب مجد بو مجاهد في" النهار": لن تكون جولة أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيِترو بارولين المنتظرة إلى لبنان نهاية الأسبوع المقبل بعيدة عن التداول في الأوضاع اللبنانية على مستوى المشاورات التي سيعقدها مع مرجعيات لبنانيّة شاملاً البطريرك المارونيّ مار بشارة بطرس الراعي، كما أنها ليست جولة خالية من التمحيص في الملفات السياسية التي ستطرح على طاولة البحث خلال اللقاء مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مثلاً، رغم أنّ هدف الزيارة هو المشاركة مع منظّمة فرسان مالطا في القدّاس الاحتفاليّ بعدما كانت أنشأت مشروعاً زراعيّاً هادفاً إلى الاعتناء بالأمن الغذائي والتحفيز الاقتصاديّ.

ولكن، من يواكب التحضيرات على المستوى السياسيّ اللبنانيّ لا يقلّل من "اللياقة السياسية" للجولة، انطلاقاً من مركز الكاردينال بيِترو بارولين الذي يتولّى ضمنه العلاقات الخارجية للفاتيكان، ما يبقي على محتوى سياسيّ لرحلته اللبنانية. ويضاف تنسيق الفاتيكان مع الدول الخارجية الصديقة للبنان، منها الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ولقاء الموفد الفرنسيّ جان إيف لودريان مع بارولين، إلى التفاصيل المرسّخة أهمية الزيارة المنتظرة للأخير لتداول أجواء استقرّت عليها المشاورات الدولية خصوصاً على مستوى الاستحقاق الرئاسيّ اللبنانيّ.
معطيات "النهار" أكّدت أنّ برنامج بارولين سيشمل لقاءً مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب وآخرين في ظل الاهتمام الفاتيكاني بلبنان والتمسّك بإنقاذ مصير البلد على تنوّع انتماءات مواطنيه الدينية والمناطقية، مع الحرص على متابعة أوضاع المسيحيين اللبنانيين من منظار وطنيّ حريص على وحدة البلد والشعب، فيما تتحضّر زيارة بارولين في مرحلة حرجة يعاني خلالها لبنان تحدّيات جمّة سياسية واقتصادية مع الإبقاء على المبادئ الفاتيكانية التي تشمل الحضّ على التوافق الداخليّ. وستتشاور رئاسة الحكومة اللبنانية في تطوّرات الأوضاع اللبنانية مع أمين سرّ دولة الفاتيكان، إذ إنّ التحضيرات اللبنانية السياسية الرسمية للزيارة تضع على جدول برنامج المشاورات ملفّات أساسيّة محورها التحديات المتراكمة داخليّاً، وفي مقدّمها الاحتدام الحربيّ الناشب جنوب لبنان، حيث لا تتراجع المحاولات الديبلوماسية الهادفة إلى تقليص اللهيب المتأجّج، أقلّه مع انتظار لا يتراجع الرهان عليه للتوصّل إلى وقف النار في غزّة تلازماً مع ضرورة تطبيق التوصيات الدولية على أن يكون في استطاعة لبنان التماهي مع أيّ تطورات. وستكون زيارة بارولين محطّة لتداول استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية وسواها من الاستحقاقات المهمة بحسب النقاط التي تنوي رئاسة الحكومة التشاور في مضامينها مع المسؤول الفاتيكاني، مع انطباعات حكومية ستتشاور فيها لناحية اعتقادها بوجود توازن للقوى في المجلس النيابيّ واستحالة إيصال أيّ فريق لمرشّحه، وهو ما يلحّ في الحاجة إلى حلول يتَّفق خلالها على مرشّح بين التكتلات النيابية. ولن يغفل لبنان الرسميّ ملفّ النزوح السوريّ. وينتظر أن يبحث الاجتماع بين ميقاتي وبارولين في الأزمات المعيشية اللبنانيّة والإصلاحات الاقتصادية التي تشكّل أكثر من حاجة.


