حجاج بيت الله الحرام يتوافدون إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية .. صور
تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT
مكة المكرمة
بدأ حجاج بيت الله الحرام بالتوافد صباح اليوم الجمعة الثامن من شهر ذي الحجة 1445 هـ إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية تقربًا لله تعالى راجين منه القبول والمغفرة، متّبعين ومقتدين بسنة نبيهم محمد – صلى الله عليه وسلم -، مكثرين من التلبية والتسبيح والتكبير، في صورة روحانية وإيمانية.
وبينت الشريعة السمحة أن قدوم الحجاج المقرنين أو المفردين بإحرامهم إلى منى يوم التروية والمبيت فيها في طريقهم للوقوف بمشعر عرفة سنة مؤكدة.
ويُحرم المتمتعون المتحللون من العمرة من أماكنهم سواءً داخل مكة أو خارجها، حيث يبقى الحجاج بها إلى ما بعد بزوغ شمس التاسع من ذي الحجة، يتوجهون بعدها للوقوف بعرفة (الوقفة الكبرى)، ثم يعودون إليها بعد “النفرة” من عرفة والمبيت بمزدلفة لقضاء أيام (10 – 11 – 12 – 13)، ورمي الجمرات الثلاث، جمرة العقبة والجمرة الوسطى والجمرة الصغرى إلا من تعجّل، وذلك لقوله تعالى: (واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى).
ويقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بعد سبعة كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو حد من حدود الحرم تحيطه الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكَن إلا مدة الحج، ويحدُّه من جهة مكة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي “محسر”.
ويعد مشعر منى ذا مكانة تاريخية ودينية، به رمى نبي الله إبراهيم – عليه السلام – الجمار، وذبح فدي إسماعيل – عليه السلام -، ثم أكد نبي الهدى – صلى الله عليه وسلم – هذا الفعل في حجة الوداع وحلق، وأسّتن المسلمون بسنته يرمون الجمرات ويذبحون هديهم ويحلقون.
ويشتهر المشعر بمعالم تاريخية منها الشواخص الثلاث التي ترمى، وبه مسجد “الخيف”، الذي اشتق اسمه نسبة إلى ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، والواقع على السفح الجنوبي من جبل منى، وقريباً من الجمرة الصغرى، وقد صلى فيه النبي – صلى الله عليه وسلم – والأنبياء من قبله، فعن يزيد بن الأسود قال: “شهدت مع النبي – صلى الله عليه وسلم – حجته فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف”، ومازال قائماً حتى الآن، ولأهميته تمت توسعته وعمارته في عام 1407هـ.
ومن الأحداث التاريخية الشهيرة التي وقعت في منى بيعتا العقبة الأولى والثانية، ففي السنة 12 من الهجرة كانت الأولى بمبايعة 12 رجلاً من الأوس والخزرج لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -، تلتها الثانية في حج العام الـ 13 من الهجرة وبايعه فيها – عليه السلام – 73 رجلاً وامرأتان من أهل المدينة المنورة في الموقع نفسه، الذي يقع من الشمال الشرقي لجمرة العقبة، حيث بنى الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور مسجد البيعة في عام 144هـ، الواقع بأسفل جبل “ثبير” قريباً من شعب بيعة العقبة، إحياء لهذه الذكرى التي عاهد حينها الأنصار رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بمؤازرته ونصرته وهجرته والمهاجرين إلى المدينة المنورة.
كما نزلت بها سورة “المرسلات”، لما رواه البخاري عن عبد الله – رضي الله عنه – قال : بينما نحن مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في غار “بمنى” إذ نزل عليه (والمرسلات) وإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه، وإن فاه لرطب بها.
وجاء اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – بمشعر منى استشعارًا منها للفترة الزمنية التي يقضيها الحجاج في منى، وإيمانًا من القيادة الرشيدة – أيدها الله – بحجم المتطلبات التي تضمن راحة ضيوف الرحمن خلال فترة أداء مناسكهم.
ووفّرت القيادة الرشيدة – رعاها الله – الخدمات الأمنية والطبية والتموينية ووسائل النقل للتسهيل على قاصدي بيت الله الحرام حجهم وأداء مناسكهم بروحانية وطمأنينة، مؤكدةً على الجهات الحكومية والخدمية أهمية السعي على تنفيذ كل ما من شأنه إنجاح مهامها في موسم الحج.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم مشعر منى
إقرأ أيضاً:
الأزهر للفتوى: تحويل القبلة يؤكد وسطية أمة الإسلام والعلاقة الوثيقة بين المسجدين الحرام والأقصى
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية، إن تحويل القبلة حدث يؤكد وسطية أمة الإسلام والعلاقة الوثيقة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى المباركين.
وأضاف مركز الأزهر فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، إن سيدنا رسول الله ﷺ كان في مكة يصلي إلى بيت المقدس ويجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس؛ كي يستقبلهما معًا؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي وهو بمكةَ نَحْوَ بيتِ المقدسِ والكعبةُ بينَ يدَيهِ». [أخرجه أحمد]
ولما هاجر سيدنا النبي ﷺ والمسلمون إلى المدينة كان بيت المقدس قبلتهم ما يقرب من عام ونصف؛ فعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلَّى نحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ، سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا...». [متفقٌ عليه]
وجاء الأمر الإلهي إلى سيدنا رسول الله ﷺ بتحويل القبلة إلى المسجد الحرام بمكة في منتصف شهر شعبان من العام الثاني للهجرة على المشهور، ونزل قول الله سبحانه: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}. [البقرة: 144]
وكان تحويل القبلة اختبارًا من الله سبحانه تبين من خلاله المؤمن الصادق المُسلِّم لله وشرعه، والمعاند العاصي لله ورسوله ﷺ؛ قال تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّاِ لنَعْلَمَ َمنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ}. [البقرة: 143]
- فكانت استجابة المؤمنين صدقًا وهُدًي ونورًا؛ إذ سارعوا إلى امتثال الأمر ولسان حالهم يقول: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا.
- أما المشركون فزادهم هذا الحدث العظيم عنادًا على عنادهم، وقالوا: يوشك أن يرجع محمدٌ إلى ديننا كما رجع إلى قِبلتِنا؛ فخاب ظنهم، وكسَد سعْيُهم، وباؤوا بغضبٍ على غضبٍ.
▪في تحويل القبلة تأكيد على عُلوّ مكانة سيدنا رسول الله ﷺ عند ربّه، فقد كان ﷺ يحبّ التوجَّه في صلاته إلى البيت الحرام، وتهفو روحُه إلى استقبالِ أشرفِ بقاع الدُّنيا؛ فعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: 144]، فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الكَعْبَةِ». [أخرجه البخاري]
وأكد تحويل القبلة على العلاقة الوثيقة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، تلك العلاقة التي دلت على قوتها وشرفها أدلةٌ كثيرة؛ كقول أبي ذر لسيدنا رسول الله ﷺ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلَ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ»، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى». قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ»، ثُمَّ قَالَ: «حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ، وَالْأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ ». [أخرجه البخاري]
وعلى المُستوى المُجتمعي: يظهر هذا الأمر تكاتف المسلمين واتحادهم وأنهم بمثابة الجسد الواحد في التسليم لوحي الله سبحانه وشرعه، وفي حرص بعضهم على بعض، حينما خاف بعضهم على إخوانهم الذين ماتوا ولم يدركوا الصلاة إلى المسجد الحرام؛ فأنزل الحقُّ سبحانه قوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ }. [البقرة: 143]
ورسخ تحويل القبلة أن الغاية العظمى هي عبودية الله سبحانه والتسليم له وإن اختلفت الوجهة؛ فلله سبحانه المشارق والمغارب، قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}. [البقرة: 115]
وتضمن تحويل القبلة تعظيمًا وتشريفًا لأُمَّة الإسلام بالوسطية والتوفيق إلى قبلة أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ لتستحق بذلك مكانة الشهادة على جميع الأمم؛ قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}. [البقرة: 143]