بوابة الوفد:
2025-03-16@15:32:18 GMT

ماذا يريد المواطن؟

تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT

العنوان أعلاه هو السؤال الذى ساد كل أنواع الفضاء الإعلامى، خلال الأيام القليلة الماضية، فى سياق ترقب الإعلان عن أسماء الحكومة الجديدة، بعدما أعيد تكليف الدكتور مصطفى مدبولى بتشكيلها مرة ثانية، بعد مضى ستة أعوام على رئاسته للحكومة الحالية منذ يونيو 2018. والسؤال عما يريده المواطن من الحكومة الجديدة، قد يكون استنكاريا ينطوى على معنى مضمر يقول: هو المواطن عايز إيه أكثر من كده.

وقد يكون استفهامياً، وكأن من يسألونه لا يعرفون إجابته.
لا أظن أن من يسألون السؤال عن ماذا يريد المواطن من الحكومة الجديدة لا يعرفون إجابته. ومن المؤكد أن الحكومة تعلم جيدا ماذا يريد المواطنون منها، لأن ما يريده المواطن من الحكومة الجديدة ببساطة، هو نفسه ما كان يريده من الحكومة السابقة: المساواة فى تحمل تكاليف وأعباء السياسات الاقتصادية والاجتماعية المنفذة، وحد أدنى معقول من العدالة الاجتماعية، بوضع أولويات لإعادة توزيع الدخل القومى، تقوم على دعائم ثابتة متراكمة لتوفير متطلبات الحياة الكريمة فى مجالات العلاج والغذاء والتعليم والسكن، وليس القائمة على التبرعات والحماية الاجتماعية باجراءات مؤقتة.
ولأن سوء الظن من حسن الفطن، فقد أثار الريبة والمخاوف المشروعة من استمرار السياسات التى دامت خلال السنوات الست الماضية مع تشكيل الحكومة الجديدة، لماذا؟ لأن خلالها ارتفع بشكل مخيف حجم الدين العام، بسبب إفراط الحكومة فى سياسات الاقتراض من صندوق النقد الدولى، وتجاهلها للنتائج الضارة على الاقتصاد القومى من القبول بشروطه، والتخلى عن سياسات التنمية والانتاج، والاعتماد على الاقتصاد الاستهلاكى غير المنتج، بما كان يسميه المفكر الاقتصادى الدكتور إسماعيل صبرى عبدالله «تنمية التخلف».
وخلال الأعوام الستة الماضية، بات من الصعب السيطرة على غلاء الأسعار وارتفاع معدلات التضخم، مع الفشل التام فى السيطرة على الأسواق، والعجز الحكومى عن التصدى لغلاة المحتكرين من التجار. فى نفس الوقت الذى تم فيه رفع أسعار الوقود، وتخفيض الدعم عن السلع الغذائية ورغيف الخبز.
ومع أن تخفيض قيمة الجنيه عام 2016من 8 جنيهات إلى 15 فى مواجهة الدولار، ساهم فى زيادة تكاليف المعيشة، ولعب دورا فى ارتفاع حدة الأزمة الاقتصادية، فقد لجأت الحكومة مؤخرا، مرة أخرى إلى تخفيض جديد فى قيمته، ليصل لأكثر من 47 جنيها فى مواجهة الدولار، بسبب رفضها الدائم لاقتراح بالاعتماد على سلة متنوعة من العملات الصعبة فى التعاملات الاقتصادية للتخفيف من وطأة ضغوط الدولار فى الأسواق العالمية. ومن المعروف أن تلك الضغوط ما هى إلا شروط تصنعها الولايات المتحدة الأمريكية تعزيزا لمصالحها، من خلال المؤسسات المالية الدولية التى تمتلك النفوذ الأكبر بها كالصندوق والبنك الدوليين، وتروج عبرهما لأكذوبة أن تخلى الدولة عن دورها السيادى فى وضع السياسات العامة لإدارة الاقتصاد القومى، وانسحابها من الخدمات الاجتماعية، واللجوء إلى خصخصة كل مؤسساتها، بحيث يؤول إلى الصندوق وضع السياسات المالية والنقدية والتجارة الخارجية، لمن يقبل بشروطه، هو توجه يخدم اقتصاديات الدول الفقيرة!
الحكومة القادمة تعلم تماما أن المواطن لا يريد سوى الإنصاف فى السياسات التى تأخذ بها، وعليها أن تدرك أن رضا الناس على ما تقوم به الحكومات، جزء لا يتجزأ من الأمن القومى بمعناه السياسى والاجتماعى الشامل.
وجه الرئيس «السيسى» فى خطاب تكليفه للدكتور «مصطفى مدبولى» بضرورة أن يضم التشكيل الحكومى الجديد عناصر من ذوى الكفاءات والخبرات والقدرات المميزة، وهو ما يعنى التفكير من خارج نطاق الاختيارات الفاشلة السابقة بين الولاء والكفاءة، لأن مصر تحظى بكثيرين من أبنائها ممن يتمتعون بالحسنيين معا الكفاءة والولاء للوطن. وحدد الرئيس أهدافها بالحفاظ على الأمن القومى المصرى، وبناء الإنسان خاصة فى مجالات التعليم والصحة. ولو حكومة الدكتور مدبولى أولت اهتماما حقيقيا بتنفيذ تلك الأهداف، لسهل عليها ذلك الانتقال بسلاسة لبقية أهداف خطاب التكليف، وبينها مواصلة الجهود للحفاظ على الأمن والاستقرار ومكافحة الارهاب، وتطوير ملفات الثقافة والوعى الوطنى والخطاب الدينى المعتدل، وزيادة الاستثمارات، وتشجيع نمو القطاع الخاص.
توقفت طويلا أمام خلو خطاب التكليف من أية إشارة إلى مكافحة الفساد الذى بات يستشرى فى مؤسسات الدولة، ويلتهم جزءا لا يستهان به من مواردها، ويهدرها فى نواحى الخلل السائد فى أوجه إنفاقها. كما أثار التساؤل افتقاد الخطاب لفقرة واضحة لدعم الحياة الحزبية والنهوض بها، والاكتفاء بإشارة تحتمل كل تأويل عن «مواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية». والغريب أننا فى دولة يقوم نظامها السياسى كما ينص دستورها على التعددية الحزبية، لكن الحكومة طوال عقد كامل لا تتذكر ذلك، إلا حين تحتاج دعمها فى وقت المحن الأزمات.
الحياة الحزبية السليمة والنظام النيابى الديمقراطى، لا يقران فقط بالقوانين والدساتير، بل بالممارسة الحرة المتراكمة، التى ترفع كل القيود المفروضة على حريات الرأى والتعبير فى المجال العام وفى المؤسسات الإعلامية، وفى الأحزاب وداخل الجامعات والمنظمات والاتحادات الجماهرية، لكى يصبح الطريق إلى التغيير ممكنا بالطرق السلمية والأدوات الديمقراطية.
لعل ما سبق يشكل إجابة عما يطلبه المواطنون من الحكومة الجديدة، فليتها تنصت قليلاً.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: على فكرة أمينة النقاش أسماء الحكومة الجديدة من الحکومة الجدیدة

