كيف ردت موسكو على "20 ألف فرسخ تحت البحر" الأمريكية؟
تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT
ظهرت أخطر تجليات الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي ما بعد الحرب العالمية الثانية تحت الماء، وتمثلت في غواصات قادرة على إطلاق أسلحة نووية من الأعماق.
إقرأ المزيدبدأ هذا السابق بين واشنطن وموسكو في مراكز أبحاث سرية وفي مواقع بناء السفن، ببناء الولايات المتحدة غواصتها النووية الأولى "يو إس إس نوتيلوس"، والاتحاد السوفيتي غواصة من نفس النوع حملت الاسم "لينينسكي كومسومول" والرمز "كي – 3".
كان الاتحاد السوفيتي قد كسر احتكار الولايات المتحدة للسلاح النووي بتفجير قنبلته النووية الأولى في 29 أغسطس عام 1949، بعد أربع سنوات من ابتكار الولايات المتحدة لهذا السلاح الفتاك واستخدامه على الفور نهاية الحرب العالمية الثانية مرتين في ضرب مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين عام 1945.
مثل هذا الردع النووي لم يرض الولايات المتحدة، فسعت واشنطن بشكل محموم للحصول على سلاح نووي فريد قبل أن تتفاجأ بنجاح السوفييت في إطلاق "سبوتنيك" القمر الصناعي الأول إلى المدار في عام 1957، ونجاحها في تطوير الصواريخ الباليستية العابرة للقارات القادرة على حمل أسلحة نووية.
الأمريكيون أصيبوا بالصدمة في ذلك الوقت، حتى أنهم نظموا مهمات قتالية متواصلة لطيرانهم الحربي تخوفا من ضربة نووية مفاجئة، وبدأوا في البحث عن وسيلة تمنحهم القدرة على توجيه ضربة انتقامية بشكل سريع.
بحثوا عن سلاح خفي يكون محميا بطريقة آمنة ولا يمكن استهدافه. أدركوا سريعا أن مثل هذا السلاح يتمثل في أسطول من الغواصات النووية وشرعوا على الفور في بناء المشروع.
سخرت الولايات المتحدة جميع إمكانياتها في سرية تامة، وتمكنت من بناء أول غواصة في العالم مسيرة بالطاقة النووية، وحلت مشكلات التحكم في التفاعل النووي في مساحة ضيقة للمفاعل الصغير الذي يعمل بمثابة محرك للغواصة باستخدام مجال كهرومغناطيسي لرفع وإنزال قضبان الجرافيت.
الولايات المتحدة استلهمت اسم غواصتها الأول " نوتيلوس" من الرواية الخيالية الشهيرة "عشرون ألف فرسخ تحت البحر" للكاتب الفرنسي جون فيرن.
اكتمل بناء الغواصة النووية الأولى في 14 يونيو عام 1952، وتم إنزالها إلى الماء في 21 يناير عام 1954 بحضور الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت أيزنهاور.
الغواصة "يو إس إس نوتيلوس" بلغ طولها 97 مترا وعرضها 8.2 مترا. وإزاحتها 4092 طنا، فيما بلغت سرعتها القصوى تحت الماء 20 عقدة، وكانت قادرة على الغوص إلى عمق 213 مترا، وزودت بعدد 24 طوربيدا.
الاتحاد السوفيتي لم يتأخر في السباق وبدأ في عام 1952 مشروعا سريا حمل الرمز "كي – 3"، لتصميم وبناء غواصة نووية بأمر من الزعيم يوسف ستالين.
نجح المصممون السوفييت في صنع هيكل فريد للغواصة النووية يتمتع بمواصفات ديناميكية أفضل من الغواصة الأمريكية، واكتملت عملية بناء الغواصة في 9 أغسطس عام 1957.
تمتعت الغواصة النووية السوفيتية الأولى بعدة ميزات عن مثيلتها الأمريكية منها أن سرعتها يمكن أن تصل إلى 30 عقدة فيما كانت سرعة "نوتيلوس" الأمريكية 20 عقدة. الغواصة السوفيتية أيضا كانت قادرة على الغوص إلى عمق 300 متر، وهو مستوى أعمق من الأمريكية بمئة متر.
