يعيشون دون حقوق وفي خوف دائم من الترحيل.. هذا وضع الغزيين في مصر
تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT
نشر موقع "أوريون21" الفرنسي، تقريرًا، تحدّث فيه عن وضع عشرات آلاف الفلسطينيين من سكان غزة الذين دخلوا مصر عبر معبر رفح، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، الذين يعيش الكثيرون منهم في ضواحي القاهرة الفقيرة، دون حقوق، في خوف دائم من الترحيل.
وقال الموقع، في تقريره الذي نشرته "عربي21"، إن هؤلاء النازحين يعيشون محاصرين في العاصمة المصرية دون أن يعرفوا متى سيتمكنون من العودة.
وتعد أمل واحدة من أولئك الذين تقطّعت بهم السبل في مصر، بعد أن غادرت الأراضي الفلسطينية في نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي، لحضور فعالية نظمتها الأمم المتحدة، ومنذ ذلك الحين لم يُسمح لها بالعودة.
وتشرح قائلة: "كنت وحدي مع النساء الأخريات المدعوات.. كنت قد خُطبت للتو وكان من المفترض أن نتزوج، لكن الحرب غيّرت كل شيء. المنزل الذي اشتريناه لم يعد موجودا". في الأثناء، لا تزال عائلة أمل في غزة، ترتحل من مكان إلى آخر هربا من القنابل؛ ولم يتمكّن سوى خطيبها أحمد من الانضمام إليها في شهر أيار/ مايو.
تأشيرات لمدة محدودة
قال محمد (30 سنة) من مدينة غزة: "على الرغم من أن زوجتي لديها جواز سفر مصري، إلا أننا واجهنا صعوبات؛ لقد شعرنا بنوع من التمييز والأحكام المسبقة من جانب المصريين؛ إنهم لا يثقون بنا ويفضلون عدم استئجار شقق لنا".
في الأثناء، ينتشر النازحون من غزة في القاهرة، في جميع أنحاء المدينة، لكن الأحياء الرئيسية التي يجدون فيها ملجأ هي الجيزة وفيصل وإمبابة وعين شمس، حيث تتزايد المضاربات وحيث تكون الإيجارات للفلسطينيين أعلى بكثير من أسعار السوق.
وأشار الموقع، إلى أن سكان غزة يواجهون أيضا مشاكل في الوصول إلى التعليم، على الرغم من أنه ينبغي أيضا ضمان الخدمات الصحية لهم. وحسب وزير الصحة والسكان المصري، خالد عبد الغفار، تلقّى 44065 جريحا فلسطينيا، ربعهم من الأطفال تقريبا، العلاج في مصر منذ بداية الحرب وحتى 29 شباط/ فبراير 2024. لكن حسب بعض المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، فإن الوصول إلى الخدمات غالبا ما يتم في كنف السرية.
وبيّن الموقع أن عدم الاستقرار الذي يعيشه سكان غزة في مصر يرجع بشكل رئيسي إلى مسألة التأشيرات. كان الخروج من غزة، حتى قبل بدء النزاع، يشكل تحديا بالفعل، لكن الأمور أصبحت أكثر تعقيدا بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. قبل استيلاء دولة الاحتلال الإسرائيلي في شهر أيار/ مايو على محور فيلادلفيا، وهو ممر يبلغ طوله كيلومترا واحدا وعرضه 100 متر بين غزة ومصر، كانت إجراءات العبور مكلفة للغاية.
وكانت الوكالة المسؤولة عن تأمين هذه الممرات هي شركة هلا للاستشارات والخدمات السياحية. والتأشيرة، التي كانت تكلف حوالي 300 دولار قبل النزاع، تكلف الآن ما بين 5000 دولار و7000 دولار.
يجب عليك، أولا، التسجيل وحسب نور، التي تستخدم اسما مستعارا، "لا يمكن للجميع القيام بذلك، لأن التسجيل يجب أن يتم في مصر ولا يمكن القيام بذلك إلا لأفراد الأسرة. لذلك إذا لم يكن لديك أقارب في مصر، فلا يمكنك القيام بذلك؛ لكن هناك مناطق رمادية". ووفقا للمصادر التي تمت مقابلتها، بعد دفع حوالي 5000 دولار لكل شخص بالغ أو 2500 دولار لكل طفل، عليك الانتظار حتى يتم تحديث القائمة.
وبمجرد تسجيل الاسم، يجب على الغزاويين المعنيين الوصول إلى الحدود في غضون 10 ساعات.
قالت نور: "لقد تمكنت من إخراج ستة عشر فردا من عائلتي. كنت الأولى، ودفعت 500 دولار (465 يورو) إضافية لأنه لم يكن لدي أي قريب في مصر لتسجيل اسمي". وقد دفعت نور حوالي 60 ألف دولار، بشكل أساسي من خلال التمويل الجماعي ومنصة "غو فاند مي".
وتظل مدة التأشيرة بمثابة حبل على رقابهم. يقول محمد وهو يعتني بأطفاله في شقته بالجيزة "لدينا 45 يوما فقط، ماذا سيحدث بعد ذلك؟"، ويضاف إلى هذه القيود عدم وضوح التشريعات، لذلك يضطر العديد منهم إلى التحرك بحذر، وتجنب الرحلات الطويلة خوفا من التفتيش والاعتقال.
معضلات القاهرة في مواجهة عدوان الاحتلال الإسرائيلي
لا يمكن فهم هذا الوضع غير المستقر إلا من خلال موقف مصر. حسب ريكاردو فابياني، وهو مدير مشروع شمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، فإن "الإجراءات المصرية مدفوعة من ناحية بالشعور بالتضامن مع القضية الفلسطينية، ومن ناحية أخرى بمسألة الأمن القومي".
وأشار إلى أن "السلطات المصرية مرعوبة من خطر تدفق الفلسطينيين إلى أراضيها، خاصة في سيناء، لكن هذه المنطقة المتاخمة لقطاع غزة ليست كغيرها من المناطق الأخرى، فهي منطقة شهدت وما زالت تشهد عدم الاستقرار طويل الأمد بسبب الأنشطة الجهادية".
وأورد الموقع أن استيلاء الاحتلال الإسرائيلي على رفح في السابع من أيار/ مايو 2024 أدى إلى تفاقم التوترات بين القاهرة وتل أبيب. حيال هذا الشأن، قال فابياني: "بالنسبة للقاهرة، هذا الوضع غير مقبول. إنه يُترجم إلى نشاط دبلوماسي أكثر حزما، مثل قرار القاهرة دعم جنوب إفريقيا في اتهام دولة الاحتلال الإسرائيلي بالإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية. وهي لفتة سياسية ترتبط أهميتها بشكل وثيق بأهمية ممر فيلادلفيا".
وتابع ريكاردو فابياني "بالنسبة للمصريين، فإن فقدان السيطرة على هذا الشريط من الأرض يعني نهاية السيطرة المباشرة على غزة ويهدد الأمن في سيناء". ورغم هذا التوتر، الذي تفاقم بسبب اغتيال جنديين مصريين على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي، لم تقم القاهرة بتعديل موقفها بشكل جوهري، مفضلة العمل على عسكرة الحدود مع غزة.
وأكد المحلل "نحن في طريق مسدود، إذ المصريون يرفضون التنسيق مع تل أبيب لتمرير المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح". ويشعر فابياني بالقلق من أن "السلطات تخوض مخاطرة هائلة، تتمثل في إغراق غزة في أزمة إنسانية أكثر حدة في محاولة للضغط على الإسرائيليين وإجبارهم على التخلي عن السيطرة على معبر رفح".
أما بالنسبة للسكان المصريين، "فإنهم يعانون من شعور بالإرهاق والتوتر مما يجعل قضية اللاجئين حساسة بشكل خاص"، ذلك أن "العديد من المصريين يجدون صعوبة في تحقيق الاكتفاء، لذلك فإن مسألة اللاجئين تنشأ في سياق قابل للانفجار على المستوى الاجتماعي".
التضامن المنظم
رغم الصعوبات التي يواجهها الفلسطينيون، فإن شعورهم بالتضامن مع وطنهم لم يتضاءل. منذ أشهر، ظهرت جمعيات رسمية وغير رسمية في القاهرة. وعلى ضوء ذلك، أوضح علاء (30 سنة) من مدينة غزة الذي وصل إلى مصر في شباط/ فبراير: "لقد بدأت العمل في القطاع الإنساني في سنة 2014 في غزة، وخاصة في مجال الصحة. والجمعية الخيرية التي أنتمي إليها تأسست في سنة 2017، وكان هدفنا بالفعل هو مساعدة الفلسطينيين في مخيم رفح للاجئين".
