ناشرون تحت المقاطعة: سوق الترجمة الإسرائيلي في مهب الحرب على غزة
تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT
مع دخول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حقبة جديدة وتزايد الرفض الدولي له، يشتكي ناشرون إسرائيليون من مقاطعة مفتوحة ومعلنة من قبل الكتاب الشباب تؤثر على حركة التأليف والترجمة، خاصة الكتاب من بلدان أوروبية مثل أيرلندا وإسبانيا وشمال أوروبا.
وعلى غرار الجامعات والمؤسسات الأكاديمية والثقافية يتحسب قطاع النشر الإسرائيلي لثمن العزلة الدولية، ويقول أحد كبار المحررين: "في النهاية، لن يبيع لي (حقوق النشر) سوى الكتّاب الموتى"، كما أن وضع المؤلفين الإسرائيليين الذين يتوقعون الانفتاح على الخارج لم يكن بهذه الصعوبة من قبل.
ويرى ناشرون ومترجمون إسرائيليون أن هذه المقاطعة ربما تكون طريقة المؤلفين ودور النشر للتعبير عن رأيهم، لكنهم يستنكرون أن يكون المجال الثقافي ساحة للمقاطعة، ودعا أحدهم الكتاب الرافضين إلى ترجمة أعمالهم، والتبرع بعوائدها للفلسطينيين إن أرادوا ذلك.
ويقول تقرير لموقع "كالكاليست" الإسرائيلي (Calcalist) أنه لا ينبغي أن يتفاجأ القراء العبريون إذا لم يقرؤوا في السنوات القادمة ترجمات الأدب الأيرلندي المعاصر، أو الأدب الأميركي الشاب. أيضًا لعشاق الأدب الرومانسي والمثير، ففي أعقاب الحرب، تزايد رفض الكتاب والكاتبات في جميع أنحاء العالم لبيع حقوق الترجمة للناشرين الإسرائيليين" ، وتحكي ليا بن، الناشرة والمحررة في دار نشر بن، عن 6 كتاب رفضوا مؤخرا بيع حقوق ترجمتهم إلى العبرية، اثنان منهم معروفان نسبيا وهما: الكاتب الأيرلندي بول موراي الذي كتب "لدغة النحل"، والكاتبة البريطانية من أصل هندي شينا باتيل التي كتبت "أنا معجب".
تقول بن: "رفضت باتيل (بيع حقوق الترجمة إلى العبرية) حتى قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، وموراي رفض في 9 أكتوبر" ويدور كتاب موراي حول قمع الذكريات وكيف تعود إليك بشكل غير متوقع.
وبحسب الموقع الإسرائيلي، فقت كتبت بن رسالة إلى وكيل باتيل الأدبي، وتلقت جواب الرفض. وأكد الوكيل أنه كان يعتزم الرفض على أي حال، بغض النظر عن 7 أكتوبر/تشرين الأول وما تلاه.
إحباط الناشرينوبسبب الحرب تزايدت حالات الرفض الأخرى منذ ذلك الحين بينها مؤلفون بريطانيون وأميركيون لأول مرة، الذين لم يتم نشر كتبهم في الخارج بعد، ولسوء الحظ، ربما لن يتم نشرها في إسرائيل. ما يزيد من الإحباط هو أن الوكلاء عادة لا يعرفون أن المؤلفين سيرفضون، لذلك يقرأ الناشرون الإسرائيليون المخطوطة، ويقدمون عرضًا وعندها فقط يتلقون الرفض.
ظاهرة مشابهة وصفها أورنيت كوهين باراك، رئيس تحرير دار مودن للنشر وسلسلة الأدب الجميل فيها، قرأ وأحب رواية "ليس نهرا" للكاتبة الأرجنتينية سالفا ألاميدا التي رشحت لجائزة بوكر مان البريطانية، وأراد نشرها. "لقد أحببت كتاب ألاميدا وقدمنا عرضًا. عاد إلينا الوكيل وطلب منا تصحيح العرض، ثم أرسل لي رسالة نصية وطلب التحدث عبر الهاتف. حددنا موعدًا للمكالمة، وقلت له على الفور: "أنا أعرف ما تريد أن تخبرني به."
