لحظات فارقة فى تاريخ أمتنا العربية والإسلامية «نكون أو لا نكون»
تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT
فى البداية لا بد أن ننبه لأمر مهم وخطير للغاية لا بد أن يتنبه له عقلاء هذه الأمة، كل فى مجال تخصصه، هذا الأمر هو أنه ينبغى وضع القضية الفلسطينية نصب الأعين، بل ضرورة ملحة أن تكون الشغل الشاغل لكل عربى ومسلم، ولا بد ألا نتجاهلها مهما حاول البعض تهميشها أو تجاهلها.
لماذا؟!، لسببين رئيسيين، أولهما، أن أهل الشتات -(الكائن الصهيونى ولا أقول الكيان، لأن الكائن من الممكن أن يكون أو لا يكون فهو فى طريقه إلى الزوال وهذا وعد الله، أما الكيان فهو مؤسس على أرضية صلبة متأصل الجذور، يدافع عن أصوله بكل ما توافر له من قوة)- لن يتركنا ولو حتى لحظة نهنأ فيها وبها فسيبذل قصارى جهده دفاعاً عن معتقده الفاسد وأنهم أصحاب حق وما هم كذلك.
لذا راحوا يستدرون عطف كل من على شاكلتهم عن طريق المداهنة والمغلوبية، فانجر خلفهم معظم دول الغرب الأوروبى وأمريكا كل لحاجة فى نفسه.
أما السبب الثانى، فلنتعقله جيداً وهو أن صراع الصهاينة مع العرب والمسلمين ليس صراعا حدوديا، تقسيم أراضٍ وخلافه، وإنما قطعة الأرض غرضهم من السيطرة عليها للتمكين الوجودى وخلق هوية لهم، لماذا، لأنهم بلا هوية ولا شخصانية ولا ذاتية وإنما شتات كتب عليهم التيه فى الأرض، فما أن سنحت لهم الفرص إلا واستغلوها استغلال الثعالب المتربصة بفريستها.
فالهدف المنشودة والضالة المفقودة تكوين هوية من لا هوية له ومن هنا راح حكماء آل صهيون إلى السعى الحثيث لتحقيق بروتوكولاتهم الإجرامية، وما أن وعدهم بلفور إلا وانقضوا على فلسطين انقضاض الثعالب.
لذا نقول لقد آن الأوان أن تستفيق أمتنا العربية والإسلامية من غفلتها وتستفيق من سباتها العميق، فالتاريخ لا يرحم أحداً، وسيسجل من تصدى لهذا العدوان الهمجى الغاشم ومن تخاذل، وقبل التاريخ يسجل الله تعالى هذه الشهادات ويسأل عنها الجميع، وستسجل الإنسانية والضمير الإنسانى، ما يحدث من مشاهد القتل والهدم ووأد الأطفال واغتصاب النساء وهدم المنازل وحرق الناس أحياء، وقتل الصحفيين بدم بارد.
لن ينسى الله تعالى كل هذه الشناعات (وما كان ربك نسيا).
إن أمتنا العربية والإسلامية تعيش الآن لحظة فارقة فى تاريخها وتاريخ نضالها ضد هذا المحتل الغاشم، قاتل الأطفال الخدج فى حضاناتهم، سارق البسمة من على شفاه الصغار والكبار، نظام وليس بنظام، نظام مجرم وجد من يساعده على تحقيق فاشيته القذرة عن طريق أفعاله الدنيئة التى يندى لها جبين الشرفاء من أحرار العالم أولئك الذين تمثلت الإنسانية فيهم، فلم يتخذوا العنصرية سبيلا لهم وإنما تعاملوا مع الإنسان بما هو كذلك، إنسان كرمه الإله فى كتبه المقدسة، لكن أنى هؤلاء الأوغاد الصهاينة ومن عاونهم ومن شايعهم من هذه الإنسانية، فأفعالهم ترقى مراقى شريعة الغاب.
