بوابة الوفد:
2025-02-16@22:50:54 GMT

ماذا يريد المواطن؟

تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT

العنوان أعلاه هو السؤال الذى ساد كل أنواع الفضاء الإعلامى، خلال الأيام القليلة الماضية، فى سياق ترقب الإعلان عن أسماء الحكومة الجديدة، بعدما أعيد تكليف الدكتور مصطفى مدبولى بتشكيلها مرة ثانية، بعد مضى ستة أعوام على رئاسته للحكومة الحالية منذ يونيو 2018. والسؤال عما يريده المواطن من الحكومة الجديدة، قد يكون استنكاريا ينطوى على معنى مضمر يقول: هو المواطن عايز إيه أكثر من كده.

وقد يكون استفهامياً، وكأن من يسألونه لا يعرفون إجابته.
لا أظن أن من يسألون السؤال عن ماذا يريد المواطن من الحكومة الجديدة لا يعرفون إجابته. ومن المؤكد أن الحكومة تعلم جيدا ماذا يريد المواطنون منها، لأن ما يريده المواطن من الحكومة الجديدة ببساطة، هو نفسه ما كان يريده من الحكومة السابقة: المساواة فى تحمل تكاليف وأعباء السياسات الاقتصادية والاجتماعية المنفذة، وحد أدنى معقول من العدالة الاجتماعية، بوضع أولويات لإعادة توزيع الدخل القومى، تقوم على دعائم ثابتة متراكمة لتوفير متطلبات الحياة الكريمة فى مجالات العلاج والغذاء والتعليم والسكن، وليس القائمة على التبرعات والحماية الاجتماعية باجراءات مؤقتة.
ولأن سوء الظن من حسن الفطن، فقد أثار الريبة والمخاوف المشروعة من استمرار السياسات التى دامت خلال السنوات الست الماضية مع تشكيل الحكومة الجديدة، لماذا؟ لأن خلالها ارتفع بشكل مخيف حجم الدين العام، بسبب إفراط الحكومة فى سياسات الاقتراض من صندوق النقد الدولى، وتجاهلها للنتائج الضارة على الاقتصاد القومى من القبول بشروطه، والتخلى عن سياسات التنمية والانتاج، والاعتماد على الاقتصاد الاستهلاكى غير المنتج، بما كان يسميه المفكر الاقتصادى الدكتور إسماعيل صبرى عبدالله «تنمية التخلف».
وخلال الأعوام الستة الماضية، بات من الصعب السيطرة على غلاء الأسعار وارتفاع معدلات التضخم، مع الفشل التام فى السيطرة على الأسواق، والعجز الحكومى عن التصدى لغلاة المحتكرين من التجار. فى نفس الوقت الذى تم فيه رفع أسعار الوقود، وتخفيض الدعم عن السلع الغذائية ورغيف الخبز.
ومع أن تخفيض قيمة الجنيه عام 2016من 8 جنيهات إلى 15 فى مواجهة الدولار، ساهم فى زيادة تكاليف المعيشة، ولعب دورا فى ارتفاع حدة الأزمة الاقتصادية، فقد لجأت الحكومة مؤخرا، مرة أخرى إلى تخفيض جديد فى قيمته، ليصل لأكثر من 47 جنيها فى مواجهة الدولار، بسبب رفضها الدائم لاقتراح بالاعتماد على سلة متنوعة من العملات الصعبة فى التعاملات الاقتصادية للتخفيف من وطأة ضغوط الدولار فى الأسواق العالمية. ومن المعروف أن تلك الضغوط ما هى إلا شروط تصنعها الولايات المتحدة الأمريكية تعزيزا لمصالحها، من خلال المؤسسات المالية الدولية التى تمتلك النفوذ الأكبر بها كالصندوق والبنك الدوليين، وتروج عبرهما لأكذوبة أن تخلى الدولة عن دورها السيادى فى وضع السياسات العامة لإدارة الاقتصاد القومى، وانسحابها من الخدمات الاجتماعية، واللجوء إلى خصخصة كل مؤسساتها، بحيث يؤول إلى الصندوق وضع السياسات المالية والنقدية والتجارة الخارجية، لمن يقبل بشروطه، هو توجه يخدم اقتصاديات الدول الفقيرة!
الحكومة القادمة تعلم تماما أن المواطن لا يريد سوى الإنصاف فى السياسات التى تأخذ بها، وعليها أن تدرك أن رضا الناس على ما تقوم به الحكومات، جزء لا يتجزأ من الأمن القومى بمعناه السياسى والاجتماعى الشامل.
وجه الرئيس «السيسى» فى خطاب تكليفه للدكتور «مصطفى مدبولى» بضرورة أن يضم التشكيل الحكومى الجديد عناصر من ذوى الكفاءات والخبرات والقدرات المميزة، وهو ما يعنى التفكير من خارج نطاق الاختيارات الفاشلة السابقة بين الولاء والكفاءة، لأن مصر تحظى بكثيرين من أبنائها ممن يتمتعون بالحسنيين معا الكفاءة والولاء للوطن. وحدد الرئيس أهدافها بالحفاظ على الأمن القومى المصرى، وبناء الإنسان خاصة فى مجالات التعليم والصحة. ولو حكومة الدكتور مدبولى أولت اهتماما حقيقيا بتنفيذ تلك الأهداف، لسهل عليها ذلك الانتقال بسلاسة لبقية أهداف خطاب التكليف، وبينها مواصلة الجهود للحفاظ على الأمن والاستقرار ومكافحة الارهاب، وتطوير ملفات الثقافة والوعى الوطنى والخطاب الدينى المعتدل، وزيادة الاستثمارات، وتشجيع نمو القطاع الخاص.
توقفت طويلا أمام خلو خطاب التكليف من أية إشارة إلى مكافحة الفساد الذى بات يستشرى فى مؤسسات الدولة، ويلتهم جزءا لا يستهان به من مواردها، ويهدرها فى نواحى الخلل السائد فى أوجه إنفاقها. كما أثار التساؤل افتقاد الخطاب لفقرة واضحة لدعم الحياة الحزبية والنهوض بها، والاكتفاء بإشارة تحتمل كل تأويل عن «مواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية». والغريب أننا فى دولة يقوم نظامها السياسى كما ينص دستورها على التعددية الحزبية، لكن الحكومة طوال عقد كامل لا تتذكر ذلك، إلا حين تحتاج دعمها فى وقت المحن الأزمات.
الحياة الحزبية السليمة والنظام النيابى الديمقراطى، لا يقران فقط بالقوانين والدساتير، بل بالممارسة الحرة المتراكمة، التى ترفع كل القيود المفروضة على حريات الرأى والتعبير فى المجال العام وفى المؤسسات الإعلامية، وفى الأحزاب وداخل الجامعات والمنظمات والاتحادات الجماهرية، لكى يصبح الطريق إلى التغيير ممكنا بالطرق السلمية والأدوات الديمقراطية.
لعل ما سبق يشكل إجابة عما يطلبه المواطنون من الحكومة الجديدة، فليتها تنصت قليلاً.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: على فكرة أمينة النقاش أسماء الحكومة الجديدة من الحکومة الجدیدة

