المدرسة الطشتمرية.. مؤسسة تعليمية عريقة بالقدس تحولت إلى دكاكين ومساكن
تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT
من أهم المدارس التاريخية العتيقة في المدينة القديمة للقدس، تقع عند ملتقى طريق باب السلسلة وطريق حارة الشرف، كانت تضم عددا من المرافق من بينها كتاب لتحفيظ القرآن للأطفال ومدرسة لتعليم علوم الدين وضريح دفن فيه مؤسس المدرسة الأمير المملوكي طشتمر العلائي وابنه إبراهيم.
لم تعد المدرسة حاليا تؤدي أدوارها التعليمية، بل تحول الجزء الذي كان مخصصا للكتاب إلى دكاكين، أما الطوابق العليا فتقيم فيها عائلات مقدسية، بينما يستخدم الطابق الأرضي مقرا للهيئة الإسلامية العليا، في حين ما زال الضريح على حاله.
تقع المدرسة الطشتمرية عند ملتقى طريق باب السلسلة وطريق حارة الشرف، وعلى بعد 30 مترا إلى الغرب من تربة بركة خان.
تحمل اسم بانيها الأمير المملوكي سيف طشتمر بن عبد الله العلائي، وفق ما هو مكتوب في نقش على حجر من المرمر على الواجهة الشمالية للمبنى، ونصه "أمر بإنشاء هذا المكان المبارك المقر الأشرف السيفي طشتمر العلائي بتاريخ سنة 784 هـ"، ويوافق 1382م.
والأمير طشتمر العلائي تقلد عدة مناصب في الدولة المملوكية، إذ عين داودارا (لقب للذي يمسك دواة السلطان أو الأمير) سنة 772 هـ في عهد السلطان المملوكي شعبان، ثم نائبا لدمشق وبعدها أتابكا وقائدا للعسكر في مصر.
وبعد استيلاء الأمير برقوق على السلطة ألقى القبض على الأمير طشتمر وسجنه قبل أن يقرر تعيينه واليا على صفد، وهو ما اعتبره نفيا وإبعادا له عن مراكز القرار، فطلب إعفاءه من هذا المنصب والاستقرار في مدينة القدس.
تذكر بعض المصادر أن طشتمر شعر بدنو أجله بعد إصابته بالمرض، لذلك طلب الانتقال إلى القدس وشرع في بناء مدرسته بسرعة كبيرة، وكان ذلك سنة 784 هـ.
ويقال إنه قضى العامين الأخيرين من حياته في طلب العلم، فقد وصفه ابن القاضي بأنه كان متشوقا لدراسة العلوم الدينية، في حين وصفه ابن تغريبي بأنه أحب تعلم الشعر والاستماع للموسيقى، وتوفي عام 786هـ/1384 م ودفن في المدرسة ودفن ابنه إبراهيم من بعده في المكان نفسه.
جزء من المدرسة الطشتمرية في القدس تحول إلى مقر للهيئة الإسلامية العليا (الصحافة الفلسطينية) مبنى المدرسةتذكر المصادر التاريخية أن طشتمر اشترى عدة منازل في المدينة القديمة للقدس، واستخدم الجزء الشرقي منها للسكن، وهدم الأجزاء الأخرى واستخدم مواد البناء نفسها لإعادة بناء أجزاء المدرسة والسبيل والإيوانين اللذين يعلوان باب السلسلة.
كانت في المدرسة 5 قاعات تستخدم لمبيت الطلبة وكل من له علاقة بالمدرسة، وبها مطبخ وحمام وقاعة للاجتماعات، وكانت تدرس فيها مختلف العلوم الشرعية واللغوية.
وكانت تضم عدة مرافق من بينها المدرسة والضريح ونافورة مياه وفصول الدراسة للأيتام.
يوجد مدخل المدرسة في الواجهة الشمالية الملاصقة لطريق باب السلسلة وفوقه 3 مجموعات من المقرنصات ترتكز عليها ربع قبة مضلعة، ويرجح من خلال الدلائل المعمارية أن الواجهة الشمالية للمبنى قد تكون صنعت في مكان آخر أو تعود لمبنى آخر وتم نقلها وتركيبها، ويبدو أن السبب وراء ذلك هو الاستعجال في عملية البناء، وهو ما يظهر بوضوح في عدم تطابق منتصف المقرنص مع منتصف المدخل.