نعم فعلوا كل ما أتيح لهم من قذارات لشيطنة المقاومة الفلسطينية، أولئك الأبطال عباد ورهبان بالليل، مجاهدون بالنهار، وظفوا كل ما اتيح لهم من إمكانيات للذود والدفاع عن أراضيهم فكانوا حقاً رجالاً، نعم الرجال، تخرجوا من مدرسة الأنفاق فأربكوا حسابات هؤلاء الغدرة، وأتوهم من حيث لم يحتسبوا فأمعنوا فيهم القتل وساموهم صنوف العذاب ولم لا وهم أهل الحق وأصحاب الأرض، فحملوا السلاح صغيرهم قبل كبيرهم، نساؤهم قبل رجالهم، العلماء، أساتذة الجامعات، جميعهم على قلب رجل واحد.
لذا أصرخ بأعلى صوتى وأقول أفيقى يا أمة محمد ولا تنشغلى بسفاسف الأمور، لا تنخدعوا بالشعارات البراقة معدومة المضمون، لا تنشغلوا بقضايا مصطنعة لشغلكم عن قضيتنا الأم، قضيتنا الرئيسية، لا تنشغل بمن ضرب فلان، وفلان أقام دعوى قضائية ضد فلان، وإنشاء كيانات لترد على كيانات، فكل ذلك فى ملتى واعتقادى ملهاة عن الهدف الأسمى، ألا وهو الحفاظ على ذواتنا وهويتنا وعروبتنا وإسلامنا وقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا ومبادئنا.
فهل نحن منتهون؟!، استقيموا يرحمكم الله واستووا.
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: القضية الفلسطينية
إقرأ أيضاً:
فلسطين بيلز.. رؤية إسرائيلية لأرض بلا سيادة ولا هوية
تتفاقم تعقيدات المشهد الفلسطيني مع تصاعد السياسات المتطرفة التي ينتهجها اليمين الإسرائيلي، والتي لا تكتفي بإضعاف القضية الفلسطينية، بل تمضي نحو محوها، وإنهاء أي تصور لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
ويعتمد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في هذا التوجه على تراجع نفوذ اليسار في الداخل الإسرائيلي، مقابل صعود التيارات اليمينية، مدعومًا بتأييد علني من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
في هذا السياق، نشر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) ورقة بحثية ذات دلالات عميقة حول مستقبل التسوية، تحت عنوان: "الكيان الفلسطيني ذو السيادة المحدودة"، أعدّها أودي ديكل، أحد أبرز الشخصيات الإسرائيلية التي انخرطت سابقًا في مسارات التفاوض مع الفلسطينيين، تحت قيادة رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت.
وتطرح الورقة نموذجًا سياسيًّا بديلًا يعيد تعريف مفهوم "الدولة الفلسطينية" من زاوية أمنية تخدم أولويات إسرائيل، دون المساس بجوهر هيمنتها على الأرض.
سيادة محدودة تُهدد الحقوق الفلسطينية
يشير مصطلح "بيلز" (PELS) إلى "الكيان الفلسطيني ذي السيادة المحدودة"، ويهدف إلى إنشاء كيان سياسي فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة تحت سيطرة فلسطينية جزئية.
إعلانووفقًا لهذا النموذج، يعتبر قطاع غزة إقليمًا منفصلًا لكنه مرتبط إداريا بالسلطة الفلسطينية، وسيُحكم من خلال إدارة تكنوقراطية تشرف على تنفيذ الإصلاحات اللازمة وحوكمة فعالة، وذلك يجعل غزة جزءًا من المنطقة التي تخضع لبيلز.
أما من الناحية الأمنية، يظل الدور الإسرائيلي محوريا في هذا النموذج، وستستمر المراقبة الاستخباراتية الشاملة بهدف إحباط الأنشطة التي تُعد "إرهابية"، مع التركيز على منع حماس أو أي طرف من المقاومة الفلسطينية من السيطرة على الكيان الفلسطيني.
وفي هذا السياق، سيحتفظ الجيش الإسرائيلي بحرية العمليات الأمنية داخل الأراضي الفلسطينية للحد من الجريمة ومنع العمليات الإرهابية، ويعكس هذا التوجه استمرار الهيمنة الأمنية الإسرائيلية على الأوضاع داخل الأراضي الفلسطينية.
إضافة إلى ذلك، ستظل إسرائيل تحتفظ بحق فرض ترتيبات أمنية خاصة بها، كتجريد الأراضي الفلسطينية من القدرات العسكرية ومنع تهريب الأسلحة عبر الحدود والمعابر التي تظل تحت سيطرتها.
كذلك ستستمر إسرائيل في فرض سيطرتها على جميع الحدود مع مصر والأردن، بالإضافة إلى الرقابة الأمنية على المعابر البرية والجوية والبحرية، مما يعزز بشكل إضافي الهيمنة الأمنية على جميع المنافذ الفلسطينية.
وعلى المستوى الجوي، وفقًا للنموذج، ستظل إسرائيل تسيطر بشكل كامل على المجال الجوي الفلسطيني، مع السماح بإنشاء مطار فلسطيني يخضع للإشراف الإسرائيلي.
أما في المجال البحري، فلن يُسمح للفلسطينيين بامتلاك قوة بحرية أو خفر سواحل، وستشرف البحرية الإسرائيلية على جميع الأنشطة البحرية.
وستبقى إسرائيل تتحكم في الطيف الكهرومغناطيسي، بما في ذلك شبكات الهاتف الخلوي والإنترنت، وتفرض قيودًا على توقيع أي اتفاقيات عسكرية أو أمنية مع دول أخرى من دون موافقتها.
الأبعاد الأيديولوجية والسياسيةلا يمكن قراءة مقترح ديكل بمعزل عن السياق السياسي والفكري الذي تطرحه إسرائيل باستمرار. فالمقترح، رغم أنه يبدو تقنيا أو إداريا في ظاهره، فإنه يحمل في جوهره أبعادًا سياسية عميقة تتقاطع مع أطروحات سابقة تهدف إلى نفي الوجود الفلسطيني كقضية سياسية.
إعلانويرى الباحث والمحلل السياسي الدكتور عبد الله العقرباوي أن مقترح بيلز يكرّس المنطلقات ذاتها التي وردت في خطة "الحسم" التي أعلنها الوزير بتسلئيل سموتريتش في عام 2017، والتي تقوم على تصوّر الفلسطينيين كمجرد مجموعات سكانية تُدار إداريا من دون أي حقوق سياسية.
ويضيف العقرباوي، في حديثه للجزيرة نت، أن الطرح تعمد عدم استخدام مصطلح "الحكم الذاتي" لتجنب أي التزامات سياسية أو قانونية مستقبلية، موضحًا أن الهدف ليس منح الفلسطينيين إدارة ذاتية حقيقية كما في نموذج كردستان العراق، بل تفريغ الكيان الفلسطيني من أي مضمون سياسي أو رمزي، وتحويله إلى أشبه ببلديات تحت الاحتلال.
وتترك هذه الرؤية، كما أشار الخبير، للفلسطينيين خيارين فقط: إما الولاء الكامل للاحتلال عبر الخدمة في جيشه والاعتراف بشرعيته أو الهجرة الطوعية، أما من يرفض فمصيره القمع والإقصاء.
وعلى الصعيد القضائي، لا يُمنح الفلسطينيون استقلالًا حقيقيا، إذ يسمح النموذج لهم بإدارة نظام قضائي مستقل شكليا، لكن بشروط مسبقة، أهمها الالتزام بمبادئ "مكافحة الإرهاب"، مع احتفاظ إسرائيل بحق محاكمة أي فلسطيني تعتبره تهديدًا أمنيًّا.
