موقع النيلين:
2024-11-23@10:46:41 GMT

لماذا تأخّر حسم الجنجويد في الجزيرة؟!

تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT

حتى لا يتكرر سيناريو (ود النورة) الدامي..
لماذا تأخّر حسم الجنجويد في الجزيرة؟!
الأربعاء المنصرم شهد أسوأ أيام الحرب في السودان، اجتاحت المليشيا المجرمة قرية (ود النورة) بولاية الجزيرة وقتلت ما لا يقل عن (200) شهيد، وأوقعت إصابات متفاوتة معظمها خطيرة بنحو 300 مواطن من الأبرياء العُزّل الذين حصدتهم آلة الغبن الجنجويدية اللعينة بلا رحمة.


تحوّلت البلدة إلى صيوان عزاء كبير، إذ لم يسلم بيت فيها من المأساة، وقد وصلت الدماء الى كل مكان في القرية الوادعة التي كان ياتيها عيشها رغدا في كل حين، لا أنسى تذكيركم أن من بين الضحايا في المجزرة التي أقامت العالم ولم تقعده (35) طفلاً قتلتهم وحشية الدعم السريع ووادت براءتهم بين الركام والدماء.
في قرية (ود النورة) المنكوبة الصابرة مازالت مواكب الشهداء تترى والمصابون يفقدون حياتهم في كل يوم ويلتحقون بالرفيق الأعلى.
من هذه القرية الصابرة المحتسبة لجور الجنجويد وبطشهم، تابع العالم كثيراً من القصص والروايات المأساوية التي لم يدر في خلد أحد أنها يمكن أن تحدث على أي إنسان في هذه الأرض مهما بلغ حجم الظلم ورخصت حرمة الدماء، تابعنا كم أسرة فقدت أكثر من شهيد، وسمعنا روايات تدمي القلب لأبشع أنواع الظلم والقسوة التي مارسها الجنجويد القتلة على أهلنا البسطاء، الذين لا يملكون سوى قُوت يومهم والإيمان المطلق بالله الوهاب والأرض التى لا تخون، ثلاثة وأربعة إخوة تصعد أرواحهم من البيت الواحد.. رأينا الأب الذي دفن ثلاثة من أبنائه في تربة واحدة، والعائلات التي كاد أن ينقطع نسلها بعد أن شيعت الإخوان وأبناء العم والأخوال والخالات في المجزرة، ويعلم عزيزي القارئ أن أهالي (ود النورة) اضطروا لتحويل ميدان الكرة الذي كان يضج بالنشاط والحياة إلى مقبرة حتى تتسع الأرض لدفن الضحايا بعد أن ضاقت بهم مقابر القرية.
انتبه العالم في لحظة صدمة إنسانية عنيفة إلى حجم الماساة التي حاقت بأهل (ود النورة)، وأصدر عبر منظماته المدنية ومؤسساته الدولية، وقواه الحيّة، العديد من بيانات الشجب والإدانة والاستنكار، ووصل الأمر حتى مجلس الأمن، دون أن تنتج هذه الجعجعة طحيناً بالطبع.
صبيحة الحادثة وصل الفريق أول عبد الفتاح البرهان قائد الجيش، رئيس المجلس السيادي إلى القرية، وقدم واجب العزاء، وتعهّـد برد قاسّ على هذه المجزرة التي نفّذها الجنجويد بـ(دم بارد).