في البداية، كانت المقاطعة الأدبية لإسرائيل سرية أو مقنّعة، ولم تكن صريحة تمامًا. وبعد ذلك بدأت الأبعاد تتضح. لقد تعلم كوهين باراك بالفعل من خلال التجربة، قاطعت الكاتبة الأيرلندية سالي روني، مؤلفة كتابي "محادثات مع الأصدقاء" و"أشخاص عاديون" الأكثر مبيعا، إسرائيل قبل وقت طويل من السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ورفضت نشر روايتها الأخيرة في إسرائيل "عالم جميل، أين أنت".
ومن المثير للاهتمام النظر إلى الاتجاه المعاكس، بحسب الصحيفة الإسرائيلية، فالكتب الإسرائيلية التي تباع للناشرين في الخارج أيضا تعاني بشدة ولم يعد هناك انفتاح على نيل حقوق ترجمتها ونشرها.
زيف لويس، المستكشف ومدير الحقوق في دار كينيريت زامورا للنشر يقول "أعمل في هذه الصناعة منذ أكثر من 40 عامًا، ولا أتذكر الوقت الذي كان يصعب فيه بيع حقوق نشر الأدب الإسرائيلي في الخارج، كما هو الآن. قبل عام، قمت بالترويج لكتاب للكاتبة داريا شوعلي، وهو كتاب تشويق مناسب للخارج، وتمكنا من بيعه للناشرين الجيدين في إيطاليا وألمانيا وبولندا، ولكن بعد ذلك بدأت الحرب ولم يعد هناك أحد يتحدث معه".
هناك ظاهرة مثيرة للاهتمام بشكل خاص، كما تقول الصحيفة الإسرائيلية، وهي مقاطعة الكاتبات اللاتي يكتبن في هذا النوع من الروايات الرومانسية والروايات المثيرة. أميركية في الغالب. يقول لويس: "منذ الحرب، شعرنا بالرفض في هذا النوع المحدد من الكاتبات الشابات البيضاوات وغير المتعلمات في أميركا الشمالية".
ويكمل "هذا سلوك قطيع يتم إنشاؤه بشكل أساسي على منصة مثل تيكتوك، لأن هذا هو المكان الذي يعيش فيه هؤلاء الكتاب ويستمدون منه قوتهم ونفوذهم. ربما يكون مزيجًا من التصيد التقدمي والخوف من المقاطعة من جانب قرائهم، إنهم خائفون من فقدان القراء".
ويقول الوكيل الأدبي ديبورا هاريس: "المحررون الأدبيون الشباب في الخارج تقدميون ومعادون لإسرائيل" مشيرا بشكل خاص لمواقف الكتاب الأصغر سنا المناهضة لإسرائيل، ولم يتقدم هاريس بعرض للناشرين في جميع أنحاء العالم لترجمة أعمال الأدب الإسرائيلي، خشية من الرفض. ويقول "نصدر كل شهر رسالة إخبارية تحتوي على الأشياء الجديدة، وهناك استجابات أقل بكثير من ذي قبل، والعديد من المحررين لا يستجيبون ببساطة".
مقاطعة أكاديميةوفي تقرير سابق لـ"ذا ماركر"، أفادت الصحيفة الاقتصادية الإسرائيلية أن العقلية المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأميركية تمنع دعوة الباحثين الإسرائيليين إلى المؤتمرات الأكاديمية والحصول على التمويل لأبحاثهم. كما أنها قد تضر بالنشاط الأكاديمي في إسرائيل، التي تعتمد على التعاون الدولي.
ونقل التقرير عن باحثين إسرائيليين أنهم شعروا بما سموه "عداء عام تجاه إسرائيل" في أقسام الجامعات الأميركية، وحتى في أقسام مثل كليات الطب والعلوم الطبيعية، رغم أن مقاطعة إسرائيل كانت مقتصرة فقط سابقا على أقسام وكليات العلوم الإنسانية والاجتماعية.
