يمانيون/ تقارير

يجيب سقوط رأس الخلية الأمريكية وهو بالتأكيد يستتبعه سقوط أذرع الخلية في مؤسسات الدولة حكما، عن أسئلة محيرة لازمت اليمنيين لعقود، لماذا ظلت بلدهم أسيرة التخلف والفوضى، لماذا عجزت في عقود عن بناء منظومة خدماتية معتبرة في الكهرباء أو المياه وحتى الاتصالات أو شبكة النقل؟ لماذا ظل وضعهم المعيشي بائسا بالقياس إلى دول حالها أفضل وهي لا تمتلك ذات الموارد، أسئلة كثيرة كانت تراود اليمنيين في مقايلهم وجلساتهم وتصبغ اللقاءات القصيرة حتى على الطرقات.

ما الذي منع تحول اليمن إلى دولة عصرية، أٌقله بموازاة دول الإقليم، وأبقاها دولة خارج سياق العصر خدماتيا وإداريا وفي كل الجوانب؟.
أسئلة تعاظمت وزاد المها حين دهم العدوان وانهارت الدولة في غضون ساعات، وسلاح الجو دمر من الضربة الأولى، ولم يطلق الدفاع الجوي صاروخا واحدا، ووجد اليمنيون أنفسهم في مواجهة أزمات، مثلا يمتلكون خزانات وقود مثلا لا تكفي سوى لخمسة أيام، ووجدوا الخدمات تنهار في غضون أيام، والدفاع الجوي عن البلد انهار في الضربة الأولى.
لا يمكن القاء اللائمة على الزمن كما كان يسوق الأمر، ولنجعل من ثورة سبتمبر 62 منطلقا لتطبيق القياس زمنيا، فكوريا الجنوبية استقلت في السبعينات ومع ذلك هي احدى أفضل الاقتصاديات الآسيوية وحتى على مستوى العالم، وكوريا الجنوبية نضرب بها المثل لأنها كانت تستورد الغاز من اليمن، وليس لها من الموارد ما لدى اليمن.
مثال آخر إيران في المنطقة بما باتت تحتكم عليه في تقدم صناعي وتكنولوجي وتطور في معظم المجالات رغم ان ثورة الإمام الخميني انطلقت في 79م بعد ثورة سبتمبر بعقدين.
لو أخذنا على سبيل الموارد، فاليمن بما احتكمت عليه من موارد نفطية ومعدنية وزراعية يمكنها ان تحقق الكثير من التقدم، أكثر مما بلغته في تاريخ 2014م لنجعل من ثورة الـ 21 سبتمبر فاصلا بين زمنين، ولا داعي هنا لضرب أمثلة بدول أخرى فاليمن نجحت في إدارة الدولة بـ 30 % من الموارد التي كانت متوفرة للأنظمة السابقة ما قبل 2014م، ومع ذلك كانت اليمن في عداد الدول المتخلفة وذات البنية التحتية الرديئة.
اثبت العدوان ان الحديث عن موارد محدودة تقف خلف تأخر اليمن عن مثيلاتها من الدول في البنية التحتية والإدارية والطبية والتعليمية لم يكن نتاج موارد محدودة بقدر ما كان نتاجا أساسيا لأمر آخر.
الكشف الأمني يميط اللثام عن جواب واحد وهو الدولة العميقة التي عبثت بالبلد وأبقت جسد الدولة مثقلا، ويعمل في كثير من الأحيان لغير صالح الشعب ، بل لوأد الدولة نفسها!
الدولة العميقة التي تتكون من الأذرع الممتدة عبر مؤسسات الدولة وفي كل مناحي الحياة، تمتد من الموظف إلى أعلى الهرم وكل يلعب دورا تخريبيا متى ارتبط بإدارة عليا، ومنهجية منظمة تستفيد من الأدوار البسيطة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية.
لقد اثبت الكشف الأمني ان الدولة العميقة لم تكن بشكل أساسي تنتمي إلى قبيلة بعينها أو جغرافية بعينها، بل هي أمريكية بامتياز تنظيما وأهدافا وتلك كانت مجرد عوالق على ظهر الدولة العميقة الأساسية التي ظهرت بهوية أمريكية خالصة، وهي في جوهرها إخطبوط يمد أذرعه إلى كل مؤسسات الدولة، ويعمل بمنهجية منظمة وليست تصرفات عشوائية كما قد تُظهر ذلك نظرة قاصرة تجاه مؤسسة من المؤسسات.