ما يُؤسف له أن صوت الاحتجاج على هذه الحادثة قد خفت بالداخل، وأن حالة تطبيع مع الموت والمآسي بدأت تنتاب حراكنا وتفاعلنا مع الأحداث، فنسينا الكارثة وانصرفنا الى الجدل واللهث وراء تطورات أخرى أقل فداحةً ووقعاً بالتأكيد من هول المجزرة، يحدث ذلك بينما ينفعل العالم الآن بمأساتنا إنابةً عن السودانيين الذين باتوا شعباَ بلا ذاكرة..
للأسف لم نفعل حتى الآن ما يكفي لتعزيز مواقفنا الرافضة للمجزرة والمنددة بالجنجويد وأذيالهم وعملائهم بالداخل والخارج، ولو وقعت هذه المجزرة في أي مكان لطارت (عمم) ورؤوس، وحظرت أحزاب وتم تقديم الخونة للمحاكمة ولا انصرفت كاميرا إعلامنا الرسمي تحديداً، لتوثيق ما حدث من الميدان وبكل اللغات حتى يعلم المجتمع الدولي حجم الجرائم التي يندي لها الجبين خجلاً ويتأكد من موت ضمير العالم الذى مازال يحمي المليشيا المجرمة رغم فظائعها في الخرطوم ودارفور والجزيرة والنيل الأبيض وكل مكان دخله جنودها الأنجاس المجرمين.
السؤال الأبرز الذي يموج به الشارع الآن يستفسر عن سر تأخر الجيش في الرد على ما حدث بـ(ود النورة) رغم توعد القائد العام الفريق أول عبد الفتاح برد قاس تأخر لليوم السادس، الأمر الذي أغرى بتمدد المليشيا في مناطق أخرى مثل ود الجترة وغيرها وممارسة نهب الممتلكات والتنكيل بالمواطنين، لقد أمنوا العقاب يا سعادة الجنرال وإساءوا الأدب، وما زالوا يتمادون، وإن لم يحصلوا على جرعة التأديب اللازمة عسكرياً، فإننا على موعد بمشاهدة سيناريو (ود النورة) الدامي في مناطق أخرى في الجزيرة ذاتها وبدارفور والخرطوم، والنيل الأبيض وأجزاء أخرى من السودان .
لماذا تأخر الرد وحسم المليشيا في الجزيرة انتصاراً لحزن أهل (ود النورة) وجميع أهل السودان؟!!، هو سؤال شارع تفتك به الحيرة والجيش على ذات وتيرة الاستعداد والانفعال العادي الذي سبق مجزرة (ود النورة).
هذا الاستفسار نطرحه ونلح في استجلاء أسبابه لأنه (سؤال الوقت) الذي ستشفي الإجابة عليه صدور قوم مؤمنين بقدرة الجيش على الفعل، لا نطرحه من باب التشكيك في القوات المسلحة ومقدرتها على الحسم مثلما يردد بعض العملاء والخونة، والمتواطئين مع جرائم الدعم السريع.
ندفع بهذا السؤال لأنّ الإجابة عليه مطلب الشارع السوداني العريض الذي ينتظر قهر وتأديب الجنجويد في الجزيرة مثلما يترقب زوالهم وكنسهم من أي مكان في السودان وإنهاء كابوسهم الذي يجثم على صدور المواطنين، نطرح السؤال ثقةً في الجيش لا تخويناً ولا طعناً في قدراته ولا قياداته، فالإبطاء في حسم الجنجويد سيجعلنا أمام كابوس قادم وسيناريو مشابه لما حدث في (ود النورة) بمناطق أخرى، احسموا المليشيا وأدِّبوا عناصرها المجرمين قبل أن يأخذنا الندم على التفريط في قرى ومدن اخرى مرشحة لذات المصير.!

