قالت دار الإفتاء المصرية، إن التوكيل في رمي الجمار بالنسبة لكبار السن والمرضى والنساء جائز شرعًا، ودليل ذلك أنه تجوز الاستنابة في الحج، فالاستنابة في الرمي جائزة من باب أولى؛ لأن الحج رميٌ وزيادة، وهي رخصة لأهل الأعذار، ولا حرج عليهم، ولا يلزمهم بذلك فدية.

حكم صيام يوم عرفة وفضله.. الإفتاء تُجيب ما هو طواف الوداع وكيفيته.

. الإفتاء توضح المقصود برمي الجمرات وحكمها في الحج

أوضحت الإفتاء، المقصود بالرمي في باب الحج عند الفقهاء: القذف بالجمرات وهي الحصاة الصغيرة، في زمانٍ مخصوصٍ، ومكانٍ مخصوصٍ، وعددٍ مخصوصٍ، كما في "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكاساني.

وتابعت: وقد أجمع الفقهاء على أن رمي الجمرات واجبٌ من واجبات الحج، يلزم من تركه بدون عذر فدية؛ قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد": [أجمع العلماء على أن من فاته رمي ما أمر برميه من الجمار في أيام التشريق حتى غابت الشمس من آخرها وذلك اليوم الرابع من يوم النحر وهو الثالث من أيام التشريق فقد فاته وقت الرمي ولا سبيل له إلى الرمي أبدًا، ولكن يجبره بالدم أو بالطعام على حسب ما للعلماء في ذلك من الأقاويل].

حكم التوكيل في رمي الجمرات لأصحاب الأعذار

من المقرر شرعًا أنَّ الأصل في العبادات البدنية أنه لا تجوز فيها النيابة، إلا ما استثناه الشرع الشريف، ومن ذلك الحج؛ فهو قابلٌ للنيابة عن الغير إذا كان صاحب عذر، فعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: "أنَّ امرأةً قالت: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ" أخرجه الشيخان، وإذا كان الحج في عمومه يقبل الإنابة فكذلك واجباته، وفي هذا المعنى يقول إمام الحرمين الجويني في "نهاية المطلب في دراية المذهب": [ومن المقاصد أن الناسك لو عجز عن الرمي بنفسه، فله أن ينيب غيرَه مناب نفسه؛ فإن الاستنابة إذا جرت في أصل الحج، فجريانها في أبعاض المناسك غيرُ ممتنع].

والأصل أن الحاج هو الذي يباشر الرمي بنفسه ما دام قادرًا عليه بحيث لو تركه بدون عذر لزمته الفدية، إلا أنه يجوز له عند وجود عذرٍ أنْ يُنيب غيره فيه، ولا فدية عليه حينئذٍ عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة، خلافًا للمالكية الذين ذهبوا إلى وجوب الدم على العاجز لعدم مباشرة الرمي بنفسه، وغاية جواز الإنابة هي سقوط الإثم عن العاجز، والدم دم جبران لترك النسك وهو الرمي بالنفس، فإن عجز عنه صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، فإن لم يصم الثلاثة في الحج صام العشرة إذا رجع، إن شاء وصلَ الثلاثة بسبعة أو لم يصل، وقال العلَّامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع": [سواء رمى بنفسه أو بغيره عند عجزه عن الرمي بنفسه كالمريض الذي لا يستطيع الرمي فوضع الحصى في كفه فرمى بها أو رمى عنه غيره؛ لأنَّ أفعال الحج تجري فيها النيابة كالطواف والوقوف بعرفة ومزدلفة].

وقال العلَّامة ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار": [(قوله: لا شيء عليه) وكذا كل واجبٍ إذا تركه بعذر لا شيء عليه كما في "البحر"]، وقال الإمام القرافي المالكي في "الذخيرة": [الأعمال البدنية لا تدخلها النيابة؛ لكن لما قال بعض السلف يرمى عنه فعل ذلك استحبابًا ووجب الدم لترك النسك، ويرمي عنه من قد رمى عن نفسه]، وقال العلَّامة الدردير المالكي في "الشرح الكبير": [(ويستنيب) العاجز من يرمي عنه، ولا يسقط عنه الدم برمي النائب، وفائدة الاستنابة سقوط الإثم، (فيتحرى) العاجز (وقت الرمي) عنه، (ويكبر) لكل حصاة، كما يتحرى وقت دعاء نائبه ويدعو، (وأعاد) الرمي (إن صح قبل الفوات) الحاصل (بالغروب من) اليوم (الرابع)، فإن أعاد قبل غروب الأول فلا دم، وبعده فالدم].

وقال الإمام أبو بكر ابن يونس التميمي المالكي في "الجامع لمسائل المدونة": [وكل هدي وجب على من تعدى ميقاته، أو تمتع، أو قرن، أو أفسد حجه، أو فاته الحج، أو ترك الرمي، أو النزول بالمزدلفة، أو نذر مشيًا فعجز عنه، أو ترك شيئًا من الحج فجبره بالدم، فله إذا لم يجد هديًا صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع... فإن لم يصم الثلاثة الأيام حتى مضت أيام التشريق صام بعد ذلك إن شاء وصل الثلاثة بسبعة أو لم يصل]، وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب": [استدل أصحابنا على جواز الاستنابة في الرمي بالقياس على الاستنابة في أصل الحج. قالوا: والرمي أولى بالجواز]، وقال أيضًا في: [قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله العاجز عن الرمي بنفسه لمرض أو حبس ونحوهما يستنيب من يرمي عنه؛ لما ذكره المصنف، وسواء كان المرض مرجو الزوال أو غيره؛ لما ذكره المصنف، وسواء استناب بأجرة أو بغيرها وسواء استناب رجلًا أو امرأة].

