تدخل المواجهة بين «حزب الله» وإسرائيل بعد اغتيالها أحد أبرز قادته الميدانيين، طالب سامي العبد الله، في دائرة الاشتعال الأشد حدّة وضغطاً واتساعاً منذ إعلان الحزب في الثامن من تشرين الأول الماضي مساندته لحركة «حماس» في غزة، ما يضع جنوب لبنان على حافة الهاوية، وينذر بتدحرج الوضع العسكري نحو توسعة القتال، وهذا ما يدفع بوزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية أنتوني بلينكن، في جولته الثامنة على عدد من دول المنطقة، للتدخل بكل ما لديه من ثقل سياسي لمنع إطالة أمد الحرب على الجبهة الغزاوية، لما لها من تأثير يؤدي حكماً إلى خفض التوتر على الجبهة الجنوبية.



وكتب محمد شقير في" الشرق الاوسط": اغتيال القيادي أبو طالب العبد الله شكّل ضربة معنوية لـ«حزب الله»، الذي بادر إلى توسيع مروحة قصفه بأسلحة متطورة جواً وبراً للعمق الإسرائيلي، تأكيداً منه بأن المواجهة لن تكون كما كانت عليه قبل اغتياله، وهذا ما هدد به رئيس المجلس التنفيذي للحزب، هاشم صفي الدين، متوعداً إسرائيل بمزيد من العمليات، أكثر شدة وبأساً وكمّاً ونوعاً، من دون أن يعني، على حد قول مصدر دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط» في تحليله لتهديده، أن الحزب يسعى لتوسعة الحرب، وإن كان انتهى من الاستعداد لها في حال بادرت إسرائيل إلى توسعتها، مع أن الولايات المتحدة ومعظم دول الاتحاد الأوروبي أبلغت تل أبيب، مراراً وتكراراً، بأنها ليست في وارد توفير الغطاء السياسي لها، وتفضّل إعطاء الأولوية للحل الدبلوماسي لإعادة الهدوء إلى الجبهة مع «حزب الله».

وكشف المصدر الدبلوماسي الغربي أن الاتصالات لم تنقطع بين واشنطن ورئيسي الحكومة نجيب ميقاتي والمجلس النيابي نبيه بري، الذي يتولى التفاوض مع الوسيط الأميركي أموس هوكستين بالإنابة عن «حزب الله»، وقال إنها تشدد على ضبط النفس، وتنصح بعدم انجرار الحزب إلى سوء التقدير في ردّه على اغتيال القيادي الميداني أبو طالب العبد الله.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن «حزب الله»، وإن كان بادر إلى توسيع رقعة استهدافه للعمق الإسرائيلي، فإنها بقيت محصورة في المنطقة الممتدة من الجليل بشقيه الأعلى والغربي إلى هضبة الجولان المحتلة، مروراً بطبريا، من دون أن يتجاوزها حتى الساعة ليطال العمق الاقتصادي الممتد من البحر إلى المدن الواقعة على تخومه أو بجواره.
وفي هذا السياق، قالت مصادر سياسية بارزة إن المواجهة بين الحزب وإسرائيل ما زالت تحت السيطرة، برغم تصاعد التهديدات التي يطلقها رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو وأركان حربه بتوسعة المواجهة، وأكدت أنه يتعرض إلى ضغط أميركي للتوصل إلى وقف للنار في غزة، وهو يحاول الآن شراء الوقت لعله يتمكن من فرض شروطه لإعادة الهدوء إلى جنوب لبنان، محاولاً توظيف اغتيال القيادي في الحزب لتحسين وضعه الداخلي في مواجهة خصومه.

ولفتت المصادر السياسية إلى أنه لا يمكن التكهن بما ستؤول إليه المواجهة جنوباً، بمعزل عن الجهود الأميركية الرامية للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، وسألت: هل يقدم نتنياهو على استغلال عامل الوقت لقطع الطريق على الوساطة الأميركية، بإحراج واشنطن، وقيامه بمغامرة غير محسوبة باستهداف مناطق حساسة تقع خارج الجنوب، تستدعي من «حزب الله» الرد بالمثل في حال؟
فنتنياهو يمعن في ابتزازه لواشنطن، ويحاول الالتفاف على الضغوط التي تمارسها عليه لدفعه للموافقة على القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي بوقف النار في غزة، مع أن الفصائل الفلسطينية في القطاع كانت اشترطت توضيح عدد من النقاط الواردة في الخطة التي أعلنها الرئيس الأميركي جو بايدن، وهذا ما يفسر تريثها بتأييدها إلى حين تلقيها الإيضاحات التي تطالب بها.
لذلك، فإن الوضع في جنوب لبنان سيدخل حالياً، وإلى أن يتقرر مصير المبادرة الأميركية للتوصل إلى وقفٍ للنار في غزة، في حالة من القلق الشديد؛ نظراً لأن التهدئة جنوباً ترتبط أولاً وأخيراً بعودة الهدوء إلى غزة، وبالتالي سيبقى الحذر قائماً ومفتوحاً على كل الاحتمالات، طالما أن الهدنة في القطاع ليست في متناول اليد.

