تشكيلات أمنية ومحاكم مدنية جديدة.. ماذا يحدث في الجنوب السوري؟
تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT
درعا- يشهد الجنوب السوري في الآونة الأخيرة تطورات جديدة ومتسارعة، حيث باتت تظهر ملامح تشكيلات أمنية جديدة لأهداف مختلفة، كما عاد ملف الفلتان الأمني للواجهة من جديد، لا سيما بعد مقتل أكثر من 18 شخصا خلال الأسبوع الماضي في محافظة درعا.
ويُعتبر الجنوب السوري من أكثر المناطق التي تشهد "فلتانا أمنيا"، وعدم قدرة أي جهة على فرض سيطرتها بشكل فعلي عليه، رغم دخوله ضمن اتفاق التسوية في 6 يوليو/تموز 2018، ولم تتمكن قوات النظام السوري من السيطرة المطلقة عليه.
ونشأ هذا الاتفاق عن المفاوضات بين ممثلي درعا البلد وريف درعا الغربي من جهة، والضباط الروس من جهة أخرى، وتضمن الاعتراف بالنظام السوري وحكومته ومؤسساته وعَلمه، والتخلي عن شعارات الثورة السورية و"تسوية" أوضاع المطلوبين للنظام أو المتخلفين عن الخدمة العسكرية، وتسليم السلاح الثقيل، وخروج من يرغب نحو الشمال السوري.
وفي المقابل يفرج النظام عن المعتقلين، ويتعهد بعدم ملاحقة الثوار والمنشقين، وعدم الدخول العسكري إلى هذه المناطق، وإنما تدخل مؤسساته الحكومية والشرطة.
إعادة هيكلةوبعد أكثر من 5 سنوات، يشهد الجنوب السوري، اليوم، إعادة هيكلة تشكيلات عسكرية كانت تابعة للمعارضة، وتسعى جاهدة لفرض السيطرة عليه.
وقال (ز.م) قيادي سابق في صفوف المعارضة للجزيرة نت، إن المنطقة الجنوبية من سوريا دخلت ضمن "دوامة وحالة عدم استقرار أمني منذ النصف الثاني من عام 2018″، وعدّ هذا الملف أكثر الملفات تعقيدا لكثرة الفاعلين فيه أولا، وموقعه على الحدود مع الأردن وإسرائيل ثانيا.
ووفق (ز.م)، فإن السيطرة المطلقة لم تكن من نصيب أي طرف حتى اليوم، وأن النظام السوري لا يستطيع دخول مناطق كثيرة، وليس لهُ فيها أي وجود حتى اللحظة، رغم إعلانه سيطرته عليها.
وبرأيه، كان من الضروري العمل على إيجاد تشكيلات تضم العناصر السابقة في صفوف المعارضة بعيدا عن الأفرع الأمنية التابعة للنظام.
وأوضح أن المجموعات التي تعمل لصالح الأفرع الأمنية في مدن المنطقة وقراها أصبحت تشكل "عبئا" على الأهالي، حيث يقف عناصرها وراء عمليات قتل وخطف كثيرة إلى جانب مد قوات النظام بكامل المعلومات عن المعارضين الذين رفضوا الانضمام.
المرجع الوحيدتحت مسمى "لجنة التحكيم" شكّل عدد من الشخصيات في ريف درعا الغربي محكمة للفصل في قضايا المنطقة، في ظل غياب السلطة التشريعية "لرد المظالم"، وأصبحت هي المرجع الوحيد لحل الخلافات بين الأهالي، ويعمل عناصر مسلحون من المعارضة، سابقا، كجناح عسكري لها لتنفيذ الأحكام الصادرة عنها.
ونفذت المحكمة في بداية يونيو/حزيران الجاري حكم إعدام صدر بحق شخص اعترف بإقدامه على القتل المتعمد، ونُفذ الحكم بعد أن تم منح ذوي القتيل مهلة 3 شهور لقبول الدّية والعفو عن القاتل أو الرفض، لكن لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق بينهما.
وقال أحد أعضاء اللجنة المركزية في ريف درعا الغربي -فضل عدم الكشف عن اسمه- للجزيرة نت، إن المحكمة جاءت في غياب تام للسلطة التشريعية، ولمّا صار تحصيل الحقوق وحل الخلافات بين الأهالي أمرا صعبا، إذ تتطور -في كثير من الأحيان- الخلافات إلى استخدام السلاح وتؤدي إلى سقوط قتلى مما يزيد الأمر تعقيدا.
وأكد أن المحكمة، التي تضم العديد من شيوخ الريف الغربي، حملت على عاتقها الفصل في مثل هذه القضايا، من خلال إصدار أحكام بعد سماع الطرفين والشهود.
وتنسق المحكمة مع بعض المجموعات العسكرية المحلية التي تضم عناصر سابقة في المعارضة كسلطة عسكرية، وتعمل على تنفيذ الأحكام من جلب المتهمين، وفرض الأحكام الصادرة عنها، ولدى هذه المجموعات أماكن مخصصة لاحتجاز الأشخاص المحكومين أو الموقوفين.
