منير أديب يكتب: صفقات إسرائيل وصفعات حماس
تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
لا يبدو في الأفق أي اتفاق بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي؛ فكل منهما يُريد أنّ يخرج منتصرًا في الحرب الحالية، إسرائيل فشلت في الحسم العسكري ولذلك تُحاول أنّ تبحث عن انتصار لو مزيف عبر المفاوضات، وحماس تُريد أنّ تحصد ثمار عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر عام 2023.
كل المؤشرات تذهب إلى أنّ الصفقة التي طرحها الرئيس الأمريكي جو بايدن سوف يكون مصيرها كمصير ما سبقها من صفقات وقامت إسرائيل بتعطيلها؛ فكلا الطرفين في مرحلة عض الأصابع، صحيح هناك نية للتوصل إلى اتفاق، ولكن كل طرف يُريدها كما تخيلها في عقله، ولذلك يبدو الأمل في التوصل لاتفاق صعب للغاية.
تعثرت المفاوضات بين الجانبين إلى الحد الذي لا يُبشر بالأمل؛ وكالعادة كل طرف يتمسك بأهدافه المعلنة؛ حماس لا تُريد أنّ تتنازل عن شروطها التي تتعلق بإنهاء الحرب وعودة النازحين وإعمار غزة والإفراج عن الفلسطينيين ذوي المحكومات العالية، وإسرائيل تُريد أنّ تغلق ملف الأسرى ثم تُعاود معاقبة الشعب الفلسطيني.
لا اختلاف بين ما طرحه الرئيس الأمريكي وما بين ما طرحته مصر من قبل، وللمناسبة الورقة المصرية في مايو الماضي كانت منطقية وقابلة للتطبيق، ونقلت القاهره من خلالها روح مطالب الطرفين، ولكن رفضتها إسرائيل بعد أنّ وافقت عليها في السابق واتهمت القاهرة بتغيير بعض بنودها، أملًا في تحقيق بعض المكاسب في الوقت الضائع، فضاعت الصفقة!
تقدم الرئيس الأمريكي جو بايدن بصفقة عُرفت بأنها ترجمة لمطالب إسرائيل ولعلها وافقت عليها قبل أنّ يطرحها للعلن، ترجم من خلالها البيت الأبيض مطالب تل أبيب، فقبلتها حماس ووضعت الأخيرة شروطًا جديده موجودة بالفعل في الورقة المصرية التي سبقت ووافقت عليها إسرائيل من قبل، ووضعت شرطًا جديدًا يتعلق بالضامنين الدوليين، حيث اشترطت وجود روسيا والصين وتركيا، وهو ما أزعج تل أبيب.
دعم الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل ودفعها لضرب الشعب الفلسطيني في الجنوب وبخاصة في رفح، ربما أثار قلق حماس فاستدعت ضامن دولي لم يكن منحازًا لأحد الطرفين، وهنا نستطيع القول بأنّ سياسة واشنطن هي جزء من الأزمة الموجودة بين الطرفين، وأعتقد سوف تظل جزءًا من هذه الأزمة خلال مراحل الصراع القادمة.
لن تتخلى حماس عن شروطها المتعلقة بوقف الحرب وعودة النازحين وإعمار غزة وربما تتفاوض على أعداد وأسماء من يخرجون في تبادل الأسرى مهما كان الضغط العسكري، ولعل هذا الضغط هو جزء من مشكلة عدم التوصل لاتفاق، كما أنّ انحياز واشنطن لإسرائيل بهذه الصورة أفقدها مصداقيتها عند الفلسطينيين عامة وحماس بوجه خاص، كما أنّ رهانات واشنطن كلها خابت في تحقيق أي منجز يتعلق بالإفراج عن الأسرى من خلال القوة العسكرية.
استمرار الحرب وزيادة وتيرة النيران على الفلسطينيين ربما توسع من رقعتها؛ فمازالت هناك احتمالات تتعلق باشتعال المنطقة، فنحن أمام قوة عسكرية تضرب برعونة شديدة ودون سقف وبدعم أمريكي مع تضحيات قدمها الشعب الفلسطيني ولذلك لن يقبل بأقل مما دفع ضريبته في الثمانية أشهر الماضية.
كما لا بد أنّ نضع تصور حماس الأيديولوجي في الحرب، فهي ترى أنّ مزيدا من القتل في حق الشعب الفلسطيني سوف يُهزم إسرائيل على المدى القريب والبعيد، صحيح هي لا تدفع في هذا الاتجاه ولكنها في نفس الوقت ترى الخسائر الإسرائيلية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي لو استمرت آلة الحرب الإسرائيلية على نفس رعونتها.
خسائر إسرائيل العسكرية كثيرة ومتعددة ولا يمكن أنّ تتحملها بأي حال من الأحوال، ولا أعتقد أنها سوف تكون قادرة على تحمل الخسائر البشرية في صفوفها خلال الأربعة أشهر القادمة، وهذا قد يدفعها دفعًا لإنجاز اتفاق ولكن في اللحظات الأخيرة ولكنها في نفس الوقت لن توافق بوجود ضامن دولي بخلاف واشنطن.
قد تتهاون إسرائيل في بعض شروطها وقد تتخلى عن بعضها، وقد تُحاول القفز على الاتفاق الذي تتمسك حماس فيه بوقف إطلاق النّار، ولكن هذا لن يكون في المنظور القريب ولن يكون برغبتها، صحيح هي قادرة على قبول الصفقة من عدمه ولكن بعد أنّ نجحت حماس في صفعها أكثر من مرة.
