شعبية ماكرون تنخفض واليسار يتحد لمنافسته
تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT
أظهر استطلاع رأي في فرنسا تراجع شعبية الرئيس إيمانويل ماكرون، وسط تطورات سياسية متلاحقة تمثلت في تشكيل شكلت الأحزاب اليسارية تحالفا يأمل في منافسة ماكرون وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، وإطاحة الجمهوريين المحافظين برئيس حزبهم.
وحسب الاستطلاع، الذي أجرته مؤسسه "إيلابي" لصالح صحيفة "ليز إيكوس"، فقد قال 24% من الأشخاص الذين تم استطلاع آرائهم إنهم يثقون بماكرون في التعامل مع المشكلات التي تواجهها فرنسا، وذلك بانخفاض تبلغ نسبته 5% مقارنة بالشهر الماضي.
وكان ماكرون قد دعا قبل أيام إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في البلاد، وذلك في رد فعل على الهزيمة في الانتخابات الأوروبية، مما يعمق الاضطراب السياسي في البلاد، حسبما نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن وكالة بلومبيرغ.
وتشير نتائج استطلاع الرأي ذاته إلى احتمال متزايد لتصدر حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف بقيادة مارين لوبان في الانتخابات التشريعية المقررة نهاية الشهر الجاري.
تحالف اليسارفي الأثناء، شكلت الأحزاب اليسارية في فرنسا تحالفا يشمل الديمقراطيين الاشتراكيين المعتدلين والشيوعيين، وهو تحالف كشفت استطلاعات رأي أن بإمكانه أن يصبح ثاني أكبر كتلة برلمانية، خلف حزب التجمع الوطني بزعامة مارين لوبان، في الانتخابات التشريعية المبكرة.
واتفقت الأحزاب، ومنها حزب الخضر والاشتراكيين والشيوعيين وحزب فرنسا الأبية اليساري بقيادة جون لوك ميلانشون، على تقديم مرشح واحد في كل دائرة من الدوائر الـ577 في الجولة الأولى من الانتخابات المقررة يوم 30 يونيو/حزيران الجاري، وفقا لما ذكرته وكالة بلومبيرغ للأنباء.
وقبل يومين، حث الرئيس ماكرون أحزابا متنافسة على الانضمام إلى تحالفه الانتخابي ضد حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة لوبان، في حين أطاح الجمهوريون المحافظون برئيس حزبهم لسعيه إلى اتفاق مع اليمين المتطرف الذي بدا أنه اكتسب زخما جديدا بعد سنوات من التهميش.
وقررت قيادة حزب الجمهوريين -أول أمس الأربعاء- طرد زعيم حزبهم إيريك سيوتي بعد أن دعا إلى تحالف انتخابي بين مرشحي حزبه وحزب لوبان.
ووصف ماكرون مثل هذا الاتفاق بأنه "صفقة مع الشيطان"، علما بأن هذه الخطوة لو تمت كان من شأنها أن تنهي توافقا سياسيا عاما مستمرا منذ عقود لمنع اليمين المتطرف من الوصول إلى السلطة.
ودعا ماكرون -الأحد الماضي- لإجراء الانتخابات المبكرة بعد أن تصدر حزب لوبان المناهض للهجرة والمتشكك في الاتحاد الأوروبي انتخابات البرلمان الأوروبي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
وساوس شيطانية
عندما يكون الاختلاف سُنَّة كونية بديهية، لا يمكن بأي زمان أو عصر، وجود توافقٍ أو إجماعٍ كليٍّ أو رأيٍ موحدٍ على قضيةٍ بعينها، لأننا حينئذ سنكون قد وصلنا إلى مرحلة من التماهي والتطابق، لم يصل إليها السابقون أو اللاحقون.
إذن، ليس بالضرورة دائمًا، التوافق مع أفكار «القطيع»، أو تلك المفاهيم والمواقف الجماعية، خصوصًا عندما تتعارض مع منطق الأشياء، أو تتنافى مع معطيات العقل والتطور، لأنها قد تمثل نوعًا من العبث، أو ما يسمى بـ«ثقافة الضجيج»!
