ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَ يوم عرفة يعد أحد الأيام الفضيلة، وثبت كذلك أنَّ خير الدعاء ما كان فيه؛ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أَنا والنَّبيُّونَ من قبلي: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ وَهوَ على كلِّ شَيءٍ قديرٌ).
وقال بعض العلماء إنَّ عبارة هذا الحديث لا تقتضي أن يكون الدعاء قوله: (لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ وَهوَ على كلِّ شَيءٍ قديرٌ)؛ بل المراد أن خير الدعاء ما يكون يوم عرفة، ويكون هذا الذكر توطئة للدعاء؛ لما يُستحبُّ من الثناء على الله قبل الدعاء، فينبغي للمسلم أن يعتني في هذا اليوم المبارك بالدعاء بجدٍّ وإخلاص.
أدعية يستحب الدعاء فيها يوم عرفةمن الأدعية المأثورة التي من المناسب أن يحرص المسلم على الإكثار منها في يوم عرفة، ما يأتي:
(اللَّهمَّ اقسِم لَنا من خشيتِكَ ما يَحولُ بينَنا وبينَ معاصيكَ، ومن طاعتِكَ ما تبلِّغُنا بِهِ جنَّتَكَ، ومنَ اليقينِ ما تُهَوِّنُ بِهِ علَينا مُصيباتِ الدُّنيا، ومتِّعنا بأسماعِنا وأبصارِنا وقوَّتنا ما أحييتَنا، واجعَلهُ الوارثَ منَّا، واجعَل ثأرَنا على من ظلمَنا، وانصُرنا علَى من عادانا، ولا تجعَل مُصيبتَنا في دينِنا، ولا تجعلِ الدُّنيا أَكْبرَ همِّنا ولا مبلغَ عِلمِنا، ولا تسلِّط علَينا مَن لا يرحَمُنا)، فهذا الدعاء جامع لكثير من أبواب الخير، وتحقيق السعادة في الدارين؛ إذ لم يترك هذا الدعاء من خيري الدنيا والآخرة أمرًا إلا وتضمَّن أكمل ما فيه وأحسنه.(اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ مِن الخيرِ كلِّه عاجلِه وآجلِه ما علِمْتُ منه وما لَمْ أعلَمْ وأعوذُ بكَ مِن الشَّرِّ كلِّه عاجلِه وآجلِه ما علِمْتُ منه وما لَمْ أعلَمْ، اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ مِن الخيرِ ما سأَلكَ عبدُك ونَبيُّكَ وأعوذُ بكَ مِن الشَّرِّ ما عاذ به عبدُك ونَبيُّكَ وأسأَلُكَ الجنَّةَ وما قرَّب إليها مِن قولٍ وعمَلٍ وأعوذُ بكَ مِن النَّارِ وما قرَّب إليها مِن قولٍ وعمَلٍ وأسأَلُكَ أنْ تجعَلَ كلَّ قضاءٍ قضَيْتَه لي خيرًا)، وهذا الدعاء من أجمع الأدعية؛ فإنَّ فيه سؤالَ كلِّ خيرٍ، والاستعاذة من كلِّ شرٍّ. (اللَّهُمَّ اغفِر لحيِّنا وميِّتِنا وصغيرِنا وَكبيرِنا وذَكَرِنا وأنثانا وشاهدِنا وغائبِنا اللَّهُمَّ مَن أحييتَه منَّا فأحيِهِ علَى الإيمانِ ومَن تَوفَّيتَه مِنَّا فتوفَّهُ على الإسلامِ اللَّهُمَّ لا تحرِمنا أجرَه ولا تُضِلَّنا بعدَه)، وهذا دعاءٌ عظيم، فيه من الخير الشيء الكثير، فهو يشمل الدُّعاء بالخير للمسلمين جميعًا؛ الأحياء مِنهم والأموات.(اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي؛ فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ)، فهذا سيِّد الاستغفار كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم، وهو أفضل صيغ الاستغفار، وأكثرها ثوابًا، وسُمِّيَ سَيِّدًا لأنَّه جامع لمعاني التوبة كلِّها.(اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأرْضِ وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شيءٍ، فَالِقَ الحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بكَ مِن شَرِّ كُلِّ شيءٍ أَنْتَ آخِذٌ بنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الأوَّلُ فليسَ قَبْلَكَ شيءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فليسَ بَعْدَكَ شيءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فليسَ فَوْقَكَ شيءٌ، وَأَنْتَ البَاطِنُ فليسَ دُونَكَ شيءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الفَقْرِ)، وهذا دعاءٌ عظيمٌ لقضاء الدَّين وجلب الرِّزق؛ فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم-، يدعو الله به، ويأمر به أصحابه. (اللَّهُمَّ اكْفِني بحلالِك عن حرامِك، وأغْنِني بفَضْلِك عمَّن سِواك)، فقد جاء عن علي -رضي الله عنه-، أنَّ مُكاتبًا جاءه فقال: إنِّي قد عَجزتُ عن مكاتبتي فأعنِّي، فقال علي -رضي الله عنه-: ألا أعلِّمُكَ كلمات علَّمَنيهنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لو كان عليك مثل جبل صيرٍ دَينًا أدَّاهُ الله عنك، ثم ذكر هذا الدعاء العظيم.(لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ ورَبُّ الأرْضِ، ورَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ)، فهذا الدعاء كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُكثر منه عندما يصيبه الهمُّ، ويشتدُّ به الكرب، فيفرج الله به همَّه، وينَّفس كربه.(اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً، وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، ففي هذا الدعاء سؤال الله خير الدنيا والآخرة، وفيه الوقاية من النار.(لا إِلَـهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)، وهذه دعوة ذي النون، فما أحدٌ دعا بها إلّا استجاب الله له، وكفاه ما أهمَّه.(اللَّهمَّ إنَّكَ عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي)، وهذا الدعاء من جوامع الكلم، ومن دعا به حاز خيري الدنيا والآخرة. خير ما يقال في يوم عرفة من الذكرلقد أرشدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى خير ما يُقال من الذكر يوم عرفة، فقال: (خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أَنا والنَّبيُّونَ من قبلي: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ وَهوَ على كلِّ شَيءٍ قديرٌ)، فينبغي للمسلم أن يُكثر من هذا الذكر في هذا اليوم المبارك، ومن جملة الأذكار الفاضلة في يوم عرفة وغيره، ما يأتي:
أذكار يوم عرفةالتلبية للحاجّ؛ وهي بقوله: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك؛ إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.التهليل؛ فإنه أفضل الذكر كما أخبر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-.التسبيح بحمد الله؛ فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كلمتانِ خفيفتانِ على اللسانِ، ثقيلتانِ في الميزان، حبيبتانِ إلى الرحمنِ: سبحانَ اللهِ وبحمدِه، سبحانَ اللهِ العظيمِ).الحوقلة؛ وهي قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فهي كنز من كنوز الجنة. التكبير في يوم عرفةالتكبير ذكر لله وتعظيم له -سبحانه-؛ فهو إقرار بأنَّ الله -تعالى- أعظم وأكبر من كُلّ شيء، وأنّه هو المستحقُّ وحده للعبادة، وقد رتَّب الله عليه الأجر العظيم، لذلك ينبغي للمسلم أن يُكثر منه في سائر الأوقات، وخاصّة في عشر ذي الحجّة، وأيام التشريق.
أمَّا بالنسبة لصيغ التكبير، فهي متنوعة، والأمر فيها واسع، ومنها ما يأتي:
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا.
هل وردت أقوال مخصصة للحاج في عرفة؟لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقوال مخصَّصة يقولها الحاجّ في عرفة، إلا ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: (خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أَنا والنَّبيُّونَ من قبلي: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ وَهوَ على كلِّ شَيءٍ قديرٌ).
