يحكى الكاتب والناقد أنور المعداوى فى مجلة «الرسالة» التى كان يرأس تحريرها أحمد حسن الزيات: «لقد حدث أن ذهب المغفور له محمد محمود باشا يومًا إلى نادى الفروسية وهو رئيس للوزراء عام 1939، فوقعت عيناه على لوحة على الباب الخارجى تحمل إلى الزبائن هذه الكلمات: (ممنوع دخول الفلاحين).. وثار الزعيم العظيم وهتف وهو يدق الباب بقدمه ويفتحه على مصراعيه: «إن حكومته لا يمكن أن تسمح بإعادة الطبقات، نحن هنا فى بلد ديمقراطى، وكل المصريين سواء، أنا فلاح وابن فلاح، وأفخر بأن أكون كذلك.
ويستطرد «المعداوى» نطق محمد محمود بهذه الكلمات فألهب شعور الزيات وأثار قلمه فأخرج إلى الناس أعظم مقال كُتب فى تاريخ الكرامة المصرية.. ولا أظن أننى أجامل الزيات بهذه العبارة الأخيرة أو أغلو فى وصف أثر من آثاره، ولكنها كلمة حق من قلم لا يعرف المجاملة ولا يطيق الغلو ولا يفرق فى النقد بين الصديق وغير الصديق».
وحول الواقعة ذاتها والتى تحل ذكراها فى مثل هذه الأيام من شهر مايو عام 1939، يذكر الكاتب الصحفى الكبير «سعيد الشحات» ما كتبه الكاتب الصحفى «صبرى أبو المجد» فى مجلة «المصور»: لم تكن الأندية الأرستقراطية تسمح للمصريين بالدخول إليها، وإذا سمح لهم بعضويتها، أو بدخولها كضيوف لم يكن من حقهم أن يدخلوا غرفًا معينة، وفى بعض الأندية كان المصريون يُعاملون أسوأ معاملة وكأنهم طبقة منبوذة محتقرة.. حدث ذات مرة أن أراد أحد أعضاء «كلوب محمد على»، أخطر تلك الأندية الأرستقراطية وأكثرها اعتدادًا بالعنصرية التركية، الدخول فى إحدى القاعات للعشاء فيه، فمنعه «المترودوتيل» لأن القاعة محجوزة لأحد هؤلاء السادة الكبار، وثار العضو واتصل بمحمد محمود باشا رئيس الوزراء شاكيًا ما حدث من إهانة، وتزامن ذلك مع تلقى رئيس الوزراء شكاوى من مصريين أعضاء فى نادى الفروسية من سوء ما يلقونه من معاملة.. يؤكد أبوالمجد أن محمد محمود ألقى بالقفاز فى وجه هؤلاء الأمراء وقال كلمته الخالدة: «أنا فلاح وابن فلاح، وهذه مصر للفلاحين من أبنائها، ومن لا يريد أن يعيش فى مصر الفلاحين فليغادرها إلى حيث يريد»..
إنها الكرامة الوطنية والحرص على الحفاظ عليها هى أيضًا التى دفعت قائدا مصريا بطلا ورمزا من رموز الوطنية المصرية الفريق عبدالمنعم رياض أن يدلى للرئيس عبدالناصر برأيه متوسلًا «أرجوك يا سيادة الرئيس لا تقبل عودة سيناء بلا قتال حتى لو عرضوا عليك الانسحاب الكامل منها بلا قيد أو شرط»، فقد كان يرى الفريق النبيل الوطنى أن عودة سيناء بلا قتال سوف ينشأ عنها خلل اجتماعى وإنسانى وقيمى، ورسالة سلبية نصدرها للأجيال القادمة بقبول فكرة النكوص عن النهوض لدفع ضريبة الدم لاسترداد الكرامة الوطنية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رؤية محمد محمود
إقرأ أيضاً:
تفقد مقر الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون.. الاعيسر : البلاد تخوض معارك كبيرة في مجال الإعلام ضمن حرب الكرامة
أكد الأستاذ خالد الاعيسر وزير الثقافة والإعلام أن البلاد تخوض معارك كبيرة ضمن حرب الكرامة في ميادين كثيرة بالتوازي مع العمليات العسكرية على الأرض مشيرا إلى أن الإعلام هو اخطر هذه المعارك لأنه يؤثر على العمليات العسكرية. وقال خالد الاعيسر خلال تفقده مقر الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون ببورتسودان الاربعاء، إن مليشيا الدعم السريع الإرهابية خصصت إمكانيات مهولة لهزيمة البلاد إعلاميا وانها افردت للمعركة الإعلامية مساحة كبيرة من إمكانياتها المادية والبشرية واللوجستية ، مبينا أن السيطرة على الإعلام الحر والوطني وشل قدرته كان من أولويات المليشيا منذ بداية الحرب، مستدلا بما اثبتته كاميرات المراقبة بتواجد مستشار قائد المليشيا يوسف عزت داخل مقر الإذاعة والتلفزيون أول ايام الحرب . وقال الاعيسر إن الدولة صمدت واجهضت خطة الميشيا للسيطرة على الإعلام، مؤكدا قدرة البلاد على هزيمة المليشيا في مضمار الإعلام من خلال تعاون الجميع مشيدا بمجهودات القائمين على أمر الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، معتبرا أن ما انجزوه طوال فترة الحرب معجزة في ظل الظروف التي واجهتهم. وتفقد وزير الثقافة والإعلام أقسام الهيئة ووقف على الاحتياجات العاجلة للنهوض بالعمل وتعظيم دور الهيئة في حرب الكرامة ضد مخططات المليشيا الإرهابية. ووجه الاعيسر رسالة لكل الإعلاميين في العالم والمهتمين بالعمل الإعلامي بضرورة التضامن مع الإعلاميين والإعلام في السودان جراء ما لحق بهم من أضرار بسبب إنتهاكات مليشيا الدعم السريع، داعيا العالم إلى مساندة الإعلاميين السودانين لاسيما وأن السودان صاحب موقع رائد في المجال الإعلامي. سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب