عبد الجبار محمود دوسة

المشهد السوداني القاتم الآن والمتسربل بوشاح الحرب، هو نتاج لتراكمات سالبة عديدة، ربما للجميع قدر من المساهمة في إنتاج تلك السلبيات ولكن القدر الأعظم منها بلا شك يقع على المؤتمر الوطني الذي كان حاكماً بلا قناع قبل انقلاب 25 اكتوبر 1989م، ومن تحت القناع ما بعده. لنراجع هذه المسيرة باختصار ونرى ما إذا كان ممكناً من الناحية العقلانية والحكيمة والأخلاقية أن يكون المؤتمر الوطني بواجهاته مساهماً في تشكيل الفترة الانتقالية.

وسنلجم المشاعر ما أمكن إلى ذلك سبيلاً ونعتمد المنطق فقط كوحدة معيار.

معلوم للجميع أن المؤتمر الوطني تنظيم بِذْرَتَه الأساسية هو تنظيم "الأخوان المسلمون" والذي دخل الانتخابات في العام 1965 باسم "جبهة الميثاق الإسلامي" ثم في أواخر السبعينات من القرن الماضي عقد المصالحة مع نظام مايو وتحول بعدها إلى مسمّى "الجبهة القومية الإسلامية"، ثم خطط للاستيلاء على السلطة عبر انقلاب عسكري في العام 1989م وحكم البلاد منفرداً باسم "حزب المؤتمر الوطني"، تحت مشروع التمكين على مدى ثلاثين عاماً تقريباً، قبل أن تندلع ثورة ديسمبر 2018م وتزيح قيادته عن السلطة لكن ظل التنظيم وبحكم احتكاره للسلطة لثلاث عقود، ظلّ موجوداً وممسكاً بمفاصل الدولة، وقد أسس التنظيم واجهات عديدة بمسميات كثيرة لتعكس ظلاله، أو بالأحرى أذرع أخطبوطية يتشبث بها كلما ادلهمت عليه الأيام بلياليها. وقد كانت تلك الواجهات نتاجاً لصيغة التزاوج بينه وبين الانتهازية والأطماع الذاتية، ثم أمسك بتلابيب مَنْ وقع في حبال تلك الواجهات بملفات أقلّها الترهيب، فظل الكثيرون أسرى له، هذه هي ملامح الصورة التي رسمها لنفسه كتنظيم وعلِقت بأذهان الناس من خلال المعايشة. دعونا إذاً نمضي على خطى المسيرة من قبل انقلاب يونيو 1989م وحتى حرب الخامس عشر من أبريل 2023م، في التوقف عند كل محطّة ونقرأ عناوينها ومضامينها بتأنّي ونسقطها على مرجعية من يجب أن يساهم في تشكيل الفترة الانتقالية لنرى ما إذا كان منطق المرحلة سيلفظ المؤتمر الوطني وواجهاته أم سيحتضنه.