وكما قطاع النشر، يخشى الباحثون الإسرائيليون أن تؤدي مواقف الأوساط الأكاديمية إلى الإضرار بعملهم في الخارج، ومنعهم من التقدم المهني، بل الإضرار في وقت لاحق بالبحث الأكاديمي في إسرائيل ككل، ويدرك كبار المسؤولين في عالم الأبحاث في إسرائيل بالفعل بدايات هذه الظاهرة التي أدت لنبذ الباحثين الإسرائيليين في العالم الأكاديمي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی إسرائیل فی الخارج
إقرأ أيضاً:
المرتزقة في جيش إسرائيل أعدادهم والمنظمات التي تجندهم
يستعين الجيش الإسرائيلي بآلاف المرتزقة الأجانب سنويا، الذين يُجندون للقتال في الحروب، وتنفيذ عمليات استخباراتية وأمنية داخل إسرائيل وخارجها، مدفوعين بالرغبة في الحصول على مميزات مادية وأجور مجزية.
ويخدم المرتزقة في وحدات الجيش الإسرائيلي المختلفة، ويشاركون في العمليات القتالية والدعم اللوجستي وتدريب القوات المحلية، فضلا عن المساهمة في تأمين المستوطنات ومشاركة المستوطنين في أعمال العنف والعمليات العدائية ضد المدنيين الفلسطينيين، واغتيال ناشطي المقاومة.
وتجنيد المرتزقة ظاهرة قديمة منذ إعلان قيام إسرائيل، وأسهمت في تأسيسها وبناء جيشها عام 1948، وأخذت بعد ذلك وضعا مؤسسيا، ووُضعت أطر مالية واجتماعية وقانونية لاحتواء المرتزقة في المجتمع الإسرائيلي، وجعلهم رافدا مستديما للوحدات العسكرية والأمنية.
وتروج إسرائيل لظاهرة الارتزاق على أنها قائمة على التطوع والإيمان، وتستخدم مصطلح "المتطوعين" للإشارة إلى المرتزقة، للتمويه بأنهم ينحدرون من أصول يهودية، ويحاربون لدوافع دينية، على الرغم من أن العنصر اليهودي لا يتجاوز 20% من المجموع الكلي لمرتزقة الجيش الإسرائيلي.
الجذورظاهرة تجنيد المرتزقة جزء من عقيدة بناء إسرائيل، فهي سابقة على قيامها وتأسيس جيشها، وتعود جذورها إلى مطلع أربعينيات القرن الـ20، حين جندت العصابات الصهيونية مرتزقة من أنحاء العالم، عبر منظمة "ماحل" (المتطوعون من الخارج)، للقتال إلى جانب الإسرائيليين ودعم مخططاتهم للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وتهجير أهلها وإقامة دولة إسرائيل.
إعلانوفي الفترة بين عامي 1947 و1949، استطاعت ماحل استقطاب أكثر من 4400 من المرتزقة من 56 دولة مختلفة، كان معظمهم من الجنود الذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية، لذلك تميزوا بامتلاكهم خبرة عسكرية وقدرات قتالية عالية.
وشارك الجنود المرتزقة في حرب النكبة والمعارك التي سبقتها، وتركز معظم نشاطهم العسكري ضمن سلاحي الجو والبحرية، وكان من بينهم طيارون قادوا القصف الجوي أثناء الحرب، ودربوا طيارين يهودا على العمليات الجوية الحربية، وكذلك شاركوا في عمليات التطهير العرقي، وارتكبوا جرائم ومجازر بحق الفلسطينيين.
ولقاء خدماتهم في الحرب تلقوا مبالغ ضخمة، وكرّم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ديفيد بن غوريون عشرات الجنود منهم، تقديرا لجهودهم في الحرب، ومنحهم أوسمة رفيعة، إضافة إلى الجنسية الإسرائيلية.
ركيزة أساسيةفي أعقاب إعلان قيام إسرائيل عام 1948، أصبحت العصابات الصهيونية نواة الجيش الإسرائيلي، وغدا المرتزقة ركيزة أساسية فيه، لا سيما في سلاحي الجو والبحرية، وانضم بعضهم للعمل في جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد).
واستمر استخدام المرتزقة في دعم الجيش الإسرائيلي، وخُصصت لهم ميزانيات ضخمة لرفع كفاءتهم، وصُرفت لهم أجور عالية ومخصصات نهاية خدمة، وقدمت لهم ولأسرهم امتيازات تساعدهم على الاندماج داخل المجتمع الإسرائيلي.