يفضي المدخل إلى بهو معقود يؤدي إلى غرفة المقام والمدرسة، وتفتقر الواجهة الرئيسية للمدرسة -التي تضم المدخل- إلى نمط زخرفي موحد، وربما تكون كثير من عناصر التزيين قد جلبت من أماكن أخرى وأقحمت في البناء، مما جعله يبدو أقل تجانسا وتماثلا إذا ما قورن بمبان مشابهة من الفترة نفسها.
وتحتل التربة أو غرفة المقام الزاوية الشمالية الغربية من الموقع، وتطل واجهتها الرئيسية على طريق باب السلسلة، وتعد أكبر من أي تربة بنيت في عصر المماليك في القدس.
شكلها تقريبا مربع تعلوها قبة نصف كروية محمولة على رقبة أسطوانية بها 12 شباكا تؤمن الإضاءة الطبيعية للضريح، إلا أن بعض هذه الشبابيك مغلقة حاليا بسبب الإضافات الحديثة على السطح.
ضريح وكتابوإلى الجنوب قليلا من مركز الغرفة يوجد ضريح حجري قد يكون قبر طشتمر العلائي، كما تحتوي التربة على محراب في الجدار الجنوبي، وله أرضية مزخرفة، كما أن النافذتين المطلتين على طريق السلسلة قد زينت عتبتهما بالفسيفساء الملونة.
ويضم المبنى كتابا كان الأطفال يتلقون فيه العلوم، وخاصة علوم القرآن والحديث عن الإمام أو الشيخ، يوجد في الزاوية الشمالية الشرقية للمبنى واتخذ شكلا طوليا ضيقا بسبب سماكة الجدران الجانبية.
وحسب المصادر التاريخية، فقد كان المدخل الأصلي للكتاب مفتوحا على طريق باب السلسلة، بحيث كان المارة يستطيعون سماع قراءة القرآن وهم في طريقهم إلى الحرم، أما الآن فقد أغلق جزء من دهليز المدخل الأصلي وأصبح دكانا، ولا يمكن الوصول إلى المكان إلا من مدخل مقابل لغرفة الضريح عبر بهو الدخول إلى المدرسة.
على يمين الأدراج المؤدية إلى مدخل المدرسة يوجد السبيل، وهناك من يعتقد أن طشتمر قد تأثر بالعنصر المعماري المستخدم في القاهرة، حيث انتشرت الأسبلة والكتاتيب بالقاهرة في تلك الحقبة، وكان من الشائع بناء سبيل يعلوه كتاب لتعليم الأطفال الأيتام، وإن كان ذلك صحيحا، فإن السبيل يكون قد نقل من مكانه الأصلي أسفل الكتاب إلى مكانه الحالي غرب المدخل في فترة زمنية لاحقة، وكما يبدو فإن السبيل كان يستمد الماء من البئر أسفل التربة، إذ توجد فتحة للبئر في الزاوية الشمالية الغربية لغرفة المقام قريبا من السبيل.
وتلاصق المدرسة غرفة المقام من الناحية الجنوبية، وتتصل بها عبر باب الزاوية الشمالية الغربية، وتتكون من إيوان منخفض في الوسط يعلوه عقد متعدد الأضلاع، وتتوسطه فتحة إضاءة مثمنة الشكل.
وهذه الفتحة مغلقة حاليا بالإسمنت من الخارج، ومن الداخل وضع في مكانها قطعة من الجبص المزين بأرابيسك هندسي ملون، وتحيط بالإيوان الأوسط 4 إيوانات ذات عقود متقاطعة، ويوجد في منتصف قاعة المدرسة حيث الإيوان الأوسط حوض رخامي مثمن قليل الارتفاع محاط ببلاط فسيفسائي، ويقع مباشرة تحت فتحة الإضاءة المثمنة سالفة الذكر.