فينبغي للمسلم أن يكثر من هذا الذكر في هذا اليوم المبارك، وأن يجتهد بالدعاء؛ فيدعو بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وبغيره من الأدعية الجامعة للخير، وهذا يشمل ما يقال في يوم عرفة لغير الحاج أيضًا.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: يوم عرفة دعاء يوم عرفة فضل دعاء يوم عرفة أفضل دعاء يوم عرفة دعاء ليلة يوم عرفة دعاء عرفة خير الدعاء دعاء يوم عرفة عيد الاضحى عيد الأضحى المبارك عيد الأضحى المعظم عيد الأضحى 2024 عيد الأضحى 1445 الله أکبر الله أکبر صلى الله علیه وسلم فی یوم عرفة للمسلم أن ی هذا الدعاء رسول الله لا شریک لا إل ه فی هذا على کل
إقرأ أيضاً:
ردد هذا الدعاء 7 مرات يكفيك الله هم الدنيا والآخرة
نصحت دار الإفتاء المصرية، بترديد “حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم” (7 مرات)، في مساء كل يوم.
حسبي الله ونعم الوكيلكثيرًا ما نسمع هذه العبارة تتردّد على ألسنة النّاس الذين يتعرّضون للظّلم أو القهر ألا وهي قول حسبي الله ونعم الوكيل، فهذا الذّكر العظيم له فضلٌ كبير وأثرٌ عظيم في حياة المسلم حينما يلهج لسانه بذكرها.
معنى قول حسبنا ونعم الوكيلحينما يقول المسلم حسبنا الله ونعم الوكيل في حالات الظّلم التي يتعرّض لها في الحياة، ويكون معنى هذا الذكر أنّ الله سبحانه وتعالى هو حسب المسلم أي كافيه، ونعم الوكيل تعني نعم القائم على أمر المؤمن في جميع شؤونه من رعايةٍ ورحمةٍ وحفظٍ وإجابة دعاء وكفّ أذى وسوء، وجلب خير وسرور.
قال الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي السابق لمفتي الجمهورية السابق، إن دعاء المسلم على الإنسان الذي ظلمه بقول: «حسبي الله ونعم الوكيل» ليس حرامًا.
وأوضح « عاشور» في إجابته عن سؤال: « هل قول حسبي الله ونعم الوكيل حرام؟» أن الشخص إذا دعا بها على آخر ولم يكن ظالمًا له؛ لا شيء عليه وتحسب من سبيل الذكر.
وأضاف مستشار المفتي " أما إذا كان الشخص الذي دعا عليه قد ظلمه بالفعل؛ فالله – سبحانه وتعالى- يقص له مما ظلمه أو يعفو عنه لما قد يعلمه عنده من نية حسنة أو حسن خاتمة.
ونصح « عاشور» من يقولها بعدم تسمية من ظلمه في دعائه؛ فيذكر القول مجردًا وذلك كما في قوله - تعالى-: « الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ»، (سورة آل عمران: الآية 173).
سر الدعاء بقول لا حول ولا قوة إلا باللهوأشار إلى أن معنى قوله « حسبنا الله» أي: الله كافينا، و «نعم الوكيل» تعني: وكلناه فى جميع أمورنا، مختتمًا أنه لا بأس فى تكرارها مع تجريدها من اسم من ظلم.
وقال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إن كبار المشايخ نصحوا بترديد «حسبنا الله ونعم الوكيل» أربع مائة وخمسين مرة.
وأوضح «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن مشايخنا نصحونا بقول «حسبنا الله ونعم الوكيل» 450 مرة ، مشيرًا إلى أن هذه المقولة هي دعاء وذكر ووقاية من كل شر وفيها الخير الكثير، كما أنها من أعظم الأدعية الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة، كما أن هذا الدعاء «حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ» يمكن أن يقال في مواجهة المسلم الظالم، كما يمكن أن يلجأ إليه المهموم أو المكروب أو الخائف.
وأضاف أنه وردت مشروعية هذا الدعاء في القرآن الكريم في حكاية الله عز وجل عن الصحابة الكرام في أعقاب معركة أُحُد، في «حمراء الأسد»، وذلك حين خوَّفهم بعضُ المنافقين بأن أهل مكة جمعوا لهم الجموع التي لا تهزم، وأخذوا يثبِّطون عزائمهم، فلم يزدهم ذلك إلا إيمانا بوعد الله، وتمسكا بالحق الذي هم عليه، فقالوا في جواب جميع هذه المعركة النفسية العظيمة: «حسبنا الله ونعم الوكيل».
