تونس - حثّ الأمين للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي السبت 05/08/2023 رئيس الحكومة الجديد أحمد الحشاني على "الانفتاح على مختلف المكونات" في البلاد.

خلال تجمع في مدينة صفاقس (وسط شرق)، علق الطبوبي على إقالة الرئيس قيس سعيّد رئيسة الحكومة نجلاء بودن بعد عام ونصف عام من توليها المنصب قائلا "العبرة لا تكمن في تغيير الأشخاص وإنما تكمن في تغيير الإستراتيجيات والسياسات".

 

وتجمع مئات من أنصار الاتحاد العام التونسي للشغل ذي الميول اليسارية والذي يضم نحو مليون عضو في أنحاء البلاد، في صفاقس لإحياء ذكرى مقتل نشطاء عام 1947 خلال فترة الاستعمار الفرنسي في تونس.

انتخب سعيّد ديموقراطيا في تشرين الأول/أكتوبر 2019، قبل أن يتفرّد بالسلطة في 25 تموز/يوليو 2021، وصار مذاك يحكم بمراسيم رئاسية، وبات يمكنه إقالة رئيس حكومته أو وزرائه في أي وقت.

ولم يقدم الرئيس أي تفسير لإقالة بودن وتعيين الحشاني، وهو مدير سابق في البنك المركزي التونسي يحمل شهادة من كلية الحقوق التي درس فيها سعيّد. 

وتساءل الطبوبي بشأن رئيس الوزراء الجديد "هل سيكون منفتحا على مختلف المكونات الموجودة في البلاد من أجل التغلب على المصاعب والتحديات؟". 

غيّر سعيّد الدستور التونسي وأرسى أسس نظام رئاسي معزّز بدلا من النظام البرلماني الذي كان ساريا منذ ثورة 2011 التي أطاحت نظام زين العابدين بن علي. 

وللاتحاد العام التونسي للشغل أهمية كبيرة في المشهد التونسي، وقد حاز مع ثلاث منظمات تونسية أخرى جائزة نوبل للسلام عام 2015، مكافأة على دوره في تنظيم "الحوار الوطني" الذي أقيم لإخراج البلاد من أزمة هددت التحول الديموقراطي.

وردا على سؤال حول "مبادرة الإنقاذ الوطني" الجديدة التي أطلقها الاتحاد مطلع العام مع منظمات مجتمع مدني أخرى، أكد الطبوبي أنها "ستكون جاهزة متى يكون الشعب التونسي في حاجة إليها".

وتجمع المتظاهرون حول الزعيم النقابي ورددوا شعارات تنتقد الحكومة مثل "يا مواطن يا مقموع زاد الفقر زاد الجوع" و"وينو السكر وينو الزيت؟".

وتشير الشعارات إلى نقص في سلع أساسية تعانيه تونس حاليا، في ظل مديونية تبلغ 80% من الناتج المحلي الإجمالي وشحّ في السيولة بالعملة الصعبة الضرورية لاستيراد المنتجات الأساسية التي تشتريها الدولة قبل إعادة طرحها بأسعار مدعومة في السوق.

بالإضافة إلى هذه الصعوبات، غرقت تونس في أزمة سياسية تفاقمت بسبب توقيف نحو عشرين من المعارضين للرئيس قيس سعيّد منذ شباط/فبراير، من بينهم راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي تصدّر المشهد منذ 2011. 

المصدر: شبكة الأمة برس

إقرأ أيضاً:

سامح قاسم يكتب | رنا التونسي.. شاعرة الحافة التي تنزف جمالًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في المشهد الشعري العربي الحديث، تقف رنا التونسي ككائنٍ لغوي هشّ، يمشي فوق شفا الهاوية، حاملةً في يدٍ زهرةً للغفران، وفي الأخرى رمادًا لما لم يعد ممكنًا إصلاحه. شاعرة خرجت من قلب القاهرة لا بوصفها مدينة، بل ككائن خرافي متعدد الوجوه: أنثى مرّت من الأزقّة الضيقة، من الحروب الصغيرة داخل النفس، ومن محطات الانتظار التي لا تصل فيها القطارات.

 

إنّ رنا التونسي ليست مجرّد شاعرة تكتب، بل امرأة تؤسس لكتابة مغايرة، كتابة تحفر عميقًا في أرض الطفولة، في علاقة الأم بابنها، في الذكريات التي لم تكتمل، في الحب بوصفه نوعًا من الهروب، وفي الهروب بوصفه نوعًا من الحب.

 

في دواوينها الأولى مثل "وردة للأيام الأخيرة" و"وطن اسمه الرغبة"، بدت رنا وكأنها تنقّب عن شظايا ذاتها في أنقاض عالم لا يعترف بالهشاشة. كانت القصائد هناك أقرب إلى صرخات فتاة فقدت خريطة البيت، لكنها لا تزال تحمل مفاتيحه في جيب معطف ممزق. يتكرر حضور الفقد، الغياب، الوحدة، والعشق غير المتحقق. لكن هذه الموضوعات لا تأتي ككليشيهات، بل كل مرة بلغة مفاجئة، صورة تجرح، استعارة تهمس أكثر مما تصرخ.