أما الإيوان الجنوبي "القبلي" فهو أكبر مساحة، وهو مربع الشكل ويوجد في واجهته الجنوبية من الأعلى شباك ثلاثي بأقواس مدببة، ويعتقد أن محرابا قد بني أيضا في الواجهة نفسها، إلا أنه لم يتبق له أثر، وفي جدارية الغربي والشرقي بابان متقابلان يفضي كل منهما إلى غرفة جانبية ربما تكونان قد استخدمتا للتدريس أو لاستراحة المعلمين.
استخدامات المدرسة حاليالم يعد التعليم أحد الاستخدامات الحالية للمدرسة. فإلى جانب الدكاكين المطلة على طريق باب السلسلة، والتي يعتقد أنها كانت جزءا من الكتاب، تقطن في الطوابق العليا 5 عائلات مقدسية، أما الطابق الأرضي، فيستخدم حاليا مقرا لمجلس الهيئة الإسلامية العليا، في حين بقيت التربة على حالها.
وكما هو الحال في معظم مباني البلدة القديمة، فقد بنيت الكثير من الإضافات، وخاصة في الأجزاء المسكونة لتلبي احتياجات الحياة اليومية المعاصرة.
وأجريت على الموقع العديد من أعمال الصيانة والترميم في فترات متباعدة، كان آخرها مشروع الترميم الشامل الذي قامت به مؤسسة التعاون، إذ رممت الواجهات الخارجية والأسقف، إضافة إلى الأجزاء المسكونة والتربة والمدرسة، وذلك وفق المقاييس الدولة المتعارف عليها، وانتهت هذه الأعمال عام 2004.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
سلامي: بذور المقاومة في العراق واليمن ولبنان وفلسطين تحولت لأشجار متجذرة
بغداد اليوم - متابعة
تعهد قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، اليوم الجمعة (22 تشرين الثاني 2024)، بالانتقام من إسرائيل، معتبراً أن ذلك "أمرا مؤكداً"، فيما بين أن بذور المقاومة في العراق واليمن ولبنان وفلسطين تحولت لأشجار متجذرة.
وقال اللواء سلامي في خطاب له من محافظة خوزستان جنوب غرب إيران أمام حشد من قوات الباسيج، إنه "يجب أن يكون الشعب الإيراني على يقين من أننا سننتقم من إسرائيل"، مضيفا: "اليوم تحولت بذور المقاومة في العراق واليمن ولبنان وفلسطين وغيرها إلى أشجار متجذرة، واجتمع الجميع بكل غطرسة على تدمير هذه الشجرة، لكنهم لم يلقوا سوى الفشل".
وأضاف إلى أن "النظام الصهيوني يعيش في عزلة سياسية مطلقة في العالم، و قرار المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو يعني النهاية السياسية للنظام الصهيوني، ويجب أن تكونوا على يقين أننا سننتقم من "إسرائيل"، واصفا الجيش الصهيوني بانه "منهك ومتعب" بينما جبهة المقاومة وفي مقدمتها حزب الله لا يزال قوياً ومستمراً في ضرباته على عمق الكيان.
وتابع: "هذه الأيام لا أحد ينعم بالسلام في إسرائيل والكل في الملاجئ، والأعداء يرتجفون، والسلطات الإسرائيلية مرتبكة ومكتئبة، وجيشها متعب، وعلى العكس من ذلك محرك حزب الله وجبهة المقاومة لم يتوقف ولا يزال مستمراً"، لافتا إلى أنه "شهدنا في الأيام الأخيرة صدور حكم محاكمة قادة إسرائيل، وبهذا الحكم نحن أمام نهاية إسرائيل وموتها؛ لقد تم عزلهم وكان هذا الحكم انتصارا للأمة الإسلامية".
وأكد أنه "لم يعد أحد يسافر إلى هناك سوى المسؤولين الأمريكيين، ونطلب من سلطات جميع الدول الإسلامية قطع الطريق على مساعدة هذا النظام حتى تنتهي هذه البلاد بالهزيمة والدمار الكامل"، مشددا على أن استمرار هذه الحرب لن يؤدي إلا إلى تدمير إسرائيل، وإذا اتحد المسلمون معًا، سيتم القضاء على جرثومة الفساد هذه، وهذا الطريق سيتبع بالتأكيد؛ وبالنظر إلى سجلات القدماء، سنرى أن الدمار ينتظر إسرائيل".
المصدر: وكالات