واستشهد بقول الله عز وجل: «الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ . الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ» آل عمران/172-174.
وأشار إلى أنه ورد في صحيح البخاري -رحمه الله- أن تلك الكلمة كانت على لسان أولي العزم من الرسل، قالها إبراهيم عليه السلام في أعظم محنة ابتلي بها حين ألقي في النار، وقالها سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم في مواجهة المشركين في "حمراء الأسد". عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ: قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أُلْقِي فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالُوا: «إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ».
ونوه بأن معنى هذا الدعاء «يا من ظلمتني فالله تعالى حسبي، وسيكفيني، وسأوكله ليأخذ حقي منك، ويقول العلماء إن معنى: حسبنا الله: أي الله كافينا، فالحسب هو الكافي أو الكفاية، والمسلم يؤمن بأن الله عز وجل بقدرته وعظمته وجلاله يكفي العبد من كل ما أهمه وأصابه، ويرد عنه بعظيم حوله كل خطر يخافه، وكل عدو يسعى في النيل منه، وأما معنى: (نعم الوكيل)، أي: أمدح من هو قيِّم على أمورنا، وقائم على مصالحنا، وكفيل بنا، وهو الله عز وجل، فهو أفضل وكيل؛ لأن من توكل على الله كفاه، ومن التجأ إليه سبحانه بصدق لم يخب ظنه ولا رجاؤه، وهو عز وجل أعظم من يستحق الثناء والحمد والشكر لذلك.
فوائد قول حسبنا ونعم الوكيل١- دفع السّوء والأذى، فقد اجتمع المسلمون في حمراء الأسد بعد غزوة أحد فحاول المنافقون تثبيط هممهم عن ذلك بقولهم إنّ النّاس قد جمعوا لكم، فكان جوابهم ترديد عبارة حسبنا الله ونعم الوكيل ليكون نتيجة ذلك بفضل الله ونعمته ومنّه أن انقلب المسلمون إلى أهليهم وذراريهم لم يمسسهم سوءٌ أو أذى.
٢- كسب رضا الرّحمن جلّ وعلا، فالله سبحانه وتعالى يحبّ العبد الذي يدعوه ويكل أمره إليه وحده فيرضى على العبد لأجل ذلك فيمنّ عليه برحمته وكرمه ويرفع له في درجاته عنده.
٣- بثّ الرّعب والخوف في نفوس الظّالمين والأعداء، فالمسلم وحينما يردّد قول هذا الذّكر أمام مسامع الظالمين تراهم يرتعدون لذلك بسبب تأثير ترديد هذا الذّكر على مسامعهم، ولما في كلماته من قوّة العقيدة وعظيم التّوكل على الله تعالى واليقين بقوّته وحوله وقدرته على الظّالمين.
٤- كفاية الهموم والغموم والأخطار والمخاوف وصرف السوء والأعداء.
٥- حفظ الله ورعايته ومن ثم السعادة في الدنيا والآخرة.
٦- الفرج وتيسير الأمور واستجلاب الرزق.
ورودها في القرآن والسنة١- في القرآن الكريم: وردت قصّة الصحابة الكرام حين أراد بعض المنافقين الجبناء إخافتهم من المشركين وتثبيط عزيمتهم، بقولهم إنّ أهل مكة جمعوا الحشود العظيمة لمقاتلتهم، فما كان من الأبطال الشجعان إلا أن قالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، ولم يزدهم هذا التخويف إلا إصرارًا وعزيمة وتوكلًا وثقةً بوعد خالقهم ونصره لهم، حيث قال الله- عز وجل-: (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ . الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) [آل عمران: 172،174].
٢- في السنة الشريفة: ورد في صحيح البخاري أن سيدنا إبراهيم عليه السلام قالها في أعظم محنة ابتلي بها حين ألقي في النار، وقالها سيّد البشر محمد صلى الله عليه وسلم في مواجهة المشركين في حمراء الأسد. فضل حسبي الله ونعم الوكيل من أعظم الأدعية لهجةً وفضلًا ومرتبةً.