الحجُّ رحلةُ عُمرٍ مُنْتَظَرَةٍ، يَنْفَتِحُ سبيلُها في النفوسِ منذُ البواكيرِ تَوْقًا وتطلعًا. شجَنًا وحنينًا. لهفةً ولوعةً، اشتياقًا جارفًا. وغرامًا وهيامًا وصباباتٍ لا تعرف الانطفاء.
الحجُّ عودٌ على بدْء. سَفَرٌ إلى مواطن الانبعاث سفر باتجاه الجذورِ والأصولِ. لتعزيز التجذر وتأكيدِ الصلة والتواصل.
الحجُّ حلمٌ مستطاعٌ لمن مَلَكَ الحُبَّ الصادقَ. والرغبةَ الخالصةَ. والشغفَ المتأججْ.. رحلةٌ متأتيةٌ لمن أرادها بما يكفي من استعدادِ الروحِ قبل كلِّ شيء.
نُوْلَدُ مشدودينَ إلى الكعبةِ بعرى لا تنْفَصِم. تنْعَقِدُ عميقًا في العقل والقلب. تتملَّكُ الوجدان..
في الحجِّ.. نحنُ لا نرحلُ بعيدًا. نحن نرحلُ داخلنا. نتجهُ صوبَ أقرب نقطةٍ إلى أرواحنا. نَقْطَعُ المسافةَ داخلَ الروحِ. عبرَ المعالمِ الأكثر دلالةً على الوجودِ الحقِّ. نسافرُ باتجاهِ البيتِ الذي يسكننا ونسكنه. نَفِدُ على الكعبةِ التي تحتضِنُنا كل صلاة.
نَفِدُ على مكةَ. مَهْبِطَ الوحيِ والرسالاتْ، نأوِيْ ونؤُوبُ إلى أشرف وأسمى المناطقِ قداسةً وطُهْرًا، ودفئًا وحميميةً.. إلى أرحبِ بيتٍ يسع الإنسانية. حيثُ تتدفقُ ينابيعُ الحكمةِ والهدايةِ. وتنسابُ أنوارُ النبوة. وتُسْتَعادُ مواسمُ البِذارِ. أولُ الفصولِ الخُضْرِ مُذْ عانقَتِ الأرضَ السماء.
هناك حيثُ يسردُ القرآنُ الكريمُ الروايةَ، ويحكيها الحجُ مشهدًا إثرَ مشهدْ. هناك حيثُ ترى مكانك ومكانَتَك في تاريخِ الوَحدانيّةِ الممتدِّ. حيثُ تستعيدُ أحزانَكَ وأشجانَكَ وإيمانَكَ.. تقْصِدُ ربكَ. وتستقرِئُ دربَكَ. وتُجدِّدُ حبكَ.. تنبعثُ الذكرياتُ. وتنْثالُ المعانيْ داخلك.. ومن قلبِ المكانِ المسكونِ بروحِكَ ورائحَتِك. المَوَّارِ بالأسرارِ الإلهيةِ. المُشِعِّ بِوَهَجِ البدايات..ما إن يحتويك بيتُكَ الكبيرُ، أنت وأمتَكَ الكبيرةَ حتى يلوحَ أبوالأنبياءِ إبراهيمُ عليهِ السلامُ، “أبو الضِيفان”، في مشاهدَ حيةٍ متتاليةٍ يعكسها القرآنُ بتفاصيلها الدقيقةِ.
في ذاتِ المكانِ الذي تقِفُ عليهِ لترى ابْن منْ أنتَ. وعلى أيِّ سِرٍ تَقِفُ. ومِنْ أيِّ سماءٍ تتَحَدَّرُ. وإلى أيِّ أنوارٍ تنتميْ. وبأيِّ وشيجةٍ تتصلُ. وعلى أي دربٍ تتعهدُ مواصلةَ السيرِ. ملبِّيًا، حامدًا لله، شاكرًا، طائفًا، ساعِيًا. راكعًا، ساجدًا. ممجدا لله. مترسمًاو مقتفيًا آثارَ الخُطَىْ الهادرةَ علىْ ذاتِ السبيلِ، مؤكدًا حضورَكَ كشاهدٍ في مسيرةِ الإيمانِ والفداءِ والتضحيةِ. مسيرةِ التوحيدِ.