إقرأ أيضاً:

تايمز: ما قصة الثورة التي يريد ستارمر إطلاق شرارتها في بريطانيا؟

تعهد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الخميس، بتقليص البيروقراطية الحكومية وإلغاء الخدمة الصحية الوطنية في إنجلترا بجانب إصلاحات أخرى، ولكنه لم يوضح التفاصيل الكاملة لكيفية تنفيذ هذه الإصلاحات أو مدى فعاليتها، وفق تقرير لصحيفة تايمز البريطانية.

وقال الكاتب أوليفر رايت -محرر السياسات في الصحيفة- إن ستارمر يهدف إلى خفض العبء الإداري على الشركات بنسبة 25% كجزء من إصلاحاته الحكومية لتقليل "البيروقراطية الزائدة" وتحسين كفاءة الدولة، متهما هيئات حكومية بإعاقة التنمية، مثل تأخير مشاريع الإسكان بسبب قضايا بيئية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جيروزاليم بوست: هذا ما جرى في البنتاغون قبل تفجيرات البيجرlist 2 of 2“سكك الحديد” في أفريقيا وجه جديد لصراع النفوذ بين الصين وأميركاend of list

وفي هذا الصدد أورد التقرير تعليق ستارمر بأن حكومته وعدت ببناء 1.5 مليون منزل بحلول نهاية العقد، وأن هذا الهدف قد أحبطته المجموعات البيئية التي منعت "مدينة جديدة بأكملها" بسبب وجود "عناكب قافزة" في المنطقة.