وعلى الرغم من رجوع العديد منهم إلى بلادهم بعد انتهاء الحرب، فإن العقيدة العسكرية التي أرساها بن غوريون، كانت تؤكد على الاستعانة الدائمة بغير اليهود في المواجهات العسكرية، للحفاظ على الكثافة البشرية من العنصر اليهودي في البلاد، وتقليل الخسائر في صفوفه.
لذلك، استمر الجيش الإسرائيلي باستقطاب المرتزقة وتجنيدهم، ولم يعد الاستقطاب مقتصرا على اليهود، بل ضم الجيش عناصر من ديانات أخرى، وأصبح وجودهم دائما فيه، وشاركوا في جميع الحروب التي خاضتها إسرائيل ضد العرب في الأعوام 1956 و1967 و1973، ثم في العمليات التي شنتها على لبنان وغزة والضفة الغربية، وشاركوا في حراسة المستوطنات، وقمع المدنيين الفلسطينيين ومداهمة بيوتهم واغتيال المقاومين.
إعلانوقبل الانضمام إلى الجيش، يتلقى المجندون الجدد دورة تحضيرية، تشرف عليها وزارة الدفاع الإسرائيلية، تتضمن إعدادا جسديا ونفسيا للتجنيد العسكري، وتشمل تدريبات بدنية، والمشي على الأقدام مسافات طويلة، واجتماعات مع ضباط من الجيش الإسرائيلي.
وفي إطار دمجهم داخل المجتمع الإسرائيلي، تُنَظم لهم رحلات إلى أنحاء مختلفة من البلاد، وزيارات إلى مواقع "التراث الإسرائيلي" وجولات في المتاحف، إضافة إلى تطوير لغتهم العبرية، وتنظيم لقاءات بإسرائيليين من مختلف أطياف المجتمع.
شركات ومنظمات التجنيدتستعين سلطات الاحتلال بشركات عسكرية متخصصة لاستقطاب الجنود المرتزقة وإقناعهم بالانضمام للجيش الإسرائيلي، مقابل أجور عالية، من أبرزها شركة "غلوبال سي إس تي" وشركة "ريفن" وشركة "بلاك ووتر".
إضافة إلى ذلك، تتبنى منظمات إسرائيلية مهمةَ تجنيد مرتزقة من خارج إسرائيل، وتنظم مشاريع وحملات تدعو للخدمة في جيش الاحتلال، وخصوصا ضمن البيئات اليهودية والمسيحية اليمينية، ومن أبرز تلك المنظمات:
منظمة ماحلتأسست في أربعينيات القرن العشرين، وعملت على مدى عقود في تنظيم حملات إعلامية في مناطق واسعة حول العالم، لتجنيد الشباب للخدمة في الجيش الإسرائيلي.
وفي أعقاب إعلان الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، تمكنت من تجنيد آلاف الشباب من الجنسين، من نحو 40 دولة، معظمهم أوروبيون، وإرسالهم للقتال إلى جانب إسرائيل في الحرب، بعد إخضاعهم لدورة تدريب عسكري تمتد 18 شهرا.
حركة كاخوهي حركة يمينية متطرفة، تمتد أذرعها في بلدان عديدة حول العالم، لا سيما في الدول الأوروبية، وتعمل على تجنيد المرتزقة في أوساط المتدينين المؤمنين بالفكر الصهيوني، للالتحاق بجيش الاحتلال.
ويعمل ذراعها في فرنسا، من خلال "رابطة الدفاع اليهودية الفرنسية"، على تجنيد المئات من المرتزقة، من ذوي الخبرة القتالية والعسكرية في أنحاء أوروبا، للقتال في صفوف الجيش الإسرائيلي، وتعمل جماعة منهم في مساندة المستوطنين في أعمال العنف ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية.
إعلان منظمة سار إيلتأسست عام 1983، ولها فروع في 30 دولة، ولها ارتباط بالسفارات الإسرائيلية في بلدان العالم المختلفة، وهي إحدى المنظمات الأكثر نشاطا في هذا المجال.
