الخرطوم- تسلم رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان رؤى من قيادات بارزة في قبيلة الرزيقات في دارفور، ورموز من قبيلة المسيرية، ومجموعات قبلية أخرى في ولاية غرب كردفان، لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو 14 شهرا، والتي أدت إلى تفاقم الاستقطاب القبلي، وسط المكونات الاجتماعية التي تساند قوات الدعم السريع.

وتأتي أهمية هذه الخطوة أن قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" وغالب قواته ينحدرون من قبيلة الرزيقات، بينما تمثل قبيلة المسيرية ثاني أكبر مكون اجتماعي تنتمي إليه القوات.

البرهان خاطب وفد التنسيقة العليا للرزيقات وقال إن الدعم السريع تم حله بقرار من الشعب السوداني (سونا) إعلان براءة

شمل وفد قيادات "التنسيقية العليا لأبناء الرزيقات" المعتمد الأسبق بولاية شرق دارفور، الضيف عيسى عليو، والوزير السابق في السلطة الإقليمية لدارفور محمد يوسف التليب، ورئيس الاتحاد العام للصحفيين السودانيين الصادق الرزيقي وآخرين.

وقال إعلام مجلس السيادة إن البرهان تسلم من وفد الرزيقات رؤية لمعالجة الأزمة الراهنة، وأوضح أن "التمرد لا قبيلة له"، واعتبر أن "هذه الحرب شخصية، خطط لها حميدتي وشقيقه عبد الرحيم للاستيلاء على السلطة، بمعاونة عملاء بالداخل والخارج"، وأشار إلى أن هناك قوى سياسية صغيرة تآمرت مع المليشيا تريد حكم السودان.

وأفاد قائد الجيش بأن "التمرد استعان بمرتزقة من الخارج"، مشيرا الى أن معلوماتهم المؤكدة تشير إلى أن 70% من مقاتلي الدعم السريع الموجودين في مصفاة الجيلي لتكرير النفط شمالي الخرطوم هم من المرتزقة الأجانب.

من جانبهم، أكد المتحدثون من "تنسيقية أبناء الرزيقات" خلال اللقاء وقوفهم ودعمهم للقوات المسلحة، وأعلنوا تبرؤهم مما تقوم بارتكابه من وصفوها بـ"مليشيا آل دقلو"، مؤكدين أن المشروع الذي تتبناه "تخريبي"، وتعهدوا بدعم "المقاومة الشعبية للدفاع عن الوطن".

كما التقى البرهان مكونات مجتمع ولاية غرب كردفان من قبائل المسيرية الزرق والعجايرة والنوبة والفلايتة والداجو ودينكا نقوك، وتسلم منهم "وثيقة عهد وميثاق"، تؤكد وقفتهم الصلبة بجانب القوات المسلحة، حسب إعلام مجلس السيادة.

وقال البرهان "الدعم السريع بالنسبة لنا انتهى، وتم حله بقرار من الشعب السوداني، وآل دقلو استغلوا بساطة وجهل بعض المكونات من أجل تعبئتهم وإقحامهم في القتال".

كما قال القيادي في قبيلة المسيرية والبرلماني السابق أحمد الصالح صلوحة إن قبيلته تساند القوات المسلحة، وإن "هذا اليوم أسود في تاريخ الدعم السريع، ولا يوجد دعم، بل هم مجموعة من اللصوص والقتلة".

"يمثلون أنفسهم"

في المقابل، قال ناظر قبيلة الرزيقات محمود موسى مادبو في بيان، إن من التقوا البرهان يتبعون للنظام السابق، ولا يحق لهم التحدث باسم القبيلة التي لا يوجد في تنظيمها الهيكلي اسم "تنسيقية"، ورأى أن الحرب تستهدف القضاء على قبيلته، وحيا مقاتلي قوات الدعم السريع "الذين يخوضون الحرب نيابة عن المهمشين في السودان" حسب قوله.

كما قال ناظر عموم العجايرة -أحد بطون المسيرية- مختار بابو في بيان، إنه لم يفوض أحدا للتحدث باسم القبيلة، وقال إن الذين ذهبوا إلى مدينة بورتسودان لم يستشيروه، وبالتالي يمثلون أنفسهم ومواقفهم الشخصية.