• بعد انتفاضة أبريل 1985م، وإدراكاً من القوى السياسية وقتها لضرورة حماية الديموقراطية حتى لا تتكرر الانقلابات، ولكي يتحمل الجميع عبء مناهضة أي انقلاب لاحق، تم إعداد ميثاق حماية الديموقراطية والذي وقّعته في مدينة ود مدني، كل القوى السياسية آنذاك، ولكن رفضت الجبهة القومية الإسلامية التوقيع عليه، وكان ذلك مؤشّراً مبكّراً لنواياها في تنفيذ انقلابها لاحقاً.
• هذا التنظيم عجز عن نيل تفويض الشعب له لممارسة السلطة، في الانتخابات التي أُجرِيت في 1986م، وكان ثالثاً في الترتيب، ثم لعب على تناقضات الحزبين الكبيرين حينها وحُظِي بالدخول إلى الحكومة عبر التحالف ولكن سرعان ما انفض الائتلاف وخرج من السلطة.
• ثم قرر أن يستولى على السلطة بالقوة عبر انقلاب استخدم فيه كوادر عسكرية كان قد جنّدها في داخل المؤسسة العسكرية وآخرين مدنيين من كوادرها المسلّحة والمدرّبة عسكرياً.
• استولى على السلطة وحكم منفرداً على مدى 30 سنة تحت شعار التمكين للتنظيم وللمنسوبين كما دلّت الأقوال والأفعال.
• مضمون التمكين والعدل نقيضين، الأول يحصر الامتيازات على التنظيم ومنسوبيه والثاني يوزع الامتيازات على الشعب كله، وهو قد آثر أن يمضي بالمفهوم الأول.
• لكي يحقق التنظيم الحاكم غايته، اتخذ الوسائل والآليات التي يراها مناسبة.
• أخضع كل مؤسسات الدولة لخدمة مفهوم التمكين، فأحال الآلاف من سائر مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية بالفصل التعسفي، واستعاض عن إزاحة تراكم الخبرات وإحلال مكانهم تراكم الولاءات، فانهارت الخدمة المدنية والعسكرية، وكان ذلك تحقيق أولى مقتضيات التمكين.
• ولأنه يعلم أن استمراره في ذلك سيواجه معارضة من الشعب، استخدم الإكراه والترغيب للطامعين والقهر وسائلاً، الترغيب طمعاً باستمالة الانتهازيين من الشعب، وإكراهاً بإفقار العفيفين لينصاعوا تحت وطأة الحاجة والابتزاز إرغاماً للخضوع لمقتضيات التمكين، وقهراً للمعارضين والمناضلين في المواجهة، بالسجن والتعذيب والإجبار على الهجرة.
• لكم أن تتخيلوا ما يمكن أن تتصوروه من موبقات بين بداية التمكين في يونيو 1989م وقمة التمكين في ديسمبر 2018م.
• النتيجة النهائية بعد 30 سنة إنه قاد البلاد إلى كارثة من الدمار بالحروب والفقر وانعدام القيم وانفصال ثلث الوطن بسكانه.
• ثم جاءت ثورة ديسمبر السلمية 2018م، امتداداً لثورات متتالية ورفعت شعار "حرية سلام وعدالة"، وهو شعار يناقض التمكين، فالشعب يدعو للحرية بينما يقولون "فالتُرق منهم دماء" والشعب يدعو للسلام فيقابلونه بشعار "فالتُرَق منّا دماء" ويطالب الشعب بالعدالة فيقولون "فالتُرق كل الدماء".
• الخطوة الطبيعية التي كان يجب أن يتخذها المؤتمر الوطني، إنه يقدّم اعتذاراً وندماً للشعب السوداني ويقبل بحكمه تجاه مساءلة المتهمين بارتكاب جرائم عما حدث ويرتضي التغيير وينزوي ويقيّم تجربته بغرض العودة في الديموقراطية بعد المرحلة الانتقالية ويطرح حينها إن أراد برنامجه السابق قبل 34 سنة أو برنامجه بعد تقييم تجربته ويبحث عن السلطة عبر تفويض من الشعب من خلال الانتخابات التي ستقوم على التعددية السياسية والتبادل السلمي للسلطة.
• المؤتمر الوطني بواجهاته لم يفعل ذلك، بل حارب مساعي التغيير، وحاول بتواجده وتمكينه السابق في مفاصل الدولة إفشال مساعي التغيير بمحاربة الحكومة الانتقالية بدافع العودة إلى السلطة ففشل.
• كاد أن يغرق لكنه استخدم أذرعه الاخطبوطية وقام بانقلاب 25 أكتوبر 2021م، في مسعاً آخر للعودة إلى الدكتاتورية والشمولية والتمكين، لكنه فشل.
• فجاء الاتفاق الإطاري عنواناً ومضموناً لتواصل إرادة الشعب نحو الدولة المدنية، وشكّل ذلك رعباً آخر لهم، حاولوا إفشاله لكنهم فشلوا.
• أشعلوا حرب 15 أبريل 2023م، كآخر طلقة على أمل العودة للانفراد بالسلطة وللتمكين ولحصرية الامتيازات.
• عندما أحسوا بأنهم لن يتمكنوا من كسب الحرب، قرروا أنها أي الحرب، يجب أن تستمر وذلك برفض المفاوضات عندما شعروا بأنها ستقود إلى حلول، لأن أي حلول تعني إبعادهم من العودة إلى السلطة والتمكين وإبعادهم من تخريب الفترة الانتقالية وبالتالي إبعادهم من عودة الديموقراطية والتعددية السياسية الانتخابات الحرة النزيهة والتداول السلمي للسلطة، الواقع عودة دولة الحرية والسلام والعدالة.
• الحلول التي تطرحها القوى المدنية التي تنادي بالدولة المدنية والديموقراطية والتداول السلمي للسلطة، تحت شعار "حرية سلام وعدالة"، شعار ثلاثي الأضلاع في شكل إكليل من مضامين تطمئن الشعب وتأتي بحلول تستهدف اجتثاث مفهوم التمكين القائم على شعار ثلاثي الأضلاع هو "فالتُرق منهم دماء أو تُرق منّا دماء أو تُرق كل الدماء" والذي نهايته إغراق الشعب والوطن في بحيرة دماء.
• إذن، من أجل التعافي، فالمنطق يقتضي إبعاد المؤتمر الوطني وواجهاته من المساهمة في الفترة الانتقالية التي هي فترة تأسيس وتعافي للدولة السودانية المدنية التي هي لتأسيس دولة المواطنة العادلة. الرافض للشيء لا يدعمه والمؤتمر الوطني رافض لدولة الحرية والسلام والعدالة ومتبنّي مشروع التمكين، لذا بديهي لن يدعم تأسيس عادل. الشيء الثاني، لا بد من محاسبة المسئولين ممن ارتبكوا الجرائم والفساد، أما عضويته من غير الذين ولغوا في أي نوع من الفساد والجرائم هم مواطنون مثلهم ومثل بقية المواطنين، ويتمتعون بالحقوق والواجبات، أما المؤتمر الوطني فلينتظر ويأتي للانتخابات إن شاء تحت راية شعار التمكين أو بأي شعار جديد.