وتنشط المنظمة عبر مواقعها الإلكترونية، من أجل الترويج للمزايا التي يحصل عليها المرتزقة الذين يلتحقون بالجيش الإسرائيلي، وتستهدف بشكل أكبر اليمين الإنجيلي المتصهين.
منظمة غارين تزابارتأسست عام 1991، ولها فروع في الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا وبريطانيا، وتوفر نظام دعم متكاملا للراغبين بالانضمام للجيش الإسرائيلي، ضمن برنامج الجنود المنفردين.
منظمة آيش مالاشتشجع على تجنيد اليهود من غير الإسرائيليين، للخدمة في الجيش الإسرائيلي، لا سيما في الولايات المتحدة.
برامج التجنيديعمل الجيش الإسرائيلي على تجنيد المرتزقة الراغبين بالانضمام إليه بشكل دائم أو مؤقت في إطار مشاريع، أبرزها مشروعا "الجندي الوحيد" و"الجنود مزدوجي الجنسية".
مشروع الجندي الوحيديعمل على تجنيد مرتزقة من الجنسين، ويُفضل هذا البرنامج أن يكون المستقطَبون يهودا، لكن ذلك ليس شرطا، فمن بين 7 آلاف من الجنود الوحيدين الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي، لا تزيد نسبة العنصر اليهودي عن 20%، مقابل 80% من الأجانب.
ويضم المشروع فئتين من المجندين:
مجندون من داخل إسرائيل، وليس للهم عائلات أصلا، لكونهم أيتاما أو من أسر مفككة. مجندون من الخارج، ولهم عائلات لكنها ليست في إسرائيل.ويُقدم جيش الاحتلال للجنود المنفردين أجورا عالية مقارنة بالجنود العاديين، ومزايا مادية متنوعة، مثل: منحة الزواج ومنح الطرود الغذائية، وتمويل زيارة العائلة بالخارج والمساعدة في الإيجار وصيانة الشقة، والإعفاء من الضرائب، إضافة إلى السماح لهم ممارسة أعمال خاصة، وتوفير بيئة اجتماعية داعمة بديلا عن العائلة.
ويتلقى المرتزقة الوحيدون تدريبات عسكرية عالية، ويتميزون بالشراسة والخطورة في القتال، ويشتهرون بارتكابهم أعمال عنف وجرائم حرب.
إعلان مشروع الجنود مزدوجي الجنسيةيضم الجيش الإسرائيلي الآلاف من الجنود الذين يحملون جنسية مزدوجة، فهم يعدون مواطنين لدول، مثل: روسيا وأوكرانيا وبريطانيا وأميركا وفرنسا، وفي الوقت نفسه، يحملون الجنسية الإسرائيلية، لذا ينضمون للجيش الإسرائيلي في إطار الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية.
وفي أعقاب الحرب على غزة عام 2023، انضم للجيش الإسرائيلي عشرات الآلاف من المهاجرين الروس والفرنسيين وغيرهم من أصحاب الجنسية المزدوجة، الذين شاركوا في حرب الإبادة في قطاع غزة.
دول الاستقطابيمتد استقطاب المرتزقة للخدمة في الجيش الإسرائيلي إلى مجموعة واسعة من دول العالم، تُعد بالعشرات، أبرزها: الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا والمملكة المتحدة وروسيا.
وفي عام 2016، بلغ عدد المرتزقة في الجيش الإسرائيلي 5 آلاف مجند، ينتمون إلى 21 دولة، وأعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية أن فرنسا تصدرت قائمة الدول التي قدم منها "المتطوعين" في ذلك العام، بنسبة بلغت 45% من مجموع "المتطوعون"، واحتلت الولايات المتحدة المركز الثاني، بنسبة 29%، في حين بلغت نسبة البريطانيين 5%.
وتدعم بعض الدول المصدرة للمرتزقة هذه الظاهرة، في حين تتغاضى دول أخرى عن اتخاذ تدابير تحول دون عملية التجنيد.