إقرأ أيضاً:

إيران تؤكد تلقيها "رسائل" من الحكومة السورية الجديدة

أعلنت إيران، اليوم السبت، أنها تلقت رسائل من الحكومة الجديدة في دمشق، بعد الإطاحة بحليفها السوري الرئيس السابق بشار الأسد.

ونقلت وكالة "إرنا" عن الممثل الخاص لوزير الخارجية الايراني في الشأن السوري محمد رضا رؤوف شيباني: قوله "الجمهورية الإسلامية الإيرانية على اتصال غير مباشر مع دمشق، وقد تلقينا منها رسائل أيضاً".

وأكد في رد على سؤال حول تصريحات أدلى بها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني حول الاتصالات مع إيران، "نظرتنا إلى التطورات في سوريا واستعادة العلاقات مع دمشق هي نظرة استشرافية نحو المستقبل".

وتابع: "نحن نتابع التطورات في سوريا بتأن، وسنتخذ قراراتنا في الوقت المناسب".

???? المبعوث الخاص لوزير الخارجية الإيراني لشؤون سوريا محمد رضا رؤوف شيباني:

إيران على اتصال غير مباشر مع دمشق وتلقينا منها رسائل أيضا pic.twitter.com/wWiSe6kDkp

إيران بالعربية (@iraninarabic_ir) February 15, 2025

وكان الرئيس الانتقالي في سوريا أحمد الشرع قال في ديسمبر (كانون الأول) إن بلاده لا يمكنها أن تبقى بمعزل عن إقامة علاقات مع دولة إقليمية كبيرة مثل إيران، الحليف الكبير لنظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، لكنّه اشترط أن تكون على أسس "السيادة"، و"عدم التدخل في شؤون سوريا".

وأكد الشيباني، الذي شغل في السابق منصب سفير طهران في دمشق، على موقف بلادهه المتمثل في أن "مستقبل ومصير سوريا يجب أن يحدده شعب هذا البلد".

وأضاف: "الاستقرار والسلام في سوريا لهما أهمية خاصة بالنسبة لنا بالتأكيد، ونحن نعارض أي تدخل أجنبي في شؤونها".

مقالات مشابهة

  • موريس بيرل مؤلف كتاب «ادفعوا للناس»: أحب كوني مليونيرا ثريا لكني أطمع في بلاد فيها إحساس بالإنصاف.. تزدهر فيها الأعمال الجيدة
  • الحلّ عبر كهرباء لبنان مستحيل... هل تنهي الحكومة الجديدة أزمة الطاقة؟
  • وسط ترقب لرسالة أوجلان.. ماذا يريد حزب ديم الكردي من زيارة كردستان العراق؟
  • إيران تؤكد تلقيها "رسائل" من الحكومة السورية الجديدة
  • أول تحدّيات الحكومة الجديدة.. هل تنجز الانتخابات البلدية في موعدها؟!
  • مكي «الجريء» (بروفايل)
  • «الغاوي».. أكشن ودراما شعبية في حواري الجمالية (ملف خاص)
  • الإخوان "مكملين" في التآمر.. ماذا يريد التنظيم الإرهابي؟
  • محمد عبدالجواد يكتب: سفينة نوح.. وبرميل البارود!
  • الحديث عن على قاقارين لاينتهى