النقطة الأولى

«اقتصاد السياحة الخارجية»

لا يمكن أن تنهض أمة اقتصادياً دونما مراجعة العديد من السلوكيات الإنفاقية والاستهلاكية بين كل حين وآخر والعمل على تقويم وتصويب تلك السلوكيات سواءً من وازع داخلى قادم من الوعى الجمعى أو عبر تدخل الحكومة لوقف الهدر المتكرر فى قنوات كثيرة، وهنا قبل أن أدخل إلى موضوع انفاق المصريين فى السفر والترحال فى رحلات السياحة الدينية «الحج» و«العمرة» والذى يحتاج إلى مراجعة جادة، وقبل أن أدخل فى هذا الملف الهام.

أود أن أؤكد أننى لست ضد الحج والعمرة على الإطلاق ولا أود أن أدخل فى ملفٍ شائك أو رمادى أو أن يعتقد أحد أننى أنادى بوقف الحج والعمرة، لكننى هنا أود أن أتناول شقاً هاماً جداً من الجانب الاقتصادى والذى يتعلق بالضغط على الاحتياجات من العملة الأجنبية سواءً بالريال السعودى أو بالدولار الأمريكى، حيث إن هناك هدراً مالياً فى هذا الاتجاه، ربما ترصده وتعلمه الحكومات المتعاقبة.

إلا أن هذا الملف الكل يبتعد عن دراسته الدقيقة واتخاذ إجراءات هامة فيه، فهل يتخيل أحد أن المملكة العربية السعودية تحقق دخلاً مكتملاً إجمالياً وبشكل تقريبى يعادل ١٠٠ مليار جنيه، أى ٢ مليار دولار، سواءً من رسوم التأشيرات، أو خدمات توثيق الأوراق، أو تذاكر الطيران على الخطوط الجوية السعودية الأساسية أو الفرعية أو نفقات الحجاج والمعتمرين من خلال السياحة والتسوق، هذا ربما يشكل ضغطاً وعبئاً ثقيلاً جداً على الاقتصاد المصرى سنوياً.

لذا لماذا لا يعاد النظر بشكل أساسى واحترافى وتنسيقى مع الجانب السعودى وشيوخ الأزهر ولجان الفتوى وفريق من الخبراء الاقتصاديين المحايدين للنظر فيما يتعلق بعدد مرات الاعتمار، والحجيج والزيارات لكل فرد، على أن يتم الخروج بتصور جامع شامل يكفى لتحديد وتقنين الراغبين بحيث يُسمح للمتقدم للحج أو العمرة فى المرة الأولى فقط بالمجانية.

لكن يتم وضع شروط واضحة وملزمة اعتباراً من الطلب الثانى للمعتمر أو الحاج الذى يرغب فى أداء المناسك مرة أخرى بحيث تتم وفقاً لقيود مشددة ومن خلال فرض رسوم إضافية تسدد لمصر فى شكل «ضريبة استثنائية»، بالإضافة إلى عدم السماح للحاج أو المعتمر بالسفر وفى حوزته أكثر من ٢٠٠٠ دولار أمريكى كحد أقصى أو ما يعادلها بالعملة الأجنبية.

وإذا رغب أن يخرج بمبلغ أكثر من ذلك، فعليه أن يودع فى البنك مثيله من خلال تنازله للدولة وذلك بحد أقصى ١٠ آلاف دولار أمريكى أو ما يعادلها وهذه بالطبع كلها إجراءات مرنة وعلاجات مؤقتة يعاد النظر فيها كل فترة زمنية وفقاً للتعافى الطردى للاقتصاد المصرى والسيطرة على الدخل الدولارى ووقف نزيف سلوكيات اقتصادية قادمة بسبب أمراض مزمنة.

النقطة الثانية

«اقتصاد الإنتاج الحيوانى»

فى الاقتصادت الناجحة، لا يُترك فيها شيء وفقاً للظروف، ولا يمكن أن نفكر فى نقطة ونترك الأخرى، ولا يمكن الحديث عن أهمية السياسات النقدية ونتغافل السياسات المالية، ولا يمكن الحديث عن الاقتصاد الرقمى والمعرفى والخدمى والعقارى ونتجاهل الاقتصاد الإنتاجى، أى الزراعى والصناعى.

ولا يمكن الحديث عن الاقتصاد الضريبى والجمركى الإيرادى ونتغافل العائد من الرفاهية والخدمات المقدمة للمواطن، ولا يمكن فى كل ذلك أن ننسى سلبيات وإيجابيات الاقتصاد الرسمى المسجل والاقتصاد غير الرسمى أو غير المسجل، تلك هى المعضلة الحقيقية التى تحول دون تحقيق العدالة الاجتماعية نظراً لعدم تحقيق العدالة الضريبية.

وفى تصورى أن هذا ما زال أمراً يصعب تحقيقه لأن هناك أسواقاً ومجالات واقتصادات مهمشة لا تقع تحت عين ونظر الدولة ولم توضع لها خطط وبرامج ومقترحات لكى يتم حصر اقتصادها بشكل علمى وتقنينه ورقمنته وتسجيله وتخضيعه ضريبياً وتوفير الخدمات العاجلة للعاملين فيها وهنا وبمناسبة المواسم السنوية مثل «عيد الأضحى المبارك».

أود أن أتحدث عن اقتصاد الإنتاج الحيوانى، وأسواق الماشية وإدارتها وحصرها وتحديد حجم سوق الإنتاج الحيوانى فى مصر من ماشية، سواءً أكانت مستوردة أو محلية (عجول أو أبقار أو جاموس أو ماعز أو خراف أو جمال)، هذه السوق قوامها يتخطى ١٥٠- ٢٠٠ مليار جنيه، وأعتقد أن أكثر من ٩٥٪ منه سوق غير رسمية بعض تجارها يتربحون أرباحاً مرتفعة وغير خاضعين لأى إيراد ضريبى بل ويستخدمون نفس الوقود ونفس الطرق ونفس المدارس والمستشفيات المدعومة من أموال دافعى الضرائب.

أرى ضرورة تحويل اقتصاد الماشية إلى أسواق منظمة مرقمنة تستهدف تتبع السلالات والأمراض وتستغل مساحات الأراضى الموجودة على جانبى الطرق الكبيرة والحديثة مثل «الأوسطى والإقليمى» لكى تشيد فيها الأسواق النموذجية الملحقة بالبنوك وفروعها والمجازر الآلية والصيدليات والمستشفيات البيطرية، الأمر الذى سوف يسمح بتعظيم العائد على الاستثمار فى البنية التحتية للطرق.

وكذا تنظيم اقتصادات هذا القطاع الكبير، بحيث يحقق كل سبل العدالة الضريبية والاجتماعية ويفك اختناق مداخل المدن المتوسطة التى تعج أسبوعياً بالأسواق العشوائية بالإضافة إلى أنه سيفتح مجالات كبيرة لفرص عمل منظمة فى مشروعات الإنتاج الحيوانى المنظم.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الاقتصاد الزراعى الإنتاج الحیوانى ولا یمکن لا یمکن أود أن

إقرأ أيضاً:

جلال الشرقاوي.. مخرج المسرح الذي صنع جيلًا من النجوم وترك بصمة خالدة

 

في عالم المسرح المصري، هناك أسماء لا يمكن أن تُنسى، وأحدها بلا شك هو جلال الشرقاوي، الرجل الذي لم يكن مجرد مخرج عادي، بل كان صاحب رؤية خاصة أعادت تشكيل المسرح الكوميدي والاستعراضي في مصر. لم يكتفِ بإخراج أعمال ناجحة، بل ساهم في صناعة نجوم أصبحوا لاحقًا رموزًا في عالم الفن.

 

 

 وبينما تمر الذكرى السنوية لرحيله، تظل أعماله شاهدة على عبقريته المسرحية، تاركة أثرًا لا يُمحى في وجدان الجمهور المصري والعربي.

  البداية الأكاديمية ورحلة التحول إلى الفن

 

 

وُلد جلال الشرقاوي في 14 يونيو 1934، وكانت بداياته بعيدة تمامًا عن عالم الفن، حيث درس العلوم بجامعة القاهرة وتخرج عام 1954، ثم استكمل دراسته في جامعة عين شمس وحصل على دبلوم في التربية وعلم النفس عام 1955 لكن رغم تفوقه الأكاديمي، كان شغفه الحقيقي بالفن، وهو ما دفعه لتغيير مساره والالتحاق بـالمعهد العالي للفنون المسرحية، حيث تخرج عام 1958.

 

 

لم يتوقف عند ذلك، بل سافر إلى فرنسا لمواصلة دراسته، وحصل على دبلوم الإخراج المسرحي من معهد جوليان برتو للدراما عام 1960، ثم دبلوم الإخراج السينمائي من المعهد العالي للدراسات السينمائية بفرنسا عام 1962، مما أضاف إلى خبراته لمسات عالمية انعكست لاحقًا على أسلوبه المسرحي.