أعيد وأكرر لن تقبل إسرائيل الصفقة الحالية ولن تُوافق عليها وسوف يكون مصيرها كغيرها من الصفقات التي طرحها الوسطاء من قبل، ولكنها سوف تقبلها تحت الضغط العسكري للفصائل وصفعات حماس المتكررة، وفشل خطتها في إرغام الأخيرة على قبول ما لم تُريده، ولعل هذا هو ملخص استراتيجية حماس في التعامل مع العقل الإسرائيلي المفاوض.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية فشل المفاوضات حماس إسرائيل نتنياهو السنوار الشعب الفلسطینی رید أن
إقرأ أيضاً:
قيس سعيّد يعلن الحرب على مؤسسات حكومية وهمية.. يُصرف عليها ملايين الدنانير
قال الرئيس التونسي قيس سعيد، إن بلاده تعاني من "تضخم مؤسسي"، مؤكدا خلال لقائه رئيس الحكومة، كمال المدوري، على ضرورة "تطهير البلاد وإزالة العقبات القانونية أمام إنجاز المشاريع".
ولفت سعيد في اللقاء إلى أن المؤسسات التي "لا توجد إلا في الرائد الرسمي" في إشارة إلى الجريدة الرسمية لتونس، يصرف عليها ملايين الدنانير رغم أنها غير موجودة فعليا.
ويتهم الرئيس التونسي دوما من يطلق عليهم بـ"المتآمرين" و"اللوبيات" بعرقلة سير الدولة، ويسجن خصومه والمعارضة في البلاد بتهمة "التآمر على الدولة".
وتابع في توجيهاته لرئيس الحكومة بأن "عملية البناء لا يمكن أن تتمّ إلا على أسس صلبة متينة لا على الأنقاض".
وطلب سعيد من الجميع "داخل أجهزة الدولة وخارجها الانخراط في حرب التحرر الوطني".
وأشار سعيد إلى أن بلاده تشكو منذ عقود من تضخم تشريعي وأن انتظارات الشعب كثيرة ومشروعة.
وانتُخب سعيد، أستاذ القانون الدستوري، رئيسا ديمقراطيا في عام 2019، لكنه سرعان ما شرع في تعزيز سلطته من خلال حل البرلمان وتعليق الدستور وسجن المعارضين.
ونشرت مجلة فورين أفيرز مؤخرا، تقريرا قالت فيه إن تونس تبدو اليوم بشكل متزايد كما كانت في عهد زين العابدين بن علي، الدكتاتور الذي عمل التونسيون بجد للإطاحة به في عام 2011، فهناك القليل من حرية التعبير أو الصحافة، وتعمل قوات الأمن مع الإفلات من العقاب تقريبا.
وعلى الرغم من عدم مواجهة أي معارضة قابلة للتطبيق قبل انتخابه في عام 2024، أشرف سعيد في وقت سابق من هذا العام على اعتقال ما لا يقل عن اثني عشر مرشحا محتملا للرئاسة، تلقى العديد منهم أحكاما جنائية تحظر مشاركتهم في السياسة الانتخابية مدى الحياة.
وتم القبض على أحد المرشحَين اللذين وافقت الحكومة على خوضهما الانتخابات ضد سعيد، عياشي زامل، في أيلول/ سبتمبر، وأدين بتهم ملفقة بتزوير التوقيعات لوضع اسمه على ورقة الاقتراع. وأدار حملته من السجن، حيث إنه من المقرر أن يبقى هناك لأكثر من 30 عاما. ومنعت لجنة الانتخابات التابعة لسعيد اثنين من أبرز الهيئات الرقابية المحلية في البلاد من مراقبة الانتخابات، متهمة إياهما بتلقي "تمويل أجنبي مشبوه" - وهو مصطلح شعبوي شائع.
وسجن سعيد العديد من النشطاء والمعارضين الآخرين، وعلى مدى العامين الماضيين، استخدم قانونا مثيرا للجدل صدر عام 2022، يجرّم نشر "الأخبار الكاذبة" لسجن كل من شيماء عيسى، زعيمة حركة المعارضة جبهة الإنقاذ الوطني؛ وسامي بن سلامة، العضو السابق في لجنة الانتخابات التونسية؛ والمحامية والمعلقة السياسية سونيا الدهماني.
وفي أيلول/ سبتمبر 2023، حشدت الحكومة 51 شخصا من مختلف شرائح الطيف السياسي للمحاكمة في قضية واحدة. وهم يواجهون بتهمة التآمر للإطاحة بالحكومة، اتهامات قد تشمل عقوبة الإعدام. حتى سهام بن سدرين، الرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة التونسية - التي أنشئت للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت خلال فترة ما قبل الثورة - اعتقلت في آب/ أغسطس بتهمة زائفة على الأرجح بأنها قبلت رشوة لتزوير التقرير النهائي للجنة.
وقالت كاتبتا التقرير، سارة يركس، الزميلة في برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، وسابينا هينبرغ، الزميلة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن نظام سعيد ليس وحشيا فحسب، ولكن في تونس، لا تزال الحكومة الحالية غارقة في الفوضى كما لا يمثل سعيد أي حزب سياسي ونادرا ما يتواصل مع مستشاريه. وقليل من المعينين في حكومته يستمرون في مناصبهم لأكثر من عام.
وفي آب/ أغسطس الماضي، أقال رئيس الوزراء، وعين خامس رئيس وزراء له في أقل من خمس سنوات، وبدأ تعديلا وزاريا أوسع نطاقا. وبعد بضعة أسابيع، استبدل جميع المحافظين الإقليميين في البلاد دون تفسير أو تحذير يذكر. وهذا التغيير المستمر في كبار المسؤولين يعني أن معظم السياسات تُصنع الآن بموجب مرسوم رئاسي مع القليل من المدخلات من أشخاص أو إدارات أخرى.