غير أن المحلل والباحث في شؤون دارفور على منصور حسب الله، يرى أن تنسيقية أبناء الرزيقات تتكون من شخصيات لها وزنها السياسي والاجتماعي، ويشكل تحركها ضغطا على قيادة قوات الدعم السريع.

وحسب حديث الباحث للجزيرة نت فإن موقف تنسيقية أبناء الزريقات، سيشجع المجموعات القبلية التي تشكل حاضنة لقوات الدعم السريع في دارفور وكردفان لاتخاذ موقف مشابه، مثل قبائل البني هلبة والهبانية ومسيرية دارفور، مما سيدفع قيادة الدعم السريع إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب.

وسبق أن أعلن جميع زعماء القبائل السبعة في دارفور مساندتهم لقوات الدعم السريع في يوليو/تموز 2023، وقال زعماء قبائل البني هلبة والترجم والهبانية والفلاتة والمسيرية والتعايشة، إن الحرب الدائرة هي "معركة بين الحق والباطل، وضد فلول النظام البائد، الذين يستغلون القوات المسلحة للعودة إلى السلطة"، ودعت قيادات القبائل المذكورة أبناءها في الجيش للانضمام إلى الدعم السريع.

دوافع المسيرية

ويعتقد الكاتب المتخصص في قضايا إقليم كردفان إبراهيم عربي أن تحرك مكونات مجتمع غرب كردفان، من المسيرية الزرق والعجايرة والفلايتة والنوبة والداجو ودينكا نوك، تعد خطوة جريئة رغم تأخرها، وأنها تسببت بقلق لقوات الدعم السريع، لأن المسيرية تمثل أكثر من 20% من القوة الضاربة للقوات.

وقال عربي للجزيرة نت إن دوافع قيادات المسيرية هو إنقاذ من تبقى من أبنائهم في قوات الدعم السريع، بعد مقتل آلاف منهم خلال المعارك، حيث طلبوا من البرهان منحهم فرصة لإقناعهم بالانسحاب، وطرحوا خطة في هذا الشأن، متوقعا عودة أعداد كبيرة من مقاتلي القبيلة من الخرطوم وولاية الجزيرة إلى ديارهم خلال المرحلة المقبلة.

غير أن المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة "المجهر السياسي" الهندي عز الدين، يرى أن موقف قبيلتي الزريقات والمسيرية سيشكل ضغطا سياسيا ونفسيا على قيادة قوات الدعم السريع، وعلى زعماء القبائل المناصرة للقوات، ولكنه لن يؤثر على الأوضاع الميدانية والعسكرية.

وفي حديث للجزيرة نت قال المحلل إن المحك الحقيقي الذي تواجهه قوات الدعم السريع هي معركة الفاشر المستمرة، والتي تكتلت فيها حركات الكفاح المسلح -المكونة من إثنيات مناوئة تاريخيا لعربان دارفور والشتات- مع الجيش السوداني ضد الدعم السريع، وحالت دون تنفيذ خطته بالسيطرة على الفاشر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

هل استخدمت قوات الدعم السريع سلاح المخدرات في الحرب؟

الخرطوم- شهدت الحرب الدائرة حاليا في السودان أساليب لم تشهدها سابقاتها، حيث كان احتلال البيوت واستخدامها ثكنات عسكرية، ثم اغتصاب النساء على نطاق واسع، وفق ما أشارت إليه منظمات دولية متخصصة. وأخيرا، جاءت قوات الدعم السريع باستخدام المخدرات والمنشطات لزيادة فاعلية أداء المحاربين، أو لتكون تجارة تبتغي منها تحقيق الربح ولو كان ثمن ذلك هلاك آلاف من الشباب.

فقد أعلن جهاز المخابرات السوداني، الثلاثاء الماضي، اكتشاف مصنع لإنتاج الحبوب المخدرة في منطقة مصفاة النفط بالخرطوم بحري ينتج 100 ألف حبة من الكبتاغون في الساعة وتعود ملكيته للدعم السريع، وأن معظم الإنتاج كان يذهب كمنشطات للقوات "المتمردة".