في تلك الحقبة لم تتمكن الولايات المتحدة منذ البداية من احتكار السلاح النووي، وفشلت لاحقا في احتكار وسائل إيصال الأسلحة النووية وخاصة الصواريخ الباليستية والغواصات النووية. هذا الوضع ردع واشنطن عن استخدام الأسلحة النووية في أكثر من أزمة خطيرة، وخاصة أثناء الحرب الكورية وحرب فيتنام.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف الاتحاد السوفييتي الاسلحة النووية الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
كوريا الشمالية تتحدى الضغوط الدولية وتتمسك بتطوير أسلحتها النووية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تواصل كوريا الشمالية تحدي الضغوط الدولية، مؤكدة أنها لن تتخلى عن برنامجها النووي، بل ستواصل تطوير وتعزيز قواتها المسلحة، رغم الانتقادات العالمية والمطالبات المتكررة بإنهاء تسلحها النووي. جاء ذلك في سياق تصاعد التوترات في شبه الجزيرة الكورية، حيث تعتبر بيونغ يانغ التعاون العسكري بين الولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية، واليابان تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
اتهمت كوريا الشمالية وزراء خارجية مجموعة السبع بانتهاك سيادتها من خلال مطالبتهم بإنهاء برنامجها النووي. ورد زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، بالتأكيد على أن بلاده لن تتراجع عن تطوير قوتها النووية، معتبرًا أن هذا التطوير هو الضمان الوحيد لحماية البلاد من أي تهديدات خارجية.
كيم أكد خلال زيارة لوزارة الدفاع بمناسبة ذكرى تأسيس الجيش، أن بلاده لا ترغب في تأجيج التوترات الإقليمية، لكنها ستتخذ "تدابير مضادة مستدامة" لضمان التوازن العسكري في المنطقة، مشددًا على أن العقيدة العسكرية لبيونغ يانغ تقوم على تعزيز القوة النووية بشكل مستمر.
يرى كيم أن التحالف العسكري المتزايد بين الولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية، واليابان، يشكل تحديًا خطيرًا للبيئة الأمنية الإقليمية، إذ اعتبر نشر الولايات المتحدة للأصول الاستراتيجية النووية وإجراء التدريبات العسكرية المشتركة مع طوكيو وسيول "انتهاكًا صارخًا" للتوازن العسكري، ما يستدعي ردًا حازمًا من كوريا الشمالية.
وقد سبق لبيونغ يانغ أن أوضحت في فبراير الماضي أن أسلحتها النووية "ليست ورقة تفاوض"، بل أداة ردع قتالي موجهة ضد ما تصفه بـ"الأعداء الذين يهددون شعبها والسلام العالمي". ووفقًا لوكالة الأنباء المركزية الكورية، فإن القيادة الكورية الشمالية ترى أن المواجهة مع الدول "المعادية والشريرة" باتت أمرًا حتميًا، مما يتطلب تعزيز "الدرع النووي" للبلاد.
في خطوة أخرى تؤكد جدية موقفها، أشرف كيم جونغ أون مؤخرًا على تجارب إطلاق صواريخ كروز استراتيجية، مؤكدًا على ضرورة الاستعداد الكامل لأي مواجهة نووية محتملة.
وقد جاء هذا التحرك بعد أن أشارت تقارير إلى أن كوريا الجنوبية ترى في نزع سلاح بيونغ يانغ النووي شرطًا أساسيًا للاستقرار الإقليمي والعالمي، لا سيما بعد تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب التي وصف فيها كوريا الشمالية بأنها "قوة نووية"، مما أثار قلقًا من احتمال تغير السياسة الأمريكية تجاه الاعتراف ببيونغ يانغ كدولة نووية.
في ظل البيئة الأمنية المضطربة في المنطقة، لا يبدو أن كوريا الشمالية مستعدة للتراجع عن برنامجها النووي، خاصة مع استمرار تعزيز الولايات المتحدة وحلفائها لتعاونهم العسكري. ومع عدم وجود مؤشرات على استئناف المفاوضات الدبلوماسية الفعالة.