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني": [إذا كان الرجل مريضًا أو محبوسًا أو له عذر، جاز أن يستنيب من يرمي عنه].

الخلاصة

بناء على ما سبق؛ فالتوكيل في رمي الجمار بالنسبة لكبار السن والمرضى والنساء جائز شرعًا، ودليل ذلك أنه تجوز الاستنابة في الحج، فالاستنابة في الرمي جائزةٌ من باب أولى؛ لأن الحج رميٌ وزيادة، وهي رخصة لأهل الأعذار، ولا حرج عليهم، ولا يلزمهم بذلك فدية.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإفتاء التوكيل كبار السن والمرضى الحج رمي الجمرات رمی الجمرات وقال الإمام فی الحج فی رمی

إقرأ أيضاً:

هل يجب على الزوج تحمل نفقات حج زوجته؟.. عويضة عثمان يحسم الجدل

أكد الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، في تصريح له عبر إحدى الفضائيات، أن الزوج مُلزم شرعًا بحماية زوجته ورعايتها، وأن هذه المسؤوليات تُعد من الركائز الأساسية التي يقوم عليها الاستقرار الأسري وراحة الطرفين.

وأشار إلى أن من أبرز ما يجب على الزوج توفيره هو المسكن والنفقة، إضافة إلى الحماية البدنية والمعنوية للزوجة، موضحًا أن هناك بعض التصرفات التي قد يقوم بها الزوج لا تندرج تحت بند الفرض الشرعي، بل تُعد من باب الإحسان، مثل الإنفاق على حج الزوجة. 

وقال إن هذا الأمر لا يُعد واجبًا على الزوج، حتى إن كان قادرًا عليه، لكنه يُستحب شرعًا، لما فيه من تعزيز للمودة والرحمة بين الطرفين. 

ما حكم ارتداء الملابس الداخلية للرجال تحت ملابس الإحرام؟.. الإفتاء تجيبأمين الإفتاء يوضح سبب منع التطيب أثناء الإحرام في الحج

وأضاف: "لو كان الزوج قادر، فالأفضل إنه يساعد زوجته على الحج، وده بيكون من أرقى صور التقدير منها ليه".

كما لفت إلى أن كثير من النساء يتذكرن رحلات الحج والعمرة التي شاركهن فيها أزواجهن، ويرون فيها نوعًا من التفرغ والدعم النفسي، مما يجعلها واحدة من اللحظات الفارقة في حياتهن، وقد يغفرن بسببها كثيرًا من الأخطاء الأخرى.

وفيما يخص مرافقة الزوج لزوجته في الحج، أوضح الشيخ أن هناك خلافًا فقهيًا قديمًا حول هذا الأمر، حيث يرى بعض العلماء أنه لا يجوز للمرأة السفر دون محرم، والذي يُشترط فيه أن يكون من غير المباح له الزواج منها على التأبيد، مثل الأب أو الأخ أو الزوج. 

وأشار إلى أن هذا الشرط لا يتعلق فقط بالجوانب الفقهية، بل يتصل أيضًا بالواقع العملي، خاصة في ظل وجود بعض الأزواج الذين لا يسمحون لزوجاتهم بالسفر للحج إلا بمرافقتهم الشخصية.

واختتم الشيخ عويضة حديثه بالتأكيد على أن العلاقة الزوجية الناجحة تقوم على المحبة والاحترام، وأن دعم الزوج لزوجته في أداء الفرائض يُسهم بشكل كبير في تقوية هذه العلاقة، ويُحقق أحد أهداف الحياة الأسرية المستقرة.

مقالات مشابهة

  • هل الحج يغني عن الصلاة الفائتة لشخص كان لا يصلي؟.. الإفتاء ترد
  • حكم تأخير الصلاة عن أول وقتها بسبب الانشغال بالعمل.. الإفتاء توضح
  • هل يجوز الاقتراض لأداء فريضة الحج؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل
  • هل يجوز الحج عن الوالدين المتوفيين في حجه واحدة.. الموقف الشرعي
  • كيفية إحرام المتمتع بالحج .. وهل يجوز الاستحمام أثناء الإحرام؟
  • 4 أمور تجب على المرأة قبل السفر للحج.. أمينة الفتوى توضح
  • حكم الحج عن ميت والعمرة عن ميت آخر في رحلة واحدة.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز استخدام مزيل العرق برائحة أثناء مناسك الحج؟.. الإفتاء توضح
  • هل يجب على الزوج تحمل نفقات حج زوجته؟.. عويضة عثمان يحسم الجدل
  • سبب منع التطيب أثناء الإحرام في الحج.. أمين الإفتاء يوضح