 

في هذه المرحلة، يمكن ملاحظة تشكل ما يمكن تسميته بـ"لغة رنا التونسي": لغة تتعمد الكسر، تحب القفز من سطرٍ إلى آخر، لا تستكين لإيقاع تقليدي، ولا تخشى من الانكسار الداخلي للبيت الشعري. إنها تكتب كما تحلم، كما تنزف، وكما تتنفس.

 

يأتي ديوان "كتاب الألعاب" كعتبة جديدة في تجربتها، حيث تتقاطع اللغة مع الأمومة، لا بوصفها وظيفة بيولوجية، بل كنوع من التورط العاطفي. رنا لا تكتب عن الطفل فقط، بل تكتب عبر الطفل، ومن خلاله. يتحول الحلم، الخوف، الحكاية، واللعبة إلى مفردات شعرية. كل شيء هنا يبدو هشًا، لكنه مشبع بالحب الذي لا يحتاج إلى إثبات.

 

في هذا الديوان تحديدًا، تبلغ تجربتها درجة من النضج تؤهلها لتأسيس ما يشبه "أدب الأمومة" العربي، وهو أدب نادر في الشعر العربي الحديث، تفتحه رنا بصوت لا يشبه أحدًا سواها. من خلال هذا الصوت، تكتب الأم التي تخاف من كل شيء، من النوم، من الموت، من أن يسألها طفلها لماذا العالم قاسٍ. لا تجيب، لكنها تكتب.

 

في شعر رنا التونسي، لا وجود للجمال المتكامل. الجمال يأتي دائمًا مشوهًا، ناقصًا، أشبه بجناح طائر لا يستطيع الطيران به. إنها تؤمن بأنّ العالم لا يُحتمل إلا حين يُكسر قليلًا، حين نرى في الشقوق ما يشبه وجوهنا. وفي هذا السياق، تصبح الكتابة عندها فعل نجاة، لا رفاهية.

 

 لذلك نجد في دواوين مثل "فهرس الخوف" و"عندما لا أكون في الهواء" نبرة أقرب إلى السرد الحميم، إلى اليوميات، إلى التدوين الشخصي الذي يتجاوز الشعر ليؤسس حميمية لا تُقاوم.

 

رنا التونسي ليست فقط شاعرة، بل قارئة نهمة، ومحرّرة أدبية. في تحريرها لكتاب "ديوان الأمومة"، لم تكن تنسّق نصوصًا لشاعرات عربيات فحسب، بل كانت تؤسس لمشهد، لمجال، لصوتٍ جديد يصرخ من منطقة نادرًا ما يُصغى إليها: الجسد الأنثوي حين يتقاطع مع الجسد الأمومي، لا بوصفه بيولوجيا، بل كجغرافيا وجود.

 

في زمنٍ باتت فيه كثير من القصائد تُكتب بطمأنينة كاذبة، تخرج رنا التونسي من صمتها لا لتقول "أنا هنا"، بل لتهمس: "أنا هناك... حيث لا أحد يجرؤ على البقاء." إنها شاعرة لا تعيش في المركز، بل تقيم في الأطراف، في الظلال، في الأماكن التي يخاف منها الشعراء لأنها "لا تصلح للنشر".

 

ولعلّ هذا بالضبط ما يجعل شعرها جديرًا بالقراءة: أنه لا يسعى لإرضاء أحد، لا يعرض نفسه على مقاييس الجمال الجاهزة، بل يخلق مقاييسه بنفسه، كما لو أنّ القصيدة هي جرحٌ يكتب نفسه كل مرة بطريقة جديدة.

 

ربما يمكن القول إنّ رنا التونسي تكتب كما لو أنها تكتب في مرآة، لا لترى نفسها، بل لتكسر انعكاسها. شاعرة لا تخاف من القبح، من الخوف، من الوحدة، بل تحوّلها إلى زهورٍ سوداء تصلح لتزيين قصائدها. وإذا كان الشعر محاولة لترميم الكائن، فإن رنا التونسي تفعل ذلك، لكنها لا تستخدم الإسمنت، بل القصائد.

 

وفي زمنٍ يهرب فيه الشعراء من الحافة، تقف هي على شفيرها، مبتسمة، كأنها تقول لنا:

الشعر هو أن تبقى واقفًا هناك، حيث الجميع يسقط..

مقالات مشابهة

  • سامح قاسم يكتب | رنا التونسي.. شاعرة الحافة التي تنزف جمالًا
  • وفاة الرئيس التونسي الأسبق «فؤاد المبزع»
  • وفاة الرئيس التونسي الأسبق محمد فؤاد المبزع
  • وفاة الرئيس التونسي المؤقت الأسبق فؤاد المبزع
  • أكبر نقابة بالمغرب ترفض رفع سن التقاعد وتطالب بإحياء اللجنة الوطنية لأنظمة التقاعد
  • بحث الجانبان أوجه التعاون.. “الربيعة” يلتقي عددًا من المسؤولين في القطاع الصحي التونسي
  • الاتحاد المغربي للشغل يبلغ رئيس الحكومة رفضه رفع سن التقاعد
  • وزير الصحة التونسي يلتقي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة
  • بحثا عددًا من الموضوعات الإنسانية والإغاثية.. الرئيس التونسي يستقبل المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة
  • وفاة إبراهيم علوان رئيس نادي الاتحاد الأسبق