ولفت الكاتب إلى أن الحكومة لم تقدم تقديرا دقيقا للتكاليف البيروقراطية لهذه الخطط، مما يجعل تنفيذها موضع شك.

إلغاء هيئات حكومية

ووفق التقرير، وعد ستارمر بإلغاء بعض الهيئات الحكومية ونقل مسؤولياتها إلى الوزارات المركزية، معتبرا أن تعدد الهيئات يعيق المساءلة الديمقراطية.

بَيد أن تجارب سابقة -مثل الإصلاحات في 2010- لم تحقق نتائج كبيرة، إذ دُمجت معظم الهيئات بدلا من إلغائها، كما أن إلغاء الهيئات سيسبب تحديات كثيرة، فمثلا سيؤدي إلغاء الخدمة الصحية إلى اضطرابات في النظام الصحي، خصوصا إذا لم تتعامل الحكومة مع نقل المسؤوليات بكفاءة، حسب التقرير.

إعلان إصلاح الخدمة المدنية

وأشارت الصحيفة إلى أن إصلاح الخدمة المدنية في خطة ستارمر يهدف إلى تحسين الأداء الإداري عبر تقديم حوافز مالية تدفع الموظفين غير الأكفاء لترك مناصبهم، في ما يُعرف ببرنامج "الخروج المتفق عليه".

وبموجب هذا النظام، يحصل الموظف الذي يغادر منصبه على مبلغ يعادل راتبه الشهري مضروبا بعدد السنوات التي عملها في الوظيفة، وأكد التقرير أن هذه الخطة أحدثت جدلا واسعا، إذ إن بعض التعويضات قد تصل إلى مئات آلاف الدولارات، ما أثار انتقادات بشأن التكلفة العالية لهذه الخطوة ومدى فعاليتها في تحسين الكفاءة الحكومية.

وأضاف النقاد أن استبدال هؤلاء الموظفين بكفاءات جديدة أو بالتحول إلى القطاع الرقمي قد يتطلب استثمارات إضافية، ما يزيد تكلفة العملية.

الرقمنة والذكاء الاصطناعي

كما يأمل ستارمر توفير حوالي 58 مليار دولار عبر رقمنة الخدمات الحكومية، إلا أن هذه التقديرات تبدو غير واقعية، خاصة وأن ميزانية أجور الخدمة المدنية بأكملها تبلغ حوالي 13 مليار دولار فقط، كما أن تنفيذ هذا التحول يتطلب استثمارات ضخمة مقدَّما، وهو ما قد يكون صعبا في ظل خطط التقشف الحالية.

وخلص التقرير إلى أنه بينما تبدو وعود ستارمر جذابة سياسيا، فإن تنفيذها يواجه تحديات كبيرة، بدءا من مقاومة البيروقراطية إلى الحاجة إلى تمويل أوّليّ كبير، بجانب أن تقليص التنظيمات دون التأثير على معايير الأمان والجودة سيكون أمرا صعبا، وستعتمد فعالية هذه الإصلاحات على التفاصيل التنفيذية التي لم تتضح بعد.

مقالات مشابهة

  • دورة تدريبية تهدف لبناء القدرات في مجال تحليل السياسات الزراعية
  • بارزاني وطالباني يؤكدان أهمية تشكيل الحكومة الجديدة بأقرب وقت
  • ماذا يخفي خطاب قائد التمرد؟
  • بمشاركة حكومة دمشق لأول مرة.. المؤتمر الأوروبي لدعم سوريا.. ماذا يريد الطرفان؟
  • ولي العهد يهنئ رئيس وزراء كندا بمناسبة تشكيل الحكومة الجديدة
  • ولي العهد يهنئ السيد مارك كارني بمناسبة تشكيل الحكومة الجديدة برئاسته وأدائه اليمين الدستورية رئيسًا لوزراء كندا
  • مجلس الأمن القومي السوري هيئة لتنسيق السياسات الأمنية
  • تايمز: ما قصة الثورة التي يريد ستارمر إطلاق شرارتها في بريطانيا؟
  • مغربية وزيرة للهجرة في الحكومة الكندية الجديدة
  • ماذا يريد بوتين للموافقة على وقف إطلاق النار في أوكرانيا؟