ولم تستبعد السلطات السودانية أن يكون جزء من إنتاج ذلك المصنع قد أخذ طريقه لدول الجوار والمجتمعات المحلية. وفُتحت أبواب المصنع لمجموعة محدودة من الصحفيين كانت الجزيرة نت من بينهم، إذ طرحت كثيرا من الأسئلة، وسعت بحثا عن إجابات لهذا الملف الغامض.

الطريق إلى الهدف

لم تشأ السلطات السودانية أن تعلن عن تفاصيل المفاجأة التي وعدت بها الصحفيين في ذلك اليوم، فمنحت الجميع العنوان وتركت لكل من أعضاء الوفد الصحفي أن يتخيل وجود مصنع مخدرات في مكان توقفت فيه كل المصانع بسبب الحرب التي تشارف على إكمال عامها الثاني في السودان.

إعلان

الطريق إلى منطقة مصفاة الخرطوم، التي تسمى أيضا مصفاة الجيلي نسبة إلى المنطقة الريفية التي تقع قربها حيث يوجد المصنع المشار إليه، كان يعكس أهوال الحرب، شاحنات كانت تحمل وقودا لقوات الدعم السريع تكومت محترقة بعضها فوق بعض، بسبب الكمائن التي كان ينصبها جنود من الجيش السوداني لقطع الإمداد الحيوي من النفط للدعم السريع التي كانت منتشرة في هذه البقاع.

مصانع كبيرة أوصدت أبوابها بعد أن تحولت إلى مقار عسكرية، المصفاة الرئيسية في مرحلة جرد الخسائر، وهي مرحلة تسبق وصول الخبراء الصينيين الذين كانوا قد بنوها أول مرة، ومحطة توليد الكهرباء في منطقة قرى التي كانت تمنح الوطن نصف ما يحتاجه من طاقة أصابها ما أصاب أختها في التنمية مصفاة النفط.

المخابرات السودانية أعلنت أن المواد الخام التي وُجدت في المصنع تكفي لإنتاج 700 مليون حبة (مواقع التواصل)

من بين الركام والخراب كان موكبنا يتخذ مسارا حذرا مخافة الألغام، مرافقنا يحكي كيف أن سيارته تخطت لغما كان يمكن أن يمزقها إربا إربا، وكيف أنهم نزعوا 600 لغم من كيلومتر مربع واحد.

أخيرا، نقف أمام بناية متعددة الطوابق تشبه غيرها من المباني التي لم تكتمل بعد أن دهمتها الحرب، هنا مصنع المخدرات كما تسميه إدارة المخابرات السودانية.

مبنى محكم الإغلاق عالي الأسوار يتكون من عدد من الآلات وبه مستودع للخام. وحسب العميد بجهاز المخابرات السوداني هاشم العربي، فإن هذا المصنع ينتج نحو 100 ألف حبة في الساعة وإن المواد الخام التي وجدت فيه تكفي لإنتاج 700 مليون حبة.

وأوضح العربي أن البحث لا يزال جاريا عن حبوب أُنتجت ولم يكتمل توزيعها، وهنا ينشط رجال المخابرات وشرطة المخدرات في البحث عن مخازن تحت الأرض. كما أن البحث يشمل مناطق أخرى بحسب أحد رجال الشرطة المرابطين، الذي أكد للجزيرة نت أنهم يتوقعون وجود مخازن في أماكن مجاورة.

مقالات مشابهة

  • مقتل وإصابة مدنيين جراء قصف للدعم السريع على الأبيض
  • بعد اختفاء حميدتي .. مَن يقود الدعم السريع؟
  • دعوات أممية لوقف تدفق الأسلحة وإنهاء الحرب في السودان
  • بعد اختفاء حميدتي.. مَن يقود الدعم السريع؟
  • انقسام وشيك للسودان المنهك
  • الدعم السريع تضرم النيران بأكبر مخيم للنازحين ودعوات أفريقية لوقف القتال بالسودان
  • الجيش السوداني يقصف مواقع للدعم السريع بالفاشر
  • السودان: ضبط مصنع لمخدر الكبتاغون تابع للدعم السريع بالخرطوم
  • في بيان أصدرته: الدعم السريع تضبط أسلحة وتحرر رهائن ومدنيين في معسكر زمزم بشمال دارفور
  • هل استخدمت قوات الدعم السريع سلاح المخدرات في الحرب؟