إذن، فالقوى المدنية بخلاف المؤتمر الوطني وواجهاته والساعية للتغيير ولدولة المواطنة وبحكم أن الوطن للجميع، لا بد لها أن تتحاور للوصول إلى أرضية مشتركة مهما اختلفت الرؤى، وتنسيقية القوى الديموقراطية المدنية "تقدّم" والتي أعلنت عقب مؤتمرها التأسيسي مبادأة التواصل مع سائر القوى لبدء الحوارات، تعلم أنه ومن أجل أن يبلغ الحوار نتائج إيجابية، لا بد له أن يستند إلى مرجعيات أساسية تمثّل مبدئين محوريين هما أساس نجاح الدولة المدنية ويجب على كل القوى أن تعلن التزاماً مشهوداُ بهما وتتمثل في الآتي:
• يجب أن تُحكم وتُدار الفترة الانتقالية بسلطة مدنية كاملة
• الخضوع الكامل للمؤسسات الأمنية والعسكرية بما فيها قوات الدعم السريع وقوات الحركات المسلحة للسلطة المدنية
طرفا الحرب الحالية والعديد من الحركات المسلّحة كانوا معاً قبل الحرب وأيضاً كانوا معاً في انقلاب 25 أكتوبر 2021م، فمن تراجع منهم عن مفاهيمه السابقة في احتكار الدولة وتماهى مع التغيير المنشود الداعي لاستعادة سلطة الشعب في دولة مدنية ديموقراطية وفقاً للمبدأين المرجعيين السابق ذكرهما، مرحباً به في قطار التغيير، والبداية بوقف الحرب وما بعد ذلك ترتّبه الحلول السياسية التي تتولاها القوى المدنية.

jabdosa@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الفترة الانتقالیة یجب أن

إقرأ أيضاً:

مؤتمر الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة يستعرض التحديات الكبرى التي تواجه الأسر العربية والعالمية

نوفمبر 4, 2024آخر تحديث: نوفمبر 4, 2024

المستقلة/- سلَّطت فعاليات مؤتمر الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة، الذي عُقد بالدوحة على مدار يومين 30-31 تشرين الأول/أكتوبر، بعنوان “الأسرة والاتجاهات الكبرى المعاصرة”، الضوء على السياسات الكفيلة بحماية الأسر في البلدان المتضررة من النزاعات، وسُبل معالجة التحديات الكبرى التي تواجهها الأسر لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية، والتصدي لأضرار الإفراط في استهلاك التكنولوجيا على الأجيال الناشئة، بالإضافة إلى آثار التغير المناخي على استقرار الأسر.

وقد شهد المؤتمر الذي نظمه معهد الدوحة الدولي للأسرة، عضو مؤسسة قطر، في مركز قطر الوطني للمؤتمرات، بالتعاون مع كل من وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة، ووزارة الخارجية في قطر، وإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة، حضور أكثر من 2000 مشارك من الخبراء وصناع السياسات وقادة الفكر من المنطقة العربية وجميع أنحاء العالم، الذين استعرضوا السياسات والبرامج التي من شأنها أن تعزز مكانة الأسرة في قلب المجتمع، وذلك خلال جلسات وفعاليات ركزت على الاتجاهات العالمية الكبرى التي تؤثر على حياة الأسرة.

تخلل المؤتمر مشاركة شخصيات بارزة من مختلف أنحاء العالم العربي منهم: سعادة السيدة شاناز إبراهيم أحمد، حرم فخامة رئيس جمهورية العراق؛ وسعادة الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي في مصر؛ وسعادة الدكتورة أمثال هادي هايف الحويلة، وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وشؤون الأسرة والطفولة في دولة الكويت؛ والدكتور هيكتور حجار، وزير الشؤون الاجتماعية في لبنان، إلى جانب عدد كبار الشخصيات وأصحاب السعادة.