وعليه، فإن المواجهة في الجنوب يمكن أن تتصاعد بوتيرة غير مسبوقة إذا ما أقدم نتنياهو على مغامرة عسكرية يتوخى منها توسعة الحرب، ما يضطر «حزب الله» للرد لمنعه من توسعتها، وهو أراد باستهدافه للعمق الإسرائيلي تمرير رسالة واضحة لتل أبيب بأنه لن يقف مكتوف اليدين، خصوصاً أنه أرفقها هذه المرة باستخدامه أسلحة متطورة لم يسبق له استخدامها، وأن لديه اليد الطولى، بالمفهوم العسكري للكلمة، لاستهداف مناطق تقع ما بعد حيفا.
والسؤال المطروح هو: هل جاء رد «حزب الله» على اغتيال القيادي أبو طالب العبد الله بحجم المصاب الذي لحق به؟ وكيف سيتصرف من الآن وصاعداً بما يحقق له حالة من توازن الرعب تحسب لها إسرائيل ألف حساب إذا ما أقدمت على توسعة الحرب، في ظل الضبابية التي ما زالت تحاصر الجهود للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة؟
فالوضع في الجنوب يبقى متوقفاً على مصير الهدنة في غزة، ومن شأنه أن يرفع من منسوب التصعيد، وسط تزايد المخاوف من أن يخرج عن السيطرة، برغم أن الحزب يمارس الى قصى درجات ضبط النفس، محتفظاً لنفسه بحق الرد على استهداف إسرائيل مناطق في عمق البقاع.
لذلك، لم يكن في وسع مرجع سياسي سوى القول، في معرض رده على أسئلة زواره: «قولوا لي ماذا سيحصل في غزة لأقول لكم إلى أين سيذهب الجنوب، من دون إدارة ظهرنا للاتصالات الجارية بين واشنطن وطهران، التي وقفت منذ اللحظة الأولى ضد توسعة الحرب، مع أن الكلمة تبقى أولاً وأخيراً للميدان».

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: اغتیال القیادی توسعة الحرب العبد الله حزب الله فی غزة

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري: صواريخ أتاكمز الأميركية ستنفجر بوجه واشنطن

دخلت الحرب الروسية الأوكرانية مرحلة بالغة الخطورة من التصعيد بعد استخدام أوكرانيا للصواريخ بعيدة المدى التي حصلت عليها من الولايات المتحدة وبريطانيا لضرب أهداف في العمق الروسي، في وقت عدّلت فيه موسكو عقيدتها النووية بما يسمح لها باستخدام ترسانتها النووية ردا على أي هجوم كبير بأسلحة تقليدية.

واضطرت الولايات المتحدة أمس إلى إغلاق سفارتها في العاصمة الأوكرانية كييف وطالبت كل العاملين فيها بالدخول إلى الملاجئ عند سماع صافرات الإنذار، في ظل المخاوف من هجوم روسي ضخم على كييف، واستهداف مبان أميركية ردا على سماح واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى أتاكمز.

وفي تحليل نشرته مجلة ناشيونال إنترست الأميركية، قال دانيال إل. ديفيز، الخبير العسكري في مؤسسة أولويات الدفاع والضابط السابق في الجيش الأميركي إنه من غير الواضح السبب الذي دفع الرئيس جو بايدن، في هذه المرحلة المتأخرة من الحرب وفي اللحظة الأخيرة من رئاسته، للقيام بإجراء يحمل في طياته مخاطر تصعيد الحرب بشكل كبير.

خطر كبير

ومن الواضح جدا -وفق ديفيز- أن هذا القرار يمثل خطرا كبيرا وغير ضروري على الولايات المتحدة، في حين يزيد احتمالات هزيمة أوكرانيا، وليس العكس.

في المقابل، هناك شخصيات معروفة في واشنطن أشادت بقرار بايدن، فقد خرج الجنرالات السابقون جاك كين وباري ماكافري وويسلي كلارك لدعم قرار الرئيس، في حين انتقد كين وجود قيود كثيرة جدا على استخدام الصواريخ الأميركية في أوكرانيا.

ويرى ديفيز أن هؤلاء الجنرالات قدّموا نصائح كارثية على شاشات التلفزيون طيلة هذا الصراع، مشيرا إلى أنه في سبتمبر/أيلول العام الماضي، عندما تم الكشف عن فشل هجوم الصيف الأوكراني، أعلن الجنرال ديفيد بتريوس أن أوكرانيا لا تزال قادرة على التسبب في "انهيار" الدفاعات الروسية.