وتساند فرنسا هذه الظاهرة منذ عام 1948، فقد ضمت العاصمة باريس النشاط الأول لتجنيد المرتزقة، وكانت المقر الرئيسي لمنظمة ماحل، ولاحقا أصبحت مركز العديد من المنظمات الأخرى العاملة في هذا المجال، مثل جمعية موريشيت، التي تجند في إطار برنامج "خدمة إسرائيل"، الذي يزود منذ تأسيسه عام 1983 الجيش الإسرائيلي بنحو 1000 مرتزق فرنسي سنويا.
وكان للسلطات الرسمية الفرنسية دور محوري في توسيع ظاهرة تجنيد المرتزقة إلى إسرائيل، إذ سمحت الحكومات الفرنسية المتعاقبة بإقامة معسكرات تدريب المرتزقة على أراضيها، وسهلت انتقالهم إلى فلسطين المحتلة، وجعلت خدمة مواطنيها في الجيش الإسرائيلي أمرا قانونيا، عبر اتفاقية ثنائية مع إسرائيل.
إعلانويخدم ما يزيد على 1000 من المرتزقة الأميركيين في الجيش الإسرائيلي سنويا، ويشاركون في الحروب والعمليات العسكرية، ويتم تجنيد المئات من بلدان أوروبا، مثل: إيطاليا وبريطانيا وإسبانيا وألمانيا وأوكرانيا وهولندا، وغالبا ما يتم غض الطرف عن تجنيد المرتزقة في هذه البلدان.
وتعد روسيا من الدول البارزة في تجنيد المرتزقة، وقد انتقل إلى إسرائيل أعداد كبيرة من المجندين بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، لا سيما في العامين 1991 و1992، وضمت تلك الموجة مجموعات تنتمي لعصابات المافيا الروسية.
وتُذكر جنوب أفريقيا ضمن الدول التي تورد مرتزقة إلى إسرائيل، على الرغم من المعارضة الرسمية لظاهرة تجنيد المرتزقة، والتهديد بالملاحقة القضائية.
الحرب على غزة 2023زادت الحاجة إلى مضاعفة أعداد المرتزقة في الجيش الإسرائيلي مع شن إسرائيل حربا على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ لا تبدي إسرائيل على المستويين الرسمي والشعبي استعدادا لتقبل خسائر بشرية كبيرة، لذلك كان خيار السلطات الإسرائيلية منذ بداية الحرب استقطاب المزيد من المرتزقة.
وبعد حرب طويلة الأمد تجاوزت عاما، رفض نحو ربع جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي الاستجابة لاستدعاء الخدمة، وتعرض الاحتلال لخسائر اقتصادية فادحة، بسبب التعبئة العامة للاحتياط، مما دفع السلطات الإسرائيلية إلى تعزيز خيار المرتزقة، ودفع أموال طائلة لاستجلابهم.
وقد كشفت وسائل إعلام إسبانية، عبر مقابلات مع مرتزقة إسبان، أن إسرائيل تدفع للمرتزقة راتبا يبلغ أكثر من 4 آلاف دولار في الأسبوع.
وتعد أميركا الرافد الأكبر للمرتزقة في الجيش الإسرائيلي في هذه الحرب، وشكل المجندون الأميركيون ثلث مجموع المجندين الأجانب، وقد قُدر عددهم بأكثر من 23 ألف جندي، معظمهم يقاتلون على جبهة غزة، والآخرون توزعوا بين جبهة لبنان والضفة الغربية.
إعلانوانضم آلاف الفرنسيين للقتال في صفوف الجيش الإسرائيلي، وتقُدر بعض التقارير عددهم بأكثر من 4 آلاف جندي، معظمهم يحملون الجنسية الفرنسية والإسرائيلية، وشاركوا في الحرب على غزة، وارتكب بعضهم جرائم حرب.
وشكل هؤلاء المجندون ثاني أكبر مجموعة من المجندين الأجانب بعد الولايات المتحدة، وكانت الحكومة الفرنسية قد أسهمت في تسهيل وصول المجندين إلى إسرائيل ومنحتهم أولوية السفر.
وخدم في الجيش الإسرائيلي أثناء حرب 2023 ألف مواطن من إيطاليا ومثلهم من أستراليا و400 من الهند، إضافة إلى العديد من الدول الأخرى، التي شارك مواطنوها في الحرب، مثل: ألمانيا وكندا وفنلندا وجنوب أفريقيا.