وألقت الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، شدّدت فيها على أهمية التنبه للتأثيرات التكنولوجية العميقة على الأُسر العربية، وقالت:”لا شكَّ أنّ قضايا الأسرة وتحدياتِها تتماثلُ في المجتمعاتِ جميعِها، ولكنَّها تختلفُ في خصوصياتِها من بلدٍ إلى آخر، فهناك مشتركاتٌ كثيرةٌ بينَ الأُسرِ من شَمالِ العالمِ إلى جنوبِهِ، أبرزُها تحدياتُ التكنولوجيا وتأثيرُها، واللغةُ الأم في عالمٍ معَولَم، وصراعُ الهويات”.

وفي هذا الإطار، تشير دراسة بحثية رائدة نشرتها جامعة ديوك بالتعاون مع معهد الدوحة الدولي للأسرة، إلى أن 84% من أولياء الأمور في المنطقة يشعرون بالقلق حيال تأثير الأوقات التي يمضيها أفراد أسرهم أمام الشاشات على العلاقات الأسرية، فيما يخشى 67% من احتمالية فقدان أبنائهم لهويتهم وخسارة قيمهم الثقافية في خضم هذا العصر الرقمي.

ويأتي تنظيم هذا المؤتمر، في سياق الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة، حيث كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت عام 1994 سنةً دولية للأسرة، مؤكدة على دور الأسرة باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع، والتي ينبغي أن تحظى بأكبر قدر ممكن من الحماية والمساعدة وذلك وفقًا للمواثيق المصادق عليها دوليًا. ويضطلع مؤتمر السنة الدولية للأسرة، الذي يُعقد مرة كل عشر سنوات بدور محوري في تطوير السياسات والبرامج التي يمكنها دعم وتمكين الأسر عبر العالم.

 

وتحدثت خلال الجلسة الافتتاحية أيضًا، السيدة أمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة مجموعة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، عن أهمية الجهود الدولية في حماية الأسرة قائلةً: “غالباً ما يقع العبء على نسائنا وأطفالنا من غزة إلى السودان، ومن السودان إلى أوكرانيا، ومن أوكرانيا إلى ميانمار، والعديد من الأماكن الأخرى. من واجبنا في هذا المؤتمر أن نسعى لضمان أن تكون الأسرة من حق الجميع، وألا نترك أحداً خلف الركب.”

وقد تناول المشاركون في المؤتمر بالنقاش أربعة اتجاهات عالمية معاصرة تؤثر على الأسرة في قطر والمنطقة والعالم، وهي: التغير التكنولوجي، والاتجاهات الديموغرافية، والهجرة والتمدّن، وتغيّر المناخ.

وفي جلسة نقاشية حملت عنوان:” التأرجح بين الأسرة والعمل”، تحدثت الدكتورة ميمونة خليل آل خليل، الأمين العام لمجلس شؤون الأسرة، بالمملكة العربية السعودية، عن التحديات والفرص الرئيسية التي تواجه الأسر العاملة في سعيها لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية، قائلة: “أثبتت الأبحاث أن ابتعاد الأب والأم لساعات طويلة عن المنزل بسبب العمل، يؤثر على الخصوبة وسن الزواج وكذلك معدلات الطلاق. لذا، لا بد من تقديم مبادرات تهدف إلى التأكد أن النساء نشيطات في القوى العاملة، ولكن التأكد أيضًا أننا نمارس دور الأبوة والأمومة بشكل جيد”.

وأضافت:” بينما نعمل على تمكين الأسر ونطلب منهم توفير حياة أفضل لأطفالهم، علينا أن نتأكد أننا ندعمهم أيضًا بمبادرات مختلفة، مثل العمل المرن، والتربية النشطة. ويتعين على أرباب العمل إدراك أن هذه السياسات سوف تجعل النساء العاملات أكثر إنتاجية وتركيزًا في العمل، وبالتالي يسهمن بشكل أفضل في التنمية الوطنية.”

وفي جلسة أخرى جاءت بعنوان “حياة ممزقة: الأسرة في ظل الحروب والنزاعات”، تحدثت الباحثة والأكاديمية الفلسطينية، الدكتورة نور نعيم، المدير التنفيذي لأكاديمية “آي أي مايندز” عن التدمير الممنهج لكل من الطبقة الوسطى والتعليم في قطاع غزة، قائلة: “تأتي قوة المجتمع في غزة من الأسر والترابط الأسري القوي جدًا، حيث تنزح الأسر إلى منازل بعضها البعض، دون التمييز بين القريب والغريب، ويعيشون معًا كأنهم أسرة واحدة، فهذه هي القيم والمبادئ التي يقوم عليها المجتمع في غزّة، عكس ما يحدث دائماً في الحروب. وهناك مجتمع مدني تطوعي شبابي داخل الخيام والمشافي لدعم الأسر الفقيرة، والمتطوعين في مجال التمريض”.

وأضافت: “حالة التكافل المجتمعي في غزة يجب أن تدرّس في الكتب وعلم الاجتماع في العالم بأسره، والدافع الأساسي لهذا التكافل هو أننا كلنا سواسية تحت الموت في كل لحظة، وليس أمامنا الآن رفاهية البكاء، خيارنا هو التماسك والصبر”.

وفي جلسة نقاشية أخرى دارت حول تأثيرات التغير المناخي على استقرار الأسر، سلَّط المتحدثون الضوء على آثار الهجرة الناجمة عن المناخ والأمن الغذائي وندرة المياه والقلق حيال قضايا البيئة، وجاءت بعنوان: “حماية كوكبنا تبدأ من الأسرة”.

وخلالها، قالت السيدة ماهينور أوزدمير جوكتاش، وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية في الجمهورية التركية: “لأجل التوصل إلى حلول ناجعة، يبقى الأهم هو تحمل المسؤولية بشكل جماعي، ودعم المؤسسات الحكومية في مختلف البلدان بكوادر بشرية مؤهلة، بالإضافة إلى الدعم المالي اللازم. كما تبقى الحاجة ماسّة لتعزيز التعاون بين مختلف الدول عن طريق تبادل خبراتنا والانخراط في تحالف بيئي من خلال وضع سياسات فعالة ومستدامة تستهدف مواجهة التحديات المرتبطة بالتغير المناخي”.

بدوره، سلَّط الدكتور محمد بهناسي، وهو خبير بيئي أول في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومقره في العاصمة المغربية، الرباط، الضوء على ثلاث ظواهر بيئية مترابطة تؤثر على الأسر وهي: “النزوح الناجم عن تأثير المناخ وانعدام الأمن الغذائي الذي يتفاقم بسبب التغير المناخي، وانعدام الأمن بفعل الحروب.”  وشدّد على أن “هذه التحديات المترابطة باتت تفضي إلى ما نسميه الهجرة المناخية – أي الهجرة التي ترجع أسبابها إلى قضايا بيئية، وتتضخم أكثر بسبب ندرة المياه والفيضانات والتصحر وإزالة الغابات”.

واُختتمت فعاليات المؤتمر بالإعلان عن “نداء الدوحة للعمل” الذي تضمن سلسلة من التوصيات الرامية إلى التصدي للتحديات الكبرى التي تواجه الأسر حول العالم ودعا الحكومات إلى دعم الأسر وتمكينها من المساهمة في عملية التنمية. ومن المقرر أن تتم مشاركة هذا النداء للتباحث مع جميع المشاركين في مواقع صناعة القرار، ومنظمات الأمم المتحدة، ومنظمات المجتمع المدني، ومراكز الفكر، والجامعات، والجهات المعنية.

مقالات مشابهة

  • طريق الشعب .. المنارة التي لن تخفيها البنايات الشاهقة وناطحات السحاب الجديدة ..!
  • كامالا هاريس: سنتعاون مع ترامب وفريقه في المرحلة الانتقالية
  • كيف ستؤثر المرحلة الانتقالية للرئاسة الأميركية على لبنان؟
  • حزب المؤتمر بصنعاء يرد على تشكيل التكتل الوطني للأحزاب في عدن
  • ميقاتي يتسلم دعوة من خادم الحرمين للمشاركة في القمة العربية الإسلامية
  • دومة يبحث سبل حل الصعوبات التي تواجه جمعية الدعوة الإسلامية العالمية
  • الضويني: الأزهر يجدد الدعوة لقادة العالم للاتفاق على مبادئ عظمى تضمن التصدي للتحديات التي تفرضها الأزمات
  • المجلس الوطني الأرثوذكسي دعا الى وقفة وطنية حقيقة لإنقاذ لبنان
  • دومة يناقش العراقيل التي تواجه جمعية الدعوة الإسلامية العالمية
  • مؤتمر الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة يستعرض التحديات الكبرى التي تواجه الأسر العربية والعالمية