نقلاً عن صفحة الكاتب على فييسبوك
المصدر: يمن مونيتور
إقرأ أيضاً:
الأوضاع تحت السيطرة.. عميد بلدية إجدابيا: هناك منازل لم يعد بالإمكان السيطرة على المياه فيها
تسببت الأمطار الغزيرة التي هطلت على مدينة إجدابيا في غمر بعض الأحياء السكنية بالمياه، حيث تكدست المياه في الشوارع والأحياء السكنية.
وذكرت بلدية إجدابيا أن ،”جهود شفط المياه المتجمعة في الأحياء المتضررة لازالت مستمرة، مع التركيز بشكل خاص على حي 7 أكتوبر، حيث تسعى الفرق لتخفيف الأضرار الناجمة عن تراكم المياه، خاصة في المنازل والشوارع”.
وبحسب البلدية، “تم نشر فرق إضافية من رجال الدفاع المدني والآليات الثقيلة لمساعدة في إزالة المياه وتحسين سير الحياة في الأحياء المتضررة، “كما تعمل اللجنة على توفير المعدات اللازمة لتعزيز قدرة فرق الطوارئ في المناطق الأكثر تضررًا.
وقال عميد بلدية إجدابيا ناصر بوغريبي، في تصريحات صحفية: “الأمطار الغزيرة التي تساقطت على البلدية تسجل لأول مرة في المدينة”، مضيف: “مدينة إجدابيا مليئة بالسكان وتعاني من ضعف البنية التحتية مما أدى إلى غرق المدينة ودخول المياه إلى بعض المنازل”.
وقال: “فرق الإنقاذ والطوارئ بالتعاون مع مديرية الأمن تعمل الآن على شفط المياه بالتزامن مع وصول كاسحات شفط المياه القادمة من مدينة بنغازي خلال الساعات القادمة سنقوم بشفط المياه من الأحياء والمناطق المتضررة”.
واضاف: “هناك منازل لم يعد بالإمكان السيطرة على المياه فيها، لكن فرق الطوارئ تعمل وفق الإمكانيات المتوفرة، حيث أن نسب المياه باتت مرتفعة جداً في إجدابيا ونعمل بالإمكانيات المتاحة، التي تعتبر ضعيفة لكن خلال الساعات القادمة سيكون هناك تقدم كبير في شفط المياه من داخل الأحياء”.
وتابع لشبكة لام: “الأوضاع تحت السيطرة حاليًا لكننا لا نزال نطلق نداءات جديدة لتكاتف الجهود بهدف إنقاذ ما يمكن إنقاذه من ممتلكات المواطنين داخل منازلهم، ونطالب المواطنين القاطنين داخل البلدية بالتزام البقاء في منازلهم لتسهيل حركة الآليات وتمكينها من القيام بأعمالها داخل البلدية، كما ندعوهم إلى أخذ الحيطة والحذر، والإبلاغ عن أي مستجدات”.
بدوره، صرح إبراهيم سلطان، محلل نماذج الطقس بمؤسسة رؤية لعلوم الفلك وتطبيقاته، أن “الوضع الجوي في مدينة إجدابيا يثير القلق مع استمرار هطول الأمطار منذ الليلة الماضية بمستويات متوسطة وخفيفة”.
وفي تصريح لصحيفة الأنباء الليبية، أشار سلطان إلى أن “كمية الأمطار المسجلة بلغت 15 ملمتر حتى الآن، مع توقعات باستمرار الهطول حتى نهاية نهار اليوم، مما يزيد من خطر تفاقم الأضرار”.