وهذا تأكيد بأن السيادة القانونية مجرد واجهة شكلية ضمن منظومة سيطرة أوسع كما أنه يوضح ملامح السياسة الإسرائيلية الفعلية.
وما يطرحه ديكل ليس بعيدًا عن السياسات الإسرائيلية الحالية على الأرض، فقد عمدت إسرائيل منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة إلى مصادرة الأراضي الفلسطينية تحت ذرائع أمنية مثل "المناطق العسكرية" أو "المنفعة العامة"، ثم استخدمتها لتوسيع المستوطنات.
ففي الضفة الغربية تحديدًا، يتم تنفيذ هذه السياسات من خلال تعديل القوانين المحلية والأوامر العسكرية، مثل الأمر العسكري رقم 418 الذي يمنح الضباط العسكريين الإسرائيليين صلاحيات واسعة لتنظيم الأراضي وإصدار تراخيص البناء، وفق مجلة الدراسات الفلسطينية.
يرى الخبراء أن نموذج بيلز سيُواجَه برفض واسع على الصعيدين الدولي والشعبي، لافتقاره إلى المقومات القانونية والسياسية، ولاتساقه مع مسارات تتعارض بوضوح مع مبدأ "حل الدولتين" الذي لا يزال يُعد الإطار الدولي المعتمد لتسوية الصراع.
إعلانويشير أستاذ القانون الدولي عمران محافظة إلى أن إسرائيل، عبر هذا النموذج، تتجاهل وضعها كقوة احتلال، في مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي التي تحظر احتلال أراضي الغير بالقوة.
ويضيف أن استمرار الاحتلال يُعد غير مشروع، بل يُصنَّف على أنه جريمة دولية تماثل بعض أشكال العبودية، لما ينطوي عليه من حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير، وهو حق كرّسته بوضوح قرارات الأمم المتحدة المتعاقبة.
أما عمليا، فيقرّر ديكل أن النموذج سيقابل برفض فلسطيني قاطع، نظرًا للتمسك بالسيادة الكاملة. كما يُرجّح استمرار التوتر بين الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين، وسط غياب حل سياسي عادل.
ويشير إلى أن المقترح لن يكون بمنأى عن ضغوط دولية متزايدة، لا سيما من الجهات والدول التي لا تزال تدعم حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة.
ورغم ما يحمله المقترح من انتقاص واضح للحقوق الفلسطينية، يرى ديكل أن بعض الدول العربية "المعتدلة" قد تبدي استعدادًا للقبول به بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، باعتباره مدخلًا لتوسيع اتفاقيات "أبراهام" وتعزيز مسار التطبيع، خاصة إذا ما قُدّم على أنه يمنح الفلسطينيين إدارة مدنية من دون سيادة فعلية.
ولا يعد هذا الطرح جديدًا، إذ سبق أن قُدِّمت نماذج مشابهة تقوّض مبدأ الدولة الفلسطينية، وواجهت رفضًا قاطعًا. ففي أواخر السبعينيات، رفض الفلسطينيون والعرب مقترح مناحيم بيغن الذي اقترح "حكمًا ذاتيا إداريا" بلا سيادة أو حقوق سياسية.
كذلك رُفضت خطة "التهدئة الاقتصادية" هي مبادرة إسرائيلية أُطلقت في سبتمبر/أيلول 2021، اقترحها وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد سعت لتحسين المعيشة مقابل التخلي عن الحقوق السيادية، واعتُبرت محاولة لتكريس الاحتلال بصيغة اقتصادية.
وأخيرًا، واجهت "صفقة القرن" التي طرحتها إدارة ترامب عام 2020 رفضًا فلسطينيا واسعًا، لأنها اقترحت كيانًا بلا تواصل جغرافي أو سيادة حقيقية، وشرعنت الهيمنة الإسرائيلية.
إعلان