الآن يعيش كثيرون شعورًا متطرفًا، ما بين «الأخلاقي» و«الإنساني»، حيث تستمر المِحْنَة، خصوصًا عندما تُغْرِقُنَا الحياة بهوامشها وتفاصيلها، لتقودنا إلى شعورٍ بالسُّوءِ تجاه آخرين، فتمتلئ نفوسهم بالرغبة في الانتصار عليهم.. آملين رؤيتهم يتألمون ويسقطون، ليشفوا غليلهم!
«إشكالية» متكررة، يمكننا رصدها عند «التعاطف الإنساني» مع الكوارث أو المصائب، لمَن نكون على خلاف معهم، عبر مِنَصَّات «السوشيال ميديا»، حيث التعليقات الشاذَّة، التي لا تمتُّ إلى الأخلاق أو الإحسان بصلة، بل تنحدر إلى قاعِ الشَّماتة، وكأنَّ معاناة الآخرين قِصَاص يستحقونه!
للأسف، عندما نسمع أن كارثة أو مصيبة حلَّت هنا أو هناك، قد نلحظ بوضوحٍ ذلك التباين الأخلاقي، الذي يقع فيه البعض، أمام حادث إنساني، لتتحول أصداؤه إلى جدلٍ عقيمٍ، ومعارك ضارية من القدح والذمّ والتلاسن عبر مِنَصَّات التواصل الاجتماعي، تعقبُ تعاطفًا أو شماتةً، لتُغري البعض بنشوة الانتصار والفرح.. وفي الحالتين يبقى شعورًا متطرفًا، يُخَلِّف أثرًا سلبيًّا ينتقص من مساحة الإنسانية ونقائها.
وبما أن الشَّمَاتةُ تعني السماح للكُرْهِ أن يستوطن نفوسنا ومشاعرنا، وللحقد بأن يُلوِّن قلوبنا، وللغضب بأن يتملكنا ويحاصرنا، فإن الأخلاق الدينية والإنسانية، في أقل درجاتها، تدعو لضبط النَّفْس والمشاعر، وعدم إبداء الفرح لِسُوءٍ أَلَمَّ بالآخرين.
ذلك الشعور المتطرف بالشماتة من «أصحاب المواقف المدفوعة مقدمًا»، قد يكون ظنَّا منهم أن الله تعالى أعطاهم صكوك الغُفران ومفاتيح الجِنان، أو أنهم «مُحَصَّنون» غير مُعَرَّضِين للمصائب والابتلاءات، أو أن الدنيا ستكون متقلِّبة على غيرهم فقط!
إذن، يجب الابتعاد عن تلك الاصطفافات الحادَّة، والشماتة، وكَيْل الاتهامات للآخرين، الذين حَلَّت بهم الكوارث، والادعاء بامتلاك خارطة الطريق إلى السماء، أو تحديد المصير الأخروي، أو مَنْح صكوك الجنة والنار، لأن ذلك يتنافى كليًّا مع المنطق الإنساني والأخلاقي.. بل يسيئ للعدالة الإلهية المُطْلَقَة!
أخيرًا.. إن مسألة مَنْح صكوك الرحمة والعذاب على مَن نتفق أو نختلف معهم، ليست سوى وساوس شيطانية، تم ارتداؤها لباسًا دينيًا، أو ثقافيًّا، ولذلك فإن ما ينطق به البعض من أحكام مسبقة، يرسخ لمفهوم الاستقطاب البائس والشعور المتطرف، ودليل إضافي على الإفلاس الفكري والأخلاقي!
فصل الخطاب:
يموتُ كُثُرٌ وهم على قيد الحياة.. في جُعبة الموت لا توجد كلمة انتهاء، لأن الموت لا يسلب حياةً، ولا يفزع أرواحًا، لكنه فقط قادر على كشف معادن الناس وأخلاقهم وإنسانيتهم.
[email protected]