تقوم تفاعلاتنا في الحياة على ركنين: حق وواجب، ويأتي الواجب -عادة- في مقدمة أي مشروع إنساني، ومن ثم يعقبه الحق، والمفهومان على درجة كبيرة من العلاقة العضوية المتشابكة، وكما يقال: كل حق يقابله واجب، والعكس صحيح أيضا، حيث لا يمكن تحقيق أحدهما دون الآخر، وإن حدث ما يخالف ذلك، فإن في الأمر شيئا غير طبيعي، ومن هنا تبدأ خطوة الخلاف، ويتفاوت الناس في ذلك بين مؤيد ومختلف، وبين معارض وموافق، ولذلك فكل المصائب التي تحل بالبشرية، نتيجة الإخفاق في التفريق بين الحق والواجب، أو من خلال تجاوز أحدهما في تحقيق الآخر، مع أن الشائع أكثر هو غض الطرف عن الواجب، والذهاب مباشرة إلى الحق؛ حيث المنفعة دون تكلفة، ولذلك يكثر ترديد كلمة: «هذا حقي» بغض النظر إن كان هذا القائل قام بالواجب الذي عليه، والواجب هو محل وجوبه من الفعل اللازم أداؤه، مع أن الحق يبقى تحصيل حاصل؛ أي يكون متحققا، متى تمت تأدية الواجب، وإن شابه شيء من التقصير، وهي حالة تظل استثنائية، وهي من الحالات التي يتعالى فيها الظلم على الحق، حيث «لا يعطى الأجير أجره» وفي قوله تعالى: (.
ولأننا -في غالبيتنا- نسعى إلى تعظيم العائد، فإن في كثير من تصرفاتنا نذهب بها إلى الحصول على الحق، ونتجاوز الواجب؛ لأن الواجب دفع كلفة، سواء كلفة مادية أو كلفة معنوية، بينما الحق كسب هذه الكلفة، قبل توظيفها دون مقابل، ولأن الحياة كما يفترض قائمة على كلا الركنين (الواجب/ الحق) لتحقيق العدالة؛ فإن في تجاوز أحدهما لمصلحة الآخر بسطا للظلم، وغياب حقوق الناس، بما يفضي إلى كثير من المشاكل والقضايا الخلافية بين الناس، فلا تستقر الحياة، ولا تهدأ الأنفس، ولا ترقى القلوب، ولا تسعد النفوس، ولو فكر الإنسان قليلا قبل ظلمه للآخر، لكانت كل هذه الصور أعلاه التي يشملها استقرار الحياة، هي في خدمة الكل، وبدون بسط الحق لمستحقيه لن يتحقق للحياة العدالة والرضا، والاطمئنان، وهذا ما يعيشه الإنسان في أغلب الأحيان، ولذلك نشهد التذمر، والاحتقان، وعدم الرضا، والنقد اللاذع، مع أن إيصال الحق إلى مستحقيه ليس فيه من المشقة؛ لأن المطالب بالحق قد أدى ما عليه من واجب -كما يفترض- أما من يطالب بحق دون أن يقوم بواجب، فهذا خارج معادلة كل واجب ملزم يقابله حق منجز أو مستحق.
في المسافة الفاصلة بين الحق والواجب تبقى مجموعة من الممارسات، تسود فيها تجربة الخطأ والصواب، ولأن الجهد الإنساني قائم على هذا الفهم في كثير من الممارسات، فإن استحقاقات كلا الركنين (الواجب/ الحق) سيشوبها الكثير من التململ، والكثير من عدم الإنصاف؛ لأن كل طرف سوف ينحاز إلى الجهة التي يمثلها، فالمؤسسة -على سبيل المثال- تنتصر للواجب، وفي المقابل فالموظف سينتصر للحق، وكل طرف يقف عند قناعته، وهذا ربما يعقد المسألة، ويوجِد مساحة لحوار قد يطول، خاصة إذا عطلت نصوص القانون المنظم للطرفين، وأصبحت المسألة خاصة للأمزجة، وللقرارات الارتجالية.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
اليوم.. البنك المركزي يطرح سندات خزانة بقيمة 4 مليارات جنيه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلن البنك المركزي المصري اليوم الإثنين، عن طرح عطاءين لسندات الخزانة بقيمة إجمالية تصل إلى 4 مليارات جنيه، نيابة عن وزارة المالية.
يتضمن الطرح الأول سندات بقيمة 3 مليارات جنيه لأجل 3 سنوات، بينما يشمل الطرح الثاني سندات "متغيرة العائد" لنفس الأجل بقيمة مليار جنيه.
وكانت وزارة المالية قد أوضحت في وقت سابق خطتها لشهر ديسمبر الجاري، والتي تستهدف طرح 33 عطاءً من أذون وسندات الخزانة بقيمة إجمالية تبلغ 751 مليار جنيه.
تتوزع هذه القيمة على 20 عطاءً لأذون الخزانة بقيمة 670 مليار جنيه، و13 عطاءً لسندات الخزانة بقيمة 81 مليار جنيه، وذلك بهدف تغطية استحقاقات سابقة لأدوات الدين وتمويل عجز الموازنة العامة للدولة.
ووفقًا للخطة المعلنة، يتولى البنك المركزي طرح أذون خزانة على فترات زمنية مختلفة:
5 عطاءات بقيمة 190 مليار جنيه لأجل 91 يومًا.5 عطاءات بقيمة 185 مليار جنيه لأجل 182 يومًا.5 عطاءات بقيمة 135 مليار جنيه لأجل 273 يومًا.5 عطاءات بقيمة 160 مليار جنيه لأجل 364 يومًا.أما بالنسبة لسندات الخزانة، تشمل الخطة:
3 عطاءات لأجل عامين بقيمة 15 مليار جنيه.عطاءين "متغيرة العائد" لأجل 3 سنوات بقيمة 4 مليارات جنيه.5 عطاءات "ثابتة العائد" لأجل 3 سنوات بقيمة 56 مليار جنيه.وتعد البنوك العاملة في السوق المصرية أكبر القطاعات المستثمرة فى سندات وأذون الخزانة التي تطرحها الحكومة بشكل دوري لتغطية عجز الموازنة العامة للدولة.
ويتم طرح تلك السندات والأذون من خلال 15 بنكا تشارك في نظام المتعاملون الرئيسيون ” Primary dealers ” في السوق الأولية ” The primary market ” وتقوم تلك البنوك بإعادة بيع جزء منها فى السوق الثانوية ” Secondary market ” ، للمستثمرين من الأفراد والمؤسسات المحلية والأجنبية.