وهذا يظهر سؤال آخر، ما الذي منع جهود الإصلاح ومحاولات تصحيح المسار؟
يكمن الجواب على هذا السؤال الطارئ في أقوال الرئيس السابق علي عبد الله صالح لشبكة الجزيرة في مقابلة سابقة حين اقر بعلمه ان الاستخبارات المركزية لديها رجالاتها في كل المؤسسات الحكومية وحتى منظمات المجتمع المدني وعد ذلك نوعا من الكسب للأموال ، وهو تبرير سخيف بل صادم لكونه يأتي من رجل يمثل بشخصه الدولة والسيادة.
والسيطرة أمريكيا على اليمن كانت تتم عبر مسارين :
الأول: التغلغل عبر مؤسسات الدولة والإمساك بها والتحكم بكل الجزئيات التي تتيح توجيه مسار الشعب كلية من الاقتصاد إلى الصحة إلى التعليم وخلافه، وذلك كان منوطا بالخلية داخل السفارة الأمريكية وجرى أسقاطها بمالها من أذرع تمتد إلى كل مناحي الحياة اليمنية .
الثاني: هو السيطرة على رأس النظام ووجوهه البارزة، بما في ذلك اصطناع أوجه بارزة بإخراج أمريكي كامل، وبالعودة إلى وثائق سربت مسبقا تحدثت السي آي ايه عن أموال كان يقبضها قيادات النظام من اعلى مسؤول إلى أصغر قيادي بارز فيه، في قضايا تجريد الجيش من السلاح، وقضايا أخرى، وهؤلاء يكون ارتباطهم مع السفير شخصيا، وصولا إلى رأس وكالة الاستخبارات الأمريكية في واشنطن وقد يتوزع بعضهم على الإدارة الأمريكية كالبيت الأبيض والخارجية.
السيطرة المزدوجة على النظام في اليمن ضمن للأمريكيين التحكم في البلد بشكل كامل، وينقل عن صادق الأحمر بأن السفير في سعوان هو من يحكنما، وحين سأل لماذا؟ أجاب بسخرية : من حلانا باللهجة العامية .
الإطاحة بالشبكة الأمريكية العميقة في اليمن ضربة سعت أمريكا في اقلها لدى صنعاء إلى عدم إعلانها إعلاميا، عبر أكثر من طرف دولي، تجاهلتها صنعاء في المقابل ورأت ان الكسب من إعلانها يخدم هدفها الاستراتيجي، فهي تعلم ان كشف الضربة إعلامية مهم جدا في سياق تدمير النفوذ الأمريكي في المنطقة وحتى في العالم، حيث يصير التجرؤ على النفوذ الأمريكي اسهل وتصبح السيطرة على الشعوب اصعب.
لطالما تمتع من عمل مع الأمريكان تحت أي مسمى بحصانة ونفوذ في مختلف دول العالم وبخاصة في دول الإقليم، وعدت العلاقة مع الأمريكان كرت حصانة لأي مسؤول أو شخصية عامة أو اجتماعية.

وثمة سؤال أخير ما الذي جعل إسقاط هذه الشبكة ممكنا ولم يكن قبلا كذلك، رغم توفر المعطيات لدى الأجهزة الأمنية ولدى المستوى السياسي، وربما في دول أخرى يمكن طرح السؤال؟
والجواب بغض النظر عن اليمن ووضعه حيث كان النظام السابق عميلا من أكبر شخص فيه حتى أصغره الا من رحم الله، الجواب هو ثورة الـ 21 من سبتمبر 2014 م والإرادة السياسية المتولدة عنها، إرادة وقيادة اثبت اليمن معها انه يختصر الزمن، وان أربعين عاما كما كان يروج هي لحظة في عمر الشعوب كانت كذبة كبرى للقبول بالوضع البائس وببلد يلعق ذيل الخليج، ومواطنوه في مؤخرة الشعوب.

# العدو الإسرائيليُ#أمريكا#إنجاز أمني#العدو الأمريكيً#اليمن#شبكة التجسس الأميركية الإسرائيلية

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الدولة العمیقة مؤسسات الدولة

إقرأ أيضاً:

بعد غربة لعقود.. الفنان السوري يحيى حوى يروي لـ”عربي21” قصة عودته إلى دمشق (شاهد)

شدد الفنان السوري يحيى حوى، على ضرورة إعادة بناء الإنسان السوري، الذي تعرض للظلم على مدى عقود، قبل البدء بإعادة بناء البنيان بعد سقوط النظام.

وأشار حوى في لقاء خاص مع "عربي21" في العاصمة السورية، إلى أنه يزور دمشق لأول مرة بعد خروجه من البلاد قبل أكثر من 40 عاما، معربا عن سعادته بالغناء في ساحة الأمويين خلال مهرجان الاحتفال بسقوط النظام الجمعة الماضي.

وتاليا نص الحوار مع يحيى حوى كاملا:


أنت في دمشق الآن بعد عقود طويلة من الغياب.. ما هو شعورك الآن؟

ممكن أن نعتبر أن هذه الزيارة هي الزيارة الأولى إلى دمشق لأني خرجت من سوريا عندما كان عمري 5 سنوات، بعد استشهاد والدي رحمه الله. طبعا الشعور في القدوم إلى بلدك بعد قصص تسمعها من أقاربك وأصدقائك عن سوريا في حين أنت محروم من زيارتها هو شعور قاس جدا.

مقابل هذا الشعور والحرمان على مدى 40 عاما، فقد تفجرت كل المشاعر والعواطف أمام هذه البلد الذي تربطنا به روابط عظيمة جدا.

كان لك حضور بارز في مهرجان الاحتفال بسقوط النظام الذي جرى في ساحة الأمويين، كيف وجدت الأجواء؟

كانت لحظات عظيمة جدا، وهي لحظات يتمناها أي فنان أن يكون مع أهله وناسه وأن يقدم لهم رسالته الفنية التي يقدمها دائما. كنت أتمنى دائما أن أقدم رسالة الفن التي صدحت بها في أكثر من 40 دولة غنيت فيها لسوريا. الآن بعد عمر طويل آتي إلى ساحة الأمويين لأنشد في مشهد مليوني. هذا أكبر حشد أغني أمامه طيلة حياتي.

خاصة أنه كان في دمشق، هذا كله بالنسبة لي كان أشبه بالحلم والخيال.

أغنية "ياسمين الشام" أطلقتها في بداية الثورة ومن ثم تحولت إلى أنشودة تتردد على نطاق واسع، كيف وجدت أداء هذه الأغنية بالعلن مع الحشود في دمشق؟


هناك رمزية رائعة لهذا الأغنية، الشباب الذين كانوا موجودين بالساحة كلهم كانوا أطفالا. وكان يصلني رسائل من الشباب حول غناء هذه الأغنية قديما بالسر. البعض طلب مني أن أغير بيتا في الأغنية وهو "ما جربت الحرية"، صحيح جربنا الحرية الآن لكن هذه الأغنية من ذاكرة الثورة السورية.

والآن نحن جربنا الحرية ونصرخ بها في كل مكان.

لا بد أنك تذكرت الوالد في هذه اللحظات؟


نعم أول ما وطأت قدماي مدينتي حماة ذهبت إلى قبر والدي رحمه الله وقرأت له الفاتحة وبشرته أن النصر قد أتى بسواعد الشباب وأن دمه ودم الشهداء الذين قدموا أرواحهم لسوريا لم تذهب هدرا منذ عشرات السنينن، منذ مجزرة حماة.

هل هناك أعمال فنية للاحتفاء بنجاح الثورة وسقوط النظام؟


هناك بالتأكيد أعمال فنية الآن متفائلة بالنصر مثل "بدنا نعمرها سوريا" و"رفرف علم الحرية" و"مبروك عليك سوريا"، التي قد تتفاجأ إذا أخبرتك الآن أنني سجلتها في عام 2012 لأجل أن أنشدها لأن الأسد كان على وشك أن يسقط في تلك الأثناء وكنت أريد أن أكون أول من يغني أغنية النصر. وبالفعل النظام كان ساقط لو لا الدعم الذي حصل عليه من مليشيات إيران وروسيا.



فعندما سقط النظام في الثامن من ديسمبر أطلقتها مباشرة.

ما هي توقعاتك وتطلعات من سوريا الجديدة؟


أملي بهذا البلد أن نقوم قبل البدء بإعادة بناء البنيان أن نبدأ بإعادة بناء الإنسان. الإنسان السوري تعرض خلال العقود الأخيرة للظلم وجرى تهديم الكثير فيه.

يجب أن نسعى إلى إعادة بناء الإنسان ومن ثم نتجه إلى البنيان، وهذا لا يمكن أن يحصل إلا بأيدي أهل البلد. السوريون انتشروا في كل العالم ونشروا الثقافة والعلم والحضارة، ولا تكاد تجد بلد ذهبوا إليه إلى ويقدمون له، لأنهم أصحاب حضارة وهمة لا يرضون أن يعيشوا على الهامش.

الآن آن الأوان كي يعودا إلى بلدهم من أجل أن يعيدوا بناءه، ونقول لهم: سوريا بتناديكم.. سوريا بتناديكم.


View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)

مقالات مشابهة

  • الحوثي تكشف عن أنشطة للمخابرات الأمريكية والإسرائيلية في اليمن
  • إسرائيل تهدد بشن هجوم على اليمن و«الحوثيون» يتوعدون باستهداف المصالح الأمريكية
  • القيادة المركزية الأمريكية تعلن قتل عنصرين من تنظيم الدولة بدير الزور
  • بعد غربة لعقود.. الفنان يحيى حوى يروي لـعربي21 قصة عودته إلى دمشق (شاهد)
  • بعد غربة لعقود.. الفنان السوري يحيى حوى يروي لـ”عربي21” قصة عودته إلى دمشق (شاهد)
  • 5 أسئلة يعجز ChatGPT عن الإجابة عليها.. قيود تقنية وأخلاقية
  • مسعد وجّه أسئلة الى المرشحين للرئاسة
  • اليمن وإيران تبحثان التطورات الإقليمية وسط تصعيد الهجمات الأمريكية والإسرائيلية
  • اليمن يثبت صلابته: تحليل مصري يكشف أسباب إسقاط الطائرة الأمريكية F-18
  • أحمد موسى: الجماعات الإرهابية كانت مستعدة لهدم الدولة وقتــ.ل المصريين