  محطات مؤثرة في مسيرته المسرحية

 

يُعد جلال الشرقاوي من المخرجين الذين أحدثوا طفرة في المسرح المصري، فكان صاحب نظرة جديدة قدمت الكوميديا بشكل مختلف، حيث ركز على القضايا الاجتماعية والسياسية في أعماله، مما منحها بُعدًا أعمق من مجرد الإضحاك.

  أبرز الأعمال التي شكلت المسرح المصريمدرسة المشاغبين (1973): المسرحية التي أحدثت ثورة في المسرح الكوميدي المصري، وقدمت جيلًا من النجوم مثل عادل إمام، أحمد زكي، سعيد صالح، يونس شلبي، وسهير البابلي.العيال كبرت (1979): واحدة من أكثر المسرحيات شهرة حتى يومنا هذا، وشارك فيها يونس شلبي، سعيد صالح، كريمة مختار، وأحمد زكي.الواد سيد الشغال: التي جمعت بين الكوميديا والقضايا الاجتماعية، وقدمها عادل إمام بأسلوبه المميز.حزمني يا: تجربة فريدة مزجت بين الكوميديا والاستعراض الغنائي.الهمجي: مسرحية حملت نقدًا اجتماعيًا لاذعًا في إطار كوميدي.

لم تقتصر إسهاماته على المسرح فقط، بل كانت له تجارب سينمائية بارزة مثل فيلم "موعد مع القدر" و"خلي بالك من عقلك"، حيث نقل أسلوبه المسرحي إلى الشاشة الكبيرة.

  حياته الشخصية وعلاقته بأسرته

 

كان جلال الشرقاوي متزوجًا من الفنانة سهير البابلي، واحدة من نجمات المسرح المصري، لكن زواجهما لم يستمر طويلًا. 

أنجب ابنته عبير الشرقاوي، التي سارت على خطاه في الفن، لكنها قررت لاحقًا الابتعاد عن الأضواء واعتزال التمثيل.

  مواقفه المثيرة للجدل وصراعاته الفكرية

 

لم يكن الشرقاوي مجرد مخرج، بل كان صاحب رأي قوي في القضايا الفنية والاجتماعية، وكان من المخرجين القلائل الذين لم يخشوا التعبير عن آرائهم بحرية. 

دخل في عدة خلافات مع بعض الفنانين والنقاد بسبب رؤيته الصارمة للفن ودفاعه عن المسرح الجاد.

  الرحيل وخسارة المسرح المصري

 

في يناير 2022، أُصيب جلال الشرقاوي بفيروس كورونا، مما أدى إلى تدهور حالته الصحية سريعًا. ورغم المحاولات الطبية لإنقاذه، فارق الحياة يوم 4 فبراير 2022 عن عمر 87 عامًا، تاركًا إرثًا فنيًا ضخمًا شكل جزءًا لا يتجزأ من تاريخ المسرح المصري.

 إرث جلال الشرقاوي.. أعمال لا تُنسى وتأثير مستمر

 

 

رغم رحيله، تبقى أعماله تُعرض حتى اليوم، ليظل اسمه محفورًا في ذاكرة المسرح المصري كأحد أبرز مبدعيه، وليبقى تأثيره ممتدًا في الأجيال الجديدة من الفنانين الذين تعلموا من رؤيته وإبداعه.

 

مقالات مشابهة

  • اليوم..ذكرى ميلاد المسرحي المصري يسري الجندي
  • اقتصادية النواب: الترويج للسياحة البيئية يعزز من قدرة مصر على جذب الاستثمارات
  • موضة جديدة قايمين فيها المستوهمين من الجنجاقحط
  • حفر واكتشافات جديدة.. «إكسون وشل وإينى وأباتشى» أبرز المستثمرين
  • وكيل اقتصادية النواب: نثمن دور المصريين بالخارج في رفع الاحتياطي النقدي
  • جلال الشرقاوي.. مخرج المسرح الذي صنع جيلًا من النجوم وترك بصمة خالدة
  • «إكسيوس»: أزمة أنفلونزا الطيور تدخل مرحلة جديدة
  • ترامب يشعل فتيل أزمة اقتصادية عالمية.. هل نحن على أعتاب حرب تجارية جديدة؟
  • وزير الاستثمار: شراكة اقتصادية قوية بين مصر والكويت.. واستثمارات جديدة قادمة
  • دراسة جديدة تحدد عاملين أساسيين يمكن القيام بهما للحد من خطر الإصابة بالسرطان