وأضاف الموقع أن جميع الجمعيات الفلسطينية في القاهرة تقريبا تلجأ إلى المانحين الأفراد، وغالبًا ما تستخدم الوسائل المتاحة على شبكة الإنترنت. وفي هذا الإطار، أصبحت منصة "غو فاند مي" ومواقع التواصل الاجتماعي أنظمة موثوقة للتمويل الجماعي.
ذكرت أمل: "في البداية، استخدمت إنستغرام كثيرا لمحاولة جمع المال". وهكذا قامت بتوسيع شبكتها. وأضافت أن "التبرعات أصبحت أكثر أهمية، وعندما بدأ أصدقائي في بلدان أخرى في إعادة نشر قصصي ومنشوراتي، تنوعت شبكة جمع التبرعات".
واليوم يتم تمويل جمعية "سند"، التي تعد أمل عضوة ومؤسسة مشاركة فيها، من قبل أشخاص من جميع أنحاء العالم من جنوب أفريقيا إلى كندا. بعض هؤلاء المانحين ملتزمون بتنظيم فعاليات لجمع التبرعات مثل عروض الأفلام.
وفي الأشهر الأخيرة، ظهرت جمعيات مصرية جديدة، خاصة في العاصمة. من بينها "شبكة من أجل فلسطين"، وهي شبكة شعبية تتكون من أمهات من القاهرة، معظمهم من أصول مصرية وأمريكية وفلسطينية ومغربية.
تقول ستيفاني، إحدى مؤسسي الشبكة، وهي في الأصل من الولايات المتحدة ولكنها تعيش في القاهرة منذ سنة 1993: "لدينا العديد من البرامج، لقد أنشأنا متجرا حيث يمكن للعائلات الفلسطينية الحصول على الملابس والأحذية مجانا"؛ وأضافت: "لقد أنشأنا أيضا نظاما للرعاية الطبية المجانية وثلاثة ملاجئ في القاهرة حيث يمكن لسكان غزة الإقامة لمدة تصل إلى عشرة أيام إلى أن يتمكنوا من العثور على مكان آخر".
وتركز جمعية بريطانية أخرى تُعنى بمساعدة اللاجئين وطالبي اللجوء، والتي تتمتع بخبرة في الأزمات الإنسانية في اليونان وكردستان وصربيا وأوكرانيا، جهودها على تنظيم إرسال الشاحنات إلى غزة.
وتقول مديرة الجمعية روحي لورين أختار: "عليك أن تكون حذرا للغاية عند العمل في البلاد، ولكننا كنا محظوظين بالعثور على شركاء يدعموننا"، في المقابل، تتعلق أكبر المشاكل بالبيروقراطية، فغالبا ما تكون آليات إرسال الشاحنات إلى رفح، مرورا بنقاط التفتيش المختلفة، غير واضحة.
البقاء أو المغادرة؟
أشار الموقع إلى أن الجهود الكبيرة والرغبة في المساعدة في أزمة غزة لا يمكن أن تخفف من الشعور بالخسارة والارتباك لدى النازحين من غزة في مصر. وغالبا ما يعتبرون وضعهم الحالي بمثابة توقف للحياة؛ في هذا الوضع، تقول أمل إنها لا تعتقد أنها وخطيبها سيتزوجان قريبا لأن "الزواج مرادف للسعادة ونحن لا نشعر بهذه المشاعر اليوم، ما نريده هو العودة".
ومن جانبه، أكد محمد: "لقد عشت حياة رائعة. كنت أنا وزوجتي نتمتع بعمل جيد، وشقة جميلة، ما الذي سنستفيد منه هنا؟". ويفكر علاء في المستقبل خارج غزة: "كنت مدرسا، واليوم أنا متطوع، ولكني أشعر أنه يجب علي أن أحقق شيئا ما في الحياة. حتى الاحتلال الإسرائيلي لا يستطيع أن يوقفني".