محمد عبد القادر

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی الجزیرة ود النورة

إقرأ أيضاً:

???? أطلق الجنجويد الرصاص في السماء وقالوا: إنهم قتلوا الله

▪️حاصروهم ومنعوهم من المساجد.. قالوا لهم: نحن لا نعرف الله.. ثم أطلقوا الرصاص في السماء وقالوا: إنهم قتلوا الله”
▪️هذا ما فعله الجنجويد بأهالي قرية برانكو شمال الهلالية????????
ما خرج للإعلام من انتهاكات طالت سكان الجزيرة، قليلٌ جداً من كثير، لا زال مكتوماً في صدور رجال الجزيرة، ثمة حكاوى ومأسٍ مبكية يرويها شهود عيان..
ما قامت به مليشيا الدعم السريع بشرق الجزيرة مؤخراً يفوق حد الخيال.

في معسكر بضواحي شندي، جلس الصحافي عبدالرؤوف طه علي، مع الأستاذ عبد الله، القادم من برانكو شمال الهلالية زحفاً على الأقدام، يحكي الأستاذ عن يوميات الحرب بمنطقة برانكو، ويقول إن المليشيا اقتحمت برانكو بأكثر من 40 عربة قتالية وعدد من المواتر لا تُحصى ولا تعد، أطلقوا الرصاص بكثافة في كل منزل، توزّعوا على منازل المواطنين بمعدل ثلاثة أفراد مقابل أي منزل في منطقة بها 11 حيّاً سكنياً، خرج كبار القرية للحديث معهم وتهدئتهم فقالوا لهم لا نريد حديثاً، توجيهاتنا إبادة لكل القرية، سأل أهل المنطقة، عن القائد الذي وجّههم رفضوا الإجابة وأطلقوا النار وفرّقوهم، منحوهم ساعات للخروج جميعاً من القرية أو الخيار – الإبادة أو اغتصاب النساء.

يقول الأستاذ عبد الله إنه طوال حياته التي تقارب الثمانين عاماً لم ير أشكالاً كالتي اقتحمت برانكو، شباب مظهرهم قميئ وشعرهم كثيف وشديد الاتساخ، بعضهم يرتدي الحجل على رجله ويضع زماماً على شفته، وآخرون يرتدون حلقاً على آذانهم المخرومة عدة خرمات، يمضي عبدالله ويقول: حاصرونا بالأيام ومنعونا من الذهاب للمساجد، قالوا لنا نحن لا نعرف الله، ثم أطلق الرصاص في السماء، وقال إنهم قتلوا الله (لا حول ولا قوة إلا بالله)، يضيف: يؤمنون بالكجور، يذبحون الشاة ويشربون دماءها ولا يأكلون لحمها، إنها حثالة مجرمي غرب أفريقيا، بعضهم لا يتحدث العربية، وآخرون حديثهم بالسلاح، يطلقون الرصاص على الكلاب والدواب بحجة أنها تتبع لكيكل، ثم يذرف أستاذ عبد الله الدموع قائلاً: ذلونا ذلة ما أنزل الله بها من سلطان، ويقول إنهم زحفوا أكثر من ستة أيام على الأقدام للخروج من المدينة، فقدوا أطفالاً ماتوا عطشاً وجوعاً، وآخرون تورّمت أقدامهم، ما أجبرهم على الخروج!

إنّ المليشيا حَطّمت كل محطات المياه، ضربت كل أبراج الكهرباء، شتتت القمح على الأرض، وحرقت البصل وهم يرددون (انتو أهل كيكل ما عندنا ليكم حاجة غير الإبادة)!
يقول أستاذ عبد الله، إنهم فقدوا 450 عربة نُهبت في يوم واحد بواسطة المليشيا التي سرقت كل السوق وذبحت الدواب، قتلت حتى الدجاج والحمام!

وأضاف: منعونا من دفن موتانا. ويقولون لنا (نحن ناسنا أكلتهم الكلاب إنتو عايزين تدفنوا ناسكم)، تركنا قتلانا في العراء بعد أن امتلأت برانكو بالجثث وهي ملقية على الأرض، أخضعوا الجميع لتفتيش دقيق لحظة الخروج، وسرقوا حتى ملابس النساء، وقال: محزنٌ أن تفتش عروضنا أمامنا بطريقة مُهينة ولا نستطيع منعهم، عناصر المليشيا كانت تتلذذ بإهانتا وهم يقولون (سكّيناكم زي الأرانب)، ثم يطلقون الرصاص على أقدامنا، إنها أيام ثقال انتهت بخروجنا من ديارنا وتركنا كل شئ وراء ظهورنا!

عبدالرؤوف طه علي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • شاهد الشخص الذي قام باحراق “هايبر شملان” ومصيره بعد اكتشافه وخسائر الهايبر التي تجاوزت المليار
  • حسين خوجلي يكتب: معزوفة درويش كئيب على أطلال الجزيرة
  • زيلينسكي يعلق على الضربة التي شنتها روسيا بصواريخ "أوريشنيك"
  • مجلس الأمن الذي لم يُخلق مثله في البلاد!
  • “الأكثر رعبا في العالم”.. لماذا تستمر “صافرات الموت” في إثارة الرعب حتى اليوم؟
  • حماس: المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في بيت لاهيا نتيجة للفيتو الأمريكي
  • الجنجويد منظمة إرهابية
  • كيف ولماذا يخفي الكيان خسائره؟
  • ???? أطلق الجنجويد الرصاص في السماء وقالوا: إنهم قتلوا الله
  • الخاسر الذي ربح الملايين !