من جانبه، أوضح (م.ع) أحد وجهاء مدينة درعا، للجزيرة نت، أن الأهالي يشجّعون أي خطوة تعمل على فرض الأمن والأمان بالمنطقة في ظل الفلتان الأمني غير المسبوق.
ويرى أن تشكيل ما سماها "قوة مجتمعية" في درعا، هي واحدة من المبادرات التي كان وجهاء المنطقة والفاعلون يسعون لها منذ عام 2018، مشددا على أنها لا تتبع أي جهة، وسيكون لها في الأيام المقبلة نشاطات على أرض الواقع.
ومن أبرز مهام هذه القوة حماية الممتلكات العامة والخاصة من السرقة، ووضع حد للتجاوزات التي تطال شبكتي مياه الشرب والكهرباء، ومتابعة ملف المخدرات وملاحقة مروجيها، بعد أن أصبحت منتشرة بشكل كبير بين فئات المجتمع، خاصة المراهقين، وفق المصدر نفسه.
وحسب الرجل نفسه، يتطلع الأهالي في مدينة درعا إلى هذا التشكيل على أنه بداية للخطوات الصحيحة لضمان الاستقرار لهم وحماية ممتلكاتهم، ويأملون في انضمام أكبر عدد ممكن من الشبان إليه ليكون أكثر قوة وقدرة على ضبط الأمور.
وشهدت محافظة درعا، منذ اتفاق التسوية، إنشاء العديد من التشكيلات، وأبرزها اللواء الثامن المتمركز في ريف درعا الشرقي، ويتخذ من بصرى الشام مقرا له. وقد شُكل هذا اللواء تحت قيادة أحمد العودة قائد "فرقة شباب السنة" التابعة للمعارضة سابقا، وكان "يأخذ أوامره من قادة الفيلق الخامس الروسي".
وقبل عامين رفع الفيلق الخامس يده عن اللواء وأجبره على الانضمام إلى شعبة المخابرات العسكرية التابعة للنظام، بالتزامن مع تملص الجانب الروسي من دوره في ضمان تطبيق اتفاق التسوية الذي كان برعايته.
وكان إطلاق سراح المعتقلين أو الكشف عن مصيرهم هو أحد أبرز البنود التي توصل إليها اتفاق التسوية، لكن لم يطبّق حتى اليوم، وبعد مرور قرابة 6 سنوات على توقيعه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات اتفاق التسویة الجنوب السوری فی ریف درعا
إقرأ أيضاً:
لطالبى تأشيرة دخول أمريكا.. إجراء جديد يثير الجدل | ماذا يحدث؟
أفادت نقارير إعلامية ، بأن الحكومة الأمريكية ستباشر بفحص صفحات المهاجرين وطالبي التأشيرات على وسائل التواصل الاجتماعي لرصد ما وصفته بـ"النشاط المعادي للسامية".
واشارت التقارير الي ان القرار خلًف ردود فعل سريعة من قبل مدافعين عن الحقوق المدنية وحرية التعبير، بمن فيهم أشخاص ينتمون للطائفة اليهودية، إذ حذروا من تبعات تمس بالحريات الشخصية وتضع الأفراد تحت رقابة متواصلة.
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب تشديد إدارة الرئيس دونالد ترامب إجراءاتها بحق المظاهرات المؤيدة لفلسطين الرافضين للحرب في غزة.
وفي بيان لها قالت هيئة خدمات الهجرة والجنسية الأمريكية التابعة لوزارة الأمن الداخلي " ستنظر الهيئة في نشاط الأجانب المعادي للسامية على منصات التواصل الاجتماعي وأي تحرش جسدي بالأفراد اليهود، باعتبارهما أسبابا لرفض طلبات الهجرة".
وأضافت الهيئة أن هذه السياسة ستطال فورا المتقدمين بطلبات الإقامة الدائمة، فضلا عن الطلاب الأجانب والمنتسبين إلى مؤسسات تعليمية يرتبط نشاطها بما تصفه الإدارة بـ"معاداة السامية".
ولفتت الهيئة أن الولايات المتحدة لن تمنح أي مساحة لباقي المتعاطفين مع الإرهاب في العالم، مؤكدة أن الأصوات المؤيدة للفلسطينيين تعتبر في نظرها ذات ميول معادية للسامية وداعمة لمجموعات مصنفة إرهابية مثل حماس وحزب الله والحوثيين.
وتعمل الإدارة على ترحيل بعض الطلاب الأجانب وإلغاء العديد من تأشيرات الدخول، في وقت تواجه فيه الجامعات الأمريكية تهديدا بتقليص تمويلها الاتحادي بحجة السماح باحتجاجات مساندة للفلسطينيين. ويرى محتجون من جماعات يهودية أنهم يتعرضون للخلط بين انتقاداتهم للعمليات الإسرائيلية في غزة وبين اتهامهم بمعاداة السامية أو التطرف.