وكشفت مصادر إعلامية عالمية وإسرائيلية محلية، أن العديد من المرتزقة الذين قاتلوا في أوكرانيا ضد الجيش الروسي، وآلاف المهاجرين من أوكرانيا وروسيا، انتقلوا إلى إسرائيل، للقتال إلى جانبها في الحرب على غزة.
ولتعويض النقص في عدد الجنود، لجأت إسرائيل للضغط على المهاجرين وطالبي اللجوء الأفارقة، الذين يقدر عددهم بنحو 30 ألفا، غالبيتهم من إريتريا والسودان وإثيوبيا، للقتال في الحرب على غزة، مقابل منحهم الإقامة وتسوية معاملاتهم القانونية، وهو ما استجاب له بعضهم بالفعل.
ونشطت منظمة "الحارث" في إثيوبيا، لتجنيد اليهود الإثيوبيين، عن طريق وعدهم بالجنسية وفرص العمل والإقامة في إسرائيل بعد الحرب، وبحسب التقديرات تم تجنيد أكثر من 17 ألفا من الفلاشا حتى أكتوبر/تشرين الأول 2024.
ظاهرة محظورة دولياظاهرة الارتزاق محرمة دوليا، إذ يحظر القانون الدولي استخدام المرتزقة في النزاعات المسلحة، ويعتبرها جريمة دولية وفقا للاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم، والتي اعتُمدت من الأمم المتحدة عام 1989.
وجرمت الاتفاقية كل مرتزق وكل من يقوم بتجنيد أو استخدام أو تمويل المرتزقة، كما حظرت على الدول تجنيدهم واستخدامهم، إذ لا يتمتع المرتزق بوضع المقاتل أو أسير الحرب.
إعلانوفضلا عن كون الارتزاق عملا محظورا دوليا، فإن العديد من المجندين يرجح ارتكابهم أعمال عنف بحق فلسطينيين تصنف جرائم حرب.
وكشف تقرير للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، صادر عام 2013، وفقا لشهادات مرتزقة سابقين، أن أكثر من 5 آلاف من المرتزقة الأوروبيين قاتلوا في وحدات خاصة ضمن الجيش الإسرائيلي، وأنهم ارتكبوا عمدا جرائم قتل في حق مدنيين فلسطينيين، كان من بينهم أطفال.
وأثبتت صور ومقاطع فيديو أن بعض المجندين المرتزقة، قد قاموا بأعمال عدائية ضد الفلسطينيين أثناء حرب غزة عام 2023 تصنف جرائم حرب، ومع ذلك، لم تحرك الدول الغربية أي ملاحقات قضائية ضد مواطنيها الذين انضموا مرتزقة إلى الجيش الإسرائيلي، ولا التحقيق بالجرائم التي يُعتقد أنهم ارتكبوها.
وتعمل منظمات أوروبية مناهضة للعدوان على غزة ونشطاء وحقوقيون للكشف عن المجندين الذين ارتكبوا جرائم حرب ومساءلتهم أمام القضاء.
تجنيد المرتزقة جزء من عقيدة بناء إسرائيل وتعود جذورها إلى مطلع أربعينيات القرن الـ20 (الجيش الإسرائيلي)ورفعت حركة " 30 مارس" في كل من بلجيكا وهولندا عشرات القضايا ضد هولنديين وفرنسيين وغيرهم لمشاركتهم في الإبادة الجماعية في غزة، وتم توثيق ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي في صور ومقاطع فيديو لهم في غزة، تظهر أفعالا تعتبر جرائم حرب.
وفي فرنسا طالب بعض نواب البرلمان بالتحقق من التحاق أكثر من 4 آلاف جندي بجيش الاحتلال الإسرائيلي، معظمهم يحملون الجنسية الفرنسية والإسرائيلية المزدوجة، شاركوا في الحرب على غزة، وارتكبوا جرائم حرب فيها.
وطالب سياسيون ومؤسسات حقوقية فرنسية بمحاكمة المجندين أمام القضاء الفرنسي، بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني.
وهددت جنوب أفريقيا مواطنيها الذين يقاتلون إلى جانب الجيش الإسرائيلي في غزة باتخاذ إجراءات قانونية ضدهم.
إعلان