وبعد أسابيع قليلة من عبور حدود رفح، تقدم علاء بطلب للحصول على درجة الدكتوراه في التسويق في القاهرة، وتم قبوله.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية غزة مصر القاهرة مصر غزة القاهرة المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی فی القاهرة العدید من لا یمکن إلى أن غزة فی فی مصر
إقرأ أيضاً:
«هدى» تطلب الطلاق بعد 27 سنة.. سر أخفاه الزوج أوصلهما للمحكمة
صوت ضوضاء عالية يقاطع أفكارها، لكنها لم تعد تهتم فبعد أن عاشت سنوات عمرها مخدوعة، قررت أن تمضي قدمًا بعيدًا عن الهدوء المزيف الذي عَمّ حياتها طوال 27 عامًا، وقفت هدى أمام محكمة الأسرة، تحمل في قلبها ألم الخيانة وفي يدها أوراق قضيتها، إذ جاءت تبحث عن صوتٍ يسمعها، عن عدلٍ ينصفها بعد أن طعنها زوجها في موضع طمأنينتها وأمانها، فما قصتها؟
27 سنة خداعبين الجدران الصامتة للمحكمة، جلست هدى في العقد الخامس من عمرها تنتظر دورها، فبعد 27 عامًا من الزواج تراجع في ذهنها سنوات من الصبر والتضحية التي قابلها زوجها بالجحود والخداع، وقررت أن قصتها لن تكون مجرد مأساة تروى، بل درس وعبرة لكل من يعتقد أن الصبر بلا نهاية، وفقًا لحديثها مع «الوطن»؛ ولم يكن قرارها سهلاً، لكنها شعرت للمرة الأولى بأنها تستعيد زمام حياتها.
حين التقت هدى بزوجها لأول مرة، كانت فتاة شابة في العشرين من عمرها، مليئة بالأحلام والآمال بمستقبل مستقر وسعيد، رأت فيه الرجل الذي سيحميها ويكون شريك حياتها، وكان اللقاء الأول مليئًا بالوعود، حيث أخبرها أنه سيجعلها ملكة في بيتها وسيحافظ عليها مهما كانت الظروف، وشعرت بالحب والأمان، ووافقت على الارتباط به دون تردد، وبدأت حياتهما معًا وسط أجواء من البساطة والود، على حد روايتها.
مرت السنوات وتحملت هدى الكثير كانت دائمًا الزوجة الداعمة، وتصبر على أوقات الضيق وتفرح بالقليل، رزقا بأطفال وانشغلت هدى في تربيتهم وتقديم كل ما تستطيع من حب ورعاية وفي المقابل، لم يكن زوجها بنفس القدر من الاهتمام والمسؤولية، لكنها كانت تبرر ذلك لنفسها بأنه مشغول في العمل ويحاول تأمين مستقبل الأسرة.
قبل خمس سنوات أخبرها أنه حصل على فرصة عمل في إحدى الدول العربية، ووعدها بأن يعود قريبًا، وسافر وترك هدى خلفه تعيش وحدها تعاني من الوحدة والمسؤولية الكبيرة لتربية أبنائها، فحاولت أن تكون قوية، تحاول الاتصال به يوميًا للاطمئنان، لكنه كان دائمًا مشغولًا، يكتفي ببضع كلمات ثم يغلق الهاتف سريعًا، «5 سنين على الحال ده لما فاض بيا الكيل والشكوك قتلتني سابني لوحدي ولا بيسأل على عياله ولا بعت لينا قرش واحد».
دعوى طلاق بسبب خداع الزوجشعرت هدى بأن هناك شيئًا غير طبيعي، وبدأت تلاحظ تغييرات في تصرفاته، وكأنه شخص غريب عنها، وأنه دائم الأعذار عندما طلبت منه زيارتهم أو هم يسافروا له، لكنه كان يرفض بشدة لكن شاءت الأقدار أن تزيل عن عيناها الغمامة، وبعد بحث طويل وصدفة غريبة، علمت أن زوجها لم يكن يعمل في الخارج كما قال لها وفقًا لحديثها.
«كان متجوز في السر ويعيش مع زوجته الجديدة في نفس البلد، لكنه رفض يشيل مسؤولية بيتين، وقرر بكل أنانية أنه يختار البيت الجديد، خدت صدمة عمري وبعد ما فوقت منها، واجهته لكنه مأنكرش ولما طلبت من أهلى أطلق رفضوا بشدة وبقيوا هما كمان ضدي»، وفقًا لحديث الزوجة التي أكدت وأثبتت أن زواجه الثاني وسفره ذريعة للتخلي عن مسؤولياته تجاهها وتجاه أبنائه، ليتجنب الإنفاق عليهم، ولم تستطع هدى استيعاب الصدمة.
شعرت وكأن حياتها كلها كانت كذبة، 27 عامًا من التضحية والصبر انهارت في لحظة، وقررت أن تلجأ لمحكمة الأسرة بالقاهرة الجديدة وأقامت ضده دعوى طلاق للغيب حملت رقم 4543.