أما ديفيز فكتب قبل أشهر من بدء هجوم الصيف أن أساسيات الحرب أظهرت أن أوكرانيا ليس لديها أي فرصة تقريبا للنجاح.

ويقول ديفيز إنه في يوليو/تموز 2023 وبعد شهر واحد من بدء هجوم الصيف الأوكراني وشهرين من ادعاء بتريوس بأن قوات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مازالت قادرة على تحطيم الدفاعات الروسية، كتب مقالا قال فيه إنه من الواضح أن الهجوم قد فشل.

وأضاف حينها أن المسار الأكثر حكمة وعقلانية وأخلاقية لكييف والغرب هو "السعي إلى تسوية تفاوضية تحافظ على أكبر قدر ممكن من الحرية والأراضي لكييف، وأن إنهاء الحرب من شأنه أن يوقف مسلسل القتل والإصابة لعشرات الآلاف من المقاتلين الشجعان والأبطال في أوكرانيا الذين ستحتاجهم كييف لإعادة بناء بلادهم بمجرد انتهاء الحرب".

ويقول ديفيز إن هذا يكشف حقيقة الموقف الصعب للقوات الأوكرانية سواء قبل الهجوم أو أثناءه أو بعده.

ومع ذلك، تجاهل كبار الجنرالات في الولايات المتحدة هذه الحقيقة، ونصحوا الحكومات الغربية بمواصلة الحرب، وهو ما أدى إلى مقتل آلاف الأوكرانيين الذين كان يمكن أن يظلوا على قيد الحياة لو اعترف بايدن بالحقائق العسكرية الأساسية في صيف عام 2023 وسعى إلى تسوية تفاوضية للحرب.

ويضيف ديفيز أن الحقيقة اليوم أشد وضوحا، فعدد الصواريخ بعيدة المدى التي تمنحها واشنطن لأوكرانيا لن يغير في الأمر شيئا، فهذه الصواريخ لا تستطيع وحدها تغيير ديناميكية ساحة المعركة، تماما مثل الدخول السابق للدبابات الغربية وناقلات الجنود المدرعة وقطع المدفعية وأسلحة الدفاع الجوي وأنظمة هيمارس، أو حتى طائرات إف16المقاتلة إلى المعركة.

الحقيقة الوحيدة

ويضيف "لقد خسرت كييف الحرب، وهذه هي الحقيقة الوحيدة والاستمرار في تجاهل الواقع -والاستماع إلى الجنرالات- سيزيد التكلفة النهائية لخسارة الحرب بالنسبة لأوكرانيا. ومع ذلك، فإن ما يفعله بايدن الآن أسوأ لأنه يخاطر بتوسيع الحرب، مما قد يجر الولايات المتحدة إلى صراع مباشر مع روسيا".

وتؤكد المجلة أن روسيا كانت واضحة في تصريحاتها بأن إدخال صواريخ بعيدة المدى أميركية أو غربية في الحرب ضد روسيا يمثل انخراطا مباشرا للغرب ضد روسيا ويفرض عليها "ردا".

ووفقا لتقارير إخبارية، فقد وقعت مثل هذه الهجمات الآن، وربما كان هذا هو السبب وراء إخلاء الولايات المتحدة لسفارتها أمس، خوفا من أن تنفّذ روسيا تهديدها، فتنفجر صواريخ أتاكمز الأميركية التي أطلقتها أوكرانيا على روسيا في وجه الولايات المتحدة.

ويقول ديفيز إن المخاطرة بتوسيع الحرب من خلال السماح باستخدام الأسلحة الأميركية بعيدة المدى ضد روسيا تمثل مجازفة متهورة إلى أقصى حد، خاصة وأن هذا لا يحقق أي فائدة عسكرية لأوكرانيا، بل يمثل خطرا إستراتيجيا كبيرا يتمثل في احتمال تورط واشنطن في الحرب.

مقالات مشابهة

  • بعد فصلها جبهة لبنان عن غزة.. إسرائيل تسعى لضمانات أميركية
  • قواعد الحرب تتغير.. هل اقتربت المواجهة النووية؟
  • خبير عسكري: صواريخ أتاكمز الأميركية ستنفجر بوجه واشنطن
  • قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأطفال وتصاعد الاشتباكات على جبهة لبنان
  • أميركا توضح: ذهبنا إلى الحل الدبلوماسي في لبنان بعد إضعاف الحزب
  • هذا ما كشفته كلمة نعيم قاسم اليوم.. دلالات مهمة جداً!
  • خبراء: كلمة الأمين العام لحزب الله رسمت خارطة المعركة والمفاوضات
  • استقرار أسعار النفط مع متابعة آخر مستجدات التوترات الجيوسياسية
  • حزب الله يرفع الراية البيضاء ويرضخ للشروط الإسرائيلية وينفصل عن جبهة غزة وينسحب من الجنوب
  • النفط يرتفع بفعل تصاعد الحرب في أوكرانيا وعلامات تحسن الطلب الصيني