هجرة العقول والكفاءات الأردنية: واقع مرير وحلم مؤجل
تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT
كتبت الدكتورة مارغو حداد
في خطوة تعتبر مصدر فخر واعتزاز، تم تعيين البروفسور الأردني الدكتور عمر الحتاملة كأول رئيس تنفيذي للذكاء الاصطناعي في وكالة ناسا للفضاء. هذا الإنجاز الذي يعكس قدرة الشباب الأردني على التفوق في أعلى المراكز العالمية، يكشف أيضًا عن جانب آخر من الواقع الأردني المرير: هجرة العقول والكفاءات.
الأردن، كغيره من الدول العربية، يعاني من مشكلة البطالة، خاصة بين الشباب. الإحصاءات تشير إلى أن نسبة كبيرة من الشباب الأردني يعانون من البطالة، وتزداد هذه النسبة بشكل ملحوظ بين خريجي الجامعات وأصحاب الكفاءات العالية. هذه الظاهرة ليست جديدة، ولكنها تتفاقم يومًا بعد يوم، مما يدفع الشباب للبحث عن فرص عمل في الخارج حيث يقدّر العلم والمهارات أكثر.
أسباب هجرة العقول متعددة ومعقدة. تعاني العديد من المؤسسات الحكومية والخاصة من سوء الإدارة والتخطيط، مما يحد من الفرص المتاحة للشباب ويؤدي إلى إهدار الكفاءات. إضافة إلى ذلك، تفتقر السياسات الحكومية إلى الرؤية الواضحة والمستدامة للاستثمار في الشباب والكفاءات المحلية. البرامج والمشروعات القائمة غالبًا ما تكون مؤقتة وغير مجدية على المدى الطويل. البيروقراطية المعقدة والفساد المنتشر يعوقان أي جهود حقيقية للإصلاح والتنمية، مما يثني الشباب عن العمل في وطنهم ويدفعهم للهجرة. علاوة على ذلك، الاقتصاد الأردني غير قادر على استيعاب العدد المتزايد من الخريجين، ما يخلق فجوة بين العرض والطلب في سوق العمل. ارتفاع تكاليف المعيشة وضعف الرواتب تجعل من الصعب على الشباب بناء مستقبل مستقر داخل البلاد.
مقالات ذات صلة حج 2024 هل يكون بداية النهاية؟! 2024/06/14نتائج هجرة العقول لا تعني فقط خسارة الفرد وفرصه في الداخل، بل تمتد تأثيراتها السلبية إلى المجتمع والاقتصاد بشكل عام. يؤدي هجرة العقول إلى نقص في الكفاءات المحلية، ما ينعكس سلبًا على جودة الخدمات والمنتجات المقدمة داخل البلاد. عندما يغادر المبدعون والمبتكرون، تتراجع مستويات الابتكار والتطوير داخل البلاد، مما يؤثر على التقدم التكنولوجي والعلمي. كما تؤدي هجرة العقول إلى هدر الاستثمار في التعليم والتدريب الذي أنفقته الدولة على هؤلاء الأفراد، حيث تستفيد منهم دول أخرى. وتتسبب هجرة الكفاءات في مشكلات اجتماعية ونفسية للأسر والأفراد، حيث يضطر البعض للعيش بعيدًا عن أحبائهم في ظروف قد تكون قاسية.
إن استمرار هذا النزيف في الكفاءات الأردنية يتطلب وقفة جادة من صانعي القرار. يجب أن ندرك أن الاستثمار في الشباب هو الاستثمار الحقيقي الذي يضمن مستقبلًا مشرقًا للأردن. ولتحقيق ذلك، يجب تطوير مناهج التعليم لتتواكب مع احتياجات سوق العمل وتعزز من روح الابتكار والإبداع لدى الشباب. كما يجب خلق بيئة تشجع على الابتكار من خلال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتقديم تسهيلات مالية وإدارية للمبتكرين. إلى جانب ذلك، لابد من تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد الذي يعوق التنمية ويثني الكفاءات عن العمل داخل البلاد. يجب على الحكومة العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية التي تخلق فرص عمل حقيقية ومستدامة للشباب، وتقديم برامج تدريبية وتأهيلية تساعد الشباب على اكتساب المهارات اللازمة لمواكبة التغيرات في سوق العمل العالمي.
قصص النجاح الفردية لا يمكن أن تكون بديلًا عن الواقع المعاش. فبينما نحتفل بإنجازات شخصيات مثل الدكتور عمر الحتاملة، يجب أن نعمل جاهدين على خلق بيئة يمكن فيها لجميع الشباب الأردني تحقيق أحلامهم داخل وطنهم. إن مستقبل الأردن يعتمد بشكل كبير على شبابه، وإذا استمر النزيف في الكفاءات، فإننا نخسر أهم ثرواتنا. آن الأوان أن نتوقف عن الضحك على أنفسنا بقصص النجاح الفردية ونبدأ في بناء مستقبل حقيقي لشبابنا داخل وطنهم.د: مارغو حداد استاذة في الجامعة الأمريكية
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: هجرة العقول داخل البلاد
إقرأ أيضاً:
الأول من نوعه.. تدريب مجلس الشباب السكندري بالأكاديمية الوطنية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تلقى مجلس الشباب السكندري تدريبًا متخصصًا بالأكاديمية الوطنية للتدريب بمدينة الشيخ زايد بالقاهرة، في إطار برنامج تدريبي أعد خصيصًا لتأهيل القيادات الشبابية التابعة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية بهدف تعزيز مهاراتهم في خدمة الشباب خلال الفترة المقبلة.
وبحسب بيان مجلس الشباب السكندري، اليوم، أن الأكاديمية الوطنية للتدريب تُعد الجهة المسؤولة عن البرنامج الرئاسي لتأهيل القيادات، وقد صُمم هذا البرنامج ليتناسب مع احتياجات القيادات الشبابية داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. ويُعد مجلس الشباب السكندري أول مجموعة كنسية تتلقى هذا النوع من التدريب المتخصص داخل الأكاديمية.
واستمر البرنامج التدريبي لمدة 30 ساعة، مقسمة على 5 أيام. أنهى المجلس ثلاثة أيام من التدريب خلال الفترة من 31 يناير حتى 2 فبراير 2025، على أن تستكمل باقي أيام البرنامج يومي الجمعة والسبت المقبلين الموافقين 7 و8 فبراير 2025.
يهدف التدريب إلى تأهيل القيادات الشبابية على المستويين الإداري والتنظيمي، وتعزيز قدراتهم في إدارة المبادرات الشبابية وخدمة المجتمع. كما يتضمن البرنامج ورش عمل ومحاضرات نظرية لتطوير مهارات التواصل، القيادة، والتخطيط الاستراتيجي.
نقلة نوعية في تأهيل القيادات الشبابية
يُعزز هذا التدريب من جهود الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في دعم الشباب وتأهيلهم ليكونوا قادة المستقبل في مختلف المجالات الخدمية. ومن المتوقع أن يكون لهذا البرنامج تأثير إيجابي على مستوى الخدمات المقدمة للشباب داخل الكنيسة.
تأتي هذه الخطوة في إطار اهتمام الأكاديمية الوطنية للتدريب بتوسيع نطاق برامجها لتشمل مختلف الجهات والمؤسسات، بما يسهم في تعزيز التنمية البشرية وتطوير الكفاءات الوطنية.