من يطّلع على حراك تنسيقيّ مع حاضرة الفاتيكان على المستوى المدنيّ اللبنانيّ، يقُل إنّ الكرسيّ الرسولي يواكب بدقّة التحديات التي يواجهها لبنان على المستويين الدستوريّ والسياديّ والنتيجة على المستويين الاقتصاديّ والاجتماعيّ. وثمة من ينتظر أن يحمل بارولين ثبات الديبلوماسية الفاتيكانية الفاعلة في تأكيد ضرورة تضافر الجهود الداخلية والإقليمية والدولية لإنقاذ هوية لبنان الحضارية، والتي تقوم على رسالة الحرية والتعددية والأخوة تحت سقف اتفاق الطائف والدستور اللبنانيّ، وذلك ثابت في السياسة الفاتيكانية، فيما من الواضح استناداً إلى من يتواصل مع الفاتيكان على مستوى القوى المجتمعية اللبنانية، أن الكرسيّ الرسولي تثبّت من أن ما يعيشه لبنان هو انقلاب على الدستور، مع محاولة لتغيير هويته، حيث يمكن رصد ذلك في كلّ ما يقوله قداسة البابا فرنسيس عن لبنان، وكذلك في زيارة أمين سرّ الفاتيكان بعد تفجير مرفأ بيروت في أيلول 2020، وكان واضحاً في القداس الاحتفاليّ في منطقة حريصا حينذاك حول مساندته للبنانيين، وهذا تأكيدٌ لدور الديبلوماسية الفاتيكانية في إنجاز مسار تنسيقيّ مع عواصم القرار لحماية هوية لبنان الحضارية.

لا تزال التوصيات الفاتيكانية حول القضية اللبنانية ثابتة بحسب المعطيات، بدءاً من تطبيق الدستور اللبناني، أيّ اتفاق الطائف بكافّة مندرجاته وإصلاحاته البنيوية، واستكمال سيادة الدولة بعيداً من أيّ سلاح غير شرعيّ، وحماية هوية لبنان الحضارية والتعدّدية في العيش معاً، والليبرالية الاقتصادية انطلاقاً من العدالة الاجتماعية، بما يعني الدفع في اتجاه إنهاء الفساد واتباع منطق خدمة الخير العام، وضرورة التزام لبنان المواثيق والقرارات الدولية. وإن كان للكرسيّ الرسولي سياسة تقول بضرورة إرساء تحييد لبنان عن الصراعات، فهذه السياسة ترتكز على إنجاز سياسة جوار يُحمى فيه لبنان من أيّ اعتداءات على كلّ المستويات. ولا بدّ من الإشارة إلى أن هناك بروباغندا تضخّ انطباعات غير صحيحة عن أنّ الكرسيّ الرسوليّ يدعو إلى انخراط النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين في المجتمع اللبنانيّ، لكنّ الصحيح وفق من يواكب موقف الفاتيكان لبنانيّاً، أنّه بقدر حرص الفاتيكان على المجتمعات المضيفة اللبنانية يحرص على حقوق النازحين، لكنّه يؤكّد حقّهم في الرجوع إلى بلدهم وتقرير مصيرهم كمسألة ثابتة أخلاقية في الديبلوماسية الفاتيكانية

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: أمین سر

إقرأ أيضاً:

البرلمان اللبناني يقر تعديلات تحدّ من السرية المصرفية يطلبها صندوق النقد  

 

 

بيروت - أقرّ مجلس النواب اللبناني الخميس 24ابريل2025، تعديلات تحدّ من السرية المصرفية وتعتبر مطلبا رئيسيا لصندوق النقد الدولي، فيما يجري وفد رسمي لقاءات في واشنطن مع مؤسسات مالية سعيا للحصول على دعم تحتاج إليه البلاد بشدة عقب أزمة اقتصادية خانقة.

وعدّل المجلس مادة في قانون السرية المصرفية وأخرى في قانون النقد والتسليف، ضمن سلسلة من الخطوات يعتزم لبنان القيام بها لاحتواء تداعيات الأزمة التي بدأت عام 2019، وفي ظل رهن المجتمع الدولي توفير الدعم بإجراء الحكومة إصلاحات جذرية.

وأورد بيان صادر عن مكتب رئيس البرلمان أن مجلس النواب أقر "تعديل المادة 7 (هـ) و(و) من القانون المتعلق بسرية المصارف (...) والمادة 150 من قانون النقد والتسليف".

وأوضحت "المفكرة القانونية"، وهي منظمة حقوقية غير حكومية، أن التعديل يخوّل "الهيئات الرقابيّة والهيئات النّاظمة للمصارف... طلب الحصول على جميع المعلومات المصرفية، من دون أن يربط طلب المعلومات بأيّ هدف معيّن".

وأفادت بأن التعديل بات يخوّل هذه الجهات "الحصول على أسماء العملاء" وتحليل الودائع "بخاصة لجهة استكشاف احتمال وجود شبهات بشأنها انطلاقا من هوية صاحب الوديعة".

وكانت الحكومة أكدت لدى إقرار مرسوم التعديلات في وقت سابق من هذا الشهر، أن النص يلحظ "مفعولا رجعيا لمدة 10 سنوات من تاريخ تقديم كل طلب"، ما يتيح بالتالي رفع السرية عن التعاملات المصرفية في 2019، أي عام بدء الأزمة الاقتصادية.

وتزامن إقرار التعديلات مع اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والتي يشارك فيها وزيرا المالية ياسين جابر والاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد.

وكان جابر أكد في بيان صادر عن مكتبه الثلاثاء أن إقرار التعديلات سيعطي "دفعا للوفد اللبناني" في واشنطن.

يشهد لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ العام 2019 بات معها غالبية السكان تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة. واشترط المجتمع الدولي على السلطات تنفيذ اصلاحات ملحة منها إعادة هيكلة القطاع المصرفي، للحصول على دعم مالي.

وبدأ لبنان في كانون الثاني/يناير 2022 مفاوضات رسمية مع صندوق النقد الذي طالما شدد على أنه لن يقدم أي دعم طالما لم تقرّ الحكومة إصلاحات على رأسها تصحيح الموازنة وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وإصلاح المؤسسات العامة والتصدي للفساد المستشري.

وأعلن الصندوق في نيسان/أبريل من العام ذاته عن اتفاق مبدئي مع لبنان على خطة مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار على أربع سنوات، لكنّ تطبيقها كان مشروطا بإصلاحات، لم تسلك غالبيتها سكة التنفيذ.

وتعهدت الحكومة الجديدة برئاسة نواف سلام التي تولت مهامها في كانون الثاني/يناير، بتنفيذ الاصلاحات المطلوبة للحصول على الدعم الدولي.

وإضافة الى تعديل قانون السرية المصرفية، يطالب المجتمع الدولي لبنان بإعادة هيكلة القطاع المصرفي. وأقرت الحكومة اللبنانية مشروع قانون بهذا الشأن في 12 نيسان/أبريل.

وساهمت السرية المصرفية التي اعتمدها لبنان في جذب الودائع ورؤوس الأموال الأجنبية. وطالبت أطراف دولية ومحلية برفعها عقب الأزمة المالية، في ظل الاشتباه بأن العديد من أصحاب المصارف والمتموّلين الكبار والنافذين استغلوها للتغطية على ممارسات فساد أو تهريب أموالهم الى الخارج، في وقت كانت البنوك تقيّد حرية المودعين في سحب ودائعهم اعتبارا من 2019.

مقالات مشابهة

  • شاهد | إعادة الإعمار يشكّل استحقاقًا رئيسيًا في المشهد السياسي اللبناني
  • أمين عام الناتو يختتم زيارة مهمة إلى الولايات المتحدة
  • "الكوفية الفلسطينية" حاضرة بجنازة بابا الفاتيكان.. فيديو
  • أدان الإبادة ورفض التجويع والتهجير.. الكوفية الفلسطينية حاضرة في جنازة بابا الفاتيكان ردا للجميل
  • الكنيسة والمشهد اللبناني في غياب البابا فرنسيس: دعم قوي لعون والطائف
  • الحكومة اللبنانية تخطط لتطوير برامج دعم جديدة للأشخاص ذوي الإعاقة قريبا
  • رئيس الحكومة اللبنانية يؤكد إجراء الانتخابات البلدية في مواعيدها
  • البرلمان اللبناني يقر تعديلات تحدّ من السرية المصرفية يطلبها صندوق النقد  
  • طالبة من اللبنانية.. ديا جرجورة أفضل محام مُقنع
  • المالية اللبنانية تعلن توقيع قرض مع البنك الدولي لحل مشكلة الكهرباء